نصيحة لطلبة العلم الذين يخوضون في مناقشات حادة مع بعضهم البعض للشيخ العلامة زيد بن هادي المدخلي 2024.

سؤال(64): يقول السائل: نريد نصيحة لطلبة العلم الذين يخوضون في مناقشات حادة مع بعضهم البعض ويتفرقون وعلى قلوبهم شيء بعضهم على بعض ، وربما يتخاصمون على ذلك؟
الجواب:مذاكرة العلم كما قال السلف: حياة العلم بالمذاكرة(1)، سواء مع العلماء أو مع الأقران، فالمناقشة الحادة مع الأقران التي يترتّب عليها الزعل وربما تكون سببا إلى ما هو شر من ذلك لا ينبغي، ومتى رأى طالب العلم العاقل أن المذاكرة ستجر إلى شر ترك المجلس إلى وقت آخر، فليس القصد من المذاكرة المغالبة ليكون الحق معي أو معك أو ما شاكل ذلك لا، المذاكرة الغرض منها أن يتبين الحق بدليله فيأخذ به الجميع، سواء ظهر الحق على لسانك أو على لسان أخيك، ومجاهدة النفس لتكون مطمئنة ومجاهدة الإنسان نفسه حتى لا يخرج به شيطانه ونفسه الأمارة بالسوء إلى معاداة أخيه أو سوء الظن به، فلا بد أن نتعلم الأدب للمذاكرة، يا أهل العلم تعلموا للعلم السكينة والوقار، ولتعلموا أن المشادة تتنافى مع السكينة والوقار؛ فإن حصل شيء من ذلك فيُترك فورًا، ومن أخطأ على أخيه يُطلب منه المسامحة، هذا هو واجب المسلمين عموما وأما أهل العلم؛ فإنهم يجب أن يكونوا أحرص الناس على تصاف القلوب ونظافة الألسنة وحسن القصد وتصحيح النية،ودائما وأبدا يكون هذا نصب أعينهم وفي قلوبهم، حياة العلم بالمذاكرة مع الأشياخ ومع الأقران، ونتعلم للمذاكرة حسن الأدب، نتعلم السكينة والوقار، ونقنع أنفسنا أن الحق ضالة المؤمن أنى وجدها أخذها، ومن لسان أي شخص المهم أنه حق أحق أن يتبع، ولنترك كل طريق تفضي بنا إلى التباغض أو التدابر أو سوء الظن أو نقص المحبة الشرعية، نتجنب هذه الطرق كلها، والشيطان حريص على أهل الإيمان أن يفسد عليهم قلوبهم وأخوتهم وسلوكهم الحسن ليتحولوا من حال حسن إلى حال ترضي الشيطان وتغضب الرحمن، فَهُمْ الهدف لشياطين الإنس والجن هم الهدف، وأما غيرهم من العصاة والجهال وأهل الانحرافات فالشيطان قد قضى حاجته منهم، ويروى أن اليهود قالوا: أنهم لا يوسوسون في عباداتهم، قالوا لابن عباس أن اليهود تزعم أنهم لا يوسوسون في عباداتهم، فقال ابن عباس رضي الله عنهما: "صدقوا، وما يفعل الشيطان بالبيت الخراب"(2)، قلوبهم خربة وأعمالهم خربة وقلوبهم فاسدة ونفوسهم شريرة فماذا يصنع بهم الشيطان، لكن هدف الشيطان أهل الإيمان، يريد أن يفسد عليهم قلوبهم وأخوتهم وسلوكهم ليتحولوا من الحق إلى الباطل ومن الخير إلى الشر ونعوذ بالله منه، إن سلاحنا الذي نحارب به شياطين الإنس والجن ذكر الله عز وجل والنية الصادقة وطلب العلم الجاد والنصح لكل مسلم والنصح لأنفسنا قبل الناس.
ـــــــــــــــــــــــــــ
(1) انظر: " الحث على طلب العلم والاجتهاد في جمعه" لأبي هلال العسكري، ص(67).
(2) ذكره هكذا دون اسناد ابن تيمية في مجموع الفتاوى" (22/ 608-609)، وابن القيم في "الوابل الصيب" ص(35)، وأخرج أحمد في "الزهد" برقم (1433)، ومن طريقه أبو نعيم في " الحلية" (245/2) عن جرير بن عبدالله العدوي ، عن أبيه قال: "قُلتُ للعلاء بن زياد: إذا صليتُ وحدي لم أعقل صلاتي؟ قال: أبشر فإن هذا عَلَمُ الخير، أما رأيتُ اللُصوص إذا مرّوا بالبيت الخرب لم يلووا عليه، وإذا مرّوا بالبيت الذي رأوا فيه المتاع زاولوه حتى يُصيبوا منه شيئا"
السبيكة الذهبية حلية العقيدة الواسطية ص(327-328)
للشيخ زيد بن هادي المدخلي -رحمه الله-

بارك الله فيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.