هل يحسد الإنسان نفسه ؟ وكيف يقيها من ذلك ؟؟؟ مهم جدا 2024.

الجيريا

السؤال:

سمعت كثيراً عن أن الشخص قد يحسد نفسه ؟ كيف يكون ذلك ؟

أحيانا أحس بالإعجاب والفرحة الشديدة لشيء امتلكته أو حصلت عليه وأخاف أن أكون قد حسدت نفسي فإحدى صديقاتيكانت مرة تتمشى في منزلها ومعجبة بترتيبه وبعد فترة نشب حريق في المكان الذي أعجبت بترتيبه،

فهل هذا يعتبر حسدها لنفسها وهي لا تشعر ؟ والسؤال الأهم / كيف يمكن للإنسان الوقاية من أن يحسد نفسه ؟ الجيريا

الجيريا

الجواب:

أولاً: الحسد قيل إنه تمني زوال نعمة الله على الغير وقيل الحسد كراهة ما أنعم الله به على غيره , ويمكن أن يحسد الإنسان نفسه ،إذا وجد سببه ولم يوجد مانعه فسببه نفس خبيثة تكون بالإنسان ، فإذا وجدت وجد سبب أثر وجود الحسد بإذن الله تعالى ، لذا كان مانعها ما يشرع للإنسان من الأذكار والأدعية والأوراد ومنها أنه إذا رأى ما يعجبه من نفسه أو أهله أو ماله أو غيره من المسلمين أن يبرِّك عليه أو أن يقول ( ما شاء الله لا قوة إلا بالله ) ونحو هذه العبارات , و الحسد المترتب على العين حق ثابت لما جاء في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( العين حق)

، وأخرج الإمام أحمد في المسند عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (العين حق تستنزل الحالق) والمراد بالحالق الجبل .

ثانياً: على المسلم أن يُحصِّن نفسه بالبعد عن المعاصي و بالحرص علىالأذكار والرقية الشرعية الواردة في تحصين المسلم من مداخل الشيطان وبحسن التوكل على الله تعالى , ومن أهم الأذكار أذكار الصباح والمساء والدخول والخروج , و تكون الرقية الشرعية بآيات من كتاب الله سبحانه وتعالى أو بأدعية مأثورة من السنة الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم.

والرقية الشرعية مأمور بها من النبي صلى الله عليه وسلم، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: "أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أسترقي من العين". وعنها أيضاً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها وامرأة تعالجها أو ترقيها فقال: "عالجيها بكتاب الله" ويشترط في الرقية ضوابط حتى تكون شرعية، وقد نقل الحافظ بن حجر الإجماع عليها في الفتح،

وهي: أن تكون خالية من الشرك، لقول رسول الله صلى الله عليه

وسلم: "اعرضوا علي رقاكم، لا بأس بالرقى ما لم يكن فيها شرك". وأن تكون بكلام الله تعالى أو بأسمائه وصفاته، أو بما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من السنة الصحيحة، وأن تكون باللسان العربي أو بما يعرفمعناه من غيره، وأن يعتقد أن الرقية لا تؤثر بذاتها، بل بذات الله عزّ وجل، وأفضل الرقية ما كان بإخلاص وتضرع واعتقاد جازم أنّ الشفاء بها من الله عزّ وجل، وأكثر ما يكون ذلك بقراءة المرء على نفسه، ولمعرفة ما يقرأ من الرقية يمكن ما يأتي:

ـ قراءة سورة الفاتحة

ـ قراءة آية الكرسي

ـ قراءة آخر آيتين من سورة البقرة

ـ قراءة قوله تعالى في سورة البقرة: "واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان" (الآية102).

ـ قراءة آيات السحر المعروفة وهي:

ـ الآيات من (117 ـ 119) من سورة الأعراف.

ـ الآيات من (79ـ82) من سورة يونس.

ـ الآيات من (65ـ69) من سورة طه.

ـ قراءة سور الكافرون والإخلاص والمعوذتين.

ـــ أن يغسل العائن وجهه ويديه ومرفقيه وركبتيه وأطراف رجليه وداخلة إزاره في قدح أو نحوه، ثم يصب ذلك الماء على من أصابته العين ويغتسل به.

ـــ يجب أن يكون قلبك قوياً ، وألا تستسلم للخواطر ، وأن تستعمل هذه الرقى وغيرها مما ذكرنا موقناً أنها أسباب ، وأنها تنفع بإذن الله

ـــ تطهير البيت من سائر أنواع المعاصي ، فإنها تجلب الشياطين وتنفر الملائكة ، فيرتفع عن البيت وأهله حفظ الله وعنايته، ويصبح من فيه عرضة لتخبيل الشياطين. وهذا كثيراً ما يغفل عنه، وهو من أعظم أسباب البلاء بهذه الأمراض.

ـ قراءة الأدعية الثابتة الصحيحة الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم ومنها:

"اللهم ربّ الناس أذهب البأس، اشف وأنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقماً".

"أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة".

"بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك ومن شر كل ذي نفس أو عين حاسد الله الله يشفيك، بسم الله أرقيك".

وضع اليد على الجسد وقول بسم الله (ثلاثاً) ثم يقول (سبعاً) أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر.

(اسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك "سبع مرات").

(أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق).

(أعوذ بكلمات الله التامات من غضبه وشر عباده ومن همزات الشياطين وأن يحضرون).

(أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر من شر ما خلق وبرأ وذرأ ومن شر ما ينزل من السماوات ومن شر ما يعرج فيها ومن شر ما ذرأ في الأرض ومن شر ما يخرج منها ومن شر فتن الليل والنهار ومن شر كل طارق إلا طارقاً يطرق بخيريا رحمن).

(بسم الله يبريك ومن كل داء يشفيك ومن شر حاسد إذا حسد ومن شر كل ذي عين).

وأسأل الله أن يمنّ على الجميع بالهداية و الثبات والعافية والمعافاة في الدين والدنيا والآخرة ، وأن يجعل لنا من كل هم فرجاً ومن كل ضيق مخرجاً، وأن يوفقنا لما يحب ويرضى، والله أعلم وأحكم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

الجيريا
منقوووول للافادة

الله أكبر
الانسان يقدر يحسد روحو؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
اللهم اصرف عنا ضر ما قضيت
بارك الله فيك

شكرا لكي أختي على طرحك الرائع
جزاك ربي خير الجزاء
ونور الله دربك
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا أختي وردة ونفع بك وجعله في ميزان حسناتك

الجيريا

بارك الله فيك على الافادة

بارك الله فيك وجعله في ميزان حسناتك
وفيكن بركة حبيباتي نفعني الله واياكن.

الجيريا

بارك الله فيك وردة فعلا من الممكن ان يصيب الانسان نفسه بالعين لذلك لابد من ذكر الله دوما
بارك الله فيك أختي على المشاركة القيّمة
جزاكي الله كل خير و جعلها في ميزان حسناتك

مشهد من عظمة الله في خلق الإنسان "الولادة": 2024.

الجيريا صورة توضح مراحل الولادة


الحقيقة جاء دور المرحلة الأخيرة أي الولادة، إلا أنه بقي خطرٌ كبير ينتظر الطفل الذي في بطن أمه، سيولد الطفل من رحم الأم ماراً بعظام الحوض للأم، وهذا يشكل خطراً كبيراً على الطفل، لأنه سيحصر رأس الطفل أثناء الولادة في هذه المناطق الضيقة وسيشكل ضغطاً على جمجمته، ولكن تدابير خاصة جداً أعدت لحماية صحة الطفل، عظام الجمجمة في المولود طرية بعكس جمجمة الإنسان البالغ، هذه العظام لم تلتحم مع بعضها، وبفضل هذا تتمطط العظام مقداراً معيناً في أثناء الولادة، وهذا التمطط يشكل فراغاتٍ بين العظام تمنع تخريب الجمجمة، بفضل هذا يولد الطفل ولادةً صحيحة دون تضررٍ في الجمجمة والدماغ، وفي الأشهر القادمة تقسو جمجمة الرأس، وتستمر حياة الطفل بشكلٍ سليم، هذه الأحداث الموضحة في هذا الفيلم مرت على جميع الناس الذين عاشوا على وجه الأرض، ويُري هذا الفيلم أن جميع الناس إنما كانوا من نطفةٍ بسيطةٍ ألقيت في رحم الأم.

الجيريا منظر جانبي لجمجمة طفل حديث الولادة ومنظر جانبي لجمجمة إنسان بالغ


الجيريا منظر علوي لجمجمة طفل حديث الولادة


الجيريا نظر علوي لجمجمة إنسان بالغ


والتفكير في هذه الحقيقة واجبٌ على كل إنسان على وجه الأرض، ومهمة الإنسان التفكير كيف وجد ؟ وله أن يشكر خالقه الله جلّ جلاله

الجيريا صورة توضح مراحل الولادة


ولا ننسى أن ربنا الذي خلق أجسامنا مرة سيخلقنا بعد موتنا مرةً أخرى، وسيحاسبنا على النعم التي وهبنا إياها، وسيعيد خلقنا مرةً أخرى وهو أهون عليه، أما المنكرون لحقيقة خلقهم بنسيانهم ربهم والدار الآخرة فمخطئون خطأً كبيراً، يذكر الله سبحانه وتعالى في آياته الكريمة ويذكر الناس بقوله:

﴿ أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ * وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ ﴾
( سورة يس الآية: 77-78-79 )
هذه آياتٌ دالةٌ على عظمة الله، وهذه قصة خلق الإنسان رأيناها رأي العين وشاهدناها بالمناظير والمجاهر.
﴿ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ﴾
( سورة المؤمنون الآية: 14 )


الجيريا ثلاث صور توضح مراحل الولادة

سبحان الله و بحمده ….شكراا ليك راكي افدتني و خصوصا ما بقاليش للولادة سوى 3 اشهر ان شاء الله
سبحان الله و بحمده عدد خلقه و رضا نفسه و مداد كلماته
سبحان الله وبحمده صدق ربنا حين قال :" وما قدروا الله حق قدره…"
سبحان الذي خلق فسوى لا إله إلا الله

اللهم اغفر لنا ياااارب فما قدرناك حق قدرك

جزاك الله خيرا أختي وأعلى درجاتك في الجنة

بارك الله فيك

حقوق الإنسان في الإسلام 2024.

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

الخطبة للشيخ عائض القرني

لخطبة الأولى

عباد الله:
يقول – عز وجل – في محكم كتابه: الجيرياوإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه ذلك بأنهم قوم لا يعلمونالجيريا [التوبة:6].
وقال أيضاً: الجيريافبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنتم فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلينالجيريا [آل عمران:159].
وقال أيضاً: الجيرياوالكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنينالجيريا [آل عمران:134].
وقال الجيريا: ((المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يسلمه، ولا يخذله، كل المسلم على المسلم حرام؛ دمه، وماله، وعرضه))[1].
أيها المسلمون:
نتحدث في هذه الخطبة عن حقوق الإنسان في الإسلام.
وإني لأتخيّل مسجد النبي الجيريا وقد امتلأ بالمصلين في صلاة الجمعة، وامتلأت الرحبات المجاورة للمسجد، وبدأ الخطيب يمشي نحو المنبر ليخطب في المسلمين.
وارتقى الخطيب درجات المنبر، وعليه ثيابه المرقعة الممزقة، ثم سلم على المسلمين وجلس.
أتدرون من هو الخطيب؟ إنه خليفة المسلمين عمر بن الخطاب الجيريا إنه الذي دوّخ الأكاسرة والقياصرة، إنه الذي داس إمبراطورية كسرى وقيصر تحت قدميه.
طوت الملائكة الصحف وجلست تستمع. والمسلمون ينصتون، فلا تتحرك شفة، ولا تسمع همساً، ولا ترى حركة ولا التفاتاً.
ويتحدث الخليفة في رمضان عن مشكلة المغالاة في المهور، وعن إمكانية تخفيضها، لما في ذلك من إرهاق للمقدمين على الزواج.
قال عمر: أيها الناس، ما إكثاركم في صداق النساء؛ وقد كان رسول الله الجيريا وأصحابه، وإنما الصدقات فيما بينهم أربعمائة درهم فما دون ذلك، ولو كان الإكثار في ذلك تقوى عند الله أو مكرمة، لم تسبقوهم إليها. فلا أعرفن ما زاد رجل في صداق امرأة على أربعمائة درهم.
لم نزل الجيريا فاعترضته امرأة من قريش… فقالت له: يا أمر المؤمنين، نهيت الناس أن يزيدوا النساء في صدقاتهن على أربعمائة درهم. قال: نعم. فقالت: أما سمعت ما أنزل الله يقول: الجيرياوآتيتم إحداهن قنطاراًالجيريا [النساء:20]. فقال: اللهم غفرانك..! كل الناس أفقه من عمر.
ثم رجع فركب المنبر فقال: يا أيها الناس، إن كنت نهيتكم أن تزيدوا النساء في صدقاتهن على أربعمائة درهم، فمن شاء أن يعطي من ماله ما أحب[2].
إنه يعيش الخلافة الراشدة بعدلها، إنه يعرف حقوق الإنسان، إنه يدرك وعي الأمة.
ينزل الله على نبيه، الجيريا، قوله: الجيرياوإن أحدٌ من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنهالجيريا [التوبة:6]. إن جاءك مشرك معه أطروحة، عنده شبهة، يريد أن يتكلم، فاستمع له وافتح له صدرك، وأسمعه كلام الله، لا تعنّفه، ولا تقده إلى الحبس، ولا تلقه في غياهب السجون.
والمواقف التي تدل على حقوق الإنسان في الإسلام كثيرة جداً.
أذكر منها ثلاثة، تبين قيمة الإنسان في الإسلام، وأنه ليس بهيمة، إنه إنسان سميع بصير، جعل الله له حقاً ورأياً وكلمة، عنده قلم يحمل إبداعاً، وقد يكون هذا الإنسان خيراً منك عند الله، وأقوم قيلاً.
الموقف الأول: أراد عليه الصلاة والسلام، أن يرجع إلى مكة ليفتحها، فكتم الأمر، إلا عن بعض أصحابه، وفشا في الناس أنه يريد حنيناً، فلما كان بالروحاء قال عليه الصلاة والسلام: ((اللهم عمّ عليهم خبرنا حتى نأخذهم بغتة)).
إذن فالأمر سرّ لا يجوز كشفه، ومع ذلك ينطلق أحد الصحابة، فيكتب رسالة خائنة، يخبر قريشاً بخبر رسول الله الجيريا وأنه سوف يغزوهم، ثم أعطى الرسالة امرأة فوضعتها في عقيصة رأسها.
ذهبت المرأة إلى قريش، وفي الطريق عند روضة خاخ، بين مكة والمدينة، أنزل الله الخبر من السماء، فانطلق فارسان من المسلمين، وأدركا هذه المرأة، وأخذا منها الكتاب.
خيانة مكشوفة، إفشاء لأسرار عسكرية، ومن الذي فعل ذلك، إنه حاطب بن أبي بلتعة، أحد الذين شهدوا بدراً، فاستدعاه عليه الصلاة والسلام، ليشهد على نفسه أمام الله، وأمام المسلمين، وأمام التاريخ، فقال عمر: يا رسول الله، إنه خان الله ورسوله، دعني لأضرب عنقه.
ولكن. .قتل الإنسان ليس سهلاً. .حبس الإنسان ليس سهلاً، مصادرة رأي الإنسان ليس سهلاً.
فيقول النبي عليه الصلاة والسلام: ((يا عمر وما يدريك، لعل الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم))[3]، فأنزل الله – عز وجل -: الجيريايا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوّي وعدوكم أولياءالجيريا [الممتحنة:1].
ويستمر الرسول عليه الصلاة والسلام في طريقه نحو الفتح، فيفتح الله عليه مكة في رمضان، ويلقاه أبو سفيان بن الحارث الذي قاتله، وسبه، وأخذ ماله، وأخرجه من داره، يلقاه أبو سفيان. فيسلم عليه ثم يقول: يا رسول الله: الجيرياتالله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئينالجيريا [يوسف:91]. فتسيل دموعه، عليه الصلاة والسلام، ويجيب: الجيريالا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمينالجيريا [يوسف:92].
فيدخل عليه الصلاة والسلام مكة فاتحاً منتصراً، يسحق الأصنام ويحطّم الشرك والوثنية.
ولما أذن المؤذن لصلاة الظهر، أخذ الجيريا بأصابعه الشريفة حلق باب الكعبة، وهزها وقال: الحمد لله الذي نصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده، يا معشر قريش: ما تظنون أني فاعل بكم؟ قالوا: أخٌ كريم وابن أخٍ كريم، قال: اذهبوا فأنتم الطلقاء[4].
نعم، إنها حقوق الإنسان، إن من حقك أن تعيش محترماً؛ في كلمتك، وفي رأيك، وفي بيتك، وفي قلمك، وفي مالك، لا تعيش خوفاً ولا بطشاً، ولا إرهاباً ولا تخويفاً، وهذا ما كفله الإسلام لجميع المسلمين على حد سواء، لا فرق بين أبيض وأسود، ولا غني وفقير، ولا كبير وصغير؛ الكل في ميزان الإسلام سواء.
وموقف ثان: أتت ثياب من اليمن، فوزعها أمير المؤمنين عمر على الناس، كل مسلم له ثوب، وبقي ثوب لأمير المؤمنين فلبسه، فوصل الثوب إلى ركبتيه، فقال لابنه عبد الله: يا عبد الله، أعطني ثوبك الذي هو حصتك، فأعطاه ثوبه، فوصل عمر الجيريا ثوبه بثوب ابنه عبد الله ولبسهما.
وصعد الخليفة يخطب في الناس، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس اسمعوا لما سوف أحدثكم عنه.
لكن سلمان له رصيد من الإيمان، فهو ليس بقرشي، ولا هاشمي، ولا عربي، ولا هو من قرابة الخليفة حتى ينال حصانة دبلوماسية لئلا تناله الأيدي، فهو فارسي أوصله الإسلام إلى شرف: ((سلمان منا آل البيت))[5]. فيصرخ سلمان: والله لا نسمع، ولا نعي، قال عمر الجيريا: ولم؟ قال: لأنك تلبس ثوبين، وتلبسنا ثوباً واحداً، أين العدالة؟ قال عمر الجيريا: يا عبد الله: قم فأجب، فقام عبد الله والناس سكوت، فقال: إن أبي رجل طوال لا يكفيه ثوب، فأعطيته ثوبي، فوصله بثوبه ولبسهما. وهنا قال سلمان: يا أمير المؤمنين الآن قل نسمع، وأمر نطع.
إن هذا هو الإسلام الذي حرّر الناس من عبادة العباد، إلى عبادة رب العباد، ومن ضيق الدنيا، إلى سعة الدنيا والآخرة، ومن جور الأديان، إلى عدل الإسلام.
وثالث المواقف: أن عمر الجيريا أراد أن يختبر جرأة الناس في الحق، أراد أن يُشطّب على سجلات النفاق والمجاملة والكذب والمدح بغير حق، فوقف على المنبر، ثم قطع الخطبة وقال: ما أنتم قائلون لو رأيتموني حدتُ عن الطريق هكذا.. ماذا ستفعلون لو انحرفت عن المنهج الرباني؟ ما موقفكم لو ظلمت وطغيت؟
لو كان هؤلاء غير رعية عمر لقالوا: أنت لا تخطئ، أنت لا تضل ولا تنسى. .أنت نور الزمان وكوكبة الفلك، وبركة الوقت.. كيف تخطئ والغيث ينزل بسببك من السماء!!
أما رعية عمر فليسوا من هذا النوع من البشر فيقف أعرابي في آخر المسجد، ويأخذ سيفه من جانب السارية، ويرفعه إلى السماء ليراه أمير المؤمنين، ويقول: والله يا أمير المؤمنين، لو رأيناك حدت عن الطريق هكذا.. لقلنا بالسيوف هكذا، قال عمر وعيناه تذرفان فرحاً: الحمد لله الذي جعل في رعيتي من إذا حدت عن الطريق هكذا قاموا عليّ بالسيوف هكذا.
إن الأمة الممسوخة، هي التي لا تبدي الرأي البناء الصادق، الذي لا يهدّم أمناً، ولا يثير فتنة، ولا يلعب بمقدرات الناس، أما الأمة الواعية فهي التي تقوّم الانحراف، وتقول للمخطئ أخطأت، وللظالم ظلمت، وللمصيب أصبت، وللعادل عدلت. يقول عليه الصلاة والسلام: ((إذا تهيبت أمتي أن تقول للظالم فقد تُودع منها))[6].
أي سقطت من عين الله، فلا يرضاها أمة شاهدة، ولا يرضاها أمة رائدة، ولا أمة وسطاً.
أيها المسلمون:
هذه هي حقوق الإنسان، حقوق الأسود، حقوق الأبيض، حقوق الأحمر، حقوق الشعث الغبر، الذين ينامون على الرمضاء، ويلتحفون بالسماء، حقوق الذين يريدون أن يتحدثوا وينصحوا ويوجهوا.
أقول ما تسمعون وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، وليّ الصالحين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على إمام المتقين، وقدوة الناس أجمعين، وعلى آله وصحبه والتابعين.
عباد الله:
إن الله – عز وجل – قد أكمل لنا الدين وأتمّ علينا النعمة برسالة محمد عليه الصلاة والسلام، فقال تعالى: الجيريااليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناًالجيريا [المائدة:3].
وصح عنه عليه الصلاة والسلام، أنه قال: ((تركتكم على البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك))[1].
ذهب عمر رضي الله عنه وأرضاه – إلى قرية من قرى اليهود، فوجد فيها كتاب التوراة، فأخذ منها نسخة، وأتى بها النبي الجيريا، فلما رآها النبي الجيريا غضب، وقال عمر – الجيريا -: ((أمتهوكون فيها يا ابن الخطاب، والذي نفسي بيده، لو أن موسى، الجيريا، كان حياً، ما وسعه إلا أن يتبعني))[2].
أما أتى الجيريا بالقرآن والسنة؟ أما أدى الأمانة وبلغ الرسالة؟ أما أكمل الله به الدين وأتم به النعمة؟ فلا يحتاج عبد إلى عقيدة، أو عبادة، أو معاملة، أو سلوك، إلا وجد ذلك في الكتاب والسنة!!
أما علمنا رسولنا الجيريا كيف نأكل، وكيف نشرب، وكيف ننام؟ فمالنا نصد عن منهج الله؟ ومالنا لا نتبع أوامر رسول الله؟
شعوبك في شرق البلاد وغربها كأصحاب كهف في عميق ثبات
بأيمـانهم نوران ذكـرٌ وسـنةٌ فما بالهـم في حالك الظلمات!!
أيها الناس: لقد انتشر بين كثير من الناس في بلادنا، دفتر صغير، اسمه: ((حجاب الحصن الحصين))؛ خزعبلات، وضلالات، الجيرياظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نورالجيريا [النور:40].
هذا الدفتر، ألّفه أحد المشعوذين، أو الكهنة، أو السحرة، فيه كلام باطل، وشرك بالله – عز وجل – جاءني به بعض الشباب، وهو منتشر في القرى، والمدن والبوادي.
يزعم هذا السفيه الأحمق الذي افترى هذا الكلام، أنه ينفع في أمور كثيرة؛ إذا وضعته المرأة في حرير، ووضعته في رأسها، وكانت لا تتزوج، جاءها الخطّاب من كل مكان!!
وإذا وضعه صاحب الدكان، وعلقه في دكانه، جاءه الزبائن بالعشرات، ولا يحترق دكانه!!
وإذا وضعه الإنسان في البيت، لا يحترق!!
سبحان الله! الجيريانبئوني بعلم إن كنتم صادقينالجيريا [الأنعام:143].
الجيرياقل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقينالجيريا [البقرة:111].
لقد حذر الله من هذه الخرافات ونهى عن هذه الشعوذة الجيرياولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين الجيريا بل الله فاعبد وكن من الشاكرينالجيريا [الزمر:65-66].
الجيرياواتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزاً الجيريا كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضداًالجيريا [مريم:81-82].
الجيرياواتخذوا من دونه آلهة لا يخلقون شيئاً وهم يُخلقون ولا يملكون لأنفسهم ضراً ولا نفعاً ولا يملكون موتاً ولا حياةً ولا نشوراًالجيريا [الفرقان:3].
فلماذا هذه الضلالات؟ ولماذا هذه البدع؟ ولماذا هذا التشويه لوجه الإسلام؟
الإسلام جميل، الإسلام قيّم، الإسلام حق، الإسلام صدق، فلا يتصور، ولا يجوز أن تنشر هذه الخزعبلات والشعوذة في الأرض التي بعث فيها إمام التوحيد محمد عليه الصلاة والسلام، فكيف نجد من ينشر مثل هذا الكلام على الرجال والنساء، والعجائز، والأطفال، والشباب، ليردوهم عن الدين الصحيح، والمنهج الأقوم.
صح عنه الجيريا أنه قال: ((من أتى عرّافاً[3] فسأله عن شيء، لم تقبل له صلاة أربعين ليلة))[4].
وصح عنه عليه الصلاة والسلام، أنه قال: ((من أتى عرافاً، أو كاهناً، فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد))[5]. تمائم، وخيوط، ودبل، وطلاسم، وشعوذة، وسحر، وكهانة، أهذا هو الإسلام؟
رأى النبي الجيريا رجلاً في يده حلقةٌ من صفر، فقال: ((ما هذه الحلقة؟)) قال: هذه من الواهنة[6]. قال: ((انزعها، فإنها لا تزيدك إلا وهناً))[7].
وزاد أحمد: ((فإنك لو مت وهي عليك، ما أفلحت أبداً ))[8].
وصح عنه الجيريا أن قال: ((من تعلّق تميمة، فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة، فلا ودع الله له))[9].
والتميمة؛ إما ورقة يكتب فيها غير القرآن، وحتى القرآن على الصحيح لا يعلّق، فكيف إذا كان طلاسم، وسحر، وشعوذة؟!
إن هؤلاء الكهنة والمشعوذين، يتخذون هذا الأمر تجارة، يأكلون به أموال الناس بالباطل، ويصدونهم عن دين الله، ويخرجونهم من دينهم وإيمانهم، وإسلامهم.
أيها الناس: قبل أيام، ذهب رجل إلى اليمن، ليلتقي هناك ببعض السحرة، لأن ابنته مريضة، فذهب إلى السحرة لتشفى ابنته!! ودفع لهم أموالاً طائلة. قلنا له: خسرت دينك وآخرتك، وكفرت بالله العظيم تماماً، وخسرت دنياك أيضاً، بما أنفقته من الأموال الطائلة، ولم يحصل لابنتك الشفاء الذي كنت ترجو. الجيرياخسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبينالجيريا [الحج:11].
وصدق رسول الله الجيريا: ((من تعلق تميمة، فلا أتم الله له))، لا في الدنيا ولا في الآخرة، لا أتم له مطلوبه، ولا شفى مريضه، ولا نجح راسبه، ولا ردّ غائبه،، ولا رزقه، ولا سد دينه، لأنه عادى الله، وعاد عن طريقه، وأعرض عن سبيله.
((ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له)) والودع: صدف يخرج من البحر، يعلق في بعض البيوت، فمن فعل ذلك: ((فلا ودع الله له))، لا حفظه الله، ولا رعاه، ولا تولاه، لا في الدنيا، ولا في الآخرة.
فيا أمة محمد عليه الصلاة والسلام، يا أبناء من نشر التوحيد في العالم، أمثل هذه الخرافات والسخافات تنشر بين أيديكم؟ من ينشر الإسلام في العالم إذن؟ من يخبر الناس بصفاء هذا الدين، وصدق هذا الدين، ووضوح هذا الدين؟
يأتي المشعوذون، والسحرة، والكهنة، فيشوّهون وجه الإسلام الجميل، فأين حماة الدين؟ وأين حراس العقيدة؟
الجيرياقل أفرأيتم ما تدعون من دون الله إن أرادني الله بضرّ هل هن كاشفات ضره أو أرادني برحمةٍ هل هن ممسكات رحمته قل حسبي الله عليه يتوكل المتوكلون الجيريا [الزمر:38].
سبحان الله، ما أجلّ الله، إذا مرضت شفاك، وإذا طلبت أعطاك، وإذا دعوت أجابك: الجيرياوإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعِ إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدونالجيريا [البقرة:186].
فاتصل بالله مباشرة، وعليك بالسجود، فإن العبد أقرب ما يكون إلى ربه – تبارك وتعالى – وهو ساجد.
لقد أساءت الأمة أيما إساءة، يوم شوهت وجه التوحيد، بهذه الشركيات والبدع المنكرة، يوم عرضت الإسلام على الأمم ممسوخاً ناقصاً مبتوراً، حتى استهزأ عبدة الكأس والمرأة الداعرة، والشهوة الرخيصة بالإسلام وأهله، فزعموا أن الإسلام خزعبلات، وأنه دروشة، وأنه همجية وبربرية، والإسلام من ذلك براء، لكن شوهه بعض أبنائه، الذين ما فهموه حق فهمه، وما عرفوه حق معرفته.
أيها المسلمون: حذار حذارِ من هذه الأمور، فإنها نبذٌ للعقيدة، وطرح للتوحيد، وضرب للإسلام في صميم القلب، ومعنى ذلك أن نفقد ديننا، وأخلاقنا، وسيرتنا.
أيها الموحدون: أنكروا هذا المنكر، وحاربوه، واشجبوه، وانهوا عنه، ومن وجد منكم أحداً من هؤلاء، فليرفع أمره إلى السلطان، وإلى القضاة، وإلى ولاة الأمر، وليأخذ على أيدي هؤلاء السفهاء، وليفضحهم أمام الناس، فإنهم أعداء الرسل، وبسببهم حل الجفاف، والمرض، والسلب والنهب، والقطيعة، وقسوة القلوب، وفساد ذات البين، وعقوق الأبناء.
نسأل الله أن يطهر البلاد منهم، الله احفظ علينا إسلامنا وتوحيدنا وإيماننا، اللهم إنا نعوذ بك من أن نشرك بك شيئاً ونحن نعلم، ونستغفرك مما لا نعلم.
عباد الله: وصلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه فقال: الجيرياإن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً الجيريا [الأحزاب:56].
وقد قال الجيريا: ((من صلى علي صلاة، صلى الله عليه بها عشراً))[10].
اللهم صل على نبيك وحبيبك محمد، واعرض عليه صلاتنا وسلامنا في هذه الساعة المباركة يا رب العالمين، وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين، والصحابة أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وكرمك ومنّك يا أكرم الأكرمين.

هل الإنسان مسيَّر أم مخير؟ 2024.

هل الإنسان مسيَّر أم مخير؟

يقول السائل: يُقال إن الإنسان مسيَّر، ويُقال: إنه مخيَّر، فهل الصواب أنه مخير أم أنه مسيَّر؟ وإذا كان مسيراً فلماذا جعل الله النار للملحدين مع أنه هو الذي كتب عليهم الإلحاد؟

الإنسان له وصفان مسيَّر ومخيَّر، مسيَّر ليس له خروج عن قدر الله عزَّ وجلَّ، فالله سبحانه وتعالى قدَّر مقادير الخلق قبل أن يخلقهم بخمسين ألف سنة كما جاء في الحديث الشريف، والقَدَر أمر ثابت وهو من أصول الإيمان، فإن النبي عليه الصلاة والسلام لما سأله جبرائيل عن الإيمان قال في جوابه: ((أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره))[1].
فالإيمان بالقدر من أصول الإيمان، فالله قدر أشياء وكتبها سبحانه قبل أن يخلق الناس، خلق العبد وقدر رزقه وأجله وشقاوته وسعادته، هذا أمر معلوم وقد أجمع عليه أهل السنة والجماعة، فهو مسير من هذه الحيثية، من جهة أنه لا يخرج عن قدر الله.

ولكنه ميسر لما خلق له، فإن الصحابة رضي الله عنهم لما أخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم أنه ما من الناس أحد إلا وقد وجد مقعده من الجنة ومقعدة من النار، فقالوا: يا رسول الله، فلِمَ نعملُ؟ قال: ((اعملوا فكل ميسر لما خلق له))[2]، فأما أهل السعادة فيُسِّروا لعمل أهل السعادة، وأما أهل الشقاوة فَيُسِّروا لعمل أهل الشقاوة، ثم تلا قول الله سبحانه وتعالى: فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى* وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى* فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى* وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى* وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى* فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى[3].
بيَّن عليه الصلاة والسلام أن جميع الأمور مقدرة، وأن أعمال العبد وشقاوته وسعادته وسائر شئونه قد مضى به علم الله، وكتبه الله سبحانه وتعالى، فليس للعباد خروج عما كُتب في اللوح المحفوظ، وعما قدره الله عليهم سبحانه وتعالى، وهو من هذه الحيثية مسير ومُيَسَّر أيضاً.
أما من جهة التخيير فالله جل وعلا أعطاه عقلاً وسمعاً وبصراً وأدوات فهو بها يعرف ما يضره وما ينفعه وما يناسبه وما لا يناسبه، فإذا أتى الطاعة فقد أتاها عن اختيار وإذا أتى المعصية فقد أتاها عن اختيار وإذا أتى المعصية فقد أتاها عن اختيار، فليس بمجبور ولا مكره بل له عقل ينظر به يميز بين الضار يبصر به، وله أدوات يأخذ بها ويعطي، ورجل يمشي عليها إلى غير ذلك، فهو بهذا مخير.
فهو المصلي، وهو الصائم، وهو الزاني، وهو السارق، وهو الذاكر والغافل، كل هذا من أعماله، فأعماله تنسب إليه وله اختيار وله إرادة، كما قال عزَّ وجلَّ: لِمَن شَاء مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ* وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ[4]، وقال تعالى: فَمَن شَاء ذَكَرَهُ* وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ[5]، وقال تعالى: تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ[6], وقال تعالى: إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ[7]، وقال تعالى: إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ[8]، وقال تعالى: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ[9]، وقال تعالى: إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ[10]، فنسب فعلهم إليهم، وقال: إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا[11].
فأعمالهم تنسب إليهم خيرها وشرها، فالعبد هو الصائم، وهو الذاكر، وهو الغافل وهو العامل، وهو المصلي إلى غير ذلك، فيؤجر على طيب عمله الذي أراد به وجه الله، ويأثم على ما فعله من الشر؛ لأنه مختار عامل لهذا الشيء.
فإذا فعل ما شرع الله عن إخلاص ومحبة لله آجره الله؛ من صلاة وصوم وصدقة وحج وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر وغير ذلك، وإذا فعل ما نهى الله عنه من السرقة والزنا وقطيعة الرحم والعقوق شهادة الزور وما أشبه ذلك أخذ بذلك، وأثم في ذلك واستحق العقاب؛ لأن هذا من فعله واختياره، ولا يمنع ذلك كونه قد قُدِّر وسبق به علم الله.
فقد سبق علم الله بكل شيء سبحانه وتعالى، ولكن العبد يختار يريد وله مشيئة، فإذا شاء المعصية وأرادها وفعلها أُخِذ بها، وإذا شاء الطاعة وأرادها وفعلها أُجرِ عليها.
فهو مخير ومسير، وتعبير السنة(ميُسَّر)، وهكذا تعبير الكتاب، قال تعالى: فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى[12]، والتعبير بمُيسَّر أولى من مسير كما جاءت به السنة، ويُقال: مسير كما قال الله تعالى: هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ[13]، فهو سبحانه الذي أعطاه العقل والقدرة على الفعل والعمل، فهو من جهة مسير وميسر ولم يخرج عن قدر الله، ومن جهة أخرى هو مخير وله مشيئة وله اختيار، وكل هذا واقع، وبهذا قامت عليه الحجة، وانقطعت المعذرة، واستحق الثواب والعقاب على أفعاله الطيبة والخبيثة، فالطيبة؛ له ثوابها، والخبيثة عليه وزرها، وبهذا يتضح معنى المُسَيَّر والمُيسَّر ومعنى المخير.

هل الإنسان مسيَّر أم مخير؟ |

موضوع رائع كم تناقشنا فيه ايام الثانوي مع استاذ مادة الفلسفة وكنا دائما نترك النقاش في منتصفه ويدق الجرس ههههه
والله موضوعك قيم ورائع بعض الناس يفعلون مالا يرضي الله ويتهمونه بانه كتب لهم ذلك والعياذ بالله والله اتمنى لو ان الجميع يقرا موضوعك ليعرف شيئ عن القضية الشائكة التي ما زالو يتخبطون فيها لحد اليوم
جزاك الله كل خير حنونتي والله لموضوع في القمة كنت نتمنى انك تطرحي هذا السؤال للنقاش اولا ونشوفو اراء الاخوات الكريمات وثقافتهم حول الموضوع ومن بعد تنزلينا هذا الموضوع الجميل تنوري لنا بعض الاشياء التي غابت عنا بصح ما نعرفش خير منك علا بالي بلي انت تخمي لابعد من هذا
مشكوووووووووووووووووووووووووووووورة وبوركتييييييييييييييييييييييي
بارك الله فيك غاليتي والله معاك حق موضوع رائع وفتاوى مبنية على تباين الحق وان وضعتها للنقاش سوف يخضون كلام لا يحمد عقباه وربما يحدث تعصب لذالك وضعته في مكانه المناسب ومع انه مهم سوف يثبت وهكذا كل من يدخل لقسم الفتاوى يطلع عليه
جزااك الرحمن خير
بارك الله فيك حبيبتي ذكريات
موضوعك مفهوم و واضح جدا أكيد يستحق التثبيت لأهميته
جزاكِ الله كل خير
جزاك الله خير أختي على الموضوع القيم

وفيك بارك الله ورحمة الله شيخنا واسكنه جنة الفردوس

وفيك بارك الله عزيزتي

عقيدة الإنسان في الإسلام 2024.

بسم الله الرحمن الرحيم

أيها الأخوة الكرام، إن من لوازم الإيمان بالله وتوحيده أن تستقيم على أمره، وألح وأكرر: أن دروس العقيدة ليست أن تعلم ما ينبغي أن نعتقد، ولكن أن تعلم ما ينبغي أن نعتقد، وما ينبغي أن تكون عليه بناءً على هذه العقيدة، جانب ينبغي أن تعتقده، وجانب ينبغي أن تكون عليه.
موقع الاستقامة من الدين:
تصور سيارة، وقد سمِّيت سيارة من أجل أن تسير، جهزت بكل شيء إلا المحرك، فالمحرك يجعلها تسير، فإذا ألغي المحرك ألغيت السيارة، يجب أن نعلم جميعاً أن موقع الاستقامة من الدين كموقع المحرك من السيارة، فإذا تعطل هذا المحرك ألغيت صفة السيارة.

إنّ كل نشاطات المسلم إن لم تكن الاستقامة مرافقة لها فلا قيمة لها إطلاقاً، بل ينقلب الدين إلى ثقافة، أو إلى تراث، أو إلى فلكلور، أو إلى عادات، أو إلى تقاليد، أما الدين فهو التزام.
هذا الراعي الذي سأله ابن عمر: بعني هذه الشاة، وخذ ثمنها؟ قال: ليست لي، قال له: قل لصاحبها: ماتت، وخذ ثمنها؟ قال: والله إنني لفي أشد الحاجة إلى ثمنها، ولو قلت لصاحبها: ماتت، أو أكلها الذئب لصدقني، فإني عنده صادق أمين، ولكن أين الله؟
هذا الراعي ثقافته محدودة جداً، ما عنده مكتبة ضخمة، ولا مؤلفات أبداً، لكنه خاف من الله،

فوضع يده على جوهر الدين، والذي يحمل شهادات لا تعد ولا تحصى، وله مؤلفات كبيرة جداً، وله اسم لامع جداً في سماء المعرفة، ولم يكن مستقيماً، فإنّ هذا الراعي أفقه منه، كفى بالمرء علماً أن يخشى الله، وكفى به جهلاً أن يعصيه.

قال الله تعالى:
(إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ)
[سورة فصلت: 30]
(إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ)
[سورة الأحقاف: 13]
(فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ)
[سورة هود: 112]

إن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، الاستقامة حدية، كما يطبقها النبي عليه الصلاة والسلام وهو سيد الخلق يجب أن يطبقها المؤمن، وهو أدنى مرتبة في الإيمان، وأقلّ مؤمن يجب أن يستقيم كاستقامة رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنها حدية، كما لو أن أعلى طبيب في الأرض إذا أراد أن يعطي حقنة يعقمها، وأقلّ ممرّض في العالم إن أراد أن يعطي حقنة يعقمها تعقيماً حدياً ينطبق على أعلى طبيب، وعلى أدنى ممرض،

قال تعالى:
(قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ)
[سورة فصلت: 6]
(وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقاً)
[سورة الجن: 16]
جميل جداً أن تعبد الله العبادات الشعائرية، جميل جداً أن تتقن صلاتك، جميل جداً أن تتقن صيامك، أن تتقن حجك، أن تتقن إنفاق الزكاة، والأجمل من هذا كله أن تكون مستقيماً قبل أن تصلي.
لذلك عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيِّ قَالَ:
قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قُلْ لِي فِي الْإِسْلَامِ قَوْلًا لَا أَسْأَلُ عَنْهُ أَحَدًا غَيْرَكَ قَالَ قُلْ آمَنْتُ بِاللَّهِ فَاسْتَقِم
[مسلم]

يعني قل لي قولاً جامعاً مانعاً، قل لي قولاً موجزاً يكفيني، قل لي قولاً أستغني به عن كل قوي فقال عليه الصلاة والسلام:
قُلْ آمَنْتُ بِاللَّهِ فَاسْتَقِم

لا شيء من نشاطات المسلم يعدل أن تستقيم على أمر الله بعد سلامة العقيدة، لأن كل ثمار الدين لا تقطف إلا بعد الاستقامة، ومن دون استقامة يغدو الإسلام تراثاً وعادات وتقاليد، بل يغدو أقرب إلى الفلكلور منه إلى التشريع.

في بعض الروايات أن أعرابيًا سأل رسولَ الله صلى الله عليه وسلم مثل هذا السؤال، فلما قال له:
قل آمن بالله، ثم استقم، قال: أريد أخف من ذلك، قال: إذاً فاستعد للبلاء
إن رأينا الاستقامة صعبةً إذاً فلنستعد للبلاء.

هناك إنسان معه التهاب حاد في المعدة، سأل الطبيب: ماذا تنصحنى أن آكل؟ قال: ممنوع إلا بضعة أكلات بطاطا، ورز، وتفاح فقط، قال له: هذه صعبة، قال: استعد لعملية جراحية، إن لم تقبل هذه الحمية الشديدة فاستعد لعملية جراحية،
البشارة للمستقيمين،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

استقيموا ولن تحصوا
[ابن ماجه عن ثوبان بسند صحيح]

حقيقة الاستقامة:
أيها الإخوة، مرة ثانية، مع أن هذا المثل أردده كثيراً، التجارة لها آلاف النشاطات، لكنها مضغوطة كلها بكلمة واحدة، الربح، فإن لم تربح فلست تاجراً، كذلك هناك آلاف النشاطات في الدين، تقام مؤتمرات، تؤلف كتب، تلقى محاضرات، نراعي التراث الإسلامي، الحضارة الإسلامية، الفن الإسلامي، كل هذه النشاطات وقد تزيد على مئة ألف نشاط تضغط كلها في كلمة واحدة، الاستقامة، فإن لم تكن هذه الاستقامة فكل هذه النشاطات لا قيمة لها.

أنا أتكلم بهذا الكلام، ولا أبالغ، لكن من أجل أن توفروا أوقاتكم، من أجل أن تضعوا يدكم على جوهر الدين، ما لم تلتزم، ما لم تكن وقافاً عند حدود الله، ما لم تأتمر بما أمر، ما لم تنته عما عنه نهى وزجر، ما لم يرَك الله حيث أمرك، ما لم يفتقدك حيث نهاك، ما لم تخش الله في كسب مالك، ما لم تخش الله في إنفاق مالك، ما لم تخش الله في توزيع ثروتك، ما لم تخش الله في تطليق زوجتك، ما لم تخش الله في زواجك، ما لم تخش الله في احتفالاتك، في أفراحك، في أتراحك، ما لم تخش الله في سفرك، ما لم تخش الله في إقامتك، ما لم ترعَ منهج الله، فلا قيمة لكل أعمالك، لأن الطريق إلى الله مسدود، والخط الذي ينبغي أن يكون ساخناً بينك وبين الله مقطوع.

هذه حقيقة الاستقامة، لها الموقع الأول في الدين، ما لم تكن مستقيماً فلا قيمة لكل انتماءاتك الإسلامية، الآن هناك كلمات كثيرة، يقال لك: عنده خلفية إسلامية، خير إن شاء الله، عنده أرضية إسلامية، عنده نزعة إسلامية، عنده فكر إسلامي، عنده ثقافة إسلامية، عنده اهتمامات إسلامية، عنده توجهات إسلامية، عنده عاطفة إسلامية، لكنه ليس مسلماً،

ما لم تستقم فلا تفكر أن تقطف من ثمار الدين شيئاً
ما لم تقف عند الحلال والحرام، ما لم تتورع أن تأكل درهماً من حرام فلن تفلح، وترك دانق من حرام خير من ثمانين حجة بعد حجة الإسلام.
أنا أؤكد لك بالدليل يوم سئل النبي عليه الصلاة والسلام عن المفلس:
أتَدْرُونَ مَنْ الْمُفْلِسُ؟ قَالُوا: الْمُفْلِسُ فِينَا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ لَا لَهُ دِرْهَمَ وَلَا دِينَارَ وَلَا مَتَاعَ، قَالَ: الْمُفْلِسُ مِنْ أُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ يَأْتِي بِصَلَاةٍ، وَصِيَامٍ، وَزَكَاةٍ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ عِرْضَ هَذَا، وَقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا، فَيُقْعَدُ، فَيَقْتَصُّ هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ، فَطُرِحَ عَلَيْهِ، ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّار
[مسلم، الترمذي]

هو يصلي، قال تعالى:
(إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ)
[سورة التوبة: 54]
يصلون.
من حج بمال حرام، و ضع رجله في الركاب، وقال: لبيك اللهم لبيك، ينادى: أن لا لبيك، ولا سعديك، وحجك مردود عليك.

(قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْماً فَاسِقِينَ)
[سورة التوبة: 53]
مَن لم يدع قول الزور، والعملَ به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه .

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ
[البخاري]

هذه حقيقة، أنت تطلب من الله الكرامة، وهو يطلب منك الاستقامة، أنت مسلم حينما تستقيم، وإلا فأنت مثقف، عندك ثقافة إسلامية، ما لم نجد إسلامك في عملك.

الاستقامه كما فهمها الصحابة:
سيدنا أبو بكر قال:
الاستقامة ألا تشرك بالله شيئاً
سيدنا الصديق فهم الاستقامة على أنها التوحيد، وهذا فهم سديد، أنت حينما توحد لا تكذب، حينما توحد لا تنافق، حينما توحد لا تتضعضع أمام غني، أنت حينما توحد لا تغش المسلمين، الأمر بيد الله، هو الرزاق، هو الحافظ، علاقة الاستقامة بالتوحيد علاقة يسموها علاقة عضوية، أنت مستقيم بقدر ما أنت موحد، وأنت ضعيف الاستقامة بقدر ضعف توحيدك، الرزاق هو الله، فحينما يكذب الإنسان من أجل الرزق معنى هذا أنه غير موحد، حينما ينافق من أجل الحفاظ على منصبه معنى هذا أنه غير موحد، سيدنا الصديق فهم الاستقامة على أنها التوحيد.

سيدنا عمر قال:
الاستقامة أن تستقيم على الأمر والنهي، ولا تروغ روغان الثعلب
أما سيدنا الفاروق ففهِم الاستقامة على أن تأتمر بما أمر، وأن تنتهي عما عنه نهى وزجر، الاستقامة الأمر والنهي،

سيدنا عثمان
قال: استقاموا أخلصوا العمل لله
سيدنا عثمان رضي الله عنه فهم الاستقامة على أنها الإخلاص، كل صحابي فهمها من زاوية، الإخلاص، الإنسان بذكاء قد يمثل، لكن المخلص هو المستقيم، الاستقامة التي تفعلها، وتجاهد نفسك وهواك من أجلها لا تقبل إلا إذا كنت مخلصاً.

سيدنا علي قال:
استقاموا أدوا الفرائض

سيدنا علي فهم الاستقامة على أن تؤدي الفرائض، وما تقرب إلي عبدي بأحب إلي مما افترضته عليه، صلى قيام الليل، وفاتته صلاة الفجر، لا، صلاة الفجر أولى، لأنها فرض، ما تقرب إلي عبدي بأحب إلي مما افترضته عليه.
ابن عمر قال:

دينكَ دينك، إنه لحمك ودمك، خذ عن الذين استقاموا، خذ عن الذين استقاموا عقيدتهم وتصوراتهم، خذ عن الذين استقاموا، ولا تأخذ عن الذين مالوا

تعريف الاستقامة:
أيها الإخوة الكرام: من أدق تعريفات الاستقامة:
هي فعل ما ينبغي فعله، وترك ما ينبغي تركه
هذا هو الدين، الدين حركة، الدين سلوك، الدين التزام، إنه طاعة طوعية، ممزوجة بمحبة قلبية، أساسها معرفة يقينية، تفضي إلى سعادة أبدية.

يتبع……

الاستقامة سلوك الصراط المستقيم، ويشمل فعل الطاعات كلها، الظاهرة والباطنة، وترك المنهيات كلها الظاهرة والباطنة، وتتعلق الاستقامة بالأقوال، والأفعال، والأحوال، والنيات.

تعانةً، وعلى أمر الله تطبيقاً،

الاستقامة كلمة جامعة آخذة بمجامع الدين: هي القيام بين يدي الله على حقيقة الصدق والوفاء، والاستقامة فضلاً عن صحة العقيدة والثبات على الحق.

من جوانب الاستقامة:
لو تعمقنا في معنى استقاموا لوجدنا أنها تعني

1. استقامة العقيدة:
ومن صحت عقيدته صح عمله وقُبل عمله، ومن فسدت عقيدته فسد عمله ولم يقبل عمله الطيب، لأنه ذو عقيدة فاسدة، فلعل في معنى قول الله عز وجل:
(إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا)
[سورة الأحقاف]

أي صحت عقيدتهم، فإن صحت العقيدة صح العمل،
أن توحد الله، وألا ترى مع الله أحداً، أن ترى رؤية عميقة ثابتة واضحة صارخة أن الأمر بيد الله وحده،
(وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ)
[سورة هود]

(مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً)
[سورة الكهف]

(وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ)
[سورة الزخرف]
(لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ)
[سورة الأعراف]
(اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ)
[سورة الزمر]

هذا أهم شيء في الاستقامة العقدية، أو الاستقامة الاعتقادية، أن تعتقد أن الله واحد، وأنه وحده المتصرف.

أيها الإخوة الكرام،ما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد، وأن نهاية العلم التوحيد، نهاية نهاية العلم أن توحد الله، وأن توحيد الله مضمون رسالات السماء كلها.

(وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (25))
[سورة الأنبياء]

الإنسان متى يعصي؟ حينما يرى جهة غير الله تنفع وتضر، تعطي وتمنع ترفع وتخفض، تعز وتذل، إذاً يرضيها بمعصية الله، أما حينما لا يرى مع الله أحداً يرى يد الله وحدها تعمل، يرى الله في السماء إلهًا،وفي الأرض إلهًا، يرى الله خلّاق وفعّالاً، حينما يوقن المرء أن الأمر كله بيد الله، لابد من أن يتجه إليه وحده.

فالمؤمن الموحد لا يرجو غير الله ولا يتوكل إلا على الله ولا يعقد الأمل إلا على الله ولا يخاف إلا الله ولا يحب إلا الله، فإذا أحب المؤمنين فمن حبه لله، إن أحب أنبيائه المرسلين فمن حبه لله، إن أحب الأعمال الصالحة فمن حبه لله، هذا حب في الله وقد فرق بعض العلماء الكبار الحب في الله عن الحب مع الله، شتان بين الحب في الله وبين الحب مع الله، الحب في الله عين التوحيد، والحب مع الله عين الشرك. فلا تتخذ غير الله رباً ولا ولياً ولا حكماً هذا توحيد الألوهية، أن تكون مستقيماً على أمر الله، قانعاً بما أتاك الله، راضياً بما قسمه الله لك، لا تعتمد إلا على الله لا ترجو إلا الله، لا تفرح إلا بما عند الله، لا تخاف إلا من الله، لا ترى في الأرض جهة تعمل إلا الله.

أيها الإخوة الكرام، لذلك هناك نفاق يخرج من الملة أي من الدين، النفاق الاعتقادي، هو عكس الاستقامة الاعتقادية، أن تقول مالا تعتقد، أن تجامل الناس فيما يعتقدون وأنت لا تعتقد ذلك، هذا هو النفاق الاعتقادي الذي يخرج من الملة وهذا الذي قال الله عنه:
(إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ)
[سورة النساء]

وما من مؤمن ورع إلا ويخشى على نفسه من النفاق، وهذا التابعي الجليل الذي التقى بأربعين صحابياً ما منهم واحد إلا وهو يظن نفسه منافقاً من شدة خوفه من الله وورعه.

أيها الإخوة الكرام، هناك نفاق عملي، أن تأتي أفعالك على غير أقوالك أن تأتي أقوالك على غير معتقداتك هذا نفاق اعتقادي يخرج من الملة أشد من الكفر، أما أن تأتي أفعالك خلاف كلامك هذا نفاق عملي، هذا صاحبه وقع في معصية كبيرة لكن يرجى له التوبة،

2. الاستقامة أن تثبت على الحق:
الاستقامة أن تثبت على الحق هذه ثورة التي تظهر عند بعض الشباب ثم تهمد، هذا الإقبال ثم الإدبار، هذا الالتفات ثم التولي، هذه الموجة الطارئة التي تصيب بعض الشباب هذه لا تعني أنهم مستقيمون على أمر الله، الاستقامة تعني الثبات.
(مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً)
[سورة الأحزاب]

ينبغي أن تكون مستقيماً في الرخاء وفي الشدة، في إقبال الدنيا وفي إدبارها، في المنشط والبركة، حينما تكون شاباً كسيدنا أسامة، وحينما تكون شيخاً كأبي أيوب الأنصاري، الاستقامة تعني الثبات، الإنسان يستقيم إذا كان فقيراً أحياناً، ويفسق إذا اغتنى، يستقيم إذا كان أعزبَ، ويقصر إذا كان متزوجاً، يستقيم إذا كانت الدنيا منصرفة عنه، فإذا أقبلت عليه قد لا يستقيم، من معاني الاستقامة: الثبات.

(مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً)
ماذا قال بعضهم في غزوة الخندق؟

أيعدنا صاحبكم أن تفتح علينا بلاد قيصر وكسرى وأحدنا لا يأمن أن يقضي حاجته؟

(مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً)
[سورة الأحزاب]

لذلك لا بد من امتحانات، من أجل فرز المؤمنين.
(مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ)
[سورة آل عمران]

لابد من فرز، وأحياناً بعض الشدائد هي التي تفرز.
(إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا (10) هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيداً)
[سورة الأحزاب]

أما الذين في قلوبهم مرض فقالوا:
(مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورا)
[سورة الأحزاب]

أول معنى من معاني الاستقامة: الثبات في المنشط وفي المكر، في العسر واليسر، في الشباب والشيخوخة، في إقبال الدنيا وفي إدبارها، قبل الزواج وبعد الزواج، قبل التجارة وبعد التجارة، ومن معاني الاستقامة: أن تقف عند حدود الله لأن تجاوز الحدود طغيان، وهذا يتناقض مع الاستقامة.

أيها الإخوة: إن الاستقامة في التحليل الدقيق ليست سوى تمحور المسلم حول مبادئه ومعتقداته، مهما كلف ذلك من عنت ومشقة، حقيقة التدين التمحور حول المبدأ مهما كلف من ثمن،
سيدنا عمر حينما جاءه جَبَلة مسلماً رحب به، فلما طغى وضرب بدوياً، وهشم أنفه، وشكاه البدوي إلى عمر، استدعى الملك الغساني جبلة، قال له: أرضِ الفتى، لابد من إرضائه، والقصة طويلة، قال جبلة: كان وهماً في خلدي أنني عندك أقوى وأعز، أنا مرتد إذا أرغمتني، قال عمر:
عنق المرتد بالسيف تحز، عالم نبنيه، كل صدع فيه بشبا السيف يداوى، وأعز الناس بالعبد بالصعلوك تساوى

لقد ضحى بملك، ولم يضحِ بمبدأ، هذه المجتمعات التي يمكن أن ترقى إلى أعلى عليين، المبادئ فيها كل شيء، و المصالح ليست بشيء، لكن المجتمعات حينما تتخلف تصبح المصالح كل شيء، ولو ضحينا بكل المبادئ الإنسانية، إما أن يكون المبدأ محوراً، وإما أن تكون المصلحة محوراً.

أيها الإخوة الكرام: حقيقة الاستقامة تمحور حول المبادئ والمعتقدات، مهما كلف من عنت ومشقة، ومهما ضيّع صاحبها من فرص ومكاسب.

أيها الإخوة الكرام: من الثابت أن المرء إذا أراد أن يعيش وفق مبادئه، ورغب إلى جانب ذلك أن يحقق مصالحه إلى الحد الأقصى فإنه بذلك يحاول الجمع بين نقيضين، هذا مستحيل، مستحيل أن تتمسك تمسكاً تاماً بمبادئك، وأن تحقق مصالحك في أعلى درجة، هما نقيضان لا يجتمعان،

قَالَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
مَنْ أَحَبَّ دُنْيَاهُ أَضَرَّ بِآخِرَتِهِ وَمَنْ أَحَبَّ آخِرَتَهُ أَضَرَّ بِدُنْيَاهُ
[أحمد]
فلابد من امتحان صعب.

سئل الإمام الشافعي: أندعو الله بالتمكين أم بالابتلاء، فقال:
لن تمكنوا قبل أن تبتلوا

أيها الإخوة: إن تحقيق المصلحة على حساب المبدأ يعد انتصاراً لشهوة أو لمصلحة آنية، أما الانتصار للمبدأ على حساب المصلحة فإنه تربع على قمة من الشعور بالسعادة، والرضا، والنصر، والحكمة، والانسجام، والثقة بالنفس، وقد أثبتت المبادئ أنها قادرة على أن تكرِّر الانتصار للمرة تلو المرة، كما أثبت الجري خلف الشهوات دون قيد ولا رادع أنه يحقق نوعاً من المتع والمكاسب الآنية، لكنه لا يفتأ أن يرتد على صاحبه بالتدمير الذاتي، حيث ينمو الظاهر على حساب فساد الباطن،

ويتألف الشكل على حساب المضمون، فحينما تنتصر لمبدأك تشعر بسعادة لو وزعت على أهل بلد لكفتهم، تشعر بالانسجام بين ما تعمل وما تعتقد، تشعر بقيمتك كإنسان، تشعر أنك تحمل رسالة، تشعر أنك المخلوق الأول، تشعر أنك تنتمي إلى رب الأرض والسماوات، تشعر أنك رباني، وحينما تنتصر لمصلحتك على حساب مبدئك تستمتع بالحياة قليلاً:

(قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ)
[سورة النساء: الآية 77]

وتتعذب كثيراً، وتنهار من الداخل، وتدمِّر ذاتك.

أيها الإخوة الكرام: إن المبدأ يشبه نظارة ملونة، إذا وضعناها على أعيننا فإن كل شيء يتلّون بلونها، فصاحب المبدأ له طريقته الخاصة في الرؤيا، والإدراك، والتقويم، إنه حينما يرى الناس يتسابقون على الاستحواذ على مكسب دنيوي يستغرب ذلك، ويترفع عن ذلك، لأن مبدأه يقول له شيئاً آخراً غير ما تقوله الغرائز للآخرين، وإذا رأى الناس يخلطون في المال الحرام تقززت نفسه، لأنه يعلم ضخامة العقوبة التي تنتظر أولئك، وإذا أصيب بمصيبة فإنه يتجلد، ويتصبر، لأنه يرجو المثوبة عليها من الله تعالى.

أيها الإخوة الكرام: الحياة درس بليغ، وامتحان صعب، وهذه هي الحقيقة.

أيها الإخوة: لو نظرنا إلى الناس، فهناك من همّه الأكبر النجاح في عمله، والمحافظة على سمعته، وهناك من يتمحور حول المتعة، فهو يبحث عنها في كل ناد وواد، وهناك من يتمحور حول المال، فهو يجوب العالم بحثاً عنه، وهناك من يبحث عن السيطرة والنفوذ، فهو مستعد لأن يفعل كل شيء في سبيل التمكن والتحكم، وتجد ثلّة قليلة بين هذا الطوفان من البشر استهدفت أن تحيا لله، وأن تبحث عن رضوانه، ومن ثَمّ فإنه يمكن أن تفسّر كل أنشطتها ومقاصدها في ضوء هذا المحور، وهذه الثلّة هي التي أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يفصح عن محورها باعتباره رائداً لها وموجهاً وهادياً:
(قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)
[سورة الأنعام: الآية 162]

هناك من همّه الشهوة، هناك من همّه الشهرة، هناك من همّه تكديس الأموال، هناك من همّه السيطرة، هناك من همّه رضوان الله عز وجل والتقرب إليه، وشتان بين هؤلاء وبين هذا النموذج:

(قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ)
[سورة الأنعام]

أيها الإخوة الكرام: دائماً وأبداً أردّد هذه المقولة: الحقيقة المُرّة أفضل ألف مَرة من الوهم المريح، إن الذين يعلنون الولاء للمبادئ كثيرون جداً في العالم، بل هم أكثر أهل الأرض، الإعلان بالولاء للمبادئ، ولكن لا تجد في سلوكهم، ولا في مواقفهم، ولا في حركتهم اليومية ما يؤكد هذا الولاء للحق، بل ليس عندهم برهان على ما يدّعون، يمكن أن نقول: إن أكثر الناس ديّنون، وأنا أعني ما أقول، ديناً معلناً، وديناً حقيقياً، ودين المرء الحقيقي هو الذي يمحور حياته من أجله، الإنسان منطقي، والإنسان يحرص على مكانته، يتحدث بالقيم، يعلن ولاءه للمبادئ، ولكن لا تجد في حركته اليومية ما يؤكد هذا الولاء، لذلك لكل إنسان دينان، دين حقيقي، ودين معلن، هذا الذي يتحدث عنه في المجالس هو الدين المعلن، أما الذي يمارسه كل يوم في خلوته وجلوته هو الدين الحقيقي، وسوف نحاسب على الدين الحقيقي.

أيها الإخوة: حقيقة مذهلة، إن من طبيعة المبدأ أنه يمد أصحابه بقوى وإمكانات خارقة وخارجة عن إمكاناتهم الحقيقية، تجد إنساناً صاحب مبدأ، له إنجاز لا يصدق، هذا الإنجاز لا يتناسب مع إمكاناته، لكن الله أمدّه بقدرات استثنائية، لأنه صدّق معه.
إن من طبيعة المبدأ أن يمد أصحابه بقوى وإمكانات خارقة وخارجة عن أرصدتهم الفعلية، ولذا فإن التضحيات الجلية لا تصدر إلا عن أصحاب المبادئ، وأصحاب المبادئ هم أنفع الناسِ للناسِ.

أيها الإخوة الكرام: التمحور حول المبدأ هو الذي يمنح الحياة معنى، يجعلها تختلف عن حياة السوائم الذليلة، التي تحيا من أجل التكاثر ومجرد البقاء.

المبدأ هو الذي يضفي على تصرفاتنا الانسجام والمنطقية، ويجعلها واضحة مفهومة.

أيها الإخوة الكرام: ولابد من واقعية من حين إلى آخر، نحن لا ننكر أن الظروف الصعبة توهن من سيطرة المبدأ على السلوك، لكن تلك الظروف هي التي تمنحنا العلامة الفارقة بين أناس تشبعوا بمبادئهم حتى اختلطت بدمائهم ولحومهم، وأناس لا تكون المبادئ بالنسبة لهم أكثر من تكبيل شكلي لبشريتهم.

3. استقامة الجوارح:

للعين عبادتها وللأذن عبادتها، ولليد وللرجل، هذه الجوارح كل جارحة ينبغي أن تضبط بمنهج الله عز وجل.
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
لَا يَسْتَقِيمُ إِيمَانُ عَبْدٍ حَتَّى يَسْتَقِيمَ قَلْبُهُ وَلَا يَسْتَقِيمُ قَلْبُهُ حَتَّى يَسْتَقِيمَ لِسَانُهُ…
[مسند الإمام أحمد]

المعاصي التي يجترحها اللسان لا تعد ولا تحصى، بعض الأئمة الكبار أحصى منها عدداً كبيراً، هناك الغيبة والنميمة والهمز واللمز والاحتقار والسخرية والمحاكاة وما إلى ذلك، فحينما يستقيم لسان الإنسان يستقيم قلبه، لذلك من الذي ينجو من عذاب الله؟ من عد كلامه من عمله ‍! أما المقصرون، بعض المنافقين يقول باللغة الدارجة: كله حكي بحكي.
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
إِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ لَا يَرَى بِهَا بَأْسًا يَهْوِي بِهَا سَبْعِينَ خَرِيفًا فِي النَّارِ
[سنن الترمذي]

ورد أن قذف محصنة يعدل، أي يستحق صاحبه العذاب مائة سنة ! قصف محصنة يهدم عمل مئة سنة ! وهذا باللسان فقط، وحينما يتوهم الناس أن معاصيهم فقط أن يشربوا الخمر، وأن يزنوا،وأن يسرقوا، وأن يقتلوا، وما سوى ذلك من اللمم، هذا الذي ضيعهم،وهذا الذي مزقهم،وهذا الذي أفسد حياتهم،وهذا الذي حجبهم عن الله عز وجل،

لَا يَسْتَقِيمُ إِيمَانُ عَبْدٍ حَتَّى يَسْتَقِيمَ قَلْبُهُ وَلَا يَسْتَقِيمُ قَلْبُهُ حَتَّى يَسْتَقِيمَ لِسَانُهُ…

ويقول عليه الصلاة والسلام:
… أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ
[صحيح البخاري]
فلابد من أن يكون قلبك مستقيماً.
(يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ)
[سورة الشعراء]

من أجمل ما قاله العلماء عن القلب السليم: هو قلب لا يشتهي شهوة لا ترضي الله، هو قلب لا يقبل خبراً يتناقض مع وحي الله، هو قلب لا يحكم غير شرع الله، ولا يعبد غير الله.

ما معنى قول النبي الكريم في الحديث:
…وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ …
[صحيح البخاري]

أي لا يرى إلا بنور الله، ضبط عينه عن أي نظرة لا ترضي الله، وإن قلنا:العين بداية البصيرة لا يعتقد،ولا يرى حقيقة إلا وفق ما جاء به الوحيان، الكتاب والسنّة، وأما سمعه لا ينظر إلى باطل،ولا إلى كذب،ولا إلى بهتان، ولا إلى غيبة،ولا إلى نميمة،ولا إلى كلام يتناقض مع كلام الله،ولا يصغي إلى اقتراحات تتناقض مع أصل الدين، يسمع بنور الله.

كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ
ولا يفعل شيئاً لا يرضي الله بيده،
وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا
وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا
ولا يتجه إلى مكان لا يرضي الله يتجه نحو مساجد الله، نحو حفل يرضي الله، نحو إصلاح بين زوجين، نحو دعوة إلى الله، حركته في سبيل الله، وأعماله مضبوطة بمنهج الله، ورؤيته وسمعه وفق وحي الله.

4. الاستقامة ألا تطغى:
أيها الإخوة الكرام
(فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا)
[سورة هود]
نقف وقفة متأنية عند كلمة: ولا تطغوا، لا تطغوا نهي يشير إشارة واضحة إلى أكبر عقبة تعترض سبيل الاستقامة، يبدو أن من طبيعة البسط، من طبيعة القوة، من طبيعة الغنى، من طبيعة التمكن في الأرض الطغيان، ولا تطغوا.

أيها الإخوة: قال تعالى:
(وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ)
[سورة الشورى: الآية 27]
(كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6) أَنْ رَآَهُ اسْتَغْنَى)
[سورة العلق]
أن رأى نفسه قوياً، غنياً، صحيحاً، ممكّناً في الأرض، يبدو هذا من خصائص النفس، أنها إذا استغنت متوهمة عن ربها، أو قويت، أو اغتنت، أو كان حولها أناس كثيرون تعتزّ بهم طغت، وبغت، لذلك يذكرنا الله عز وجل فيقول:
(فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا)
[سورة هود: الآية 112]
أيها الإخوة: الطغيان مجاوزة الحد، هذا الطغيان يتجسد في صور متعددة، فبغي القوة البطشُ بالضعفاء، وبغيُ الجاه والنفوذ الظلمُ وأكلُ الحقوق، و بغيُ العلم اعتمادُ العالم على ما لديه من شهرة ومكانة، مما يدفعه إلى القول بغير دليل، ورد أقوال المخالفين من غير حجة ولا برهان، طغيانُ المال التبذيرُ والإسرافُ والتوسعُ الزائد في المتع والمرفهات:
(فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ)
[سورة هود: الآية 112]

أيها المستقيم، إما أن تكون غنياً، قوياً، عالماً كبيراً، ممكّناً في الأرض، فأكبر منزلق ينتظرك أن تطغى، أن تتجاوز الحد، لثقة بمالك، أو بعلمك، أو بشهرتك، أو بقوتك:

(فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا)
[سورة هود: الآية 112]
وقد يكون المستقيم ضعيفاً فقيراً، في أدنى درجات السلم الاجتماعي، على خلاف الحالة الأولى، هذا المستقيم الضعيف، هذا الذي يشعر بحاجة إلى كل شيء، ما منزلقه؟ منزلق آخر:
(وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا)
[سورة هود: الآية 113]

أيها الإخوة: أصحاب الطموحات، أصحاب التطلعات المصلحية، الضعفاء، مَن يمرون بظروف صعبة قد ينزلقون إلى مصانعة الظالمين، ومداهنة الأشرار، وإشعارهم بالرضا عما هم فيه، كي يستفيدوا من قوتهم، وما لديهم من متاع في تحسين أحوالهم، وتحقيق مكاسبهم، مع أن طبيعة الاستقامة والالتزام بهذه الحال تقتضي المناصحة والهجر، والضغط الأدبي، والتحذير من التمادي، هذا كله منافٍ للركون، لكن الشيطان يبرهن دائماً أنه يملك خبرات متميزة في تزيين الباطل، فقد يدّعي إنسان مؤمن، وهو مستقيم أنه من الحكمة أن يفعل كذا وكذا، هو ليس من الحكمة، ولكن من تزيين الشيطان، فالقوي، والغني، والمتمكن من العلم منزلقه الطغيان، والضعيف المحتاج الذي يحتاج إلى تحقيق مصالحه منزلقه ممالأة الظلمة.

(فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا)
كأن الله سبحانه وتعالى بهذا النهي الذي جاء بعد الأمر عرّف مضمون الأمر، الاستقامة ألا تطغى، ألا تتجاوز الحدود، من تجاوز الحدود فهو من الحضرة مطرود، ألا تطغى على من حولك، ألا تطغى عليهم بلسانك ولا بفعلك ولا بمعاملتك ولا بنظراتك ولا بسوء ظنك.

الاستقامة ليست نسبية:
فالاستقامة أيها الإخوة: ليست نسبية، ولكنها حدّية، أما الانحراف نسبي إذا قلت هذا المستودع محكم، للإحكام حالة واحدة، أما إذا قلت غير محكم عدم الإحكام نسبي، قد يفرغ ما فيه في ساعة، وقد يفرغ ما فيه في سنة، وقد يفرغ ما فيه في خمس سنوات، عدم الإحكام نسبي، أما الإحكام حّدي.

نتائج الاستقامة:
قال الله تعالى:
(إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ)
[سورة فصلت الآية: 30-31]
أقف عند كلمة
(أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا)
[سورة فصلت]
هذا الزمن هناك ماض، وهناك حاضر، وهناك مستقبل
(أَلَّا تَخَافُوا)
من المستقبل، لا يوجد مفاجآت.
(قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا)
[سورة التوبة الآية: 51]
المؤمن بعين الله، بحفظه، برعايته، لأن توقع المصيبة مصيبةٌ أكبر منها، أنت من خوف الفقر في فقر، من خوف المرض في مرض
(أَلَّا تَخَافُوا)
هذه الكلمة غطت المستقبل
(وَلَا تَحْزَنُواوَلَا تَحْزَنُوا)
لا تندم على ما فات وهذه الكلمة غطت الماضي، فالمستقيم يمنحه الله حالة عجيبة لا يخشى من المستقبل، ولا يندم على الماضي
(أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا)
لذلك ليس في قاموس المؤمن لو،
لا تقل لو أني فعلت كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل، فإن كلمة لو تفتح عمل الشيطان
(تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا)
الآن:
(وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ)
لكرامة المؤمن عند الله يجعل الله له نعم الدنيا متصلة بنعم الآخرة، في الدنيا
(أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا)
فإذا وافته المنية
(وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ)
ومن آثار الاستقامة:
(وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقاً)
[سورة الجن]
أكبر دافع إلى الاستقامة هو الإيمان بالآخرة:
قال الله تعالى:
(وَإِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ)
[سورة المؤمنون]
تبين أنه أكبر دافع إلى أن تستقيم أن تؤمن بالآخرة، هناك حساب.

خلاصة القول:
أيها الأخوة، الاستقامة من لوازم الإيمان، لعلي ألححت أكثر مما يجب: على أن العقيدة الصحيحة ليست أن تعلم ما ينبغي، لكن العقيدة الصحيحة الكاملة أن تعلم ما ينبغي أن تعتقد، وأن تكون على ما ينبغي أن تكون، من استقامة، ومن توكل، ومن توحيد، ومن مراقبة، ومن أعمال صالحة، دائماً اسأل نفسك: أين أنا من صفات المؤمن الناجي؟.
أيها الأخوة الكرام، يقول عليه الصلاة والسلام:
إنما العلم بالتعلم، وإنما الكرم بالتكرم، وإنما الحلم بالتحلم
وروعة هذا الدرس: أن ينقلب إلى سلوك، إلى سمت حسن، إلى صمت واع، إلى نطق بذكر الله،

أمرت أن يكون صمتي فكراً، ونطقي ذكراً، ونظري عبرة
أي لا يكون المسلم مسلماً، إلا إذا كان متميزاً بأخلاقه، وسمته، وهيبته، وسكونه.

والحمد الله رب العالمين

منقول عن:
العقيدة – العقيدة من مفهوم القران والسنة – الدرس ( 28-40) : مستلزمات التوحيد -8- المراقبة والإستقامة
لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ:

الموضوع كله للاخت المتفائلة برحمة الله قمت بتقسميه لانه طويل جدا

من الاحسن ان يقسم مثل هذا الموضوع الى كم من جزء لتتم الاستفادة منه الجيريا

ثمانية اشياء تحكي ما بداخل الإنسان 2024.

1 -عندما ترى شخص يأكل بشكل غير طبيعي فاعلم آنه
( متوتر )

2-عندما ترى شخص لا يبكي فاعلم أنه

( ضعيف )

3-عندما ترى شخص ينام كثيرًا ، أكثر من نصف يومه فاعلم آنه

( مجروح )

4-عندما ترى شخص يضحك كثيرًا وعلى أسباب شبه تافهه فاعلم أنه

( حزين )

5-عندما ترى شخص يتذكرك ويسأل عنك رغم انشغاله فاعلم أنه

( صادق )

6-عندما ترى شخص يبتسم بشكل متكرر فاعلم آنه

( مقهور )

7- عندما تري شخص صامـت ورافض الحديـث فالصمت أبلغ من التصرفات فاعلم آنه

( على حق وقوي )

8-عندما ترى شخص لم يعد يهتم بأحد أعرف بأنه

( خُذِلَ من الكثير )

اين انت من بين هؤلاء ؟؟

انا 4 و 8 تفاعلو وشاركوني
يعطيك الصحة أنا كل هؤلاء

1 -عندما ترى شخص يأكل بشكل غير طبيعي فاعلم آنه ( متوتر )
2-عندما ترى شخص لا يبكي فاعلم أنه( ضعيف )
3-عندما ترى شخص ينام كثيرًا ، أكثر من نصف يومه فاعلم آنه( مجروح )
6-عندما ترى شخص يبتسم بشكل متكرر فاعلم آنه( مقهور )
7- عندما تري شخص صامـت ورافض الحديـث فالصمت أبلغ من التصرفات فاعلم آنه( على حق وقوي )
8-عندما ترى شخص لم يعد يهتم بأحد أعرف بأنه( خُذِلَ من الكثير )

انا حاليا رقم 6
موضوع مميز

4-عندما ترى شخص يضحك كثيرًا وعلى أسباب شبه تافهه فاعلم أنه
( حزين )

مشكورة بارك الله فيك

صباح الخير موضوع هايل انا

7- عندما تري شخص صامـت ورافض الحديـث فالصمت أبلغ من التصرفات فاعلم آنه

( على حق وقوي )

-عندما ترى شخص يأكل بشكل غير طبيعي فاعلم آنه
( متوتر )

2-عندما ترى شخص لا يبكي فاعلم أنه

( ضعيف )

3-عندما ترى شخص ينام كثيرًا ، أكثر من نصف يومه فاعلم آنه

( مجروح )

4-عندما ترى شخص يضحك كثيرًا وعلى أسباب شبه تافهه فاعلم أنه

( حزين )

5-عندما ترى شخص يتذكرك ويسأل عنك رغم انشغاله فاعلم أنه

( صادق )

6-عندما ترى شخص يبتسم بشكل متكرر فاعلم آنه

( مقهور )

7- عندما تري شخص صامـت ورافض الحديـث فالصمت أبلغ من التصرفات فاعلم آنه

( على حق وقوي )

8-عندما ترى شخص لم يعد يهتم بأحد أعرف بأنه

( خُذِلَ من الكثير )
بصراحة كلها وبدون مبالغة

حقا

5-عندما ترى شخص يتذكرك ويسأل عنك رغم انشغاله فاعلم أنه

( صادق

انا مع 7 و8 موضوع رائع