فضل الإصلاح بين الناس 2024.

هنيئـًا له .. هنيئـًا له .. ثم هنيئـًا لمن اتصـف بهــذه الصفـة !!

قال رسـول الله صلى الله عليه وسلم ( ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصدقة والصلاة " أي درجة الصيام النافلة وصدقة نافلة والصلاة النافلة " ، فقال أبو الدرداء : قلنا بلى يا رسول الله ، قال : إصلاح ذات البين ) ..

إن الإصلاح بين الناس عبادة عظيمة .. يحبها الله سبحانه وتعالى ..

فالمصلـح هو ذلك الذي يبذل جهده وماله ويبذل جاهه ليصلح بين المتخاصمين .. قلبه من أحسن الناس قلوباً .. نفسه تحب الخير .. تشتاق إليه .. يبذل ماله .. ووقته .. ويقع في حرج مع هـذا ومع الآخر .. ويحمل هموم إخوانه ليصلح بينهما ..

كم بيت كاد أن يتهدّم .. بسبب خلاف سهل بين الزوج وزوجه .. وكاد الطلاق .. فإذا بهذا المصلح بكلمة طيبة .. ونصيحة غالية .. ومال مبذول .. يعيد المياه إلى مجاريها .. ويصلح بينهما ..

كم من قطيعة كادت أن تكون بين أخوين .. أو صديقين .. أو قريبين .. بسبب زلة أو هفوة .. وإذا بهذا المصلح يرقّع خرق الفتنة ويصلح بينهما ..

كم عصم الله بالمصلحين من دماء وأموال .. وفتن شيطانية .. كادت أن تشتعل لولا فضل الله ثم المصلحين ..

فهنيئـاً عبـاد الله لمـن وفقـه الله للإصلاح بين متخاصمين أو زوجين أو جارين أو صديقين أو شريكين أو طائفتين .. هنيئاً له .. هنيئاً له .. ثم هنيئاً له ..

قال نبيكم صلى الله عليه وسلم ( ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصدقة والصلاة " أي درجة الصيام النافلة وصدقة نافلة والصلاة النافلة " ، فقال أبو الدرداء : قلنا بلى يا رسول الله ، قال : إصلاح ذات البين )

تأمل لهذا الحديث عبد الله " إصلاح ذات البين وفساد ذات البيـن هي الحارقة " ..

الجيريا

أحبتي في الله ..

إن ديننا دين عظيم .. يتشوّف إلى الصلح .. ويسعى له .. وينادي إليه .. ويحبّب لعباده درجته .. فأخبر سبحانه أن الصلح خير قال تعالى " فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما والصلح خير "

قال أنس رضي الله عنه ( من أصلح بين اثنين أعطـاه الله بكل كلمة عتق رقبة ) .. وقال الأوزاعي : ما خطوة أحب إلى الله عز وجل من خطوة من إصلاح ذات البين ومن أصلح بين اثنين كتب الله له براءة من النار ..

عباد الله ..

أجاز الإسلام أيضاً الكذب للإصلاح بين أهل الخصومة فقـال عليه الصلاة والسلام " ليس الكـذّّاب الذي يصلح بين الناس ويقول وينمي خيراً " .. قال ابن بابويه " إن الله أحب الكذب في الإصلاح وأبغض الصدق في الإفساد " فتنبهوا لذلك ..

عباد الله ..

إن الخلاف أمر طبيعي .. ولا يسلم منه أحد من البشر .. خيرة البشر حصل بينهم الخلاف فكيف بغيرهم !!

فقد يكون بينك وبين أخيك .. أو ابن عمك أو أحد أقاربك .. أو زوجك .. أو صديقك شي من الخلاف فهذا أمر طبيعي فلا تنزعج له .. قال تعالى " ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك "

هـاهم أهل قباء .. صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم .. الذين أنزل الله فيهم قوله " فيهم رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين " .. هؤلاء القوم حصل بينهم خلاف .. حتى رمز بعضهم بعضاً بالحجارة .. فذهب إليهم النبي ليصلح بينهم !!

وهذا أبـو بكر وعمر حصل بينهما شي من الخلاف .. فليس العيب الخلاف أو الخطأ .. ولكن العيب هو الاستمرار والاستسلام للأخطاء !!

فعلينا عباد الله أن نتحرّر من ذلك بالصلح والمصافحة والمصالحة .. والتنازل والمحبة .. والأخوة حتى تعود المياه إلى مجاريها ..

قال نبيك صلى الله عليه وسلم .. وتأمل لهذا الحديث " تُفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس فيُغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئا إلا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء .. فيقال : انظروا هذين حتى يصطلحا .. انظروا هذين حتى يصطلحا .. انظروا هذين حتى يصطلحا "

فاتق الله عبد الله .. واصطلح مع أخيك .. وارجع إليه حتى تعود المياه إلى مجاريها ..

عباد الله ..

البدار .. البدر .. سارع إلى أن تصلح مع إخوانك وأقاربك .. البعض هداهم الله قد يؤخر .. فإذا توفى الله أحد إخوانه أو أحد أقاربه .. وقف عند قبره يبكي ويندم .. وهذا البكاء لا ينفع عباد الله !!

رأيت مرة رجلاً يبكي عند قبر .. فسألت عنه قال : هذا قبر أخي .. فقلت أدعُ الله له ..
فقال : فلما كان أخي حياً كنت في قطيعة معه في مدة تزيد على 10 سنوات .. لا أزوره ولا أسلم عليه أيام العيد لا أحضر لأمازحه .. وبعد الموت يأتي ويبكي على قبره .. وماذا ينفع البكـاء !!

أحبتي في الله ..

قد يقول قائل : أريد أن أذهب إلى فلان لأصلح معه لكن أخشى أن يردني أولا يستقبلني أو لا يعرف قدر مجيئي إليه !

نبيك صلى الله عليه وسلم يقول لك اذهب إليه ولو طردك .. ولو تكلم عليك .. اذهب إليه المرة الأولى .. والثانية .. والثالثة .. وسارع إليه بالهدية .. ابتسم في وجهه .. تلطّف معه ..

يقول نبيك ( وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً ) .. فأنت إذا عفوت زادك لله عزا .. وإذا أصلحت زادك الله عزا .. وإن طردك ولم يفتح لك الباب رجعت فإن هذه أمنية يتمناها سلف الأمة !! .. إنها دليل على طهارة القلب وزكاته .. قال تعالى " وإن قيل لكم ارجعوا فرجعوا هو أزكى لكم " .. فتنبّـه لذلك عبد الله ..

عبد الله ..

إن البعض قد يهتم بالإصلاح .. ويريد أن يصلح .. لكن يبقى عليه قضية من حوله من المؤثرات .. من بعض أقاربه .. أو بعض أصدقائه .. أو بعض أهل السوء .. الذين يسعون ويمشون بالنميمة ..

فإذا أردت أن تصلح .. قالوا أأنت مجنون ؟ أصابك الخور ؟ ..

فانتــبه من ذلك النمام .. الذي إذا أردت أن تصلح .. اجتهد هو أن يبعدك عن إخوانك !! .. قال تعالى " ولا تطع كل حلاف مهين ، هماز مشاء بنميم ، مناع للخير معتد أثيم ، عتل بعد ذلك زنيم "

فهو يمشي بالنميمة لا خير فيه .. ولا أصل له .. ولا أرض يركن إليها .. إنما هو شر في شر يقوم بعمل الشيطان " إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء " ..

فتأمل لذلك عبد الله .. انتبه من هؤلاء .. ولا تلتفت إليه .. وانظر إليه نظرة احتقار وسخرية وقل أنت لا خير فيك أريد الصلح وأنت تريد الشر ماذا تريد ؟ ثم بعد ذلك اطرده من مجلسك ولا يكن له حظ معك ..

عبد الله .. جرّب الصلح هذا اليوم .. اتصل .. على ما بينك وبينه خصومة .. وتلطّف معه .. لعل هذا الاتصال أن يكون سبباً بعد رحمة الله لمغفرة ذنوبك .. " ألا تحبون أن يغفر الله لكم " ..

اذهب إليه .. إن أناس ذهبوا لكي يجلسوا مع أولئك الخصوم لمدة ربع ساعة أو نصف ساعة .. فصار مجلسهم مجلس خير !! .. فجلسوا معهم الساعات الطوال .. حتى أن بعضهم يقول : والله كنت أتمنى أن أنام معه تلك الليلة من شــدة الفرح والأنس والألفة والمحبة ..يقول من سنوات لم أكلمه .. ثم بعد ذلك رجع إليه ..

جرّب عبد الله .. ولا تجعل للشيطان مدخلاً إليك ..

الجيريا

أحبتي في الله ..

وعلى المصلح أن يتأدب بآداب الإصلاح ومن أعظمها :

1 ـ أن يخلص النية لله فلا يبتغي بصلحه مالاً أو جاهاً أو رياء أو سمعة وإنما يقصد بعمله وجه الله " ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجراً عظيماً " .

2 ـ وعليه أيضا أن يتحرّى العدل ليحذر كل الحذر من الظلم " فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين " .

3 ـ ليكن صلحك مبنياً على علم شرعي وحبذا أن تشاور العلماء في ذلك وأن تدرس القضية من جميع جوانبها وأن تسع كلام كل واحد منهما ..

4 ـ لا تتعجل في حكمك وتريّث الأمر فالعجلة قد يُفسد فيها المصلح أكثر مما أصلح !!

5 ـ عليك أن تختار الوقت المناسب للصلح بين المتخاصمين بمعنى أنك لا تأتي للإصلاح حتى تبرد القضية ويخف حدة النزاع وينطفئ نار الغضب ثم بعد ذلك تصلح بينهما .

6 ـ والأهم أيضا التلطّف في العبارة فتقول : يا أبا فلان أنت معروف بكذا وكذا وتذكر محامده ومحاسن أعماله ويجوز لك التوسع في الكلام ولو كنت كاذباً ثم تحذّره من فساد ذات البين وأنها هي الحارقة تحرق الدين .. فالعداوة والبغضاء لا خير فيها والنبي عليه الصلاة والسلام قال " لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث فيعرض هذا ويعرض هذا " ثم قال عليه السلام " وخيرهما الذي يبدأ بالسلام " .

واجبنا تجاه المصلح

علينا أحبتي في الله إذا أتانا المصلح .. الذي يريد الإصلاح .. أن نفتح له أبوابنا وقلوبنا وأن ندعو له وأن نقول له : جزاك الله عنا خيرا .. ثم بعد ذلك نكون سهلين في يده .. نكـون ليّنين في يده .. وإذا طلب منا طلباً أو طلب منا أن نتنازل عن شي فعلينا أن نُقبل إلى ذلك ..

عبد الله .. عباد الله .. تذكروا الموت .. كم من ميّت الآن في قبره وضعه أحب الناس في قبره !! .. وقد كان بينه وبين ذلك خصومة فإذا ما تذكر موته وإذا ما تذكر تلك الحياة التي بينهما ندم ثم لا ينفع الندم !!

فاتقوا الله عباد الله .. وأصلحوا ذات بينكم .. ابتعدوا عن الدنيا كلها .. لماذا تهجر أخوانك عبد الله ؟ .. أللأجل مال أو من أجل قطعة أرض أو من أجل أمور دنيويـة لا خير فيها !!

تنبّه لذلك عبد الله .. وعليك أن تُرجع المياه إلى مجاريها .. وأن تصلح بين إخوانك وبين أحبابك .. فما هو الخير الذي في الحياة بعد عبادة الله .. إذا هجر الإنسان إخوانه وأحبابه وأحب الناس إليه .. فتنبهوا لذلك عباد الله ..

اللهم طهر قلوبنا من الغل والحسد والغش .. اللهم طهر قلوبنا من الغل والحسد والغش .. اللهم أصلح بيننا وبين أقاربنا .. اللهم أصلح بيننا وبين أحبابنا .. اللهم اجعل الحياة زيادة لنا في كل خير والموت راحة لنا من كل شر برحمتك يا أرحم الراحمين ..

منقول للفائدة

الإصلاح في القرآن (مفهومُه وميادينه ومسالكُه) 2024.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إنَّ المتَتَبِّعَ للمواضع التي ذُكِر فيها الإصلاحُ في القرآن يظهر له بوضوح ـ لا يدع مجالاً للشكِّ ـ أنَّ هذه الكلمة وما يتفرَّع منها من ألفاظ واشتقاقات، وما يُستوحى منها من معانٍ ومدلولات، قد تبوّأت مكانًا عليًّا في هذا الكتاب، إذْ عُدَّتْ من جملة أخلاقه وفضائله التي دعا إليها وحثَّ على التزامها والتَّحلِّي بها، ويكفي للدِّلالة على أهميَّتها وبروزها أنْ ذُكِرت أكثرَ من مائةٍ وسبعين مرَّة بأساليبَ متنوِّعةٍ وسياقاتٍ مختلفةٍومدلولات تَخْلُصُ إلى أنَّ كلَّ ما يؤدِّي إلى الكفِّ عن المعاصي ومجانبة الفساد، أو إلى فعلِ الطَّاعات واتِّباع الرَّشاد فهو إصلاح.

فالإصلاح ـ ومنه الصَّلاح ـ كما يقولُ أهل اللُّغة والبيانِ : نقيضُ الإفساد، وهما مختصَّان في أكثر الاستعمال بالأفعال، وقُوبِلَ في القرآن تارةً بالفساد، وتارةً بالسَّيِّئَةِ.
فمِنَ الأوَّلِ قولُه تعالى: ﴿وَلاَ تُفْسِدُوا فِي الأَرضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا﴾ [الأعراف: 56]، ومِنَ الثَّاني قوله تعالى: ﴿خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا﴾ [التوبة: 102].
وممَّا يُشَرِّفُ الإصلاحَ ويجعله آيةَ الصَّلاح ودليلَ الفلاحِ أنَّ اللهَ تولاَّه بنفسه استحقاقًا وفضلاً، ونسبَه إلى نفسِه الكريمةِ صفةً وفعلاً، وحملَ عليه هذا الإنسانَ حثًّا وترغيبًا ليكون لرسالته أهلاً، فكان إصلاحُه له تارةً بخَلْقِه إيَّاهُ صالحًا، وتارةً بإزالةِ ما فيهِ منْ فسادٍ بعد وُجودِه، وتارةً بالحكم له بالصَّلاح كما قال تعالى :﴿وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ﴾ [محمد: 2]، ﴿وَأَصْلِحْ لِي ذُرِّيَّتِي﴾[الأحقاف: 15]، ﴿يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ﴾[الأحزاب: 71]، ﴿إِنَّ اللهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ﴾ [يونس: 81].
ومن هُنا يتبيَّن مَدَى التَّلاَزُم الموجودِ بين الصَّلاح والإصلاح، وكلاهُما أَشَادَ بهما القرآنُ بحيث لا يَنْفَكُّ أحدُهما عن الآخر؛ لأنَّ الصَّلاح يكون في النَّفس أوَّلاً ثم يتعدَّى إلى الإصلاح للنَّفس، وبوجُودهما تكتملُ الفضيلةُ ويؤولُ التَّغيير إلى استقامةِ الحال.
لكن في الإصلاح معنًى زائدًا على الصَّلاح، وهو ما يحصُل فيه منَ النَّفْعِ المتعدِّي بخلاف الصَّلاح الَّذي قد لا يتعدَّى النَّفع القاصر، وإن كان مِن لازمِه أن يُؤَدِّيَ إلى الإصلاح؛ لأنَّه ثمرةٌ له؛ ولذا قالوا: «الصَّالحون يبنون أنفسَهم، والمصلِحُون يبنون غيرَهم«.
وقد جعل الله من مِنَنِهِ على المصْطَفَيْنَ من عباده إصلاحَ أعمالهم وتوفيقَهم لعمل الصَّالحات؛ فقال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ﴾ [الأحزاب: 71]، وقال: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْسَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ﴾ [محمد: 2]
وفي طليعةِ من أصلحَهم الله وجعلَهم أئمَّةً في الصَّلاح والإصلاح الرُّسلُ عليهم السَّلام، كما قال في حقِّ خليله إبراهيم: ﴿وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ﴾[البقرة: 130]، وقال في حقِّ عيسى: ﴿وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ﴾ [آل عمران: 46]، وقال في غيرهم: ﴿وَزَكَرِيَّاوَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِّنَ الصَّالِحِينَ﴾ [الأنعام: 85]، وقال: ﴿وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِّنَالصَّابِرِينَ وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُم مِّنَ الصَّالِحِينَ﴾[الأنبياء: 85-86]

وإذا كانت مهمّةُ الرُّسلِ والأنبياءِ الإبلاغَ والإنذارَ وإقامةَ الحجَّة على النَّاس، فهي لا تخرج عن كونها مهمَّةَ إصلاحٍ وتغييرِ ما حلَّ بالأَنْفُسِ والهِمم، والشُّعوب والأُمَمِ من فسادِ التَّصوُّر والاعتقاد، وانحرافِ العبادة والسُّلوك، وسوءِ التَّعامل والتَّدبير، قال تعالى على لسان شعيب ؛ في معرض قيامه بواجب النُّصحوالتَّذكير لقومه: ﴿إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ﴾[هود: 88]، ولما اسْتَخْلَفَ نبيُّ الله موسى أخاه هارونَ ـ عليه السلام ـ في قومه أوصاه بقوله: ﴿اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلاَ تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ﴾[الأعراف: 142].
ولهذا رَبط الله في كثيرٍ من الآياتِ بين ذكر التَّوبةِ وذكرِ الإصلاحِ، ففي التَّوبة التَّخلُّص من الذنوبِ والمآثمِ، وفي الإصلاح السُّمُوُّ بالنَّفس إلى حيث الفضائلُ والمكارمُ، وفي هذا إشارةٌ إلى ما يعبِّر عنه العلماءُ ﺑـ «التَّخْلِيَةِ وَالتَّحْلِيَةِ»؛ فكلُّ مُصْلِحٍ يبدأ بالتَّوبةِ للتَّطهير ورفعِ الأدناسِ، لينتهيَ إلى إحداث التَّغييرِ وإصلاحِ النَّاس، وفي هذا يقولُ الله: ﴿فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌرَّحِيمٌ﴾ [المائدة: 39]، ويقول: ﴿إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَاعْتَصَمُواْ بِاللّهِ وَأَخْلَصُواْ دِينَهُمْ لِلّهِ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً﴾ [النساء: 146].
ويقول: ﴿ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُواْ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُواْ إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ [النحل: 119].
وممَّا يدلُّ على فضيلةِ الإصلاح اتِّساعُ ميادينه ورحابةُ مجالاتِه، فَبِقَدْرِ ما تكثُر بين النَّاس المنازعاتُ،وترتفعُ في مجالسهم الخصوماتُ، ويتهدَّدُ بناءُ الأُسَرِ والبُيُوتَاتِ وتَسُوءُ علاقاتُ الأفرادِ والجماعاتِ، بقدرِ ما تكثُر ميادينُ الإصلاح وتَتَّسِعُ حلولُه وتتعدَّدُ أساليبُه وطرقُه حتَّى إنَّه لَيَسَعُ النَّاسَ في دمائِهم وأموالهم وأقوالهم وأفعالهم وكلِّ ما يقعُ فيه الإفسادُ والاعوجاجُ وتَطولُه يَدُ البغيِ والإجرامِ.
إنَّه إصلاحٌ شاملٌ وعادلٌ يجمع بين متخاصِمين، ويقرِّب بين متباعدين، ويَمْحُو شحناءَ المتعاديَين، يبدأ من الأهل وذَوِي الأرحامِ، ليعمَّ الأنسابَ والجيرانَ والخِلاَّن والإخوان إلى أن ينتهي بعموم الناس على اختلاف مشاربهم وطبائعهم بلا تخاذلٍ أو تهاونٍ، ودون تَعَلُّلٍ أو تَسويغ، قال الله تعالى: ﴿وَلاَ تَجْعَلُواْ اللّهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ أَن تَبَرُّواْ وَتَتَّقُواْ وَتُصْلِحُواْ بَيْنَ النَّاسِ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: 224] أي لا تَتَعَلَّلُوا بالأَيْمَانِ لتتركوا البِرَّ والتَّقوى والإصلاح بين الناس.
للإصلاحِ في الأسرة وبيتِ الزَّوجيةِ دورٌ في الحفاظ على كَيَانِهَا وأفرادِها قبل اسْتِعْصَاء الحلول وتفاقُمِ المُشكِلاتِ، قال تعالى: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَماً مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحاً يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا﴾[النساء: 35]، وقال تعالى: ﴿وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ﴾ [النساء: 128].
وله بين أصحابِ الحقوق في الوصايَا والأوقاف والولاياتِ إسهامٌ في حفظِ عقودِهم ومعاملاتهم ورعاية شؤُونهم وصَوْنِها من الجَوْرِ والانحراف ومن تعرُّضِها للإهمال والضَّياع، قال تعالى: ﴿فَمَنْ خَافَ مِن مُّوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾[البقرة: 128]، وقال في شأن اليتامى: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَالْمُصْلِحِ﴾[البقرة: 220].
وأمَّا في نطاق جماعةِ المؤمنين وطوائفِ المسلمين فَلَهُ سُلْطَانُ الحُكْمِ عليهم وإلزامُهم بما يحفَظ عليهم وِئَامَهُمْ ويقوِّي أَوَاصِرَهُم ويدفعُهم إلى تقوى الله وطاعته كما في قوله في مطلع سورة الأنفال: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ لِلّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُممُّؤْمِنِينَ﴾[الأنفال: 1].
وحتّى في الحالات الشَّاذَّة التي قد يصل فيها الأمر إلى التَّقاطع والتَّدابر؛ بل إلى التَّقاتل والتَّناحُرِ، فإنَّ الله نَدَب إلى الإصلاح لما فيه من قطع السَّبيل على الأعداء، وحفظِ الأموال وحَقنِ الدِّماء، فقال جلَّ ذِكرُه:﴿وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا﴾[الحجرات: 9].
وإذا كان إفسادُ ذاتِ البَيْنِ يَحْلِقُ الدِّينَ، ويُذْكِي العَدَوات ويفرِّق بين الأحباب ويزيل ودَّ الأصحاب، فإنَّ إصلاحَ ذاتِ البَيْنِ يُذهب وَغَرَ الصَّدْرِ، ويَلُمُّ الشَّمْلَ، ويعيدُ الوِئامَ ويُصلِح ما فَسَد على مَرِّ الأيَّامِ، فهو لهذا مَبْعَثُ الأمنِ والاستقرار، ومَنْبَعُ الأُلْفَةِ والمحبَّة، ومصدرُ الهدوء والاطمئنان، وآيةُ الاتّحاد والتّكاتف، ودليلُ الأخوَّة وبرهانُ الإيمان، قال تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْتُرْحَمُونَ﴾[الحجرات: 10].
وللإصلاح في كتاب الله فِقْهٌ لا بدَّ أن يُفهم ويُسمع، ومَسلكٌ يَجِبُ أن يُقْتَفَى ويُتَّبَعَ وإلاَّ آلَتْ جهودُ المُصلحين إلى الفشل، وعَجزت مساعيهم عن إصلاح العَطَلِ أو تَدَارُكِ الخَلَلِ، وأوَّل ما ينبغي العمل به في أوَّل خطوة من خطوات التَّغيير والإصلاح، تصحيحُ النِّيَّة وتسخيرُ القصدِ لابتغاء مرضاةِ الله وحدَه، وتجنُّبِ الأهداف الشَّخصية والأغراض الدُّنيوية الزَّائلة، قال تعالى: ﴿لاَ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراًعَظِيماً﴾[النساء: 114].
وهذا فقهٌ في الإصلاح دقيقٌ؛ لأنَّ فَشَلَ كثيرٍ منْ مَسَاعِي الصُّلْحِ فَبِسَبَبِ تَسَرُّبِ الأخبارِ وفُشُوِّالأحاديث وتَشْوِيشِ الفُهُوم ممَّا يعكِّر أجواء الاتِّصال، ويقضي على رُوح المبادرةِ والامتثالِ.
والحاصل أنَّ للإصلاح في القرآن ميدانًا رَحبًا، تضيقُ الخُطَبُ والمقالاتُ عن سَرْدِهِ وتناوله، ويَكفيه شرفًا وفضلاً أنَّ كلَّ ما أدَّى إلى الطَّاعة وامتثال الأمر والتمسُّك بالكتاب فهو إصلاحٌ والمتحلِّي به هو من المُصْلِحِين ﴿وَالَّذِينَ يُمَسَّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ﴾[الأعراف: 170].
وأنَّ المُصلِحَ يكون في نجاةٍ وأَمْنٍ ونعمةٍ إذا حلَّ بالمفسدين العقابُ والخوفُ والنِّقْمَةُ، ﴿فَلَوْلاَ كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُوْلُواْ بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مَا أُتْرِفُواْ فِيهِ وَكَانُواْ مُجْرِمِينَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ﴾[هود: 116-117].
وأنَّه لا صَلاح ولا إصلاح يُعيد للأمَّة الإسلاميَّة اليومَ ما فَقَدَتْهُ من عزِّ الأخلاقِ وسُمُوِّ المنزلةِ وشَرَفِ السُّؤْدَدِ إلاَّ بما صَلَحَ عليه الأوَّلون من رجالاتها وأبنائها، ونسائها وبناتها.
فاللَّهم أصلحْ للمسلمين أحوالَهُم وخُذْ بأيديهم إلى مَرَاتِعِ الصَّلاح، ووفِّقهم لسلوك سبيل الإصلاح في كلّ ما يأتون ويَذَرون ويقولون ويفعلون إنَّك وليُّ ذلك والقادر عليه.



موقع راية الاصلاح

بارك الله فيك حنان جعله في ميزان حسناتك
وفيك بارك الله ام مصعب

ولك مثل الجزاء وزيادة
شكرا لمرومرك العطر

بارك الله وجزاك خيرا ونفع بك
اللَّهم أصلحْ للمسلمين أحوالَهُم وخُذْ بأيديهم إلى مَرَاتِعِ الصَّلاح، ووفِّقهم لسلوك سبيل الإصلاح في كلّ ما يأتون ويَذَرون ويقولون ويفعلون إنَّك وليُّ ذلك والقادر عليه.
آميين

جزاك الله خيرا اخية
و انار دربك و شافاك و عافاك
اسال الله السميع العليم ان يصلح احوال المسلمين و المسلمات
ويهديهم الى سبيله انه على كل شئ قدير
جزاك الله كل خير اختي على هذا الطرح القيم.
وفيك بارك الله ام عبد الرحمن

امين يا رب
شكرا لمرورك الطيب

ولك مثل الجزاء وزيادة ام عبد الماجد
امين يا رب ولكم بالمثل
شكرا لمرورك الطيب
ولك مثل الجزاء وزيادة
شكرا لمروركم الطيب الجيريا

الإصلاح بين الناس من عمل المرسلين 2024.

الحمد لله شرح صدور المؤمنين فانقادوا لطاعته، وحبَّبَ إليهم الإيمان وزينه في قلوبهم، وأصلي وأسلم على خاتم النبيين محمد الصادق الأمين.

وبعدُ:
فإنَّ الإصلاح بين النّاس موضوع له خطره وأثره، فالقائمُ بالإصلاح بين الناس يتعرضُ كثيرًا للاتهام من الطرفين، لأنه يمثلُ الحقيقة في وضوحها، ولا يمكن أن يحيد، وقد يحدث أن كلا الطرفين أو أحدهما لا يرضى بالحقيقة، فلا بد له من الصبر الواسع على هذا الأمر العظيم، وله أجر عند ربه سبحانه وتعالى، فإن إصلاح ذات البين يُذهب وغر الصدور ويجمعُ الشملَ ويضمُّ الجماعة ويزيل الفرقة، والإصلاحُ بين الناس في دين الله مبعثُ الأمن والاستقرار، ومنبع الألفة والمحبة، ومصدر الهدوء والطمأنينة، إنه آية الاتحاد والتكاتف، ودليل الأخوة وبرهان الإيمان.

قال الله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} [الحجرات: 10]. والصلح خيرٌ تهبُّ به على القلوب المتجافية رياحُ الأنس ونسماتُ النَّدى، صلحٌ تسكنُ به النفوسُ، ويتلاشى به النزاعُ، الصلحُ نهجٌ شرعيٌ يُصانُ به الناسُ وتُحفظُ به المجتمعات من الخصام والتفككِ.

بالصلح تُستجلب المودات وتعمر البيوتات، ويبثُ الأمنُ في الجنبات، ومن ثَمَّ يتفرغُ الرجالُ للأعمالِ الصالحةِ، يتفرغون للبناءِ والإعمار بدلاً من إفناءِ الشهورِ والسنواتِ في المنازعاتِ، والكيدِ في الخصومات، وإراقة الدماءِ وتبديد الأموال، وإزعاج الأهلِ والسلطاتِ، وقد أمر الله تعالى بإصلاح ذات البين وجعله عنوانَ الإيمان، فقال تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ قُلِ الأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [الأنفال: 1].

إصلاح في نطاق جماعة المؤمنين وطوائفهم:
قال الله تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} [الحجرات: 9].

وإصلاحٌ في نطاق الأسرة وبيتِ الزوجية:
قال الله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا} [النساء: 35]. وقال تعالى: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء: 128].

وإصلاح بين الأفراد: قال الله تعالى: {وَلاَ تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ} [البقرة: 224]. إصلاح يعدلُ بين اثنين، ويجمعُ بين متهاجرين، ويقرِّبُ بين مُتظالمين، يُقادان إلى صلح لا يحلُّ حرامًا، ولا يحرِّم حلالاً.
إصلاحٌ بين أصحاب الحقوق في الوصايا والأوقاف:
قال الله تعالى: {فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 182]. ووعد سبحانه وتعالى من أصلح بين الناس إيمانًا واحتسابًا أن يؤتيه أجرًا عظيمًا، فقال تعالى: {لاَ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: 114].

والإصلاح بين الناس وظيفة المرسلين لا يقوم بها إلا أولئك الذين أطاعوا ربهم، وشرفت نفوسهم وصفت أرواحهم يقومون به، لأنهم يحبون الخير والهدوء ويكرهون الشر حتى عند غيرهم من الناس، ويمقتون الخلاف حتى عند غيرهم، ويجدون في إحباط كيد الخائنين.

ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلح بنفسه بين المتخاصمين، عن سهل بن سعد –رضي الله عنه- أن أهل قباءٍ اقتتلوا حتى تراموا بالحجارة، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك، فقال: «اذهبوا بنا نصلح بينهم» (البخاري: 2693).

وعن عمرة بنت عبد الرحمن قالت: سمعت عائشة تقول: "سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم صوت خصوم بالباب، عالية أصوتهما، وإذا أحدهما يستوضع الآخر ويسترفقه في شيء، وهو يقول: والله لا أفعل، فخرج عليهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «أين المتألي على الله، لا يفعل المعروف؟» فقال: أنا يا رسول الله، فله أيّ ذلك أحب" (متفق عليه).

معنى المتألي: الحالف. معنى يستوضعه: يسأله أن يضع عنه بعض دَيْنه. ويسترفقه: يسأله الرفق.
فعندما رأى النبي صلى الله عليه وسلم يستنكر عمله، عدل عن رأيه، واستجاب لفعل الخير، وقد قامت في نفسه داوفعه إرضاءً لله ولرسوله.

والشاهد: من ذلك خروجه صلى الله عليه وسلم للإصلاح بينهما، وكان صلى الله عليه وسلم يرغّب في إصلاح ذات البين ويحث عليه: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {كل سلامى من الناس عليه صدقة، كل يوم تطلع فيه الشمس، يعدل بين الاثنين صدقة، ويعين الرجل على دابته، فيحمل عليها، أو يرفع عليها متاعه صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، وكل خطوة يخطوها إلى الصلاة صدقة، ويميط الأذى عن الطريق صدقة} (متفق عليه).

وبيَّن صلى الله عليه وسلم أن أفضل الصدقات الإصلاح بين الناس:
عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة» قالوا: بلى يا رسول الله، قال: «إصلاح ذات البين، فإن فساد ذات البين هي الحالقة» (صحيح الترغيب: 2814). فبين صلى الله عليه وسلم أن درجة المصلح بين الناس أفضلُ من درجة الصائمين والمصلين والمتصدقين.

وعن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أفضل الصدقة إصلاح ذات البين» (صحيح الترغيب: 2817).
وعن أنس -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي أيوب: «ألا أدلك على تجارة؟» قال: بلى. قال: «صِلْ بين الناس إذا تفاسدوا، وقرب بينهم إذا تباعدوا» (صحيح الترغيب: 2818).

عن أبي أيوب -رضي الله عنه- قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا أبا أيوب: ألا أدلك على صدقة يحبها الله ورسوله؟ تصلح بين الناس إذا تباغضوا وتفاسدوا» (صحيح الترغيب: 2820).

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما عُمِلَ شيءٌ أفضل من الصلاة، وصلاح ذات البين، وخُلُق جائز بين المسلمين» (صحيح الترغيب: 2816). والإمام الأوزاعي -رحمه الله- يقول: "ما خطوةٌ أحب إلى الله عز وجل من خطوة في إصلاح ذات البين".

ولقد بلغت العناية بالصلح بين المسلمين إلى أنه رُخِّص فيه بالكذب مع قباحته وشناعته وشدة تحريمه.
عن أُم كلثوم -رضي الله عنها- أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس، فينمي خيرًا، أو يقول خيرًا» (متفق عليه). -فينمي خيرًا: أي يبلغ خيرًا- وفي رواية عنها -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "«لم يكذب من نمى بين اثنين ليصلح»".

بل ذهب التشريعُ إلى إباحة المسألة لمن تحمل غرامة، تقديرًا لعظم الفعل، واعترافًا بأهمية الدور.
عن قبيصة بن المخارق -رضي الله عنه- قال: "تحملت حمالةً -يعني: غرامة- فأتيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم أسأله فيها، فقال: «أقم حتى تأتينا الصدقة فنأمر لك بها». ثم قال: «يا قبيصة، إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة: رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك، ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله فحلت له المسألة حتى يصيب قوامًا من عيش، ورجل أصابته فاقة حتى يقول ثلاثة من ذوي الحجة من قومه: لقد أصاب فلانًا فاقة، فحلت له المسألة حتى يصيب قوامًا من عيش ثم يمسك، فما سواهن من المسألة فسحت يأكلها صاحبها سحتًا»" (مختصر مسلم: 568).

فالدِّينُ الإسلامي الحنيف أوجب على العقلاء من الناس أن يتوسطوا بين المختاصمين، ويقوموا بإصلاح ذات بينهم، ويلزموا المعتدي أن يقف عند حده، درءًا للمفاسد المترتبة على الخلاف والنزاع، ومنعًا للفوضى والخصام، وأقوم الوسائل التي تصفو بها القلوب من أحقادها.

وللإصلاح فقهٌ ومسالكُ دلت عليها نصوص الشرع، وسار عليها المصلحون المخلصون.
إن من فقه الإصلاح: صلاح النية، وابتغاء مرضاة الله، وتجنب الأهواء الشخصية والمنافع الدنيوية، إذا تحقق الإخلاصُ حلَّ التوفيقُ، وجرى التوافق، وأُنزل الثباتُ في الأمر والعزيمةُ على الرشد، أما من قصد بإصلاحه الترؤس والرياءَ وارتفاعَ الذِّكرِ والاستعلاءَ فبعيدٌ أن ينال ثوابَ الآخرة، وحريٌّ ألا يحالف التوفيق مسعاه، قال الله تعالى: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: 114].

ومن فقه الإصلاح: سلوكُ مسلك السرِّ والنجوى، فلئن كان كثيرٌ من النجوى مذمومًا، فإن ما كان من صدقةٍ أو معروفٍ أو إصلاح بين الناس فهو محمودٌ مستثنى، قال الله تعالى: {لاَ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ} [النساء: 114]. فلعلَّ فشلَ كثيرٍ من مساعي الصلح ولجانه: فشوُّ الأحاديث، وتسرب الأخبار، وعلى المصلح أن يخبر بما علمه من الخير، ويسكت عما علمه من الشرِّ.

وليعلم المصلح أن الشر لا يطفأ بالشر، كما أن النار لا تطفأ بالنار، ولكنه بالخير يُطفأ، فلا تسكن الإساءة إلا بالإحسان، ولهذا فقد يحتاجُ المتنازعان إلى أن يتنازلا عن بعض الحقِّ فيما بينهما،
وعلى المصلح أن يعلم أن النفوسَ مجبولةٌ على الشحِّ وصعوبةِ الشكائم، مما يستدعي بذلاً في طولِ صبرٍ وأناةٍ، امتثالاً لأمر الله تعالى: {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} [النساء: 128].

ولكن في مقابل هذه النفوس الشحيحة يترقى أصحابُ المروءات من المصلحين الأخيار ليبذلوا ويغرموا، نعم يبذلون الوقت والجهد، ويصرفون المال والجاه، ولقد قدَّر الإسلام مروءتهم، وحفظ لهم معروفهم، فجعل في حساب الزكاة ما يحملُ عنهم غرامتهم، قال الله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [سورة التوبة: 60].

والغارمون قسمان:
أحدهما: الغارمون لإصلاح ذات البين.
والثاني: من غرم لنفسه ثم أعسر، فإنه يُعطى ما يُوفِّى به دينه.
وعلى المصلح أن يذكِّر بما جاء في كتاب الله تعالى، وسنة النبي صلى الله عليه وسلم من الترغيب في العفو والترهيب في القطيعة.

وأخيرًا فليكن شعار المصلح قول نبي الله شعيب عليه السلام: {قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} [هود: 88].

وأن يجعل كل امرئ نفسه ميزانًا بينه وبين إخوانه المسلمين، فما يحبه لنفسه يحبه لهم، وما يكرهه لنفسه يكرهه لهم، وحسب العبد ما جاء عن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه» (مسلم: 1844/ 1472، 1473/ 3).

وبذلك تستقيم الأمور بإذن الله، وهذا الأمر يحتاج إلى صبر جميل، وإذا أُهمل هذا الأمر الصلح بين الناس عمَّ الشر القريب والبعيد، وأهلك النفوس والأموال، وقضى على الأواصر، وقطع ما أمر الله به أن يوصل من وشائج الرحم والقرابة، وذهب بريح الجماعة، قال الله تعالى: {وَلاَ تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} [الأنفال: 46].

والحمد لله رب العالمين.
المصدر: الكـاتب: عبده أحمد الأقرع

اشكرك على موضوعك
عسى الصراط ممشاك و الكوثر مسقاك
و الفردوس مكانك و رؤية الرحمن مناك
لاحـــرمك الله اجر ماقدمـت وجعـله الله نــورا
فــي صحيفــــة اعمـالك

التغيير والإصلاح عند أهل السنة والجماعة . 2024.

ﺑﺎﺯﻣﻮﻝ : ﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ﻭﺍﻹﺻﻼﺡ ﻋﻨﺪ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻭﺍﻟجماعة

ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﺑﺎﺯﻣﻮﻝ ﺣﻔﻈﻪ ﺍﻟﻠﻪ :

ﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ﺳﻨﺔ ﻛﻮﻧﻴﺔ : ﺇﻥ ﺍﻟﺘﻐﻴﺮ ﺳﻨﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻓﻲ ﺧﻠﻘﻪ،ﻭﻗﺪ ﺟﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ
ﺍﻟﻌﺮﺑﺎﺽ ﺑﻦ ﺳﺎﺭﻳﺔ ﻗﺎﻝ “ ﻭﻋﻈﻨﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻳﻮﻣﺎً ﺑﻌﺪ ﺻﻼﺓ
ﺍﻟﻐﺪﺍﺓ ﻣﻮﻋﻈﺔ ﺑﻠﻴﻐﺔ ﺫﺭﻓﺖ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﻌﻴﻮﻥ ﻭﻭﺟﻠﺖ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﻓﻘﺎﻝ ﺭﺟﻞ ﺇﻥ ﻫﺬﻩ
ﻣﻮﻋﻈﺔ ﻣﻮﺩﻉ ﻓﻤﺎﺫﺍ ﺗﻌﻬﺪ ﺇﻟﻴﻨﺎ ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻗﺎﻝ : ﺃﻭﺻﻴﻜﻢ ﺑﺘﻘﻮﻯ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺍﻟﺴﻤﻊ
ﻭﺍﻟﻄﺎﻋﺔ ﻭﺇﻥ ﻋﺒﺪٌ ﺣﺒﺸﻲ ﻓﺈﻧﻪ ﻣﻦ ﻳﻌﺶ ﻣﻨﻜﻢ ﻳﺮﻯ ﺍﺧﺘﻼﻓﺎً ﻛﺜﻴﺮﺍً ﻭﺇﻳﺎﻛﻢ ﻭﻣﺤﺪﺛﺎﺕ
ﺍﻷﻣﻮﺭ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺿﻼﻟﺔ ﻓﻤﻦ ﺃﺩﺭﻙ ﺫﻟﻚ ﻣﻨﻜﻢ ﻓﻌﻠﻴﻪ ﺑﺴﻨﺘﻲ ﻭﺳﻨﺔ ﺍﻟﺨﻠﻔﺎﺀ ﺍﻟﺮﺍﺷﺪﻳﻦ
ﺍﻟﻤﻬﺪﻳﻴﻦ ﻋﻀﻮﺍ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﺎﻟﻨﻮﺍﺟﺬ .”
ﻭﻓﻲ ﻟﻔﻆ ﺍﺑﻦ ﻣﺎﺟﻪ ﻗﺎﻝ : ﻓﻘﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ : ” ﻗﺪ ﺗﺮﻛﺘﻜﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﻴﻀﺎﺀ ﻟﻴﻠﻬﺎ
ﻛﻨﻬﺎﺭﻫﺎ ﻻ ﻳﺰﻳﻎ ﻋﻨﻬﺎ ﺑﻌﺪﻱ ﺇﻻ ﻫﺎﻟﻚ ﻣﻦ ﻳﻌﺶ ﻣﻨﻜﻢ ﻓﺴﻴﺮﻯ ﺍﺧﺘﻼﻓﺎً ﻛﺜﻴﺮﺍً ﻓﻌﻠﻴﻜﻢ
ﻣﺎ ﻋﺮﻓﺘﻢ ﻣﻦ ﺳﻨﺘﻲ ﻭﺳﻨﺔ ﺍﻟﺨﻠﻔﺎﺀ ﺍﻟﺮﺍﺷﺪﻳﻦ ﺍﻟﻤﻬﺪﻳﻴﻦ ﻋﻀﻮﺍ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﺎﻟﻨﻮﺍﺟﺬ ﻭﻋﻠﻴﻜﻢ
ﺑﺎﻟﻄﺎﻋﺔ ﻭﺇﻥ ﻋﺒﺪﺍً ﺣﺒﺸﻴﺎً ﻓﺈﻧﻤﺎ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻮﻥ ﻛﺎﻟﺠﻤﻞ ﺍﻷﻧﻒ ﺣﻴﺜﻤﺎ ﻗﻴﺪ ﺍﻧﻘﺎﺩ .(1)” ﻭﻣﺤﻞ
ﺍﻟﺸﺎﻫﺪ ﻗﻮﻟﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : “ ﻭﻣﻦ ﻳﻌﺶ ﻣﻨﻜﻢ ﻓﺴﻴﺮﻯ ﺍﺧﺘﻼﻓﺎً ﻛﺜﻴﺮﺍ ”، ﻭﻫﺬﺍ
ﻣﻌﻨﺎﻩ ﺣﺪﻭﺙ ﺗﻐﻴﺮ ﺑﻌﺪ ﻭﻓﺎﺗﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ .ﻭﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺻﺤﺔ ﻣﺎ ﺫﻛﺮﺗﻪ ﻟﻚ
ﻣﺎ ﺟﺎﺀ ﻋﻦ ﺳَﺎﻟِﻢ ﻗَﺎﻝَ : ﺳَﻤِﻌْﺖُ ﺃُﻡَّ ﺍﻟﺪَّﺭْﺩَﺍﺀِ ﺗَﻘُﻮﻝُ : ﺩَﺧَﻞَ ﻋَﻠَﻲَّ ﺃَﺑُﻮ ﺍﻟﺪَّﺭْﺩَﺍﺀِ ﻭَﻫُﻮَ ﻣُﻐْﻀَﺐٌ
ﻓَﻘُﻠْﺖُ : ﻣَﺎ ﺃَﻏْﻀَﺒَﻚَ؟ ﻓَﻘَﺎﻝَ : ﻭَﺍﻟﻠَّﻪِ ﻣَﺎ ﺃَﻋْﺮِﻑُ ﻣِﻦْ ﺃُﻣَّﺔِ ﻣُﺤَﻤَّﺪٍ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺷَﻴْﺌًﺎ
ﺇِﻟَّﺎ ﺃَﻧَّﻬُﻢْ ﻳُﺼَﻠُّﻮﻥَ ﺟَﻤِﻴﻌًﺎ .(2)”
ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺤﺎﻓﻆ ﺍﺑﻦ ﺣﺠﺮ ) ﺕ 852ﻫـ( : “ ﻗﻮﻟﻪ : ) ﻳﺼﻠﻮﻥ ﺟﻤﻴﻌﺎ( ﺃﻱ : ﻣﺠﺘﻤﻌﻴﻦ،
ﻭﺣﺬﻑ ﺍﻟﻤﻔﻌﻮﻝ ﻭﺗﻘﺪﻳﺮﻩ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﺃﻭ ﺍﻟﺼﻠﻮﺍﺕ، ﻭﻣﺮﺍﺩ ﺃﺑﻲ ﺍﻟﺪﺭﺩﺍﺀ ﺃﻥ ﺃﻋﻤﺎﻝ
ﺍﻟﻤﺬﻛﻮﺭﻳﻦ ﺣﺼﻞ ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻌﻬﺎ ﺍﻟﻨﻘﺺ ﻭﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ﺇﻻ ﺍﻟﺘﺠﻤﻴﻊ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻼﺓ، ﻭﻫﻮ ﺃﻣﺮ
ﻧﺴﺒﻲ ﻷﻥ ﺣﺎﻝ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﻲ ﺯﻣﻦ ﺍﻟﻨﺒﻮﺓ ﻛﺎﻥ ﺃﺗﻢ ﻣﻤﺎ ﺻﺎﺭ ﺇﻟﻴﻪ ﺑﻌﺪﻫﺎ، ﺛﻢ ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﺯﻣﻦ

ﺍﻟﺸﻴﺨﻴﻦ ﺃﺗﻢ ﻣﻤﺎ ﺻﺎﺭ ﺇﻟﻴﻪ ﺑﻌﺪﻫﻤﺎ ﻭﻛﺄﻥ ﺫﻟﻚ ﺻﺪﺭ ﻣﻦ ﺃﺑﻲ ﺍﻟﺪﺭﺩﺍﺀ ﻓﻲ ﺃﻭﺍﺧﺮ ﻋﻤﺮﻩ
ﻭﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﺃﻭﺍﺧﺮ ﺧﻼﻓﺔ ﻋﺜﻤﺎﻥ، ﻓﻴﺎ ﻟﻴﺖ ﺷﻌﺮﻱ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﺍﻟﻔﺎﺿﻞ
ﺑﺎﻟﺼﻔﺔ ﺍﻟﻤﺬﻛﻮﺭﺓ ﻋﻨﺪ ﺃﺑﻲ ﺍﻟﺪﺭﺩﺍﺀ ﻓﻜﻴﻒ ﺑﻤﻦ ﺟﺎﺀ ﺑﻌﺪﻫﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﺒﻘﺎﺕ ﺇﻟﻰ ﻫﺬﺍ
ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ؟ (3)” ، ﻓﺎﻟﺘﻐﻴﺮ ﺣﺎﺻﻞ ﻓﻲ ﺍﻷﻣﺔ، ﻭﻟﺬﻟﻚ ﺃﺧﺒﺮ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻴﻤﺎ ﺟﺎﺀ
ﺍﻟﺨﺒﺮ ﻋﻦ ﺗﺠﺪﻳﺪ ﺍﻟﺪﻳﻦ . ﻋَﻦْ ﺃَﺑِﻲ ﻫُﺮَﻳْﺮَﺓَ ﻓِﻴﻤَﺎ ﺃَﻋْﻠَﻢُ ﻋَﻦْ ﺭَﺳُﻮﻝِ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ
ﻭﺳﻠﻢ ﻗَﺎﻝَ : “ ﺇِﻥَّ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻳَﺒْﻌَﺚُ ﻟِﻬَﺬِﻩِ ﺍﻟْﺄُﻣَّﺔِ ﻋَﻠَﻰ ﺭَﺃْﺱِ ﻛُﻞِّ ﻣِﺎﺋَﺔِ ﺳَﻨَﺔٍ ﻣَﻦْ ﻳُﺠَﺪِّﺩُ ﻟَﻬَﺎ
ﺩِﻳﻨَﻬَﺎ (4)”، ﻭﺍﻟْﻤُﺮَﺍﺩ ﻣِﻦْ ﺍﻟﺘَّﺠْﺪِﻳﺪ : ﺇِﺣْﻴَﺎﺀ ﻣَﺎ ﺍِﻧْﺪَﺭَﺱَ ﻣِﻦْ ﺍﻟْﻌَﻤَﻞ ﺑِﺎﻟْﻜِﺘَﺎﺏِ ﻭَﺍﻟﺴُّﻨَّﺔ ﻭَﺍﻟْﺄَﻣْﺮ
ﺑِﻤُﻘْﺘَﻀَﺎﻫُﻤَﺎ ﻭَﺇِﻣَﺎﺗَﺔ ﻣَﺎ ﻇَﻬَﺮَ ﻣِﻦْ ﺍﻟْﺒِﺪَﻉ ﻭَﺍﻟْﻤُﺤْﺪَﺛَﺎﺕ (5)، ﻓﺎﻟﺘﻐﻴﺮ ﻭﺍﻻﺧﺘﻼﻑ ﻋﻤﺎ ﻛﺎﻥ
ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻷﻭﻝ ﺣﺎﺻﻞ، ﻭﻋﻼﺟﻪ ﺑﺎﻟﺮﺟﻮﻉ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺪﻳﻦ، ﻭﻫﻮ ﺍﻹﺻﻼﺡ . ﺿﻮﺍﺑﻂ ﺍﻹﺻﻼﺡ
ﻋﻨﺪ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻭﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺔ : ﻣﻨﻬﺞ ﺍﻹﺻﻼﺡ ﻋﻨﺪ ﺃﺗﺒﺎﻉ ﺍﻟﺴﻠﻒ ﺍﻟﺼﺎﻟﺢ : ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺴﻨﺔ
ﻭﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﻣﻀﺒﻮﻁ ﺑﺨﻤﺴﺔ ﺿﻮﺍﺑﻂ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ:

ﻟﻀﺎﺑﻂ ﺍﻷﻭﻝ :
ﺃﻥ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﺍﻹﺻﻼﺡ ﺍﻷﻭﻝ ﻭﺍﻷﺳﺎﺱ ﻫﻮ ﻋﺒﺎﺩﺓ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺗﻮﺣﻴﺪﻩ، ﻭﻫﺬﻩ ﻫﻲ ﺩﻋﻮﺓ
ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ؛ ﺇﺫ ﻛﻞ ﻧﺒﻲ ﺃﺭﺳﻠﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺇﻟﻰ ﻗﻮﻣﻪ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﻤﻮﺿﻮﻉ، ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ﴿ﻭَﻟَﻘَﺪْ ﺑَﻌَﺜْﻨَﺎ
ﻓِﻲ ﻛُﻞِّ ﺃُﻣَّﺔٍ ﺭَﺳُﻮﻻً ﺃَﻥِ ﺍﻋْﺒُﺪُﻭﺍ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻭَﺍﺟْﺘَﻨِﺒُﻮﺍ ﺍﻟﻄَّﺎﻏُﻮﺕَ ﻓَﻤِﻨْﻬُﻢْ ﻣَﻦْ ﻫَﺪَﻯ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﻭَﻣِﻨْﻬُﻢْ ﻣَﻦْ
ﺣَﻘَّﺖْ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﺍﻟﻀَّﻼﻟَﺔُ ﻓَﺴِﻴﺮُﻭﺍ ﻓِﻲ ﺍﻟْﺄَﺭْﺽِ ﻓَﺎﻧْﻈُﺮُﻭﺍ ﻛَﻴْﻒَ ﻛَﺎﻥَ ﻋَﺎﻗِﺒَﺔُ ﺍﻟْﻤُﻜَﺬِّﺑِﻴﻦَ
]﴾ﺍﻟﻨﺤﻞ .[36: ﻓﻬﺬﺍ ﻧﻮﺡ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻳﻘﻮﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ﴿ﻟَﻘَﺪْ ﺃَﺭْﺳَﻠْﻨَﺎ ﻧُﻮﺣﺎً ﺇِﻟَﻰ ﻗَﻮْﻣِﻪِ
ﻓَﻘَﺎﻝَ ﻳَﺎ ﻗَﻮْﻡِ ﺍﻋْﺒُﺪُﻭﺍ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻣَﺎ ﻟَﻜُﻢْ ﻣِﻦْ ﺇِﻟَﻪٍ ﻏَﻴْﺮُﻩُ ﺇِﻧِّﻲ ﺃَﺧَﺎﻑُ ﻋَﻠَﻴْﻜُﻢْ ﻋَﺬَﺍﺏَ ﻳَﻮْﻡٍ ﻋَﻈِﻴﻢٍ
]﴾ﺍﻷﻋﺮﺍﻑ .[59: ﻭﻫﺬﺍ ﻫﻮﺩ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ ﻳﻘﻮﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ﴿ﻭَﺇِﻟَﻰ ﻋَﺎﺩٍ ﺃَﺧَﺎﻫُﻢْ
ﻫُﻮﺩﺍً ﻗَﺎﻝَ ﻳَﺎ ﻗَﻮْﻡِ ﺍﻋْﺒُﺪُﻭﺍ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻣَﺎ ﻟَﻜُﻢْ ﻣِﻦْ ﺇِﻟَﻪٍ ﻏَﻴْﺮُﻩُ ﺃَﻓَﻼ ﺗَﺘَّﻘُﻮﻥَ]﴾ﺍﻷﻋﺮﺍﻑ .[65: ﻭﻫﺬﺍ
ﺻﺎﻟﺢ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ، ﻳﻘﻮﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ﴿ﻭَﺇِﻟَﻰ ﺛَﻤُﻮﺩَ ﺃَﺧَﺎﻫُﻢْ ﺻَﺎﻟِﺤﺎً ﻗَﺎﻝَ ﻳَﺎ ﻗَﻮْﻡِ
ﺍﻋْﺒُﺪُﻭﺍ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻣَﺎ ﻟَﻜُﻢْ ﻣِﻦْ ﺇِﻟَﻪٍ ﻏَﻴْﺮُﻩُ ﻗَﺪْ ﺟَﺎﺀَﺗْﻜُﻢْ ﺑَﻴِّﻨَﺔٌ ﻣِﻦْ ﺭَﺑِّﻜُﻢْ ﻫَﺬِﻩِ ﻧَﺎﻗَﺔُ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﻟَﻜُﻢْ ﺁﻳَﺔً
ﻓَﺬَﺭُﻭﻫَﺎ ﺗَﺄْﻛُﻞْ ﻓِﻲ ﺃَﺭْﺽِ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﻭَﻻ ﺗَﻤَﺴُّﻮﻫَﺎ ﺑِﺴُﻮﺀٍ ﻓَﻴَﺄْﺧُﺬَﻛُﻢْ ﻋَﺬَﺍﺏٌ ﺃَﻟِﻴﻢٌ
]﴾ﺍﻷﻋﺮﺍﻑ .[73: ﻭﻫﺬﺍ ﺷﻌﻴﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ، ﻳﻘﻮﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ﴿ﻭَﺇِﻟَﻰ ﻣَﺪْﻳَﻦَ
ﺃَﺧَﺎﻫُﻢْ ﺷُﻌَﻴْﺒﺎً ﻗَﺎﻝَ ﻳَﺎ ﻗَﻮْﻡِ ﺍﻋْﺒُﺪُﻭﺍ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻣَﺎ ﻟَﻜُﻢْ ﻣِﻦْ ﺇِﻟَﻪٍ ﻏَﻴْﺮُﻩُ ﻗَﺪْ ﺟَﺎﺀَﺗْﻜُﻢْ ﺑَﻴِّﻨَﺔٌ ﻣِﻦْ ﺭَﺑِّﻜُﻢْ
ﻓَﺄَﻭْﻓُﻮﺍ ﺍﻟْﻜَﻴْﻞَ ﻭَﺍﻟْﻤِﻴﺰَﺍﻥَ ﻭَﻻ ﺗَﺒْﺨَﺴُﻮﺍ ﺍﻟﻨَّﺎﺱَ ﺃَﺷْﻴَﺎﺀَﻫُﻢْ ﻭَﻻ ﺗُﻔْﺴِﺪُﻭﺍ ﻓِﻲ ﺍﻟْﺄَﺭْﺽِ ﺑَﻌْﺪَ
ﺇِﺻْﻼﺣِﻬَﺎ ﺫَﻟِﻜُﻢْ ﺧَﻴْﺮٌ ﻟَﻜُﻢْ ﺇِﻥْ ﻛُﻨْﺘُﻢْ ﻣُﺆْﻣِﻨِﻴﻦَ ] ﺍﻷﻋﺮﺍﻑ .[85: ﻭﻫﺬﺍ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ
ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ، ﻳﻘﻮﻝ ﺗﺒﺎﺭﻙ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ : ﴿ﻭَﺇِﺑْﺮَﺍﻫِﻴﻢَ ﺇِﺫْ ﻗَﺎﻝَ ﻟِﻘَﻮْﻣِﻪِ ﺍﻋْﺒُﺪُﻭﺍ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻭَﺍﺗَّﻘُﻮﻩُ ﺫَﻟِﻜُﻢْ
ﺧَﻴْﺮٌ ﻟَﻜُﻢْ ﺇِﻥْ ﻛُﻨْﺘُﻢْ ﺗَﻌْﻠَﻤُﻮﻥَ]﴾ﺍﻟﻌﻨﻜﺒﻮﺕ [16:، ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﻓﻌﻠﻪ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ
ﻭﺳﻠﻢ ﻟﻤﺎ ﺑﻌﺚ ﻣﻌﺎﺫﺍ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻴﻤﻦ . ﻋﻦ ﺍﺑْﻦَ ﻋَﺒَّﺎﺱ ﻳَﻘُﻮﻝُ : “ ﻟَﻤَّﺎ ﺑَﻌَﺚَ ﺍﻟﻨَّﺒِﻲُّ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ
ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻣُﻌَﺎﺫَ ﺑْﻦَ ﺟَﺒَﻞٍ ﺇِﻟَﻰ ﻧَﺤْﻮِ ﺃَﻫْﻞِ ﺍﻟْﻴَﻤَﻦِ ﻗَﺎﻝَ ﻟَﻪُ : ﺇِﻧَّﻚَ ﺗَﻘْﺪَﻡُ ﻋَﻠَﻰ ﻗَﻮْﻡٍ ﻣِﻦْ ﺃَﻫْﻞِ
ﺍﻟْﻜِﺘَﺎﺏِ ﻓَﻠْﻴَﻜُﻦْ ﺃَﻭَّﻝَ ﻣَﺎ ﺗَﺪْﻋُﻮﻫُﻢْ ﺇِﻟَﻰ ﺃَﻥْ ﻳُﻮَﺣِّﺪُﻭﺍ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﺗَﻌَﺎﻟَﻰ ﻓَﺈِﺫَﺍ ﻋَﺮَﻓُﻮﺍ ﺫَﻟِﻚَ ﻓَﺄَﺧْﺒِﺮْﻫُﻢْ
ﺃَﻥَّ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻗَﺪْ ﻓَﺮَﺽَ ﻋَﻠَﻴْﻬِﻢْ ﺧَﻤْﺲَ ﺻَﻠَﻮَﺍﺕٍ ﻓِﻲ ﻳَﻮْﻣِﻬِﻢْ ﻭَﻟَﻴْﻠَﺘِﻬِﻢْ ﻓَﺈِﺫَﺍ ﺻَﻠَّﻮْﺍ ﻓَﺄَﺧْﺒِﺮْﻫُﻢْ ﺃَﻥَّ
ﺍﻟﻠَّﻪَ ﺍﻓْﺘَﺮَﺽَ ﻋَﻠَﻴْﻬِﻢْ ﺯَﻛَﺎﺓً ﻓِﻲ ﺃَﻣْﻮَﺍﻟِﻬِﻢْ ﺗُﺆْﺧَﺬُ ﻣِﻦْ ﻏَﻨِﻴِّﻬِﻢْ ﻓَﺘُﺮَﺩُّ ﻋَﻠَﻰ ﻓَﻘِﻴﺮِﻫِﻢْ ﻓَﺈِﺫَﺍ ﺃَﻗَﺮُّﻭﺍ
ﺑِﺬَﻟِﻚَ ﻓَﺨُﺬْ ﻣِﻨْﻬُﻢْ ﻭَﺗَﻮَﻕَّ ﻛَﺮَﺍﺋِﻢَ ﺃَﻣْﻮَﺍﻝِ ﺍﻟﻨَّﺎﺱِ (6)” ، ﻭﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﻣﺎ ﺧﻠﻖ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺍﻟﺠﻦ
ﻭﺍﻹﻧﺲ ﻟﻪ، ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ﴿ﻭَﻣَﺎ ﺧَﻠَﻘْﺖُ ﺍﻟْﺠِﻦَّ ﻭَﺍﻟْﺄِﻧْﺲَ ﺇِﻟَّﺎ ﻟِﻴَﻌْﺒُﺪُﻭﻥِ]﴾ﺍﻟﺬﺍﺭﻳﺎﺕ .[56:
ﻓﺎﻟﺬﻳﻦ ﻳﺪﻋﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﻹﺻﻼﺡ ﻭﻳﺠﻌﻠﻮﻥ ﺩﻋﻮﺗﻬﻢ ﺍﻹﺻﻼﺣﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺃﻭ
ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ، ﺃﻭ ﺗﻮﺯﻳﻊ ﺍﻟﺜﺮﻭﺓ، ﺃﻭ ﻧﺤﻮ ﺫﻟﻚ ﻓﻬﺆﻻﺀ ﻋﻤﻠﻮﺍ ﻋﻤﻼً ﻟﻴﺲ ﻋﻠﻴﻪ
ﺃﻣﺮ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻬﻮ ﺭﺩ ﻋﻠﻴﻬﻢ، ﻓﻤﻦ ﺃﺭﺍﺩ ﺍﻹﺻﻼﺡ ﻭﻟﻢ ﻳﺠﻌﻞ ﻫﺬﺍ
ﻫﻮ ﻣﻮﺿﻮﻋﻪ ﻭﻣﻘﺼﺪﻩ، ﻓﻘﺪ ﺧﺎﻟﻒ ﻣﻨﻬﺞ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ ، ﻭﺗﺮﻙ ﻣﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻹﺻﻼﺡ ﺍﻟﺸﺮﻋﻲ
ﻋﻨﺪ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻭﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺔ، ﻭﺍﻧﻈﺮ ﻓﻲ ﻣﻦ ﻳﺰﻋﻢ ﺍﻹﺻﻼﺡ ﻭﻳﺘﺴﻤﻰ ﺑﺎﺳﻤﻪ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻳﺎﻡ،
ﺗﺠﺪﻩ ﻣﺨﺎﻟﻔﺎً ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﻀﺎﺑﻂ ﺍﺷﺪ ﺍﻟﻤﺨﺎﻟﻔﺔ، ﻓﺘﻮﺯﻳﻊ ﺍﻟﺜﺮﻭﺓ ﻫﺠﻴﺮﺍﻩ ﻟﻴﻞ ﻧﻬﺎﺭ، ﻭ ﻣﻨﺎﺯﻋﺔ
ﺍﻷﻣﺮ ﺃﻫﻠﻪ، ﺩﻳﺪﻧﻪ؛ﻓﻼ ﺷﺄﻥ ﻟﻪ ﻣﻊ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻀﺎﺑﻂ ﺃﺻﻼً، ﺇﻻ ﻣﻦ ﺑﺎﺏ ﺫﺭ ﺍﻟﺮﻣﺎﺩ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﻌﻴﻮﻥ ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ
ﺍﻟﻀﺎﺑﻂ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ :
ﺍﻹﺻﻼﺡ ﻳﺒﺪﺃ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺮﺩ، ﻻ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ، ﻭ ﻻ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺎﻛﻢ، ﻭ ﻻ ﻣﻦ ﻏﻴﺮﻩ، ﺇﻧﻤﺎ ﻛﻞ
ﺇﻧﺴﺎﻥ ﻳﺒﺪﺃ ﺑﻨﻔﺴﻪ، ﻓﻴﺼﻠﺤﻬﺎ ﻭﺃﺩﻧﺎﻩ ﻓﺄﺩﻧﺎﻩ، ﻭﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻳﻘﻮﻝ : ﴿ﺇِﻥَّ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻻ ﻳُﻐَﻴِّﺮُ ﻣَﺎ
ﺑِﻘَﻮْﻡٍ ﺣَﺘَّﻰ ﻳُﻐَﻴِّﺮُﻭﺍ ﻣَﺎ ﺑِﺄَﻧْﻔُﺴِﻬِﻢْ ﻭَﺇِﺫَﺍ ﺃَﺭَﺍﺩَ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﺑِﻘَﻮْﻡٍ ﺳُﻮﺀﺍً ﻓَﻼ ﻣَﺮَﺩَّ ﻟَﻪُ ﻭَﻣَﺎ ﻟَﻬُﻢْ ﻣِﻦْ ﺩُﻭﻧِﻪِ
ﻣِﻦْ ﻭَﺍﻝٍ ] ﺍﻟﺮﻋﺪ : ﻣﻦ ﺍﻵﻳﺔ [11 ، ﻓﺎﻟﺒﺪﺀ ﺑﺎﻟﻨﻔﺲ، ﺛﻢ ﺍﻷﻗﺮﺏ ﻓﺎﻷﻗﺮﺏ، ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ﴿
ﻭَﺃَﻧْﺬِﺭْ ﻋَﺸِﻴﺮَﺗَﻚَ ﺍﻟْﺄَﻗْﺮَﺑِﻴﻦَ]﴾ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ .[214:ﻋَﻦْ ﺃَﺑِﻲ ﻫُﺮَﻳْﺮَﺓَ ﻗَﺎﻝَ : ﻗَﺎﻝَ ﺭَﺳُﻮﻝُ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﺻَﻠَّﻰ
ﺍﻟﻠَّﻪُ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠَّﻢَ : “ ﺗَﺼَﺪَّﻗُﻮﺍ! ﻓَﻘَﺎﻝَ ﺭَﺟُﻞٌ : ﻳَﺎ ﺭَﺳُﻮﻝَ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﻋِﻨْﺪِﻱ ﺩِﻳﻨَﺎﺭٌ؟ ﻗَﺎﻝَ : ﺗَﺼَﺪَّﻕْ ﺑِﻪِ
ﻋَﻠَﻰ ﻧَﻔْﺴِﻚَ . ﻗَﺎﻝَ : ﻋِﻨْﺪِﻱ ﺁﺧَﺮُ؟ ﻗَﺎﻝَ : ﺗَﺼَﺪَّﻕْ ﺑِﻪِ ﻋَﻠَﻰ ﺯَﻭْﺟَﺘِﻚَ . ﻗَﺎﻝَ : ﻋِﻨْﺪِﻱ ﺁﺧَﺮُ . ﻗَﺎﻝَ :
ﺗَﺼَﺪَّﻕْ ﺑِﻪِ ﻋَﻠَﻰ ﻭَﻟَﺪِﻙَ ﻗَﺎﻝَ : ﻋِﻨْﺪِﻱ ﺁﺧَﺮُ؟ ﻗَﺎﻝَ : ﺗَﺼَﺪَّﻕْ ﺑِﻪِ ﻋَﻠَﻰ ﺧَﺎﺩِﻣِﻚَ ﻗَﺎﻝَ : ﻋِﻨْﺪِﻱ
ﺁﺧَﺮُ ﻗَﺎﻝَ : ﺃَﻧْﺖَ ﺃَﺑْﺼَﺮُ .(6)” ﻓﺈﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﻓﻲ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﺼﺪﻗﺔ ﻓﻤﺎ ﺑﺎﻟﻚ ﻓﻲ ﺃﻣﺮ
ﺍﻹﺻﻼﺡ؟! ﻓﻄﺮﻳﻖ ﺍﻹﺻﻼﺡ ﻳﺒﺪﺃ ﺑﺎﻟﻔﺮﺩ . ﻭﺻﻼﺡ ﺍﻟﻔﺮﺩ ﺻﻼﺡ ﺍﻷﺳﺮﺓ، ﻭﺻﻼﺡ
ﺍﻷﺳﺮﺓ ﺻﻼﺡ ﺍﻟﺤﻲ، ﻭﺻﻼﺡ ﺍﻟﺤﻲ ﺻﻼﺡ ﺍﻟﺒﻠﺪ، ﻭﺻﻼﺡ ﺍﻟﺒﻠﺪ ﺻﻼﺡ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ، ﻭﺻﻼﺡ
ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺻﻼﺡ ﺍﻷﻣﺔ، ﻭﺻﻼﺡ ﺍﻷﻣﺔ ﺻﺎﻟﺢ ﺍﻷﺭﺽ ﺟﻤﻴﻌﺎً، ﻓﺎﻟﺒﺪﺀ ﺑﺎﻟﻨﻔﺲ ﻫﻮ ﺍﻷﺳﺎﺱ،
ﻓﺎﺑﺪﺃ ﺑﻨﻔﺴﻚ ﻓﺎﻧﻬﻬﺎ ﻋﻦ ﻏﻴﻬﺎ ﻓﺈﻥ ﺍﻧﺘﻬﺖ ﻓﺄﻧﺖ ﺣﻜﻴﻢ
ﺍﻟﻀﺎﺑﻂ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ :
ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ، ﻭﻗﺪ ﺑﻮﺏ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﻓﻲ ﺻﺤﻴﺤﻪ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﻌﻠﻢ : “ﺑَﺎﺏ
ﺍﻟْﻌِﻠْﻢُ ﻗَﺒْﻞَ ﺍﻟْﻘَﻮْﻝِ ﻭَﺍﻟْﻌَﻤَﻞِ ﻟِﻘَﻮْﻝِ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﺗَﻌَﺎﻟَﻰ : ﴿ﻓَﺎﻋْﻠَﻢْ ﺃَﻧَّﻪُ ﻟَﺎ ﺇِﻟَﻪَ ﺇِﻟَّﺎ ﺍﻟﻠَّﻪُ]﴾ﻣﺤﻤﺪ [19:؛
ﻓَﺒَﺪَﺃَ ﺑِﺎﻟْﻌِﻠْﻢِ، ﻭَﺃَﻥَّ ﺍﻟْﻌُﻠَﻤَﺎﺀَ ﻫُﻢْ ﻭَﺭَﺛَﺔُ ﺍﻟْﺄَﻧْﺒِﻴَﺎﺀِ ﻭَﺭَّﺛُﻮﺍ ﺍﻟْﻌِﻠْﻢَ ﻣَﻦْ ﺃَﺧَﺬَﻩُ ﺃَﺧَﺬَ ﺑِﺤَﻆٍّ ﻭَﺍﻓِﺮٍ، ﻭَﻣَﻦْ
ﺳَﻠَﻚَ ﻃَﺮِﻳﻘًﺎ ﻳَﻄْﻠُﺐُ ﺑِﻪِ ﻋِﻠْﻤًﺎ ﺳَﻬَّﻞَ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﻟَﻪُ ﻃَﺮِﻳﻘًﺎ ﺇِﻟَﻰ ﺍﻟْﺠَﻨَّﺔِ . ﻭَﻗَﺎﻝَ ﺟَﻞَّ ﺫِﻛْﺮُﻩُ : ﴿ﺇِﻧَّﻤَﺎ
ﻳَﺨْﺸَﻰ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻣِﻦْ ﻋِﺒَﺎﺩِﻩِ ﺍﻟْﻌُﻠَﻤَﺎﺀُ]﴾ﻓﺎﻃﺮ [28: ، ﻭَﻗَﺎﻝَ : ﴿ﻭَﻣَﺎ ﻳَﻌْﻘِﻠُﻬَﺎ ﺇِﻟَّﺎ ﺍﻟْﻌَﺎﻟِﻤُﻮﻥَ
]﴾ﺍﻟﻌﻨﻜﺒﻮﺕ [43:، ﴿ﻭَﻗَﺎﻟُﻮﺍ ﻟَﻮْ ﻛُﻨَّﺎ ﻧَﺴْﻤَﻊُ ﺃَﻭْ ﻧَﻌْﻘِﻞُ ﻣَﺎ ﻛُﻨَّﺎ ﻓِﻲ ﺃَﺻْﺤَﺎﺏِ ﺍﻟﺴَّﻌِﻴﺮِ
]﴾ﺍﻟﻤﻠﻚ [10:، ﻭَﻗَﺎﻝَ : ﴿ﻫَﻞْ ﻳَﺴْﺘَﻮِﻱ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﻳَﻌْﻠَﻤُﻮﻥَ ﻭَﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﻟَﺎ ﻳَﻌْﻠَﻤُﻮﻥَ
]﴾ﺍﻟﺰﻣﺮ .[9: ﻭَﻗَﺎﻝَ ﺍﻟﻨَّﺒِﻲُّ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : “ﻣَﻦْ ﻳُﺮِﺩْ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﺑِﻪِ ﺧَﻴْﺮًﺍ ﻳُﻔَﻘِّﻬْﻪُ ﻓِﻲ
ﺍﻟﺪِّﻳﻦِ .” ﻭَ “ﺇِﻧَّﻤَﺎ ﺍﻟْﻌِﻠْﻢُ ﺑِﺎﻟﺘَّﻌَﻠُّﻢِ ”، ﻭَﻗَﺎﻝَ ﺃَﺑُﻮ ﺫَﺭٍّ : ﻟَﻮْ ﻭَﺿَﻌْﺘُﻢْ ﺍﻟﺼَّﻤْﺼَﺎﻣَﺔَ ﻋَﻠَﻰ ﻫَﺬِﻩِ ﻭَﺃَﺷَﺎﺭَ
ﺇِﻟَﻰ ﻗَﻔَﺎﻩُ ﺛُﻢَّ ﻇَﻨَﻨْﺖُ ﺃَﻧِّﻲ ﺃُﻧْﻔِﺬُ ﻛَﻠِﻤَﺔً ﺳَﻤِﻌْﺘُﻬَﺎ ﻣِﻦْ ﺍﻟﻨَّﺒِﻲِّ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗَﺒْﻞَ ﺃَﻥْ
ﺗُﺠِﻴﺰُﻭﺍ ﻋَﻠَﻲَّ ﻟَﺄَﻧْﻔَﺬْﺗُﻬَﺎ .
ﻭَﻗَﺎﻝَ ﺍﺑْﻦُ ﻋَﺒَّﺎﺱٍ : ﴿ﻛُﻮﻧُﻮﺍ ﺭَﺑَّﺎﻧِﻴِّﻴﻦَ﴾ : ﺣُﻠَﻤَﺎﺀَ ﻓُﻘَﻬَﺎﺀَ . ﻭَﻳُﻘَﺎﻝُ ﺍﻟﺮَّﺑَّﺎﻧِﻲُّ : ﺍﻟَّﺬِﻱ ﻳُﺮَﺑِّﻲ
ﺍﻟﻨَّﺎﺱَ ﺑِﺼِﻐَﺎﺭِ ﺍﻟْﻌِﻠْﻢِ ﻗَﺒْﻞَ ﻛِﺒَﺎﺭِﻩِ .”ﺍﻫـ . ﻭﺍﻟﺪﻳﻦ ﻣﺒﻨﺎﻩ ﻋﻠﻰ ﺃﺻﻠﻴﻦ :
ﺃﻥ ﻻ ﻧﻌﺒﺪ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ .
ﻭﺃﻥ ﻻ ﻧﻌﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺇﻻ ﺑﻤﺎ ﺷﺮﻉ .
ﻭﻣﻌﻨﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻀﺎﺑﻂ : ﺃﻥ ﻋﻠﻰ ﺩﺍﻋﻴﺔ ﺍﻹﺻﻼﺡ ﺃﻥ ﻳﺤﺮﺹ ﺗﻤﺎﻡ ﺍﻟﺤﺮﺹ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻘﻮﻟﻪ ﺃﻭ
ﻳﻔﻌﻠﻪ ﺃﻥ ﻟﻴﻜﻮﻥ ﻓﻴﻪ ﻋﻠﻰ ﺛﺒﺖ، ﻓﻴﺒﻨﻲ ﻣﺎ ﻳﺼﺪﺭ ﻣﻨﻪ ﻋﻠﻰ ﻳﻘﻴﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ، ﻓﻼ
ﻳﺴﻠﻚ ﻣﺴﻠﻜﺎً ﻳﺰﻋﻢ ﺃﻧﻪ ﻃﺮﻳﻖ ﻟﻺﺻﻼﺡ ﺇﻻ ﻭﻫﻮ ﻳﻌﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻣﻤﺎ ﺷﺮﻋﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌـﺎﻟﻰ، ﻓﻼ
ﻳﺨﺎﻟﻒ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺴﻨﺔ، ﻓﻼ ﻳﻘﻒ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻨﺎﺑﺮ ﻳﺘﻜﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﻭﻻﺓ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﺯﺍﻋﻤﺎً ﺃﻥ ﻫﺬﺍ
ﺇﺻﻼﺡ؛ ﻷﻥ ﻫﺬﺍ ﺧﻼﻑ ﻣﺎ ﺃﻣﺮﻧﺎ ﺑﻪ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ؛ ﻋﻦ ﻋﻴﺎﺽ ﺑﻦ
ﻏﻨﻢ ﻋﻦ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : “ﻣﻦ ﺃﺭﺍﺩ ﺃﻥ ﻳﻨﺼﺢ ﻟﺬﻱ ﺳﻠﻄﺎﻥ، ﻓﻼ
ﻳﺒﺪﻩ ﻋﻼﻧﻴﺔ، ﻭﻟﻜﻦ ﻳﺄﺧﺬ ﺑﻴﺪﻩ، ﻓﺒﺨﻠﻮﺍ ﺑﻪ، ﻓﺈﻥ ﻗﺒﻞ ﻣﻨﻪ ﻓﺬﺍﻙ، ﻭﺇﻻ ﻛﺎﻥ ﻗﺪ ﺃﺩﻯ
ﺍﻟﺬﻱ ﻋﻠﻴﻪ .(7)” ﻭ ﻻ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﻓﻲ ﻳﺴﻌﻰ ﺇﻟﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﻹﺻﻼﺡ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﻤﻈﺎﻫﺮﺍﺕ، ﻷﻧﻪ
ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺳﻨﺔ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝﷺ ﻭ ﻻ ﻣﻦ ﺳﻨﺔ ﺍﻟﺴﻠﻒ ﺍﻟﺼﺎﻟﺢ، ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻻ ﻳﻘﻮﻝ ﻭ ﻻ ﻳﻌﻤﻞ ﺇﻻ
ﺑﻌﻠﻢ، ﻓﺎﻟﻌﻠﻢ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ
ﺍﻟﻀﺎﺑﻂ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ :
ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻠﻤﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﻬﺞ ﺍﻟﺴﻠﻒ ﺍﻟﺼﺎﻟﺢ، ﻭﻋَﻦْ ﻣُﻌَﺎﻭِﻳَﺔَ ﺑْﻦِ ﺃَﺑِﻲ ﺳُﻔْﻴَﺎﻥَ ﺃَﻧَّﻪُ ﻗَﺎﻡَ ﻓِﻴﻨَﺎ
ﻓَﻘَﺎﻝَ ﺃَﻟَﺎ ﺇِﻥَّ ﺭَﺳُﻮﻝَ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗَﺎﻡَ ﻓِﻴﻨَﺎ ﻓَﻘَﺎﻝَ : “ ﺃَﻟَﺎ ﺇِﻥَّ ﻣَﻦْ ﻗَﺒْﻠَﻜُﻢْ ﻣِﻦْ
ﺃَﻫْﻞِ ﺍﻟْﻜِﺘَﺎﺏِ ﺍﻓْﺘَﺮَﻗُﻮﺍ ﻋَﻠَﻰ ﺛِﻨْﺘَﻴْﻦِ ﻭَﺳَﺒْﻌِﻴﻦَ ﻣِﻠَّﺔً ﻭَﺇِﻥَّ ﻫَﺬِﻩِ ﺍﻟْﻤِﻠَّﺔَ ﺳَﺘَﻔْﺘَﺮِﻕُ ﻋَﻠَﻰ ﺛَﻠَﺎﺙٍ
ﻭَﺳَﺒْﻌِﻴﻦَ ﺛِﻨْﺘَﺎﻥِ ﻭَﺳَﺒْﻌُﻮﻥَ ﻓِﻲ ﺍﻟﻨَّﺎﺭِ ﻭَﻭَﺍﺣِﺪَﺓٌ ﻓِﻲ ﺍﻟْﺠَﻨَّﺔِ ﻭَﻫِﻲَ ﺍﻟْﺠَﻤَﺎﻋَﺔ .(9)”ﻓﻼ ﺳﻼﻣﺔ
ﻓﻲ ﻧﻬﺞ ﺇﻻ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺔ . ﻭﻫﺬﺍ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ : ﴿ﻭَﻣَﻦْ ﻳُﺸَﺎﻗِﻖِ ﺍﻟﺮَّﺳُﻮﻝَ ﻣِﻦْ
ﺑَﻌْﺪِ ﻣَﺎ ﺗَﺒَﻴَّﻦَ ﻟَﻪُ ﺍﻟْﻬُﺪَﻯ ﻭَﻳَﺘَّﺒِﻊْ ﻏَﻴْﺮَ ﺳَﺒِﻴﻞِ ﺍﻟْﻤُﺆْﻣِﻨِﻴﻦَ ﻧُﻮَﻟِّﻪِ ﻣَﺎ ﺗَﻮَﻟَّﻰ ﻭَﻧُﺼْﻠِﻪِ ﺟَﻬَﻨَّﻢَ ﻭَﺳَﺎﺀَﺕْ
ﻣَﺼِﻴﺮﺍً]﴾ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ [115:، ﻓﻤﻦ ﺃﺭﺍﺩ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻓﻠﻴﻠﺰﻡ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ، ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﺴﻠﻚ
ﻣﺴﺎﻟﻚ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﻔﺮﻗﺔ ﻭﺍﻻﺧﺘﻼﻑ، ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺮﻕ ﺍﻟﻤﺨﺎﻟﻔﺔ ﻟﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ
ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﺃﺻﺤﺎﺑﻪ ﺭﺿﻮﺍﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻬﻢ .ﻫﺬﻩ ﻫﻲ ﺿﻮﺍﺑﻂ ﺍﻹﺻﻼﺡ، ﺍﻟﺘﻲ ﺇﺫﺍ
ﺧﺎﻟﻔﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﺩﻋﻰ ﺍﻹﺻﻼﺡ ﺇﻧﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻔﺴﺪﻳﻦ، ﴿ﻭَﺇِﺫَﺍ ﻗِﻴﻞَ ﻟَﻬُﻢْ ﻻ ﺗُﻔْﺴِﺪُﻭﺍ ﻓِﻲ
ﺍﻟْﺄَﺭْﺽِ ﻗَﺎﻟُﻮﺍ ﺇِﻧَّﻤَﺎ ﻧَﺤْﻦُ ﻣُﺼْﻠِﺤُﻮﻥَ . ﺃَﻻ ﺇِﻧَّﻬُﻢْ ﻫُﻢُ ﺍﻟْﻤُﻔْﺴِﺪُﻭﻥَ ﻭَﻟَﻜِﻦْ ﻻ ﻳَﺸْﻌُﺮُﻭﻥَ
]﴾ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ
ﺍﻟﻀﺎﺑﻂ ﺍﻟﺨﺎﻣﺲ :
ﺃﻥ ﻳﺘﺤﻠﻰ ﻓﻲ ﺩﻋﻮﺗﻪ ﺑﺼﻔﺎﺕ، ﺑﻴﻨﺘﻬﺎ ﺍﻵﻳﺎﺕ ﺍﻟﻘﺮﺁﻧﻴﺔ ﻭﺍﻷﺣﺎﺩﻳﺚ ﺍﻟﻨﺒﻮﻳﺔ ﻭﺍﻵﺛﺎﺭ
ﺍﻟﺴﻠﻔﻴﺔ، ﻣﻦ ﺫﻟﻚ : ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﺒﺎﺭﻙ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ : ﴿ﻗُﻞْ ﻫَﺬِﻩِ ﺳَﺒِﻴﻠِﻲ ﺃَﺩْﻋُﻮ ﺇِﻟَﻰ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﻋَﻠَﻰ
ﺑَﺼِﻴﺮَﺓٍ ﺃَﻧَﺎ ﻭَﻣَﻦِ ﺍﺗَّﺒَﻌَﻨِﻲ ﻭَﺳُﺒْﺤَﺎﻥَ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﻭَﻣَﺎ ﺃَﻧَﺎ ﻣِﻦَ ﺍﻟْﻤُﺸْﺮِﻛِﻴﻦَ]﴾ﻳﻮﺳﻒ [108:، ﻭﻗﻮﻟﻪ
ﺗﺒﺎﺭﻙ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ : ﴿ﺍﺩْﻉُ ﺇِﻟَﻰ ﺳَﺒِﻴﻞِ ﺭَﺑِّﻚَ ﺑِﺎﻟْﺤِﻜْﻤَﺔِ ﻭَﺍﻟْﻤَﻮْﻋِﻈَﺔِ ﺍﻟْﺤَﺴَﻨَﺔِ ﻭَﺟَﺎﺩِﻟْﻬُﻢْ ﺑِﺎﻟَّﺘِﻲ ﻫِﻲَ
ﺃَﺣْﺴَﻦُ ﺇِﻥَّ ﺭَﺑَّﻚَ ﻫُﻮَ ﺃَﻋْﻠَﻢُ ﺑِﻤَﻦْ ﺿَﻞَّ ﻋَﻦْ ﺳَﺒِﻴﻠِﻪِ ﻭَﻫُﻮَ ﺃَﻋْﻠَﻢُ ﺑِﺎﻟْﻤُﻬْﺘَﺪِﻳﻦَ]﴾ﺍﻟﻨﺤﻞ [125:،
ﻭﻗﺎﻝ ﺗﺒﺎﺭﻙ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ : ﴿ﻳَﺎ ﺑُﻨَﻲَّ ﺃَﻗِﻢِ ﺍﻟﺼَّﻼﺓَ ﻭَﺃْﻣُﺮْ ﺑِﺎﻟْﻤَﻌْﺮُﻭﻑِ ﻭَﺍﻧْﻪَ ﻋَﻦِ ﺍﻟْﻤُﻨْﻜَﺮِ ﻭَﺍﺻْﺒِﺮْ
ﻋَﻠَﻰ ﻣَﺎ ﺃَﺻَﺎﺑَﻚَ ﺇِﻥَّ ﺫَﻟِﻚَ ﻣِﻦْ ﻋَﺰْﻡِ ﺍﻟْﺄُﻣُﻮﺭِ]﴾ﻟﻘﻤﺎﻥ [17: ،ﻭﻋَﻦْ ﻋَﺎﺋِﺸَﺔَ ﺯَﻭْﺝِ ﺍﻟﻨَّﺒِﻲِّ ﺻﻠﻰ
ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃَﻥَّ ﺭَﺳُﻮﻝَ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗَﺎﻝَ : “ ﻳَﺎ ﻋَﺎﺋِﺸَﺔُ ﺇِﻥَّ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﺭَﻓِﻴﻖٌ
ﻳُﺤِﺐُّ ﺍﻟﺮِّﻓْﻖَ ﻭَﻳُﻌْﻄِﻲ ﻋَﻠَﻰ ﺍﻟﺮِّﻓْﻖِ ﻣَﺎ ﻟَﺎ ﻳُﻌْﻄِﻲ ﻋَﻠَﻰ ﺍﻟْﻌُﻨْﻒِ ﻭَﻣَﺎ ﻟَﺎ ﻳُﻌْﻄِﻲ ﻋَﻠَﻰ ﻣَﺎ ﺳِﻮَﺍﻩُ ”
ﻣﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻪ .
ﻭﻋَﻦْ ﺳَﻌِﻴﺪِ ﺑْﻦِ ﺃَﺑِﻲ ﺑُﺮْﺩَﺓَ ﻋَﻦْ ﺃَﺑِﻴﻪِ ﻋَﻦْ ﺟَﺪِّﻩِ : “ ﺃَﻥَّ ﺍﻟﻨَّﺒِﻲَّ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺑَﻌَﺚَ
ﻣُﻌَﺎﺫًﺍ ﻭَﺃَﺑَﺎ ﻣُﻮﺳَﻰ ﺇِﻟَﻰ ﺍﻟْﻴَﻤَﻦِ ﻗَﺎﻝَ ﻳَﺴِّﺮَﺍ ﻭَﻟَﺎ ﺗُﻌَﺴِّﺮَﺍ ﻭَﺑَﺸِّﺮَﺍ ﻭَﻟَﺎ ﺗُﻨَﻔِّﺮَﺍ ﻭَﺗَﻄَﺎﻭَﻋَﺎ ﻭَﻟَﺎ ﺗَﺨْﺘَﻠِﻔَﺎ ”
ﻣﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻪ .
ﻭﻳﺘﺤﺼﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ ﺃﻥ ﺍﻟﺼﻔﺎﺕ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻟﻠﺪﺍﻋﻴﺔ ﻫﻲ :
ﺍﻟﺼﻔﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ : ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﻔﻘﻪ ﻟﻤﺎ ﻳﺪﻋﻮ ﺇﻟﻴﻪ : ﻳﺄﻣﺮ ﺑﻪ ﻭﻳﻨﻬﻰ ﻋﻨﻪ !
ﺍﻟﺼﻔﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ : ﺍﻟﺮﻓﻖ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﺩﻋﻮﺗﻪ، ﻭﺃﻣﺮﻩ ﻭﻧﻬﻴﻪ! ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻳﻘﻮﻝ ﻋﻦ ﺭﺳﻮﻟﻪ
ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : ﴿ﻓَﺒِﻤَﺎ ﺭَﺣْﻤَﺔٍ ﻣِﻦَ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﻟِﻨْﺖَ ﻟَﻬُﻢْ ﻭَﻟَﻮْ ﻛُﻨْﺖَ ﻓَﻈّﺎً ﻏَﻠِﻴﻆَ ﺍﻟْﻘَﻠْﺐِ
ﻟَﺎﻧْﻔَﻀُّﻮﺍ ﻣِﻦْ ﺣَﻮْﻟِﻚَ ﻓَﺎﻋْﻒُ ﻋَﻨْﻬُﻢْ ﻭَﺍﺳْﺘَﻐْﻔِﺮْ ﻟَﻬُﻢْ ﻭَﺷَﺎﻭِﺭْﻫُﻢْ ﻓِﻲ ﺍﻟْﺄَﻣْﺮِ ﻓَﺈِﺫَﺍ ﻋَﺰَﻣْﺖَ ﻓَﺘَﻮَﻛَّﻞْ
ﻋَﻠَﻰ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﺇِﻥَّ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻳُﺤِﺐُّ ﺍﻟْﻤُﺘَﻮَﻛِّﻠِﻴﻦَ]﴾ﺁﻝ ﻋﻤﺮﺍﻥ .[159:
ﺍﻟﺼﻔﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ : ﺍﻟﺤﻠﻢ ﻓﻲ ﺩﻋﻮﺗﻪ، ﻓﻼ ﻳﺘﻌﺠﻞ ﻭ ﻻ ﻳﻐﻀﺐ، ﻭﻳﻜﻈﻢ ﺍﻟﻐﻴﻆ!
ﺍﻟﺼﻔﺔ ﺍﻟﺮﺍﺑﻌﺔ : ﺍﻟﺼﺒﺮ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ، ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺪﻋﺎﺓ ﻳﺘﻌﺮﺿﻮﻥ ﻟﻸﺫﻯ ﺑﺴﺒﺐ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ،
ﻓﻌﻠﻴﻬﻢ ﺑﺎﻟﺼﺒﺮ! ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ : “ ﺍﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﺴﻨﺔ ﻭﺍﻟﻨﻬﻲ ﻋﻦ ﺍﻟﺒﺪﻋﺔ ﻫﻮ ﺃﻣﺮ
ﺑﻤﻌﺮﻭﻑ ﻭﻧﻬﻲ ﻋﻦ ﻣﻨﻜﺮ ﻭﻫﻮ ﻣﻦ ﺃﻓﻀﻞ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﺼﺎﻟﺤﺔ ﻓﻴﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﺒﺘﻐﻲ ﺑﻪ ﻭﺟﻪ
ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺇﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻄﺎﺑﻘﺎ ﻟﻸﻣﺮ، ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ : ﻣﻦ ﺃﻣﺮ ﺑﺎﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﻭﻧﻬﻰ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻨﻜﺮ
ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ :
ﻋﻠﻴﻤﺎ ﺑﻤﺎ ﻳﺄﻣﺮ ﺑﻪ . ﻋﻠﻴﻤﺎ ﺑﻤﺎ ﻳﻨﻬﻰ ﻋﻨﻪ .
ﺭﻓﻴﻘﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺄﻣﺮ ﺑﻪ . ﺭﻓﻴﻘﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﻧﻬﻰ ﻋﻨﻪ .
ﺣﻠﻴﻤﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺄﻣﺮ ﺑﻪ . ﺣﻠﻴﻤﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻨﻬﻰ ﻋﻨﻪ .
ﻓﺎﻟﻌﻠﻢ ﻗﺒﻞ ﺍﻷﻣﺮ ﻭﺍﻟﺮﻓﻖ ﻣﻊ ﺍﻷﻣﺮ ﻭﺍﻟﺤﻠﻢ ﺑﻌﺪ ﺍﻷﻣﺮ؛ ﻓﺈﻥ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻋﺎﻟﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻪ ﺃﻥ
ﻳﻘﻔﻮ ﻣﺎ ﻟﻴﺲ ﻟﻪ ﺑﻪ ﻋﻠﻢ، ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻋﺎﻟﻤﺎ ﻭﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺭﻓﻴﻘﺎ ﻛﺎﻥ ﻛﺎﻟﻄﺒﻴﺐ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﺭﻓﻖ
ﻓﻴﻪ ﻓﻴﻐﻠﻆ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺮﻳﺾ ﻓﻼ ﻳﻘﺒﻞ ﻣﻨﻪ، ﻭﻛﺎﻟﻤﺆﺩﺏ ﺍﻟﻐﻠﻴﻆ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﻘﺒﻞ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﻮﻟﺪ .
ﻭﻗﺪ ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻟﻤﻮﺳﻰ ﻭﻫﺎﺭﻭﻥ : ﴿ﻓﻘﻮﻻ ﻟﻪ ﻗﻮﻻ ﻟﻴﻨﺎ ﻟﻌﻠﻪ ﻳﺘﺬﻛﺮ ﺃﻭ ﻳﺨﺸﻰ]﴾ﺳﻮﺭﺓ
ﻃﻪ : [44 ، ﺛﻢ ﺇﺫﺍ ﺃﻣﺮ ﻭﻧﻬﻰ ﻓﻼ ﺑﺪ ﺃﻥ ﻳﺆﺫﻯ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﺩﺓ ﻓﻌﻠﻴﻪ ﺃﻥ ﻳﺼﺒﺮ ﻭﻳﺤﻠﻢ ﻛﻤﺎ
ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ﴿ﻭﺃﻣﺮ ﺑﺎﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﻭﺃﻧﻪ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻨﻜﺮ ﻭﺍﺻﺒﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺃﺻﺎﺑﻚ ﺇﻥ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ
ﻋﺰﻡ ﺍﻷﻣﻮﺭ]﴾ﺳﻮﺭﺓ ﻟﻘﻤﺎﻥ : .[17 ﻭﻗﺪ ﺃﻣﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﻧﺒﻴﻪ ﺑﺎﻟﺼﺒﺮ ﻋﻠﻰ ﺃﺫﻯ ﺍﻟﻤﺸﺮﻛﻴﻦ ﻓﻲ
ﻏﻴﺮ ﻣﻮﺿﻊ ﻭﻫﻮ ﺇﻣﺎﻡ ﺍﻵﻣﺮﻳﻦ ﺑﺎﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﺍﻟﻨﺎﻫﻴﻦ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻨﻜﺮ ”ﺍﻫـ (10)، ﻭﻗﺎﻝ ﺭﺣﻤﻪ
ﺍﻟﻠﻪ : “ﻭﺍﻟﺮﻓﻖ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﻭﺍﻟﻨﻬﻲ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻨﻜﺮ ﻭﻟﻬﺬﺍ ﻗﻴﻞ : ﻟﻴﻜﻦ ﺃﻣﺮﻙ
ﺑﺎﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﺑﺎﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﻭﻧﻬﻴﻚ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻨﻜﺮ ﻏﻴﺮ ﻣﻨﻜﺮ ”ﺍﻫـ (11) .ﺗﻤﺖ ﻭﺍﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ ﺍﻟﺬﻱ
ﺑﻨﻌﻤﺘﻪ ﺗﺘﻢ ﺍﻟﺼﺎﻟﺤﺎﺕ .
ﻛﺘﺒﻪ
ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺃ . ﺩ .ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﺑﺎﺯﻣﻮﻝ ﺣﻔﻈﻪ ﺍﻟﻠﻪ
ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺃﻡ ﺍﻟﻘﺮﻯ
ﻛﻠﻴﺔ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﻭﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﺪﻳﻦ
ﻗﺴﻢ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭ ﺍﻟﺴﻨﺔ
ﺍﻟﻬﻮﺍﻣﺶ
(1) ﺣﺪﻳﺚ ﺣﺴﻦ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﺮﺑﺎﺽ ﺑﻦ ﺳﺎﺭﻳﺔ :t ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﺣﻤﺪ ﻓِﻲ ﺍﻟﻤﺴﻨﺪ /4) 126،
(127 ، ﻭﺍﻟﺪﺍﺭﻣﻲ ﻓِﻲ ﺍﻟﻤﻘﺪﻣﺔ, ﺑﺎﺏ ﺍﺗﺒﺎﻉ ﺍﻟﺴﻨﺔ، ﻭﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ ﻓِﻲ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﻌﻠﻢ, ﺑﺎﺏ ﻣﺎ
ﺟﺎﺀ ﻓِﻲ ﺍﻷﺧﺬ ﺑﺎﻟﺴﻨﺔ ﻭﺍﺟﺘﻨﺎﺏ ﺍﻟﺒﺪﻉ، ﺣﺪﻳﺚ ﺭﻗﻢ (2676)، ﻭﺃﺑﻮ ﺩﺍﻭﺩ ﻓِﻲ ﻛﺘﺎﺏ
ﺍﻟﺴﻨﺔ، ﺑﺎﺏ ﻓِﻲ ﻟﺰﻭﻡ ﺍﻟﺴﻨﺔ، ﺣﺪﻳﺚ ﺭﻗﻢ (4607) ، ﻭﺍﺑﻦ ﻣﺎﺟﻪ ﻓِﻲ ﺍﻟﻤﻘﺪﻣﺔ، ﺑﺎﺏ
ﺍﺗﺒﺎﻉ ﺳﻨﺔ ﺍﻟﺨﻠﻔﺎﺀ ﺍﻟﺮﺍﺷﺪﻳﻦ، ﺣﺪﻳﺚ ﺭﻗﻢ 42)، .(45 ﻭﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ ﻋﻘﺒﻪ :
“ ﻫَﺬَﺍ ﺣَﺪِﻳﺚٌ ﺣَﺴَﻦٌ ﺻَﺤِﻴﺢٌ ﻭَﻗَﺪْ ﺭَﻭَﻯ ﺛَﻮْﺭُ ﺑْﻦُ ﻳَﺰِﻳﺪَ ﻋَﻦْ ﺧَﺎﻟِﺪِ ﺑْﻦِ ﻣَﻌْﺪَﺍﻥَ ﻋَﻦْ ﻋَﺒْﺪِ
ﺍﻟﺮَّﺣْﻤَﻦِ ﺑْﻦِ ﻋَﻤْﺮٍﻭ ﺍﻟﺴُّﻠَﻤِﻲِّ ﻋَﻦْ ﺍﻟْﻌِﺮْﺑَﺎﺽِ ﺑْﻦِ ﺳَﺎﺭِﻳَﺔَ ﻋَﻦْ ﺍﻟﻨَّﺒِﻲِّ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ
ﻧَﺤْﻮَ ﻫَﺬَﺍ ﺣَﺪَّﺛَﻨَﺎ ﺑِﺬَﻟِﻚَ ﺍﻟْﺤَﺴَﻦُ ﺑْﻦُ ﻋَﻠِﻲٍّ ﺍﻟْﺨَﻠَّﺎﻝُ ﻭَﻏَﻴْﺮُ ﻭَﺍﺣِﺪٍ ﻗَﺎﻟُﻮﺍ ﺣَﺪَّﺛَﻨَﺎ ﺃَﺑُﻮ ﻋَﺎﺻِﻢٍ ﻋَﻦْ
ﺛَﻮْﺭِ ﺑْﻦِ ﻳَﺰِﻳﺪَ ﻋَﻦْ ﺧَﺎﻟِﺪِ ﺑْﻦِ ﻣَﻌْﺪَﺍﻥَ ﻋَﻦْ ﻋَﺒْﺪِ ﺍﻟﺮَّﺣْﻤَﻦِ ﺑْﻦِ ﻋَﻤْﺮٍﻭ ﺍﻟﺴُّﻠَﻤِﻲِّ ﻋَﻦْ ﺍﻟْﻌِﺮْﺑَﺎﺽِ
ﺑْﻦِ ﺳَﺎﺭِﻳَﺔَ ﻋَﻦْ ﺍﻟﻨَّﺒِﻲِّ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻧَﺤْﻮَﻩُ ﻭَﺍﻟْﻌِﺮْﺑَﺎﺽُ ﺑْﻦُ ﺳَﺎﺭِﻳَﺔَ ﻳُﻜْﻨَﻰ ﺃَﺑَﺎ ﻧَﺠِﻴﺢٍ
ﻭَﻗَﺪْ ﺭُﻭِﻱَ ﻫَﺬَﺍ ﺍﻟْﺤَﺪِﻳﺚُ ﻋَﻦْ ﺣُﺠْﺮِ ﺑْﻦِ ﺣُﺠْﺮٍ ﻋَﻦْ ﻋِﺮْﺑَﺎﺽِ ﺑْﻦِ ﺳَﺎﺭِﻳَﺔَ ﻋَﻦْ ﺍﻟﻨَّﺒِﻲِّ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ
ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻧَﺤْﻮَﻩُ ” ﺍﻫـ، ﻭ ﺻﺤﺤﻪ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﺍﻷﻟﺒﺎﻧﻲ ﻓِﻲ ﺇﺭﻭﺍﺀ ﺍﻟﻐﻠﻴﻞ /8) (107،
ﺣﺪﻳﺚ ﺭﻗﻢ .(2455)
(2) ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺍﻟﺒﺨـﺎﺭﻱ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻷﺫﺍﻥ، ﺑﺎﺏ ﻓﻀﻞ ﺻﻼﺓ ﺍﻟﻔﺠﺮ ﻓﻲ ﺟﻤﺎﻋﺔ، ﺗﺤﺖ
ﺭﻗﻢ .(650)
(3) ﻓﺘﺢ ﺍﻟﺒﺎﺭﻱ ) 2/138( ، ﻭﺍﻧﻈﺮ ﺇﻏﺎﺋﺔ ﺍﻟﻠﻬﻔﺎﻥ ) 1/205 .(207-
(4) ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﺑﻮﺩﺍﻭﺩ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﻤﻼﺣﻢ ﺑﺎﺏ ﻣﺎ ﺟﺎﺀ ﻓﻲ ﻗﺮﻥ ﺍﻟﻤﺎﺋﺔ، ﺣﺪﻳﺚ ﺭﻗﻢ
.(4291)
(5) ﺍﻧﻈﺮ ﻣﺮﻗﺎﺓ ﺍﻟﻤﻔﺎﺗﻴﺢ ) 2/169(، ﻋﻮﻥ ﺍﻟﻤﻌﺒﻮﺩ ) 11/260 .(
(6)ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﺑﺎﺏ ﺩﻋﺎﺀ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ،
ﺣﺪﻳﺚ ﺭﻗﻢ (7372)، ﻭﻣﺴﻠﻢ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﺪﻋﺎﺀ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﻭﺷﺮﺍﺋﻊ
ﺍﻹﺳﻼﻡ، ﺣﺪﻳﺚ ﺭﻗﻢ .(19)
(7) ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺍﻟﻨﺴﺎﺋﻲ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﺰﻛﺎﺓ، ﺑﺎﺏ ﺗﻔﺴﻴﺮ ﺫﻟﻚ، ﺣﺪﻳﺚ ﺭﻗﻢ (2535)،
ﻭﺃﺑﻮﺩﺍﻭﺩ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﺰﻛﺎﺓ، ﺑﺎﺏ ﻓﻲ ﺻﻠﺔ ﺍﻟﺮﺣﻢ، ﺣﺪﻳﺚ ﺭﻗﻢ .(1691)
(8) ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﺣﻤﺪ ) 3/403(، ﻭﺍﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻋﺎﺻﻢ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﺴﻨﺔ ) 2/737، ﺗﺤﺖ ﺭﻗﻢ
.(1130 ﻗﺎﻝ ﻣﺤﻘﻘﻪ : “ ﺇﺳﻨﺎﺩﻩ ﺻﺤﻴﺢ ” ﺍﻫـ .
(9) ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﺣﻤﺪ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﻨﺪ ) 4/102(، ﻭ ﺃﺑﻮ ﺩﺍﻭﺩ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﺴﻨﺔ، ﺑﺎﺏ ﺷﺮﺡ
ﺍﻟﺴﻨﺔ، ﺣﺪﻳﺚ ﺭﻗﻢ (4597)، ﻭﺍﻵﺟﺮﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ) ﺍﻟﻄﺒﻌﺔ ﺍﻟﻤﺤﻘﻘﺔ( ) 1/132،
ﺗﺤﺖ ﺭﻗﻢ .(31 ﻭﻫﻮ ﺣﺪﻳﺚ ﺻﺤﻴﺢ ﻟﻐﻴﺮﻩ . ﻭﺃﺷﺎﺭ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺇﻟﻰ ﺍﺣﺘﻤﺎﻝ ﺗﻮﺍﺗﺮﻩ .
ﻭﺻﺤﺢ ﺇﺳﻨﺎﺩﻩ ﻣﺤﻘﻖ ﺟﺎﻣﻊ ﺍﻷﺻﻮﻝ ) 10/32(، ﻭﺍﻷﻟﺒﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﺳﻠﺴﻠﺔ ﺍﻷﺣﺎﺩﻳﺚ
ﺍﻟﺼﺤﻴﺤﺔ ﺣﺪﻳﺚ ﺭﻗﻢ (204)، ﻭﺫﻛﺮ ﺟﻤﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻷﺣﺎﺩﻳﺚ ﺗﺸﻬﺪ ﻟﻪ . ﻭﺍﻧﻈﺮ ﻧﻈﻢ
ﺍﻟﻤﺘﻨﺎﺛﺮ ﺹ .34-32
(10) ﻣﻨﻬﺎﺝ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﻨﺒﻮﻳﺔ ) 5/254 ـ .(255
(11) ﺍﻻﺳﺘﻘﺎﻣﺔ ) 2/210 ـ .(211 ﻭﻗﺎﺭﻥ ﺑﻤﺠﻤﻮﻉ ﺍﻟﻔﺘﺎﻭﻯ ) 28/126
بارك الله فيك