عقيدة اهل السنة والجماعة 2024.

باسم الله الرحمن الرحيم

هذه العقيدة السامية المتضمنة لهذه الأصول العظيمة تثمر لمعتقدها ثمرات جليلة كثيرة:
فالإيمان بالله تعالى وأسمائه وصفاته: يثمر للعبد محبة الله وتعظيمه الموجبين للقيام بأمره واجتناب نهيه، والقيام بأمر الله تعالى واجتناب نهيه يحصل بهما كمال السعادة في الدنيا والآخرة للفرد والمجتمع:
{مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}
1.
ومن ثمرات الإيمان بالملائكة:
أولاً:
العلم بعظمة خالقهم تبارك وتعالى وقوته وسلطانه.
ثانيا: شكره تعالى على عنايته بعباده، حيث وكل بهم من هؤلاء الملائكة من يقوم بحفظهم وكتابة أعمالهم، وغير ذلك من مصالحهم.
ثالثا: محبة الملائكة على ما قاموا به من عبادة الله تعالى على الوجه الأكمل، واستغفارهم للمؤمنين.
ومن ثمرات الإيمان بالكتب:
أولاً:
العلم برحمة الله تعالى وعنايته بخلقه، حيث أنزل لكل قوم كتابا يهديهم به.
ثانيا: ظهور حكمة الله تعالى، حيث شرع في هذه الكتب لكل أمة ما يناسبها، وكان خاتم هذه الكتب القرآن العظيم مناسبا لجميع

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 سورة النحل، آية: 97.

الخلق في كل عصر ومكان إلى يوم القيامة.
ثالثا: شكر نعمة الله تعالى على ذلك.
ومن ثمرات الإيمان بالرسل:
أولاً: العلم برحمة الله تعالى وعنايته بخلقه، حيث أرسل إليهم أولئك الرسل الكرام للهداية والإرشاد.
ثانيا: شكره تعالى على هذه النعمة الكبرى.
ثالثا: محبة الرسل وتوقيرهم والثناء عليهم بما يليق بهم، لأنهم رسل الله تعالى وخلاصة عبيده، قاموا لله بعبادته وتبليغ رسالته، والنصح لعباده، والصبر على أذاهم.
ومن ثمرات الإيمان باليوم الآخر.
أولاً: الحرص على طاعة الله تعالى رغبة في ثواب ذلك اليوم، والبعد عن معصيته خوفا من عقاب ذلك اليوم.
ثانيا: تسلية المؤمن عمّا يفوته من نعيم الدنيا ومتاعها بما يرجوه من نعيم الآخرة وثوابها.
ومن ثمرات الإيمان بالقدر:
أولاً: الاعتماد على الله تعالى عند فعل الأسباب، لأن السبب والمسبب كلاهما بقضاء الله وقدره.
ثانيا: راحة النفس وطمأنينة القلب، لأنه متى علم أن ذلك بقضاء الله تعالى ، وأن المكروه كائن لا محالة، ارتاحت النفس، واطمأن القلب، ورضي بقضاء الرب، فلا أحد أطيب عيشا وأريح نفسا وأقوى طمأنينة ممن آمن بالقدر.

ثالثا: طرد الإعجاب بالنفس عند حصول المراد، لأن حصول ذلك نعمة من الله بما قدره من أسباب الخير والنجاح، فيشكر الله تعالى على ذلك، ويدع الإعجاب.
رابعا: طرد القلق والضجر عند فوات المراد أو حصول المكروه، لأن ذلك بقضاء الله تعالى الذي له ملك السماوات والأرض، وهو كائن لا محالة، فيصبر على ذلك، ويحتسب الأجر. وإلى هذا يشير الله تعالى بقوله:
{مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلاّ فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ}1.
فنسأل الله تعالى أن يثبتنا على هذه العقيدة، وأن يحقق لنا ثمراتها، ويزيدنا من فضله، وأن لا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا، وأن يهب لنا منه رحمة إنه هو الوهاب، والحمد لله رب العالمين.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سورة الحديد، الآيتان: 22 ـ 23.

بارك الله فيك أختي الكريمة
وجعل طرحك هذا في ميزان حسناتك
تقبلي مروري
جزاك الله الفردوس الاعلى ونفع بك
بانتظار جديدك اختي الحبيبة
شكرا لك ويعطيك الصحة على المرور الجميل

الحث على لزوم الجماعة للشيخ عز الدين رمضاني 2024.

إنّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيّئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ له، ومن يضلله فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمدًا عبده ورسوله.
أمّا بعد: فإنّ من تمام نعمة الله على العباد، ورحمته بهم في المعاش والمعاد، أن أكمل لهم هذا الدين مصداقًا لقوله جلّ وعلا ﴿اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتيِ وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا﴾[المائدة:3]. ولم يقبض النبي صلى الله عليه وسلَّم حتى ترك أمّته على البيضاء نقية، ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلاّ هالك.

ولقد كانت هذه الأمّة مرحومة في أوّل عهدها، جمعها الله على الهدى، وعصمها من الردى، وألّف بين قلوب أفرادها وحماها من الهوى، حيث انقادت إلى تعاليم الشرع المطهّر، واستقامت على طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلَّم، أولئك صحب النبي صلى الله عليه وسلَّم، العصابة الظاهرة، أهل القلوب الرحيمة الطاهرة، لم يكونوا يعرفون غير اتّباعه وتوقيره، واتّباع النور الذي أنزل عليه والخير الذي جاء به، مستسلمين لما جاء به من الحقّ، مذعنين لما أمر به من الهدى، لم يكن لهم قول مع قوله، ولا اعتراض على حكمه ولا تقديم بين يديه وذلك الظنّ بهم، فلقد كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلَّم أمّة واحدة كما وصفهم الله عزّ وجلّ بقولـه: ﴿إِنَّ هَذِِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَـا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾[الأنبياء:92].

فكم حاول المنافقون والمرجفون وضعفاء الحصانة العقدية إيقاد فتيل الفتنة، لتضطرم نار العداوة بين المسلمين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلَّم تشتيتًا لشملهم وتفريقًا لكلمتهم وخنقًا لدعوتهم فخابوا ولم يفلحوا، وأفسدوا ولم يصلحوا، قالوا ﴿لاَ تَنفِرُوا فِي الحَرِّ﴾ فردّ الله عليهم بقوله ﴿قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ﴾[التوبة:7]، ولكم جرّب اليهود والمرتابون من شاكلتهم في غارات متلاحقة وهجمات مسعورة المساس بوحدة المسلمين والنيل من دينهم ﴿وَقَالَتْ طَائِفَةُ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾[آل عمران:72]. لكن الخطّة فشلت لأنّ الله كشفها وفضحها، وأبطل شرّها وأبان عوارها، ولقد حاولوا نزلة أخرى فأخذوا يذكرون الأنصار وما جرى بينهم من عداوات وحروب قبل الإسلام لإحياء ما خمد في نفوسهم من نعرات الجاهلية وقبائح خصال البشرية، فكشف الله أمرهم وخيّب آمالهم وردّ عليهم كيدهم بقوله ﴿يَا أَيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إِن تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ﴾[آل عمران:100].

وجاء النبي صلى الله عليه وسلَّم إلى الأنصار فوعظهم وذكّرهم بنعمة الإسلام، واجتماعهم بعد الفرقة، فتعانقوا وتصافحوا، وتغافروا وتسامحوا، وفشلت خطّة اليهود في محاولات متعاقبة، كلّما أوقدوا نارًا للحرب أطفأها الله.

وبقي المسلمون أمّة واحدة، ينعمون بوحدة الصفّ واجتماع الكلمة، محافظين على وصيّة الله لهم ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُـوا﴾[آل عمران:103].

فكان من بركات الاعتصام بحبل الله، والانقياد إلى شرعه أن حفظ الله لهم جماعتهم وأظهر سوادهم، فكثّرهم من قلّة ﴿وَاذْكُرُوا إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ﴾[الأنفال:26]، وأعزّهم من بعد ذلّة ﴿وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾[آل عمران:123]، وأطعمهم من جوع وآمنهم من خوف ﴿أَوَ لَمْ نُمَكِّن لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِن لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ﴾[القصص:57].

وما زال يمدّهم بالنعم والعناية، ويحوطهم بالحفظ والرعاية إلى أن جعلهم خير أمّة أخرجت للناس، لوسطيتها واعتدالها واستقامتها، وأرشدهم إلى ما يديم عليهم هذه النعمة.

وحذّرهم من كلّ ما ينغّصها عليهم من شرّ ونقمة، وأخبرهم أنّ حفظ الدين منوط بوحدة الجماعة والائتلاف، وأنّ نشوء الفتن من كثرة التفرّق والاختلاف، وجعل ذلك من سننه الكونية والشرعية لمن أراد أن يذّكّر﴿فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَبْدِيلاً وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَحْوِيلاً﴾ [فاطر:43].

وإنّ الناظر في أحوال أمّتنا عبر تاريخها الطويل يجدها في هذا العقد من الزمان مكتوبة بنار الفتن والعداوات، متجرّعة لمرارة الفرقة والشتات، حيث تلاحقت بها الأزمات من كلّ جانب، وأصبحت هدفًا لكـلّ رام وضـارب. (ففي كل خليّة من خلايا الحياة بلية ليس لها راع تضرب فارهة في قناة المسلمين بأنواع من السلاح) فعند المستهترين وثنية وإلحاد، وتحلّل في الأخلاق، وارتماء في أحضان التغريب، وعند المحافظين غلوّ في الفهم وانحراف في المناهج، وتكثير للسبل، وإعجاب بالآراء وافتتان بالأهواء حتى لقد يستشعر الناظر بعين الحكمة أنّ ذلك من علامات الفناء والزول.

وكلّ هذا إنّما وقع بسبب التهوين من لزوم جماعة المسلمين والانتظام في سلكها والاجتماع على كلمتها، والتشجيع على مفارقتها وشقّ عصاها والافتيات عليها، وقد غذّى كلَّ ذلك الجهل بدين الله والغلوُّ في فهم نصوص الشرع بإقصاء العلماء وتألّق الجهلاء، ممّا أدّى إلى تردّي الأوضاع وأورث سوء الأحوال ممّا ليس بخاف على كلّ ذي عقل من الأحياء.

وليس من شكّ أنّ ائتلاف الأمّة وجمْعَ كلمتها على الحقّ هو مفتاح الفرج وعنوان استرداد المجد الضائع والعزّ الساطع إذ جعل المسلمين على طريقة واحدة هو أصل الإسلام وصمام الأمان.

ولهذا «فرض الشارع الحكيم على كلّ مؤمن بالله واليوم الآخر أن يلزم الجماعة فينتظم في سلكها ويستظلّ بظلّها، ويركن إلى أهلها، فما أحبّه لنفسه أحبّه لهم، وما كرِهه لها كرهه لهم، يسوؤه ما يسوؤهم، ويسرّه ما يسرّهم، ناصح لهم، محامٍ عنهم، سلمًا لأحبابهم، حربًا على أعدائهم هم جسد واحد وهو قطعة منه»(1).

«وما هذا الاهتمام من الشارع بأمر الجماعة إلاّ لبالغ أهميّتها، وكبير قدرها وعظيم نفعها، إذ هي رابطة المسلمين، قوّتهم من قوّتها، وضعفهم من ضعفها، فيها يعبد المسلم ربَّه آمنًا، ويدعو إليه تعالى مؤيَّدًا المستضعف في كنفها قويّ، والمظلوم في ظلّها منصور، والعاجز في محيطها معـان»(2).

وحيث جاء الأمر بلزوم جماعة المسلمين فالمراد بها الجماعة المنتظمة بنصب الحاكم كما قرّره ابن جرير حين قال: «والصواب أنّ المراد من الخبر بلزوم الجماعة، الذين في طاعة من اجتمعوا على تأميره، فمن نكث عن بيعته خرج عن الجماعة» [فتح الباري:(47/13)]. فهذا التفسير من هذا الإمام الجهبذ يدلّ على أنّ الاجتماع والائتلاف، وحمايةَ بيضة الدين، وصونَ أعراض المسلمين إنّما يكون تحت لواء الجماعة الأمّ التي ليس لها اسم تعرف به إلاّ الإسلام والمسلمين ﴿هُوَ سَمَّاكُمُ المُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ﴾[الحجّ:78]، هذه الجماعة الأمّ التي تضمّ الحاكم والمحكومَ، والعالم والجاهلَ، والبرّ والفاجرَ، والتي تذوب فيها كلّ الجماعات والتكتّلات، وتسقط أمامها كلّ الولاءات والبيعات، فهي الجماعة الشرعية الوحيدة التي جاء الأمر بملازمتها والانضواء تحت رايتها، فلا طاعة ولا ولاءَ إلاّ لمن ولاّه الله أمر المسلمين وجمعهم تحت إمرته وقيدتها ولو ترك جائرًا ظالمًا، وهو واحد في الأمّة ولا يمكن أن يتعدّد بتعدّد الجماعات والأحزاب، كما أراد أن يفهمه بعض الناس جهلاً أو تجاهلاً، وهذا هو الفهم الذي استقرّ عند سلف الأمّة وخيارها، ينبئك به ما رواه ابن أبي حاتم بسنده إلى سماك بن الوليد الحنفي أنّه لقي ابن عباس بالمدينة فقال: ما يقول في سلطان علينا يظلموننا ويشتموننا، ويعتدون علينا في صدقاتنا، ألا نمنعهم ؟ قال ابن عبـاس: «لا، أعطهم يا حنفي ! » ثمّ قال: يا حنفي: الجماعة الجماعة، إنّما هلكت الأمم الخالية بتفرّقـها، أمـا سمعت اللهَ عزّ وجلّ يقـول: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا﴾ [تفسير ابن أبي حاتم:(455/2)].

فليس هناك ما يُصلح دين الناس ودنياهم إلاّ الاجتماع والائتلافُ، وليس هناك ما يفسد عليهم ما ذكر إلاّ الافتراق والاختلاف، فإنّ الجماعة قوّة ومنَعَة، والفرقةَ فشلٌ وهَلَكة، ولن تستصلح قلوب العباد ولن يفشوا الأمن في البلاد إلاّ بخصـال ثلاث ذكرهـا النبي صلى الله عليه وسلَّم في حديثه «ثَلاثُ خِصَالٍ لاَ يُغَلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ مُسْلِمٍ أَبَدًا، إِخْلاَصُ العَمَلِ للهِ، وَمُنَاصَحَةُ وُلاَةِ الأَمْرِ، وَلُزُومُ الجَمَاعَةِ، فَإِنَّ دَعْوَتَهُمْ تُحِيطُ بِهِم مِنْ وَرَائِهِمْ» [رواه أحمد في المسند:(183/5)]. فهذه الثلاث كما قال ابن تيمية «تجمع أصول الدين وقواعدَه، وتجمع الحقوق التي لله ولعباده وتنتظم مصالح الدنيا والآخرة». [مجموع الفتاوى:(18/1)]. ومن تأمّل هذا الكلام وعاين واقع المسلمين في أنحاء المعمورة يتبيّن له موضعُ الخلل ويستبين السبيل، ورحمة الله على محمد بنِ عبد الوهاب لمّا قال: «لم يقع خلل في دين الناس ودنياهم إلاّ بسبب الإخلال بهذه الثلاث أو بعضها» [مجموع مؤلفات الشيخ:(336/1)].

أقول: ولن ينتظم للمسلمين أمر، ولن يرفع عنهم ذلّ ولا قهر، إلاّ إذا أخذوا بهذه الخصال، وأمسكوها بقبضة الرجال، قال أبو طالب المكّي بعد إيراد هذا الحديث المشتمل على هذه الخصال: «ومن اجتمعت فيه هذه الخصال في زماننا فهو من أولياء الله عزّ وجلّ» [قوت القلوب:(273/2)].

فيا طالب ولاية الله، هذه معالمها فبادر إلى نيلها، ودع عنك ولاية الناس إلاّ أن تكون من أهلها، فإنّها مسؤولية وأمانة، وإنّها يوم القيامة خزي وندامة إلاّ من أخذها بحقّها، وأدّى الذي عليه فيها.

فاللهمّ اجمع قلوبنا على الحقّ، واشددها على الاعتصام بحبلك، والانتظام في سلك الجماعة التي كتبت لها نجاةً وتوفيقًا.

(1) و (2) من مقدمة «الأمر بلزوم جماعة المسلمين وإمامهم والتحذير من مفارقتهم» لعبد السلام بن برجس، وهي ماتعة في بابها
الجيرياالجيرياالجيرياالجيرياالجيرياالجيرياالجيرياالجيرياالجيرياالجيريا

جزاك الله خيرا اختي…..
فاللهمّ اجمع قلوبنا على الحقّ، واشددها على الاعتصام بحبلك، والانتظام في سلك الجماعة التي كتبت لها نجاةً وتوفيقًا.الجيريا

التغيير والإصلاح عند أهل السنة والجماعة . 2024.

ﺑﺎﺯﻣﻮﻝ : ﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ﻭﺍﻹﺻﻼﺡ ﻋﻨﺪ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻭﺍﻟجماعة

ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﺑﺎﺯﻣﻮﻝ ﺣﻔﻈﻪ ﺍﻟﻠﻪ :

ﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ﺳﻨﺔ ﻛﻮﻧﻴﺔ : ﺇﻥ ﺍﻟﺘﻐﻴﺮ ﺳﻨﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻓﻲ ﺧﻠﻘﻪ،ﻭﻗﺪ ﺟﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ
ﺍﻟﻌﺮﺑﺎﺽ ﺑﻦ ﺳﺎﺭﻳﺔ ﻗﺎﻝ “ ﻭﻋﻈﻨﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻳﻮﻣﺎً ﺑﻌﺪ ﺻﻼﺓ
ﺍﻟﻐﺪﺍﺓ ﻣﻮﻋﻈﺔ ﺑﻠﻴﻐﺔ ﺫﺭﻓﺖ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﻌﻴﻮﻥ ﻭﻭﺟﻠﺖ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﻓﻘﺎﻝ ﺭﺟﻞ ﺇﻥ ﻫﺬﻩ
ﻣﻮﻋﻈﺔ ﻣﻮﺩﻉ ﻓﻤﺎﺫﺍ ﺗﻌﻬﺪ ﺇﻟﻴﻨﺎ ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻗﺎﻝ : ﺃﻭﺻﻴﻜﻢ ﺑﺘﻘﻮﻯ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺍﻟﺴﻤﻊ
ﻭﺍﻟﻄﺎﻋﺔ ﻭﺇﻥ ﻋﺒﺪٌ ﺣﺒﺸﻲ ﻓﺈﻧﻪ ﻣﻦ ﻳﻌﺶ ﻣﻨﻜﻢ ﻳﺮﻯ ﺍﺧﺘﻼﻓﺎً ﻛﺜﻴﺮﺍً ﻭﺇﻳﺎﻛﻢ ﻭﻣﺤﺪﺛﺎﺕ
ﺍﻷﻣﻮﺭ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺿﻼﻟﺔ ﻓﻤﻦ ﺃﺩﺭﻙ ﺫﻟﻚ ﻣﻨﻜﻢ ﻓﻌﻠﻴﻪ ﺑﺴﻨﺘﻲ ﻭﺳﻨﺔ ﺍﻟﺨﻠﻔﺎﺀ ﺍﻟﺮﺍﺷﺪﻳﻦ
ﺍﻟﻤﻬﺪﻳﻴﻦ ﻋﻀﻮﺍ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﺎﻟﻨﻮﺍﺟﺬ .”
ﻭﻓﻲ ﻟﻔﻆ ﺍﺑﻦ ﻣﺎﺟﻪ ﻗﺎﻝ : ﻓﻘﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ : ” ﻗﺪ ﺗﺮﻛﺘﻜﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﻴﻀﺎﺀ ﻟﻴﻠﻬﺎ
ﻛﻨﻬﺎﺭﻫﺎ ﻻ ﻳﺰﻳﻎ ﻋﻨﻬﺎ ﺑﻌﺪﻱ ﺇﻻ ﻫﺎﻟﻚ ﻣﻦ ﻳﻌﺶ ﻣﻨﻜﻢ ﻓﺴﻴﺮﻯ ﺍﺧﺘﻼﻓﺎً ﻛﺜﻴﺮﺍً ﻓﻌﻠﻴﻜﻢ
ﻣﺎ ﻋﺮﻓﺘﻢ ﻣﻦ ﺳﻨﺘﻲ ﻭﺳﻨﺔ ﺍﻟﺨﻠﻔﺎﺀ ﺍﻟﺮﺍﺷﺪﻳﻦ ﺍﻟﻤﻬﺪﻳﻴﻦ ﻋﻀﻮﺍ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﺎﻟﻨﻮﺍﺟﺬ ﻭﻋﻠﻴﻜﻢ
ﺑﺎﻟﻄﺎﻋﺔ ﻭﺇﻥ ﻋﺒﺪﺍً ﺣﺒﺸﻴﺎً ﻓﺈﻧﻤﺎ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻮﻥ ﻛﺎﻟﺠﻤﻞ ﺍﻷﻧﻒ ﺣﻴﺜﻤﺎ ﻗﻴﺪ ﺍﻧﻘﺎﺩ .(1)” ﻭﻣﺤﻞ
ﺍﻟﺸﺎﻫﺪ ﻗﻮﻟﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : “ ﻭﻣﻦ ﻳﻌﺶ ﻣﻨﻜﻢ ﻓﺴﻴﺮﻯ ﺍﺧﺘﻼﻓﺎً ﻛﺜﻴﺮﺍ ”، ﻭﻫﺬﺍ
ﻣﻌﻨﺎﻩ ﺣﺪﻭﺙ ﺗﻐﻴﺮ ﺑﻌﺪ ﻭﻓﺎﺗﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ .ﻭﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺻﺤﺔ ﻣﺎ ﺫﻛﺮﺗﻪ ﻟﻚ
ﻣﺎ ﺟﺎﺀ ﻋﻦ ﺳَﺎﻟِﻢ ﻗَﺎﻝَ : ﺳَﻤِﻌْﺖُ ﺃُﻡَّ ﺍﻟﺪَّﺭْﺩَﺍﺀِ ﺗَﻘُﻮﻝُ : ﺩَﺧَﻞَ ﻋَﻠَﻲَّ ﺃَﺑُﻮ ﺍﻟﺪَّﺭْﺩَﺍﺀِ ﻭَﻫُﻮَ ﻣُﻐْﻀَﺐٌ
ﻓَﻘُﻠْﺖُ : ﻣَﺎ ﺃَﻏْﻀَﺒَﻚَ؟ ﻓَﻘَﺎﻝَ : ﻭَﺍﻟﻠَّﻪِ ﻣَﺎ ﺃَﻋْﺮِﻑُ ﻣِﻦْ ﺃُﻣَّﺔِ ﻣُﺤَﻤَّﺪٍ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺷَﻴْﺌًﺎ
ﺇِﻟَّﺎ ﺃَﻧَّﻬُﻢْ ﻳُﺼَﻠُّﻮﻥَ ﺟَﻤِﻴﻌًﺎ .(2)”
ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺤﺎﻓﻆ ﺍﺑﻦ ﺣﺠﺮ ) ﺕ 852ﻫـ( : “ ﻗﻮﻟﻪ : ) ﻳﺼﻠﻮﻥ ﺟﻤﻴﻌﺎ( ﺃﻱ : ﻣﺠﺘﻤﻌﻴﻦ،
ﻭﺣﺬﻑ ﺍﻟﻤﻔﻌﻮﻝ ﻭﺗﻘﺪﻳﺮﻩ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﺃﻭ ﺍﻟﺼﻠﻮﺍﺕ، ﻭﻣﺮﺍﺩ ﺃﺑﻲ ﺍﻟﺪﺭﺩﺍﺀ ﺃﻥ ﺃﻋﻤﺎﻝ
ﺍﻟﻤﺬﻛﻮﺭﻳﻦ ﺣﺼﻞ ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻌﻬﺎ ﺍﻟﻨﻘﺺ ﻭﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ﺇﻻ ﺍﻟﺘﺠﻤﻴﻊ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻼﺓ، ﻭﻫﻮ ﺃﻣﺮ
ﻧﺴﺒﻲ ﻷﻥ ﺣﺎﻝ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﻲ ﺯﻣﻦ ﺍﻟﻨﺒﻮﺓ ﻛﺎﻥ ﺃﺗﻢ ﻣﻤﺎ ﺻﺎﺭ ﺇﻟﻴﻪ ﺑﻌﺪﻫﺎ، ﺛﻢ ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﺯﻣﻦ

ﺍﻟﺸﻴﺨﻴﻦ ﺃﺗﻢ ﻣﻤﺎ ﺻﺎﺭ ﺇﻟﻴﻪ ﺑﻌﺪﻫﻤﺎ ﻭﻛﺄﻥ ﺫﻟﻚ ﺻﺪﺭ ﻣﻦ ﺃﺑﻲ ﺍﻟﺪﺭﺩﺍﺀ ﻓﻲ ﺃﻭﺍﺧﺮ ﻋﻤﺮﻩ
ﻭﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﺃﻭﺍﺧﺮ ﺧﻼﻓﺔ ﻋﺜﻤﺎﻥ، ﻓﻴﺎ ﻟﻴﺖ ﺷﻌﺮﻱ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﺍﻟﻔﺎﺿﻞ
ﺑﺎﻟﺼﻔﺔ ﺍﻟﻤﺬﻛﻮﺭﺓ ﻋﻨﺪ ﺃﺑﻲ ﺍﻟﺪﺭﺩﺍﺀ ﻓﻜﻴﻒ ﺑﻤﻦ ﺟﺎﺀ ﺑﻌﺪﻫﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﺒﻘﺎﺕ ﺇﻟﻰ ﻫﺬﺍ
ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ؟ (3)” ، ﻓﺎﻟﺘﻐﻴﺮ ﺣﺎﺻﻞ ﻓﻲ ﺍﻷﻣﺔ، ﻭﻟﺬﻟﻚ ﺃﺧﺒﺮ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻴﻤﺎ ﺟﺎﺀ
ﺍﻟﺨﺒﺮ ﻋﻦ ﺗﺠﺪﻳﺪ ﺍﻟﺪﻳﻦ . ﻋَﻦْ ﺃَﺑِﻲ ﻫُﺮَﻳْﺮَﺓَ ﻓِﻴﻤَﺎ ﺃَﻋْﻠَﻢُ ﻋَﻦْ ﺭَﺳُﻮﻝِ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ
ﻭﺳﻠﻢ ﻗَﺎﻝَ : “ ﺇِﻥَّ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻳَﺒْﻌَﺚُ ﻟِﻬَﺬِﻩِ ﺍﻟْﺄُﻣَّﺔِ ﻋَﻠَﻰ ﺭَﺃْﺱِ ﻛُﻞِّ ﻣِﺎﺋَﺔِ ﺳَﻨَﺔٍ ﻣَﻦْ ﻳُﺠَﺪِّﺩُ ﻟَﻬَﺎ
ﺩِﻳﻨَﻬَﺎ (4)”، ﻭﺍﻟْﻤُﺮَﺍﺩ ﻣِﻦْ ﺍﻟﺘَّﺠْﺪِﻳﺪ : ﺇِﺣْﻴَﺎﺀ ﻣَﺎ ﺍِﻧْﺪَﺭَﺱَ ﻣِﻦْ ﺍﻟْﻌَﻤَﻞ ﺑِﺎﻟْﻜِﺘَﺎﺏِ ﻭَﺍﻟﺴُّﻨَّﺔ ﻭَﺍﻟْﺄَﻣْﺮ
ﺑِﻤُﻘْﺘَﻀَﺎﻫُﻤَﺎ ﻭَﺇِﻣَﺎﺗَﺔ ﻣَﺎ ﻇَﻬَﺮَ ﻣِﻦْ ﺍﻟْﺒِﺪَﻉ ﻭَﺍﻟْﻤُﺤْﺪَﺛَﺎﺕ (5)، ﻓﺎﻟﺘﻐﻴﺮ ﻭﺍﻻﺧﺘﻼﻑ ﻋﻤﺎ ﻛﺎﻥ
ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻷﻭﻝ ﺣﺎﺻﻞ، ﻭﻋﻼﺟﻪ ﺑﺎﻟﺮﺟﻮﻉ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺪﻳﻦ، ﻭﻫﻮ ﺍﻹﺻﻼﺡ . ﺿﻮﺍﺑﻂ ﺍﻹﺻﻼﺡ
ﻋﻨﺪ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻭﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺔ : ﻣﻨﻬﺞ ﺍﻹﺻﻼﺡ ﻋﻨﺪ ﺃﺗﺒﺎﻉ ﺍﻟﺴﻠﻒ ﺍﻟﺼﺎﻟﺢ : ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺴﻨﺔ
ﻭﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﻣﻀﺒﻮﻁ ﺑﺨﻤﺴﺔ ﺿﻮﺍﺑﻂ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ:

ﻟﻀﺎﺑﻂ ﺍﻷﻭﻝ :
ﺃﻥ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﺍﻹﺻﻼﺡ ﺍﻷﻭﻝ ﻭﺍﻷﺳﺎﺱ ﻫﻮ ﻋﺒﺎﺩﺓ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺗﻮﺣﻴﺪﻩ، ﻭﻫﺬﻩ ﻫﻲ ﺩﻋﻮﺓ
ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ؛ ﺇﺫ ﻛﻞ ﻧﺒﻲ ﺃﺭﺳﻠﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺇﻟﻰ ﻗﻮﻣﻪ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﻤﻮﺿﻮﻉ، ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ﴿ﻭَﻟَﻘَﺪْ ﺑَﻌَﺜْﻨَﺎ
ﻓِﻲ ﻛُﻞِّ ﺃُﻣَّﺔٍ ﺭَﺳُﻮﻻً ﺃَﻥِ ﺍﻋْﺒُﺪُﻭﺍ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻭَﺍﺟْﺘَﻨِﺒُﻮﺍ ﺍﻟﻄَّﺎﻏُﻮﺕَ ﻓَﻤِﻨْﻬُﻢْ ﻣَﻦْ ﻫَﺪَﻯ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﻭَﻣِﻨْﻬُﻢْ ﻣَﻦْ
ﺣَﻘَّﺖْ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﺍﻟﻀَّﻼﻟَﺔُ ﻓَﺴِﻴﺮُﻭﺍ ﻓِﻲ ﺍﻟْﺄَﺭْﺽِ ﻓَﺎﻧْﻈُﺮُﻭﺍ ﻛَﻴْﻒَ ﻛَﺎﻥَ ﻋَﺎﻗِﺒَﺔُ ﺍﻟْﻤُﻜَﺬِّﺑِﻴﻦَ
]﴾ﺍﻟﻨﺤﻞ .[36: ﻓﻬﺬﺍ ﻧﻮﺡ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻳﻘﻮﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ﴿ﻟَﻘَﺪْ ﺃَﺭْﺳَﻠْﻨَﺎ ﻧُﻮﺣﺎً ﺇِﻟَﻰ ﻗَﻮْﻣِﻪِ
ﻓَﻘَﺎﻝَ ﻳَﺎ ﻗَﻮْﻡِ ﺍﻋْﺒُﺪُﻭﺍ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻣَﺎ ﻟَﻜُﻢْ ﻣِﻦْ ﺇِﻟَﻪٍ ﻏَﻴْﺮُﻩُ ﺇِﻧِّﻲ ﺃَﺧَﺎﻑُ ﻋَﻠَﻴْﻜُﻢْ ﻋَﺬَﺍﺏَ ﻳَﻮْﻡٍ ﻋَﻈِﻴﻢٍ
]﴾ﺍﻷﻋﺮﺍﻑ .[59: ﻭﻫﺬﺍ ﻫﻮﺩ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ ﻳﻘﻮﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ﴿ﻭَﺇِﻟَﻰ ﻋَﺎﺩٍ ﺃَﺧَﺎﻫُﻢْ
ﻫُﻮﺩﺍً ﻗَﺎﻝَ ﻳَﺎ ﻗَﻮْﻡِ ﺍﻋْﺒُﺪُﻭﺍ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻣَﺎ ﻟَﻜُﻢْ ﻣِﻦْ ﺇِﻟَﻪٍ ﻏَﻴْﺮُﻩُ ﺃَﻓَﻼ ﺗَﺘَّﻘُﻮﻥَ]﴾ﺍﻷﻋﺮﺍﻑ .[65: ﻭﻫﺬﺍ
ﺻﺎﻟﺢ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ، ﻳﻘﻮﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ﴿ﻭَﺇِﻟَﻰ ﺛَﻤُﻮﺩَ ﺃَﺧَﺎﻫُﻢْ ﺻَﺎﻟِﺤﺎً ﻗَﺎﻝَ ﻳَﺎ ﻗَﻮْﻡِ
ﺍﻋْﺒُﺪُﻭﺍ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻣَﺎ ﻟَﻜُﻢْ ﻣِﻦْ ﺇِﻟَﻪٍ ﻏَﻴْﺮُﻩُ ﻗَﺪْ ﺟَﺎﺀَﺗْﻜُﻢْ ﺑَﻴِّﻨَﺔٌ ﻣِﻦْ ﺭَﺑِّﻜُﻢْ ﻫَﺬِﻩِ ﻧَﺎﻗَﺔُ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﻟَﻜُﻢْ ﺁﻳَﺔً
ﻓَﺬَﺭُﻭﻫَﺎ ﺗَﺄْﻛُﻞْ ﻓِﻲ ﺃَﺭْﺽِ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﻭَﻻ ﺗَﻤَﺴُّﻮﻫَﺎ ﺑِﺴُﻮﺀٍ ﻓَﻴَﺄْﺧُﺬَﻛُﻢْ ﻋَﺬَﺍﺏٌ ﺃَﻟِﻴﻢٌ
]﴾ﺍﻷﻋﺮﺍﻑ .[73: ﻭﻫﺬﺍ ﺷﻌﻴﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ، ﻳﻘﻮﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ﴿ﻭَﺇِﻟَﻰ ﻣَﺪْﻳَﻦَ
ﺃَﺧَﺎﻫُﻢْ ﺷُﻌَﻴْﺒﺎً ﻗَﺎﻝَ ﻳَﺎ ﻗَﻮْﻡِ ﺍﻋْﺒُﺪُﻭﺍ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻣَﺎ ﻟَﻜُﻢْ ﻣِﻦْ ﺇِﻟَﻪٍ ﻏَﻴْﺮُﻩُ ﻗَﺪْ ﺟَﺎﺀَﺗْﻜُﻢْ ﺑَﻴِّﻨَﺔٌ ﻣِﻦْ ﺭَﺑِّﻜُﻢْ
ﻓَﺄَﻭْﻓُﻮﺍ ﺍﻟْﻜَﻴْﻞَ ﻭَﺍﻟْﻤِﻴﺰَﺍﻥَ ﻭَﻻ ﺗَﺒْﺨَﺴُﻮﺍ ﺍﻟﻨَّﺎﺱَ ﺃَﺷْﻴَﺎﺀَﻫُﻢْ ﻭَﻻ ﺗُﻔْﺴِﺪُﻭﺍ ﻓِﻲ ﺍﻟْﺄَﺭْﺽِ ﺑَﻌْﺪَ
ﺇِﺻْﻼﺣِﻬَﺎ ﺫَﻟِﻜُﻢْ ﺧَﻴْﺮٌ ﻟَﻜُﻢْ ﺇِﻥْ ﻛُﻨْﺘُﻢْ ﻣُﺆْﻣِﻨِﻴﻦَ ] ﺍﻷﻋﺮﺍﻑ .[85: ﻭﻫﺬﺍ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ
ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ، ﻳﻘﻮﻝ ﺗﺒﺎﺭﻙ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ : ﴿ﻭَﺇِﺑْﺮَﺍﻫِﻴﻢَ ﺇِﺫْ ﻗَﺎﻝَ ﻟِﻘَﻮْﻣِﻪِ ﺍﻋْﺒُﺪُﻭﺍ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻭَﺍﺗَّﻘُﻮﻩُ ﺫَﻟِﻜُﻢْ
ﺧَﻴْﺮٌ ﻟَﻜُﻢْ ﺇِﻥْ ﻛُﻨْﺘُﻢْ ﺗَﻌْﻠَﻤُﻮﻥَ]﴾ﺍﻟﻌﻨﻜﺒﻮﺕ [16:، ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﻓﻌﻠﻪ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ
ﻭﺳﻠﻢ ﻟﻤﺎ ﺑﻌﺚ ﻣﻌﺎﺫﺍ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻴﻤﻦ . ﻋﻦ ﺍﺑْﻦَ ﻋَﺒَّﺎﺱ ﻳَﻘُﻮﻝُ : “ ﻟَﻤَّﺎ ﺑَﻌَﺚَ ﺍﻟﻨَّﺒِﻲُّ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ
ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻣُﻌَﺎﺫَ ﺑْﻦَ ﺟَﺒَﻞٍ ﺇِﻟَﻰ ﻧَﺤْﻮِ ﺃَﻫْﻞِ ﺍﻟْﻴَﻤَﻦِ ﻗَﺎﻝَ ﻟَﻪُ : ﺇِﻧَّﻚَ ﺗَﻘْﺪَﻡُ ﻋَﻠَﻰ ﻗَﻮْﻡٍ ﻣِﻦْ ﺃَﻫْﻞِ
ﺍﻟْﻜِﺘَﺎﺏِ ﻓَﻠْﻴَﻜُﻦْ ﺃَﻭَّﻝَ ﻣَﺎ ﺗَﺪْﻋُﻮﻫُﻢْ ﺇِﻟَﻰ ﺃَﻥْ ﻳُﻮَﺣِّﺪُﻭﺍ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﺗَﻌَﺎﻟَﻰ ﻓَﺈِﺫَﺍ ﻋَﺮَﻓُﻮﺍ ﺫَﻟِﻚَ ﻓَﺄَﺧْﺒِﺮْﻫُﻢْ
ﺃَﻥَّ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻗَﺪْ ﻓَﺮَﺽَ ﻋَﻠَﻴْﻬِﻢْ ﺧَﻤْﺲَ ﺻَﻠَﻮَﺍﺕٍ ﻓِﻲ ﻳَﻮْﻣِﻬِﻢْ ﻭَﻟَﻴْﻠَﺘِﻬِﻢْ ﻓَﺈِﺫَﺍ ﺻَﻠَّﻮْﺍ ﻓَﺄَﺧْﺒِﺮْﻫُﻢْ ﺃَﻥَّ
ﺍﻟﻠَّﻪَ ﺍﻓْﺘَﺮَﺽَ ﻋَﻠَﻴْﻬِﻢْ ﺯَﻛَﺎﺓً ﻓِﻲ ﺃَﻣْﻮَﺍﻟِﻬِﻢْ ﺗُﺆْﺧَﺬُ ﻣِﻦْ ﻏَﻨِﻴِّﻬِﻢْ ﻓَﺘُﺮَﺩُّ ﻋَﻠَﻰ ﻓَﻘِﻴﺮِﻫِﻢْ ﻓَﺈِﺫَﺍ ﺃَﻗَﺮُّﻭﺍ
ﺑِﺬَﻟِﻚَ ﻓَﺨُﺬْ ﻣِﻨْﻬُﻢْ ﻭَﺗَﻮَﻕَّ ﻛَﺮَﺍﺋِﻢَ ﺃَﻣْﻮَﺍﻝِ ﺍﻟﻨَّﺎﺱِ (6)” ، ﻭﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﻣﺎ ﺧﻠﻖ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺍﻟﺠﻦ
ﻭﺍﻹﻧﺲ ﻟﻪ، ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ﴿ﻭَﻣَﺎ ﺧَﻠَﻘْﺖُ ﺍﻟْﺠِﻦَّ ﻭَﺍﻟْﺄِﻧْﺲَ ﺇِﻟَّﺎ ﻟِﻴَﻌْﺒُﺪُﻭﻥِ]﴾ﺍﻟﺬﺍﺭﻳﺎﺕ .[56:
ﻓﺎﻟﺬﻳﻦ ﻳﺪﻋﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﻹﺻﻼﺡ ﻭﻳﺠﻌﻠﻮﻥ ﺩﻋﻮﺗﻬﻢ ﺍﻹﺻﻼﺣﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺃﻭ
ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ، ﺃﻭ ﺗﻮﺯﻳﻊ ﺍﻟﺜﺮﻭﺓ، ﺃﻭ ﻧﺤﻮ ﺫﻟﻚ ﻓﻬﺆﻻﺀ ﻋﻤﻠﻮﺍ ﻋﻤﻼً ﻟﻴﺲ ﻋﻠﻴﻪ
ﺃﻣﺮ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻬﻮ ﺭﺩ ﻋﻠﻴﻬﻢ، ﻓﻤﻦ ﺃﺭﺍﺩ ﺍﻹﺻﻼﺡ ﻭﻟﻢ ﻳﺠﻌﻞ ﻫﺬﺍ
ﻫﻮ ﻣﻮﺿﻮﻋﻪ ﻭﻣﻘﺼﺪﻩ، ﻓﻘﺪ ﺧﺎﻟﻒ ﻣﻨﻬﺞ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ ، ﻭﺗﺮﻙ ﻣﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻹﺻﻼﺡ ﺍﻟﺸﺮﻋﻲ
ﻋﻨﺪ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻭﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺔ، ﻭﺍﻧﻈﺮ ﻓﻲ ﻣﻦ ﻳﺰﻋﻢ ﺍﻹﺻﻼﺡ ﻭﻳﺘﺴﻤﻰ ﺑﺎﺳﻤﻪ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻳﺎﻡ،
ﺗﺠﺪﻩ ﻣﺨﺎﻟﻔﺎً ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﻀﺎﺑﻂ ﺍﺷﺪ ﺍﻟﻤﺨﺎﻟﻔﺔ، ﻓﺘﻮﺯﻳﻊ ﺍﻟﺜﺮﻭﺓ ﻫﺠﻴﺮﺍﻩ ﻟﻴﻞ ﻧﻬﺎﺭ، ﻭ ﻣﻨﺎﺯﻋﺔ
ﺍﻷﻣﺮ ﺃﻫﻠﻪ، ﺩﻳﺪﻧﻪ؛ﻓﻼ ﺷﺄﻥ ﻟﻪ ﻣﻊ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻀﺎﺑﻂ ﺃﺻﻼً، ﺇﻻ ﻣﻦ ﺑﺎﺏ ﺫﺭ ﺍﻟﺮﻣﺎﺩ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﻌﻴﻮﻥ ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ
ﺍﻟﻀﺎﺑﻂ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ :
ﺍﻹﺻﻼﺡ ﻳﺒﺪﺃ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺮﺩ، ﻻ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ، ﻭ ﻻ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺎﻛﻢ، ﻭ ﻻ ﻣﻦ ﻏﻴﺮﻩ، ﺇﻧﻤﺎ ﻛﻞ
ﺇﻧﺴﺎﻥ ﻳﺒﺪﺃ ﺑﻨﻔﺴﻪ، ﻓﻴﺼﻠﺤﻬﺎ ﻭﺃﺩﻧﺎﻩ ﻓﺄﺩﻧﺎﻩ، ﻭﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻳﻘﻮﻝ : ﴿ﺇِﻥَّ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻻ ﻳُﻐَﻴِّﺮُ ﻣَﺎ
ﺑِﻘَﻮْﻡٍ ﺣَﺘَّﻰ ﻳُﻐَﻴِّﺮُﻭﺍ ﻣَﺎ ﺑِﺄَﻧْﻔُﺴِﻬِﻢْ ﻭَﺇِﺫَﺍ ﺃَﺭَﺍﺩَ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﺑِﻘَﻮْﻡٍ ﺳُﻮﺀﺍً ﻓَﻼ ﻣَﺮَﺩَّ ﻟَﻪُ ﻭَﻣَﺎ ﻟَﻬُﻢْ ﻣِﻦْ ﺩُﻭﻧِﻪِ
ﻣِﻦْ ﻭَﺍﻝٍ ] ﺍﻟﺮﻋﺪ : ﻣﻦ ﺍﻵﻳﺔ [11 ، ﻓﺎﻟﺒﺪﺀ ﺑﺎﻟﻨﻔﺲ، ﺛﻢ ﺍﻷﻗﺮﺏ ﻓﺎﻷﻗﺮﺏ، ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ﴿
ﻭَﺃَﻧْﺬِﺭْ ﻋَﺸِﻴﺮَﺗَﻚَ ﺍﻟْﺄَﻗْﺮَﺑِﻴﻦَ]﴾ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ .[214:ﻋَﻦْ ﺃَﺑِﻲ ﻫُﺮَﻳْﺮَﺓَ ﻗَﺎﻝَ : ﻗَﺎﻝَ ﺭَﺳُﻮﻝُ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﺻَﻠَّﻰ
ﺍﻟﻠَّﻪُ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠَّﻢَ : “ ﺗَﺼَﺪَّﻗُﻮﺍ! ﻓَﻘَﺎﻝَ ﺭَﺟُﻞٌ : ﻳَﺎ ﺭَﺳُﻮﻝَ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﻋِﻨْﺪِﻱ ﺩِﻳﻨَﺎﺭٌ؟ ﻗَﺎﻝَ : ﺗَﺼَﺪَّﻕْ ﺑِﻪِ
ﻋَﻠَﻰ ﻧَﻔْﺴِﻚَ . ﻗَﺎﻝَ : ﻋِﻨْﺪِﻱ ﺁﺧَﺮُ؟ ﻗَﺎﻝَ : ﺗَﺼَﺪَّﻕْ ﺑِﻪِ ﻋَﻠَﻰ ﺯَﻭْﺟَﺘِﻚَ . ﻗَﺎﻝَ : ﻋِﻨْﺪِﻱ ﺁﺧَﺮُ . ﻗَﺎﻝَ :
ﺗَﺼَﺪَّﻕْ ﺑِﻪِ ﻋَﻠَﻰ ﻭَﻟَﺪِﻙَ ﻗَﺎﻝَ : ﻋِﻨْﺪِﻱ ﺁﺧَﺮُ؟ ﻗَﺎﻝَ : ﺗَﺼَﺪَّﻕْ ﺑِﻪِ ﻋَﻠَﻰ ﺧَﺎﺩِﻣِﻚَ ﻗَﺎﻝَ : ﻋِﻨْﺪِﻱ
ﺁﺧَﺮُ ﻗَﺎﻝَ : ﺃَﻧْﺖَ ﺃَﺑْﺼَﺮُ .(6)” ﻓﺈﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﻓﻲ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﺼﺪﻗﺔ ﻓﻤﺎ ﺑﺎﻟﻚ ﻓﻲ ﺃﻣﺮ
ﺍﻹﺻﻼﺡ؟! ﻓﻄﺮﻳﻖ ﺍﻹﺻﻼﺡ ﻳﺒﺪﺃ ﺑﺎﻟﻔﺮﺩ . ﻭﺻﻼﺡ ﺍﻟﻔﺮﺩ ﺻﻼﺡ ﺍﻷﺳﺮﺓ، ﻭﺻﻼﺡ
ﺍﻷﺳﺮﺓ ﺻﻼﺡ ﺍﻟﺤﻲ، ﻭﺻﻼﺡ ﺍﻟﺤﻲ ﺻﻼﺡ ﺍﻟﺒﻠﺪ، ﻭﺻﻼﺡ ﺍﻟﺒﻠﺪ ﺻﻼﺡ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ، ﻭﺻﻼﺡ
ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺻﻼﺡ ﺍﻷﻣﺔ، ﻭﺻﻼﺡ ﺍﻷﻣﺔ ﺻﺎﻟﺢ ﺍﻷﺭﺽ ﺟﻤﻴﻌﺎً، ﻓﺎﻟﺒﺪﺀ ﺑﺎﻟﻨﻔﺲ ﻫﻮ ﺍﻷﺳﺎﺱ،
ﻓﺎﺑﺪﺃ ﺑﻨﻔﺴﻚ ﻓﺎﻧﻬﻬﺎ ﻋﻦ ﻏﻴﻬﺎ ﻓﺈﻥ ﺍﻧﺘﻬﺖ ﻓﺄﻧﺖ ﺣﻜﻴﻢ
ﺍﻟﻀﺎﺑﻂ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ :
ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ، ﻭﻗﺪ ﺑﻮﺏ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﻓﻲ ﺻﺤﻴﺤﻪ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﻌﻠﻢ : “ﺑَﺎﺏ
ﺍﻟْﻌِﻠْﻢُ ﻗَﺒْﻞَ ﺍﻟْﻘَﻮْﻝِ ﻭَﺍﻟْﻌَﻤَﻞِ ﻟِﻘَﻮْﻝِ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﺗَﻌَﺎﻟَﻰ : ﴿ﻓَﺎﻋْﻠَﻢْ ﺃَﻧَّﻪُ ﻟَﺎ ﺇِﻟَﻪَ ﺇِﻟَّﺎ ﺍﻟﻠَّﻪُ]﴾ﻣﺤﻤﺪ [19:؛
ﻓَﺒَﺪَﺃَ ﺑِﺎﻟْﻌِﻠْﻢِ، ﻭَﺃَﻥَّ ﺍﻟْﻌُﻠَﻤَﺎﺀَ ﻫُﻢْ ﻭَﺭَﺛَﺔُ ﺍﻟْﺄَﻧْﺒِﻴَﺎﺀِ ﻭَﺭَّﺛُﻮﺍ ﺍﻟْﻌِﻠْﻢَ ﻣَﻦْ ﺃَﺧَﺬَﻩُ ﺃَﺧَﺬَ ﺑِﺤَﻆٍّ ﻭَﺍﻓِﺮٍ، ﻭَﻣَﻦْ
ﺳَﻠَﻚَ ﻃَﺮِﻳﻘًﺎ ﻳَﻄْﻠُﺐُ ﺑِﻪِ ﻋِﻠْﻤًﺎ ﺳَﻬَّﻞَ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﻟَﻪُ ﻃَﺮِﻳﻘًﺎ ﺇِﻟَﻰ ﺍﻟْﺠَﻨَّﺔِ . ﻭَﻗَﺎﻝَ ﺟَﻞَّ ﺫِﻛْﺮُﻩُ : ﴿ﺇِﻧَّﻤَﺎ
ﻳَﺨْﺸَﻰ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻣِﻦْ ﻋِﺒَﺎﺩِﻩِ ﺍﻟْﻌُﻠَﻤَﺎﺀُ]﴾ﻓﺎﻃﺮ [28: ، ﻭَﻗَﺎﻝَ : ﴿ﻭَﻣَﺎ ﻳَﻌْﻘِﻠُﻬَﺎ ﺇِﻟَّﺎ ﺍﻟْﻌَﺎﻟِﻤُﻮﻥَ
]﴾ﺍﻟﻌﻨﻜﺒﻮﺕ [43:، ﴿ﻭَﻗَﺎﻟُﻮﺍ ﻟَﻮْ ﻛُﻨَّﺎ ﻧَﺴْﻤَﻊُ ﺃَﻭْ ﻧَﻌْﻘِﻞُ ﻣَﺎ ﻛُﻨَّﺎ ﻓِﻲ ﺃَﺻْﺤَﺎﺏِ ﺍﻟﺴَّﻌِﻴﺮِ
]﴾ﺍﻟﻤﻠﻚ [10:، ﻭَﻗَﺎﻝَ : ﴿ﻫَﻞْ ﻳَﺴْﺘَﻮِﻱ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﻳَﻌْﻠَﻤُﻮﻥَ ﻭَﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﻟَﺎ ﻳَﻌْﻠَﻤُﻮﻥَ
]﴾ﺍﻟﺰﻣﺮ .[9: ﻭَﻗَﺎﻝَ ﺍﻟﻨَّﺒِﻲُّ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : “ﻣَﻦْ ﻳُﺮِﺩْ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﺑِﻪِ ﺧَﻴْﺮًﺍ ﻳُﻔَﻘِّﻬْﻪُ ﻓِﻲ
ﺍﻟﺪِّﻳﻦِ .” ﻭَ “ﺇِﻧَّﻤَﺎ ﺍﻟْﻌِﻠْﻢُ ﺑِﺎﻟﺘَّﻌَﻠُّﻢِ ”، ﻭَﻗَﺎﻝَ ﺃَﺑُﻮ ﺫَﺭٍّ : ﻟَﻮْ ﻭَﺿَﻌْﺘُﻢْ ﺍﻟﺼَّﻤْﺼَﺎﻣَﺔَ ﻋَﻠَﻰ ﻫَﺬِﻩِ ﻭَﺃَﺷَﺎﺭَ
ﺇِﻟَﻰ ﻗَﻔَﺎﻩُ ﺛُﻢَّ ﻇَﻨَﻨْﺖُ ﺃَﻧِّﻲ ﺃُﻧْﻔِﺬُ ﻛَﻠِﻤَﺔً ﺳَﻤِﻌْﺘُﻬَﺎ ﻣِﻦْ ﺍﻟﻨَّﺒِﻲِّ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗَﺒْﻞَ ﺃَﻥْ
ﺗُﺠِﻴﺰُﻭﺍ ﻋَﻠَﻲَّ ﻟَﺄَﻧْﻔَﺬْﺗُﻬَﺎ .
ﻭَﻗَﺎﻝَ ﺍﺑْﻦُ ﻋَﺒَّﺎﺱٍ : ﴿ﻛُﻮﻧُﻮﺍ ﺭَﺑَّﺎﻧِﻴِّﻴﻦَ﴾ : ﺣُﻠَﻤَﺎﺀَ ﻓُﻘَﻬَﺎﺀَ . ﻭَﻳُﻘَﺎﻝُ ﺍﻟﺮَّﺑَّﺎﻧِﻲُّ : ﺍﻟَّﺬِﻱ ﻳُﺮَﺑِّﻲ
ﺍﻟﻨَّﺎﺱَ ﺑِﺼِﻐَﺎﺭِ ﺍﻟْﻌِﻠْﻢِ ﻗَﺒْﻞَ ﻛِﺒَﺎﺭِﻩِ .”ﺍﻫـ . ﻭﺍﻟﺪﻳﻦ ﻣﺒﻨﺎﻩ ﻋﻠﻰ ﺃﺻﻠﻴﻦ :
ﺃﻥ ﻻ ﻧﻌﺒﺪ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ .
ﻭﺃﻥ ﻻ ﻧﻌﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺇﻻ ﺑﻤﺎ ﺷﺮﻉ .
ﻭﻣﻌﻨﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻀﺎﺑﻂ : ﺃﻥ ﻋﻠﻰ ﺩﺍﻋﻴﺔ ﺍﻹﺻﻼﺡ ﺃﻥ ﻳﺤﺮﺹ ﺗﻤﺎﻡ ﺍﻟﺤﺮﺹ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻘﻮﻟﻪ ﺃﻭ
ﻳﻔﻌﻠﻪ ﺃﻥ ﻟﻴﻜﻮﻥ ﻓﻴﻪ ﻋﻠﻰ ﺛﺒﺖ، ﻓﻴﺒﻨﻲ ﻣﺎ ﻳﺼﺪﺭ ﻣﻨﻪ ﻋﻠﻰ ﻳﻘﻴﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ، ﻓﻼ
ﻳﺴﻠﻚ ﻣﺴﻠﻜﺎً ﻳﺰﻋﻢ ﺃﻧﻪ ﻃﺮﻳﻖ ﻟﻺﺻﻼﺡ ﺇﻻ ﻭﻫﻮ ﻳﻌﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻣﻤﺎ ﺷﺮﻋﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌـﺎﻟﻰ، ﻓﻼ
ﻳﺨﺎﻟﻒ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺴﻨﺔ، ﻓﻼ ﻳﻘﻒ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻨﺎﺑﺮ ﻳﺘﻜﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﻭﻻﺓ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﺯﺍﻋﻤﺎً ﺃﻥ ﻫﺬﺍ
ﺇﺻﻼﺡ؛ ﻷﻥ ﻫﺬﺍ ﺧﻼﻑ ﻣﺎ ﺃﻣﺮﻧﺎ ﺑﻪ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ؛ ﻋﻦ ﻋﻴﺎﺽ ﺑﻦ
ﻏﻨﻢ ﻋﻦ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : “ﻣﻦ ﺃﺭﺍﺩ ﺃﻥ ﻳﻨﺼﺢ ﻟﺬﻱ ﺳﻠﻄﺎﻥ، ﻓﻼ
ﻳﺒﺪﻩ ﻋﻼﻧﻴﺔ، ﻭﻟﻜﻦ ﻳﺄﺧﺬ ﺑﻴﺪﻩ، ﻓﺒﺨﻠﻮﺍ ﺑﻪ، ﻓﺈﻥ ﻗﺒﻞ ﻣﻨﻪ ﻓﺬﺍﻙ، ﻭﺇﻻ ﻛﺎﻥ ﻗﺪ ﺃﺩﻯ
ﺍﻟﺬﻱ ﻋﻠﻴﻪ .(7)” ﻭ ﻻ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﻓﻲ ﻳﺴﻌﻰ ﺇﻟﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﻹﺻﻼﺡ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﻤﻈﺎﻫﺮﺍﺕ، ﻷﻧﻪ
ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺳﻨﺔ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝﷺ ﻭ ﻻ ﻣﻦ ﺳﻨﺔ ﺍﻟﺴﻠﻒ ﺍﻟﺼﺎﻟﺢ، ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻻ ﻳﻘﻮﻝ ﻭ ﻻ ﻳﻌﻤﻞ ﺇﻻ
ﺑﻌﻠﻢ، ﻓﺎﻟﻌﻠﻢ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ
ﺍﻟﻀﺎﺑﻂ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ :
ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻠﻤﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﻬﺞ ﺍﻟﺴﻠﻒ ﺍﻟﺼﺎﻟﺢ، ﻭﻋَﻦْ ﻣُﻌَﺎﻭِﻳَﺔَ ﺑْﻦِ ﺃَﺑِﻲ ﺳُﻔْﻴَﺎﻥَ ﺃَﻧَّﻪُ ﻗَﺎﻡَ ﻓِﻴﻨَﺎ
ﻓَﻘَﺎﻝَ ﺃَﻟَﺎ ﺇِﻥَّ ﺭَﺳُﻮﻝَ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗَﺎﻡَ ﻓِﻴﻨَﺎ ﻓَﻘَﺎﻝَ : “ ﺃَﻟَﺎ ﺇِﻥَّ ﻣَﻦْ ﻗَﺒْﻠَﻜُﻢْ ﻣِﻦْ
ﺃَﻫْﻞِ ﺍﻟْﻜِﺘَﺎﺏِ ﺍﻓْﺘَﺮَﻗُﻮﺍ ﻋَﻠَﻰ ﺛِﻨْﺘَﻴْﻦِ ﻭَﺳَﺒْﻌِﻴﻦَ ﻣِﻠَّﺔً ﻭَﺇِﻥَّ ﻫَﺬِﻩِ ﺍﻟْﻤِﻠَّﺔَ ﺳَﺘَﻔْﺘَﺮِﻕُ ﻋَﻠَﻰ ﺛَﻠَﺎﺙٍ
ﻭَﺳَﺒْﻌِﻴﻦَ ﺛِﻨْﺘَﺎﻥِ ﻭَﺳَﺒْﻌُﻮﻥَ ﻓِﻲ ﺍﻟﻨَّﺎﺭِ ﻭَﻭَﺍﺣِﺪَﺓٌ ﻓِﻲ ﺍﻟْﺠَﻨَّﺔِ ﻭَﻫِﻲَ ﺍﻟْﺠَﻤَﺎﻋَﺔ .(9)”ﻓﻼ ﺳﻼﻣﺔ
ﻓﻲ ﻧﻬﺞ ﺇﻻ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺔ . ﻭﻫﺬﺍ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ : ﴿ﻭَﻣَﻦْ ﻳُﺸَﺎﻗِﻖِ ﺍﻟﺮَّﺳُﻮﻝَ ﻣِﻦْ
ﺑَﻌْﺪِ ﻣَﺎ ﺗَﺒَﻴَّﻦَ ﻟَﻪُ ﺍﻟْﻬُﺪَﻯ ﻭَﻳَﺘَّﺒِﻊْ ﻏَﻴْﺮَ ﺳَﺒِﻴﻞِ ﺍﻟْﻤُﺆْﻣِﻨِﻴﻦَ ﻧُﻮَﻟِّﻪِ ﻣَﺎ ﺗَﻮَﻟَّﻰ ﻭَﻧُﺼْﻠِﻪِ ﺟَﻬَﻨَّﻢَ ﻭَﺳَﺎﺀَﺕْ
ﻣَﺼِﻴﺮﺍً]﴾ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ [115:، ﻓﻤﻦ ﺃﺭﺍﺩ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻓﻠﻴﻠﺰﻡ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ، ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﺴﻠﻚ
ﻣﺴﺎﻟﻚ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﻔﺮﻗﺔ ﻭﺍﻻﺧﺘﻼﻑ، ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺮﻕ ﺍﻟﻤﺨﺎﻟﻔﺔ ﻟﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ
ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﺃﺻﺤﺎﺑﻪ ﺭﺿﻮﺍﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻬﻢ .ﻫﺬﻩ ﻫﻲ ﺿﻮﺍﺑﻂ ﺍﻹﺻﻼﺡ، ﺍﻟﺘﻲ ﺇﺫﺍ
ﺧﺎﻟﻔﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﺩﻋﻰ ﺍﻹﺻﻼﺡ ﺇﻧﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻔﺴﺪﻳﻦ، ﴿ﻭَﺇِﺫَﺍ ﻗِﻴﻞَ ﻟَﻬُﻢْ ﻻ ﺗُﻔْﺴِﺪُﻭﺍ ﻓِﻲ
ﺍﻟْﺄَﺭْﺽِ ﻗَﺎﻟُﻮﺍ ﺇِﻧَّﻤَﺎ ﻧَﺤْﻦُ ﻣُﺼْﻠِﺤُﻮﻥَ . ﺃَﻻ ﺇِﻧَّﻬُﻢْ ﻫُﻢُ ﺍﻟْﻤُﻔْﺴِﺪُﻭﻥَ ﻭَﻟَﻜِﻦْ ﻻ ﻳَﺸْﻌُﺮُﻭﻥَ
]﴾ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ
ﺍﻟﻀﺎﺑﻂ ﺍﻟﺨﺎﻣﺲ :
ﺃﻥ ﻳﺘﺤﻠﻰ ﻓﻲ ﺩﻋﻮﺗﻪ ﺑﺼﻔﺎﺕ، ﺑﻴﻨﺘﻬﺎ ﺍﻵﻳﺎﺕ ﺍﻟﻘﺮﺁﻧﻴﺔ ﻭﺍﻷﺣﺎﺩﻳﺚ ﺍﻟﻨﺒﻮﻳﺔ ﻭﺍﻵﺛﺎﺭ
ﺍﻟﺴﻠﻔﻴﺔ، ﻣﻦ ﺫﻟﻚ : ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﺒﺎﺭﻙ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ : ﴿ﻗُﻞْ ﻫَﺬِﻩِ ﺳَﺒِﻴﻠِﻲ ﺃَﺩْﻋُﻮ ﺇِﻟَﻰ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﻋَﻠَﻰ
ﺑَﺼِﻴﺮَﺓٍ ﺃَﻧَﺎ ﻭَﻣَﻦِ ﺍﺗَّﺒَﻌَﻨِﻲ ﻭَﺳُﺒْﺤَﺎﻥَ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﻭَﻣَﺎ ﺃَﻧَﺎ ﻣِﻦَ ﺍﻟْﻤُﺸْﺮِﻛِﻴﻦَ]﴾ﻳﻮﺳﻒ [108:، ﻭﻗﻮﻟﻪ
ﺗﺒﺎﺭﻙ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ : ﴿ﺍﺩْﻉُ ﺇِﻟَﻰ ﺳَﺒِﻴﻞِ ﺭَﺑِّﻚَ ﺑِﺎﻟْﺤِﻜْﻤَﺔِ ﻭَﺍﻟْﻤَﻮْﻋِﻈَﺔِ ﺍﻟْﺤَﺴَﻨَﺔِ ﻭَﺟَﺎﺩِﻟْﻬُﻢْ ﺑِﺎﻟَّﺘِﻲ ﻫِﻲَ
ﺃَﺣْﺴَﻦُ ﺇِﻥَّ ﺭَﺑَّﻚَ ﻫُﻮَ ﺃَﻋْﻠَﻢُ ﺑِﻤَﻦْ ﺿَﻞَّ ﻋَﻦْ ﺳَﺒِﻴﻠِﻪِ ﻭَﻫُﻮَ ﺃَﻋْﻠَﻢُ ﺑِﺎﻟْﻤُﻬْﺘَﺪِﻳﻦَ]﴾ﺍﻟﻨﺤﻞ [125:،
ﻭﻗﺎﻝ ﺗﺒﺎﺭﻙ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ : ﴿ﻳَﺎ ﺑُﻨَﻲَّ ﺃَﻗِﻢِ ﺍﻟﺼَّﻼﺓَ ﻭَﺃْﻣُﺮْ ﺑِﺎﻟْﻤَﻌْﺮُﻭﻑِ ﻭَﺍﻧْﻪَ ﻋَﻦِ ﺍﻟْﻤُﻨْﻜَﺮِ ﻭَﺍﺻْﺒِﺮْ
ﻋَﻠَﻰ ﻣَﺎ ﺃَﺻَﺎﺑَﻚَ ﺇِﻥَّ ﺫَﻟِﻚَ ﻣِﻦْ ﻋَﺰْﻡِ ﺍﻟْﺄُﻣُﻮﺭِ]﴾ﻟﻘﻤﺎﻥ [17: ،ﻭﻋَﻦْ ﻋَﺎﺋِﺸَﺔَ ﺯَﻭْﺝِ ﺍﻟﻨَّﺒِﻲِّ ﺻﻠﻰ
ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃَﻥَّ ﺭَﺳُﻮﻝَ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗَﺎﻝَ : “ ﻳَﺎ ﻋَﺎﺋِﺸَﺔُ ﺇِﻥَّ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﺭَﻓِﻴﻖٌ
ﻳُﺤِﺐُّ ﺍﻟﺮِّﻓْﻖَ ﻭَﻳُﻌْﻄِﻲ ﻋَﻠَﻰ ﺍﻟﺮِّﻓْﻖِ ﻣَﺎ ﻟَﺎ ﻳُﻌْﻄِﻲ ﻋَﻠَﻰ ﺍﻟْﻌُﻨْﻒِ ﻭَﻣَﺎ ﻟَﺎ ﻳُﻌْﻄِﻲ ﻋَﻠَﻰ ﻣَﺎ ﺳِﻮَﺍﻩُ ”
ﻣﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻪ .
ﻭﻋَﻦْ ﺳَﻌِﻴﺪِ ﺑْﻦِ ﺃَﺑِﻲ ﺑُﺮْﺩَﺓَ ﻋَﻦْ ﺃَﺑِﻴﻪِ ﻋَﻦْ ﺟَﺪِّﻩِ : “ ﺃَﻥَّ ﺍﻟﻨَّﺒِﻲَّ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺑَﻌَﺚَ
ﻣُﻌَﺎﺫًﺍ ﻭَﺃَﺑَﺎ ﻣُﻮﺳَﻰ ﺇِﻟَﻰ ﺍﻟْﻴَﻤَﻦِ ﻗَﺎﻝَ ﻳَﺴِّﺮَﺍ ﻭَﻟَﺎ ﺗُﻌَﺴِّﺮَﺍ ﻭَﺑَﺸِّﺮَﺍ ﻭَﻟَﺎ ﺗُﻨَﻔِّﺮَﺍ ﻭَﺗَﻄَﺎﻭَﻋَﺎ ﻭَﻟَﺎ ﺗَﺨْﺘَﻠِﻔَﺎ ”
ﻣﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻪ .
ﻭﻳﺘﺤﺼﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ ﺃﻥ ﺍﻟﺼﻔﺎﺕ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻟﻠﺪﺍﻋﻴﺔ ﻫﻲ :
ﺍﻟﺼﻔﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ : ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﻔﻘﻪ ﻟﻤﺎ ﻳﺪﻋﻮ ﺇﻟﻴﻪ : ﻳﺄﻣﺮ ﺑﻪ ﻭﻳﻨﻬﻰ ﻋﻨﻪ !
ﺍﻟﺼﻔﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ : ﺍﻟﺮﻓﻖ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﺩﻋﻮﺗﻪ، ﻭﺃﻣﺮﻩ ﻭﻧﻬﻴﻪ! ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻳﻘﻮﻝ ﻋﻦ ﺭﺳﻮﻟﻪ
ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : ﴿ﻓَﺒِﻤَﺎ ﺭَﺣْﻤَﺔٍ ﻣِﻦَ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﻟِﻨْﺖَ ﻟَﻬُﻢْ ﻭَﻟَﻮْ ﻛُﻨْﺖَ ﻓَﻈّﺎً ﻏَﻠِﻴﻆَ ﺍﻟْﻘَﻠْﺐِ
ﻟَﺎﻧْﻔَﻀُّﻮﺍ ﻣِﻦْ ﺣَﻮْﻟِﻚَ ﻓَﺎﻋْﻒُ ﻋَﻨْﻬُﻢْ ﻭَﺍﺳْﺘَﻐْﻔِﺮْ ﻟَﻬُﻢْ ﻭَﺷَﺎﻭِﺭْﻫُﻢْ ﻓِﻲ ﺍﻟْﺄَﻣْﺮِ ﻓَﺈِﺫَﺍ ﻋَﺰَﻣْﺖَ ﻓَﺘَﻮَﻛَّﻞْ
ﻋَﻠَﻰ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﺇِﻥَّ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻳُﺤِﺐُّ ﺍﻟْﻤُﺘَﻮَﻛِّﻠِﻴﻦَ]﴾ﺁﻝ ﻋﻤﺮﺍﻥ .[159:
ﺍﻟﺼﻔﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ : ﺍﻟﺤﻠﻢ ﻓﻲ ﺩﻋﻮﺗﻪ، ﻓﻼ ﻳﺘﻌﺠﻞ ﻭ ﻻ ﻳﻐﻀﺐ، ﻭﻳﻜﻈﻢ ﺍﻟﻐﻴﻆ!
ﺍﻟﺼﻔﺔ ﺍﻟﺮﺍﺑﻌﺔ : ﺍﻟﺼﺒﺮ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ، ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺪﻋﺎﺓ ﻳﺘﻌﺮﺿﻮﻥ ﻟﻸﺫﻯ ﺑﺴﺒﺐ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ،
ﻓﻌﻠﻴﻬﻢ ﺑﺎﻟﺼﺒﺮ! ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ : “ ﺍﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﺴﻨﺔ ﻭﺍﻟﻨﻬﻲ ﻋﻦ ﺍﻟﺒﺪﻋﺔ ﻫﻮ ﺃﻣﺮ
ﺑﻤﻌﺮﻭﻑ ﻭﻧﻬﻲ ﻋﻦ ﻣﻨﻜﺮ ﻭﻫﻮ ﻣﻦ ﺃﻓﻀﻞ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﺼﺎﻟﺤﺔ ﻓﻴﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﺒﺘﻐﻲ ﺑﻪ ﻭﺟﻪ
ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺇﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻄﺎﺑﻘﺎ ﻟﻸﻣﺮ، ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ : ﻣﻦ ﺃﻣﺮ ﺑﺎﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﻭﻧﻬﻰ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻨﻜﺮ
ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ :
ﻋﻠﻴﻤﺎ ﺑﻤﺎ ﻳﺄﻣﺮ ﺑﻪ . ﻋﻠﻴﻤﺎ ﺑﻤﺎ ﻳﻨﻬﻰ ﻋﻨﻪ .
ﺭﻓﻴﻘﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺄﻣﺮ ﺑﻪ . ﺭﻓﻴﻘﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﻧﻬﻰ ﻋﻨﻪ .
ﺣﻠﻴﻤﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺄﻣﺮ ﺑﻪ . ﺣﻠﻴﻤﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻨﻬﻰ ﻋﻨﻪ .
ﻓﺎﻟﻌﻠﻢ ﻗﺒﻞ ﺍﻷﻣﺮ ﻭﺍﻟﺮﻓﻖ ﻣﻊ ﺍﻷﻣﺮ ﻭﺍﻟﺤﻠﻢ ﺑﻌﺪ ﺍﻷﻣﺮ؛ ﻓﺈﻥ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻋﺎﻟﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻪ ﺃﻥ
ﻳﻘﻔﻮ ﻣﺎ ﻟﻴﺲ ﻟﻪ ﺑﻪ ﻋﻠﻢ، ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻋﺎﻟﻤﺎ ﻭﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺭﻓﻴﻘﺎ ﻛﺎﻥ ﻛﺎﻟﻄﺒﻴﺐ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﺭﻓﻖ
ﻓﻴﻪ ﻓﻴﻐﻠﻆ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺮﻳﺾ ﻓﻼ ﻳﻘﺒﻞ ﻣﻨﻪ، ﻭﻛﺎﻟﻤﺆﺩﺏ ﺍﻟﻐﻠﻴﻆ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﻘﺒﻞ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﻮﻟﺪ .
ﻭﻗﺪ ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻟﻤﻮﺳﻰ ﻭﻫﺎﺭﻭﻥ : ﴿ﻓﻘﻮﻻ ﻟﻪ ﻗﻮﻻ ﻟﻴﻨﺎ ﻟﻌﻠﻪ ﻳﺘﺬﻛﺮ ﺃﻭ ﻳﺨﺸﻰ]﴾ﺳﻮﺭﺓ
ﻃﻪ : [44 ، ﺛﻢ ﺇﺫﺍ ﺃﻣﺮ ﻭﻧﻬﻰ ﻓﻼ ﺑﺪ ﺃﻥ ﻳﺆﺫﻯ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﺩﺓ ﻓﻌﻠﻴﻪ ﺃﻥ ﻳﺼﺒﺮ ﻭﻳﺤﻠﻢ ﻛﻤﺎ
ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ﴿ﻭﺃﻣﺮ ﺑﺎﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﻭﺃﻧﻪ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻨﻜﺮ ﻭﺍﺻﺒﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺃﺻﺎﺑﻚ ﺇﻥ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ
ﻋﺰﻡ ﺍﻷﻣﻮﺭ]﴾ﺳﻮﺭﺓ ﻟﻘﻤﺎﻥ : .[17 ﻭﻗﺪ ﺃﻣﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﻧﺒﻴﻪ ﺑﺎﻟﺼﺒﺮ ﻋﻠﻰ ﺃﺫﻯ ﺍﻟﻤﺸﺮﻛﻴﻦ ﻓﻲ
ﻏﻴﺮ ﻣﻮﺿﻊ ﻭﻫﻮ ﺇﻣﺎﻡ ﺍﻵﻣﺮﻳﻦ ﺑﺎﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﺍﻟﻨﺎﻫﻴﻦ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻨﻜﺮ ”ﺍﻫـ (10)، ﻭﻗﺎﻝ ﺭﺣﻤﻪ
ﺍﻟﻠﻪ : “ﻭﺍﻟﺮﻓﻖ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﻭﺍﻟﻨﻬﻲ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻨﻜﺮ ﻭﻟﻬﺬﺍ ﻗﻴﻞ : ﻟﻴﻜﻦ ﺃﻣﺮﻙ
ﺑﺎﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﺑﺎﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﻭﻧﻬﻴﻚ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻨﻜﺮ ﻏﻴﺮ ﻣﻨﻜﺮ ”ﺍﻫـ (11) .ﺗﻤﺖ ﻭﺍﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ ﺍﻟﺬﻱ
ﺑﻨﻌﻤﺘﻪ ﺗﺘﻢ ﺍﻟﺼﺎﻟﺤﺎﺕ .
ﻛﺘﺒﻪ
ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺃ . ﺩ .ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﺑﺎﺯﻣﻮﻝ ﺣﻔﻈﻪ ﺍﻟﻠﻪ
ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺃﻡ ﺍﻟﻘﺮﻯ
ﻛﻠﻴﺔ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﻭﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﺪﻳﻦ
ﻗﺴﻢ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭ ﺍﻟﺴﻨﺔ
ﺍﻟﻬﻮﺍﻣﺶ
(1) ﺣﺪﻳﺚ ﺣﺴﻦ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﺮﺑﺎﺽ ﺑﻦ ﺳﺎﺭﻳﺔ :t ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﺣﻤﺪ ﻓِﻲ ﺍﻟﻤﺴﻨﺪ /4) 126،
(127 ، ﻭﺍﻟﺪﺍﺭﻣﻲ ﻓِﻲ ﺍﻟﻤﻘﺪﻣﺔ, ﺑﺎﺏ ﺍﺗﺒﺎﻉ ﺍﻟﺴﻨﺔ، ﻭﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ ﻓِﻲ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﻌﻠﻢ, ﺑﺎﺏ ﻣﺎ
ﺟﺎﺀ ﻓِﻲ ﺍﻷﺧﺬ ﺑﺎﻟﺴﻨﺔ ﻭﺍﺟﺘﻨﺎﺏ ﺍﻟﺒﺪﻉ، ﺣﺪﻳﺚ ﺭﻗﻢ (2676)، ﻭﺃﺑﻮ ﺩﺍﻭﺩ ﻓِﻲ ﻛﺘﺎﺏ
ﺍﻟﺴﻨﺔ، ﺑﺎﺏ ﻓِﻲ ﻟﺰﻭﻡ ﺍﻟﺴﻨﺔ، ﺣﺪﻳﺚ ﺭﻗﻢ (4607) ، ﻭﺍﺑﻦ ﻣﺎﺟﻪ ﻓِﻲ ﺍﻟﻤﻘﺪﻣﺔ، ﺑﺎﺏ
ﺍﺗﺒﺎﻉ ﺳﻨﺔ ﺍﻟﺨﻠﻔﺎﺀ ﺍﻟﺮﺍﺷﺪﻳﻦ، ﺣﺪﻳﺚ ﺭﻗﻢ 42)، .(45 ﻭﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ ﻋﻘﺒﻪ :
“ ﻫَﺬَﺍ ﺣَﺪِﻳﺚٌ ﺣَﺴَﻦٌ ﺻَﺤِﻴﺢٌ ﻭَﻗَﺪْ ﺭَﻭَﻯ ﺛَﻮْﺭُ ﺑْﻦُ ﻳَﺰِﻳﺪَ ﻋَﻦْ ﺧَﺎﻟِﺪِ ﺑْﻦِ ﻣَﻌْﺪَﺍﻥَ ﻋَﻦْ ﻋَﺒْﺪِ
ﺍﻟﺮَّﺣْﻤَﻦِ ﺑْﻦِ ﻋَﻤْﺮٍﻭ ﺍﻟﺴُّﻠَﻤِﻲِّ ﻋَﻦْ ﺍﻟْﻌِﺮْﺑَﺎﺽِ ﺑْﻦِ ﺳَﺎﺭِﻳَﺔَ ﻋَﻦْ ﺍﻟﻨَّﺒِﻲِّ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ
ﻧَﺤْﻮَ ﻫَﺬَﺍ ﺣَﺪَّﺛَﻨَﺎ ﺑِﺬَﻟِﻚَ ﺍﻟْﺤَﺴَﻦُ ﺑْﻦُ ﻋَﻠِﻲٍّ ﺍﻟْﺨَﻠَّﺎﻝُ ﻭَﻏَﻴْﺮُ ﻭَﺍﺣِﺪٍ ﻗَﺎﻟُﻮﺍ ﺣَﺪَّﺛَﻨَﺎ ﺃَﺑُﻮ ﻋَﺎﺻِﻢٍ ﻋَﻦْ
ﺛَﻮْﺭِ ﺑْﻦِ ﻳَﺰِﻳﺪَ ﻋَﻦْ ﺧَﺎﻟِﺪِ ﺑْﻦِ ﻣَﻌْﺪَﺍﻥَ ﻋَﻦْ ﻋَﺒْﺪِ ﺍﻟﺮَّﺣْﻤَﻦِ ﺑْﻦِ ﻋَﻤْﺮٍﻭ ﺍﻟﺴُّﻠَﻤِﻲِّ ﻋَﻦْ ﺍﻟْﻌِﺮْﺑَﺎﺽِ
ﺑْﻦِ ﺳَﺎﺭِﻳَﺔَ ﻋَﻦْ ﺍﻟﻨَّﺒِﻲِّ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻧَﺤْﻮَﻩُ ﻭَﺍﻟْﻌِﺮْﺑَﺎﺽُ ﺑْﻦُ ﺳَﺎﺭِﻳَﺔَ ﻳُﻜْﻨَﻰ ﺃَﺑَﺎ ﻧَﺠِﻴﺢٍ
ﻭَﻗَﺪْ ﺭُﻭِﻱَ ﻫَﺬَﺍ ﺍﻟْﺤَﺪِﻳﺚُ ﻋَﻦْ ﺣُﺠْﺮِ ﺑْﻦِ ﺣُﺠْﺮٍ ﻋَﻦْ ﻋِﺮْﺑَﺎﺽِ ﺑْﻦِ ﺳَﺎﺭِﻳَﺔَ ﻋَﻦْ ﺍﻟﻨَّﺒِﻲِّ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ
ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻧَﺤْﻮَﻩُ ” ﺍﻫـ، ﻭ ﺻﺤﺤﻪ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﺍﻷﻟﺒﺎﻧﻲ ﻓِﻲ ﺇﺭﻭﺍﺀ ﺍﻟﻐﻠﻴﻞ /8) (107،
ﺣﺪﻳﺚ ﺭﻗﻢ .(2455)
(2) ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺍﻟﺒﺨـﺎﺭﻱ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻷﺫﺍﻥ، ﺑﺎﺏ ﻓﻀﻞ ﺻﻼﺓ ﺍﻟﻔﺠﺮ ﻓﻲ ﺟﻤﺎﻋﺔ، ﺗﺤﺖ
ﺭﻗﻢ .(650)
(3) ﻓﺘﺢ ﺍﻟﺒﺎﺭﻱ ) 2/138( ، ﻭﺍﻧﻈﺮ ﺇﻏﺎﺋﺔ ﺍﻟﻠﻬﻔﺎﻥ ) 1/205 .(207-
(4) ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﺑﻮﺩﺍﻭﺩ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﻤﻼﺣﻢ ﺑﺎﺏ ﻣﺎ ﺟﺎﺀ ﻓﻲ ﻗﺮﻥ ﺍﻟﻤﺎﺋﺔ، ﺣﺪﻳﺚ ﺭﻗﻢ
.(4291)
(5) ﺍﻧﻈﺮ ﻣﺮﻗﺎﺓ ﺍﻟﻤﻔﺎﺗﻴﺢ ) 2/169(، ﻋﻮﻥ ﺍﻟﻤﻌﺒﻮﺩ ) 11/260 .(
(6)ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﺑﺎﺏ ﺩﻋﺎﺀ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ،
ﺣﺪﻳﺚ ﺭﻗﻢ (7372)، ﻭﻣﺴﻠﻢ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﺪﻋﺎﺀ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﻭﺷﺮﺍﺋﻊ
ﺍﻹﺳﻼﻡ، ﺣﺪﻳﺚ ﺭﻗﻢ .(19)
(7) ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺍﻟﻨﺴﺎﺋﻲ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﺰﻛﺎﺓ، ﺑﺎﺏ ﺗﻔﺴﻴﺮ ﺫﻟﻚ، ﺣﺪﻳﺚ ﺭﻗﻢ (2535)،
ﻭﺃﺑﻮﺩﺍﻭﺩ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﺰﻛﺎﺓ، ﺑﺎﺏ ﻓﻲ ﺻﻠﺔ ﺍﻟﺮﺣﻢ، ﺣﺪﻳﺚ ﺭﻗﻢ .(1691)
(8) ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﺣﻤﺪ ) 3/403(، ﻭﺍﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻋﺎﺻﻢ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﺴﻨﺔ ) 2/737، ﺗﺤﺖ ﺭﻗﻢ
.(1130 ﻗﺎﻝ ﻣﺤﻘﻘﻪ : “ ﺇﺳﻨﺎﺩﻩ ﺻﺤﻴﺢ ” ﺍﻫـ .
(9) ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﺣﻤﺪ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﻨﺪ ) 4/102(، ﻭ ﺃﺑﻮ ﺩﺍﻭﺩ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﺴﻨﺔ، ﺑﺎﺏ ﺷﺮﺡ
ﺍﻟﺴﻨﺔ، ﺣﺪﻳﺚ ﺭﻗﻢ (4597)، ﻭﺍﻵﺟﺮﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ) ﺍﻟﻄﺒﻌﺔ ﺍﻟﻤﺤﻘﻘﺔ( ) 1/132،
ﺗﺤﺖ ﺭﻗﻢ .(31 ﻭﻫﻮ ﺣﺪﻳﺚ ﺻﺤﻴﺢ ﻟﻐﻴﺮﻩ . ﻭﺃﺷﺎﺭ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺇﻟﻰ ﺍﺣﺘﻤﺎﻝ ﺗﻮﺍﺗﺮﻩ .
ﻭﺻﺤﺢ ﺇﺳﻨﺎﺩﻩ ﻣﺤﻘﻖ ﺟﺎﻣﻊ ﺍﻷﺻﻮﻝ ) 10/32(، ﻭﺍﻷﻟﺒﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﺳﻠﺴﻠﺔ ﺍﻷﺣﺎﺩﻳﺚ
ﺍﻟﺼﺤﻴﺤﺔ ﺣﺪﻳﺚ ﺭﻗﻢ (204)، ﻭﺫﻛﺮ ﺟﻤﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻷﺣﺎﺩﻳﺚ ﺗﺸﻬﺪ ﻟﻪ . ﻭﺍﻧﻈﺮ ﻧﻈﻢ
ﺍﻟﻤﺘﻨﺎﺛﺮ ﺹ .34-32
(10) ﻣﻨﻬﺎﺝ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﻨﺒﻮﻳﺔ ) 5/254 ـ .(255
(11) ﺍﻻﺳﺘﻘﺎﻣﺔ ) 2/210 ـ .(211 ﻭﻗﺎﺭﻥ ﺑﻤﺠﻤﻮﻉ ﺍﻟﻔﺘﺎﻭﻯ ) 28/126
بارك الله فيك

صلاة الجماعة للنساء وهـل ترفـع المـرأة صوتها إذا صلت بهن 2024.


سؤال

إذا كانت هناك مجموعة من النساء ولم يكن معهن رجال فهل يصلين جماعة أم تصلي كل واحدة منهن على حدة ؟.

الجواب

الحمد لله

يجوز للنساء صلاة الجماعة وتقوم إمامتهن وسط الصفّ لما جاء عن عائشة رضي الله عنها أنّها كانت تؤمّ النساء تقوم معهن في الصفّ والحديث رواه عبد الرزاق في المصنّف 3/141 والدارقطني 1/404 وغيرهما وهو صحيح بشواهده

وكذلك روت أم الحسن أنها رأت أمّ سلمة رضي الله عنها تؤمّ النساء تقوم معهنّ في صفهنّ رواه ابن أبي شيبة في المصنّف 2/88 وغيره وهو صحيح لغيره

ونقل ابن قدامة رحمه الله الخلاف في استحباب جماعة النساء ثمّ قال عن إمامة النساء : " إذا صلّت بهنّ قامت في وسطهنّ ولا نعلم فيه خلافا بين من رأى أنها تؤمهنّ ، ولأنّ المرأة يستحبّ لها التستّر .. وكونها في وسط الصفّ أستر لها لأنّها تستتر بهنّ من جانبيها .. " المغني 2/202

وقال صاحب المهذّب : " السنّة أن تقف إمامة النساء وسطهنّ لما روي أنّ عائشة وأمّ سلمة أمّتا نساء فقامتا وسطهنّ " 4/295

ولمزيد من البحث يراجع جامع أحكام النساء للعدوي 1/351.

السؤال:

ما حكم العدد اللازم لجماعة النسـاء وهـل ترفـع المـرأة صوتها إذا صلت بهن؟

الإجابة:

إذا كانت تصلي بالنساء فيشرع لها أن تجهر بالقراءة في الصلاة الجهرية حتى تسمعهن ويستفدن من كلام الله عز وجل ولا يشترط لذلك عدد معين، لكن إذا لم يكن معها إلا امرأة واحدة وقفت عن يمينها فإن كن أكثر وقفن عن يمينها وشمالها وكانت الإمامة في الوسط.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مجموع فتاوى و رسائل الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز – المجلد الثاني عشر.

السؤال:

بالنسبة للجهر بالقراءة وبالنسبة لوجوب الإقامة ألا تختلف صلاة الرجل عن صلاة المرأة في هذا؟

الإجابة:

الأذان والإقامة للرجال خاصة، كما جاء بذلك النص، أما النساء فلا إقامة ولا أذان عليهن، أما الجهر فيشرع لها أن تجهر في المغرب والعشاء والفجر كالرجل، لكن الجهر في المغرب والعشاء في الركعتين الأوليين.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مجموع فتاوى و رسائل الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز – المجلد العاشر

بارك الله فيك غاليتي معلومات مفيييييييد ة جدا نفعنا الله بك
في ميزان حسناتك ان شاء الله .
طمنتي قلبي الله يطمن قلبك
كي كنت في الجامعة كنت انا وصحباتي نصلو صلاة الجماعة وكانو يقولولنا بلي لا يجوز
بارك الله فيك وشكراااا

جزاك الله خيرا حبيبتي احلى تقيم.
جزاك الله كل خير
الجيريا
بوركتن أخواتي نفعني الله و إياكن بما علمنا.
جزاك الله خيرا
ام عبد الرحمان المهم معنااااااه ما توقف قدامهم كيما الرااااااااااجل هكااااااااااااااااااااا
نعم أختي نورهان توقف في وسطهم في نفس الصف

منهاج أهل السنة والجماعة في العقيدة والعمل للشيخ العثيمين 2024.

منهاج أهل السنة والجماعة في العقيدة والعمل

ثانياً: طريقة أهل السنة و الجماعة في عبادة الله
طريقتهم أنهم يعبدون الله ، لله ، وبالله ، وفي الله .
أما كونهم يعبدون الله لله فمعنى ذلك الإخلاص يخلصون لله عز وجل لا يريدون بعبادتهم إلا ربهم لا يتقربون إلى أحد سواه ، إنما
{يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ}[الاسراء:57].
ص -18-ما يعبدون الله لأن فلاناً يراهم ، وما يعبدون الله لأنهم يعظمون بين الناس ، ولا يعبدون الله لأنهم يلقبون بلقب العابد لكن يعبدون الله لله .
وأما كونهم يعبدون الله بالله. أي: مستعينين به لا يمكن أن يفخروا بأنفسهم ، أو أن يروا أنهم مستقلون بعبادتهم عن الله ، بل هم محققون لقول الله تعالى:
{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة:5] . فـ {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} يعبدون الله لله ، {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} . يعبدون الله بالله . فيستعينونه على عبادته تبارك وتعالى .
وأما كونهم يعبدون الله في الله أي في دين الله ، في الدين الذي شرعه على ألسنة رسله ، وهم وأهل السنة والجماعة في هذه الأمة يعبدون الله بما شرعه على لسان رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ، لا يزيدون فيه ولا ينقصون منه ، فهم يعبدون الله في الله في شريعته في دينه لا يخرجون عنه لا زيادة ولا نقصاً لذلك كانت عبادتهم هي العبادة الحقة السالمة من شوائب الشرك والبدع ، لأن من قصد غير الله بعبادته فقد أشرك به ، ومن تعبد الله بغير شريعته فقد ابتدع

ص -19-في دينه والله سبحانه وتعالى يقول: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} [البينة: 5] .
فعبادتهم لله في دين الله لا يبتدعون ما تستحسنه أهواؤهم لا أقول ما تستحسنه عقولهم لأن العقول الصحيحة لا تستحسنه الخروج عن شريعة الله لأن لزوم شريعة الله مقتضى العقل الصريح ، ولهذا كان الله سبحانه وتعالى ينعي على المكذبين لرسوله عقولهم ويقول:
{بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ} [العنكبوت:63].
لو كنا نتعبد لله بما تهواه نفوسنا وعلى حسب أهوائنا لكنا فرقاً وشيعاً كل يستحسن ما يريد فيتعبد لله به وحينئذ لا يتحقق فينا وصف الله سبحانه وتعالى في قوله:
{وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَة} [المؤمنون:52] .
ولننظر إلى هؤلاء الذين يتعبدون لله بالبدع التي ما أذن الله بها ولا أنزل بها من سلطان ، كيف كانوا فرقاً يكفر بعضهم بعضاً ويفسق بعضهم بعضاً ، وهم يقولون: إنهم مسلمون

ص -20-لقد كفر بعض الناس ببعض في أمور لا تخرج الإنسان إلى الكفر ولكن الهوى أصمهم وأعمى أبصارهم .
نحن نقول: إننا إذا سرنا على هذا الخط لا نعبد الله إلا في دين الله فإننا سوف نكون أمة واحدة، لو عبدنا الله تعالى بشرعه وهداه لا بهوانا لكنا أمة واحدة فشريعة الله هي الهدى وليست الهوى.
إذاً لو أن أحداً من أهل البدع ابتدع طريقة عقيدة "أي تعود للعقيدة" أو عملية "تعود إلى العمل" من قول أو فعل، ثم قال إن هذه حسنة. والنبي صلى الله عليه و سلم ، يقول:
"من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة"(1).
قلنا له بكل بساطة هذا الحسن الذي ادعيته أنه ثابت في هذه البدعة هل كان خافياً لدى الرسول، عليه الصلاة والسلام، أو كان معلوماً عنده لكنه كتمه ولم يطلع عليه أحد من سلف الأمة حتى ادخر لك علمه؟!
والجواب: إن قال بالأول فشر وإن قال بالثاني فأطم وأشر.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) جزء من حديث رواه مسلم جـ4 كتاب العلم/ باب من سن سنة حسنة أو سيئة.

ص -21-فإن قال: إن الرسول، عليه الصلاة والسلام لا يعلم حسن هذه البدعة ولذلك لم يشرعها.
قلنا: رميت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بأمر عظيم حيث جهلته في دين الله وشريعته.
وإن قال إنه يعلم ولكن كتمه عن الخلق.
قلنا له: وهذه أدهى وأمر لأنك وصفت رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي هو الأمين الكريم وصفته بالخيانة وعدم الجود بعلمه، وهذا شر من وصفه بعدم الجود بماله، مع أنه صلى الله عليه وسلم ، كان أجود الناس! وهنا شر قد يكون احتمالاً ثالثاً بأن الرسول صلى الله عليه وسلم ، علمها وبلغها ولكن لم تصل إلينا.
فنقول له: وحينئذ طعنت في كلام الله عز وجل لأن الله تعالى يقول:
{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9]. وإذا ضاعت شريعة من شريعة الذكر فمعنى ذلك أن الله لم يقم بحفظه بل نقص من حفظه إياه بقدر ما فات من هذه الشريعة التي نزل من أجلها هذا الذكر!!
ص -22-وعلى كل حال فإن كل إنسان يبتدع ما يتقرب به إلى ربه من عقيدة أو عمل قولي أو فعلي فإنه ضال لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل بدعة ضلالة1".
وهذه كلية عامة لا يستثنى منها شيء إطلاقاً فكل بدعة في دين الله فإنها ضلالة وليس فيها من الحق شيء فإن الله تعالى يقول:
{فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ}[يونس:32].
ثم نقول: إن الحديث لا يدل على كل بدعة بل قال: "من سن في الإسلام" وما خرج عن شريعة الرسول ليس من الإسلام بل قد قال: "من سن في الإسلام سنة حسنة" وبهذا نعرف أنه لابد أن تكون هذه السنة مما أثبته الإسلام وإلا ليست سنة في الإسلام ومن علم سبب الحديث الذي ذكرناه علم أن المراد بالسنة المبادرة بالعمل أو السبق إلى تنفيذ سنة كان أسبق الناس بها لأن سبب الحديث معلوم وهو أن جماعة جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وكانوا فقراء فحث المسلمين على التصدق عليهم فأتى رجل من الأنصار بصرة قد أثقلت

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أخرجه مسلم "رقم 867".

ص -23-يده فوضعها بين يديه صلى الله عليه وسلم ، فقال: "من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها". وبهذا عرفنا المراد أن من سنها ليس من شرعها لكن من عمل بها أولاً لأنه بذلك أي بعمله أولاً يكون هو إماماً للناس فيها فيكون قدوة خير وحسنة فيكون له أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة.
ولا يرد على ذلك ما ابتدع من الوسائل الموصلة إلى الأمور المشروعة فإن هذه وإن تلجلج بها أهل البدع وقعدوا بها بدعهم فإنه لا نصيب له منها، إلا أن يكون الراقم على الماء له نصيب من الحروف بارزة في الماء!
أقول: إن بعض الناس يستدلون على تحسين بدعهم التي ابتدعوها في دين الله والتي يلزم منها ما سبق ذكره بما أحدث من الوسائل لغايات محمودة.
احتجوا على ذلك بجمع القرآن، وبتوحيده في مصحف واحد وبالتأليف، وببناء دور العلم وغير ذلك مما هو وسائل لا غايات، فهناك فرق بين الشيء الذي يكون وسيلة إلى غاية محمودة مثبتة شرعاً لكنها لا تتحقق إلا بفعل هذه الوسيلة

ص -24-فهذه الوسيلة طبعاً تتجدد بتجدد الزمن وتختلف باختلاف العصور، ها هو قوله عز وجل: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [الأنفال:60].
وإعداد القوة على عهده عليه الصلاة والسلام غير إعداد القوة في زمننا هذا فإذا ما أحدثنا عملاً معيناً نتوصل به إلى إعداد القوة فإن هذه بدعة وسيلة وليست بدعة غاية يتقرب بها إلى الله ولكنها بدعة وسيلة.
ومن القواعد المقررة عند أهل العلم أن للوسائل أحكام المقاصد وبهذا نعرف أن ما تلجلج به مبتدع الحوادث في دين الله باستدلالهم بمثل هذه القضايا أنه ليس لهم فيها دليل أبداً لأن كل ما حصل فهو وسائل لغايات محمودة.
فجمع القرآن من تصنيف وما أشبه ذلك كله وسائل لغايات هي مشروعة في نفسها.
فيجب على الإنسان أن يفرق بين الغاية والوسيلة فما قصد لذاته فقد تم تشريعه من عند الرسول عليه الصلاة والسلام بما أوحاه الله إليه من الكتاب العظيم ومن السنة المطهرة.

ص -25-ولدينا ولله الحمد آية نتلوها في كتاب الله. وهي قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسلام دِيناً}[المائدة:3].
فلو كان في المحادثات ما يكمل به الدين لكانت قد شرعت وبينت وبلغت وحفظت، ولكن ليس فيها شيء يكون فيه كمال الدين بل نقص في دين الله.
قد يقول بعض الناس: إننا نجد في هذه الحوادث نجد عاطفة دينية ورقة قلبية واجتماعاً عليها.
فنقول: إن الله تعالى أخبر عن الشيطان أنه قال:
{ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ} [الأعراف:17].
يزينها الشيطان في قلب الإنسان ليصده عما خلق له من عبادة الله التي شرع فترضخ النفس بواسطة تسلط الشيطان على المرء حتى يصده عن دين الحق، وقد أخبر الرسول صلى الله عليه و سلم، بأن
"الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم1"


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أخرجه البخاري "رقم 2035"، ومسلم "رقم 2175".

ص -26-بل في القرآن قبل ذلك. قال الله تعالى: {إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ}[النحل:99- 100].
فجعل الله للشيطان سلطاناً على من تولاه وأشرك به أي جعل لله شريكاً به بواسطة الشيطان.
وكل من جعل له متبوعاً في بدعة من دين الله فقد أشرك بالله عز وجل وجعل هذا المتبوع شريكاً لله تعالى في الحكم.
وحكم الله الشرعي والقدري لا شريك له فيه أبداً
{إنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ}[يوسف:40].
وركزت على هذا الأمر لكي يعلم أهل الأحداث المحدثون أنه لا حجة لهم فيما أحدثوه. واعلم رحمك الله انه لا طريق إلى الوصول إلى الله عز وجل وإلى دار كرامته إلا من الطريق الذي وضعه هو سبحانه وتعالى على لسان رسوله صلى الله عليه و سلم.
{وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى} [النحل:60]. لو أن ملكاً من الملوك فتح باباً للدخول عليه وقال من أراد أن يصل إليَّ فليدخل من هذا الباب فما ظنكم بمن ذهب إلى أبواب أخرى هل يصل إليه.

ص -27-كلا بالطبع. والملك العظيم، ملك الملوك، وخالق الخلق جعل طريقاً إليه خاصاً بما جاءه به رسله وعلى رأسهم خاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم ، الذي بعد بعثه لا يمكن لأي بشر أن ينال السعادة إلا من طريقه صلى الله عليه وسلم.
والحقيقة أن تعظيم الرسول صلى الله عليه وسلم ، وأن الأدب مع الرسول صلى الله عليه وسلم ، أن نسلك ما سلك، ونذر ما ترك، وأن لا نتقدم بين يديه فنقول في دينه ما لم يقل، أو نحدث في دينه ما لم يشرع.
هل من محبة الرسول عليه الصلاة والسلام وتعظيمه أن نحدث في دينه شيئاً يقول هو عنه:
"كل بدعة ضلالة". ويقول: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد1".
هل هذا من محبة الرسول؟! أن تشرع في دين الله ما لم يشرع؟
{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [آل عمران:31].

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أخرجه مسلم "رقم 1718".

من عقيدة أهل السنة والجماعة علو اللع عزوجل,وبطلان قول الله موجود في كل الوجود او كل مكان 2024.

من عقيدة أهل السنة
علو الله عزوجل

القرآن الكريم من أوله إلى آخره مليء بما هو إما نص وإما ظاهر في أن الله فوق كل شيء، وأنه عالٍ على خلقه ومستو على عرشه، وقد تنوعت تلك الدلالات، فوردت بأصناف من العبارات، وقد أشار العلماء إلى ذلك التنوع في العبارة، ومن ذلك:
التصريح بالفوقية مقرونة بأداة (من) المعينة لفوقية الذات نحو: {يخافون ربهم من فوقهم} [النحل50]
ذكرها مجردة عن الأداة، كقوله: {وهو القاهر فوق عباده} [الأنعام18]
التصريح بالعروج إليه، نحو: {تعرج الملائكة والروح إليه} [المعارج4]
التصريح بالصعود إليه، كقوله: {إليه يصعد الكلم الطيب} [فاطر10]
التصريح برفعه بعض المخلوقات إليه، كقوله: {بل رفعه الله إليه} [النساء158]، وقوله: {إني متوفيك ورافعك إلي} [آل عمران55]
التصريح بالعلو المطلق الدال على جميع مراتب العلو، ذاتاً وقدراً وشرفاً، كقوله: {وهو العلي العظيم} {وهو العلي الكبير} {إنه علي كبير}
التصريح بتنزيل الكتاب منه، كقوله: {تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم} [الزمر1] {تنزيل من حكيم حميد} [فصلت42] {قل نزله روح القدس من ربك بالحق} [النحل102]
التصريح باختصاص بعض المخلوقات بأنها عنده، وأن بعضها أقرب إليه من بعض، كقوله: {فالذين عند ربك} [فصلت38] وقوله: {وله من في السموات والأرض ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون} [الأنبياء19]
التصريح بأنه سبحانه في السماء، كقوله تعالى: {أأمنتم من في السماء} [الملك16]
التصريح بالاستواء مقروناً بأداة (على) مختصاً بالعرش الذي هو أعلى المخلوقات مصاحباً في الأكثر لأداة (ثم) الدالة على الترتيب والمعنى، كقوله تعالى: {إن ربكم الله الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش} [الأعراف54]

إخباره سبحانه عن فرعون أنه رام الصعود إلى السماء ليطلع إلى إله موسى فيكذبه فيما أخبر به من أنه سبحانه فوق السموات فقال: {يا هامان ابني لي صرحاً لعلي أبلغ الأسباب. أسباب السموات فأطلع إلى إله موسى وإني لأظنه كاذباً} [غافر36-37]، فكذب فرعون موسى في إخباره إياه بأن ربه فوق السماء..

هامش كتاب العرش للذهبي/ الجزء الثاني ص17
منقول

جزاك الله خيرا
وخيرا جزااااك ام ضياء
الجيريا

جزاك الله الفردوس الاعلى
الجيريا
الجيرياالجيريا