دعائم الأمن والسلام في الإسلام 2024.

ما أحوجنا اليوم إلى الحديث عن الجهاد الإسلامي قبل التحدث عن مبادئ السلام في الإسلام، ذلك لأن الأمة الإسلامية والشعوب العربية تمر اليوم في مرحلة تاريخية من أدق المراحل في التاريخ ألا وهي مرحلة الصراع الفاصل مع الدول الكبيرة، وهي مرحلة تتطلب دراسة استقصائية واسعة النطاق تحدد مصير الأمة وتثبت كيانها وتؤكد حقيقة وجودها وذاتها في المجالات الدولية وتؤمن بأهمية التراث الروحي والدين الذي صقل الأمة العربية في الماضي وما زال هو العرق النابض والقلب المتدفق بالحياة في صميم أمتنا ومستهدف آمالنا وأفكارنا.

ولكن قبل الدعوة إلى الجهاد يجدر بنا أن نزيل ما علق في أذهان بعض الناس من أن معنى الجهاد هو العدوان أو القضاء على أتباع الديانات الأخرى. كلا! فإن النظرة العجلى سرعان ما تتبدد أمام الحقائق وفي مخابر الدرس والتمحيص.

لقد شغف الإسلام بإقامة السلام بين العالم باعتباره أساس تقدم الشعوب والأمم وموئل المدنية والحضارة فلا يتم العمران والازدهار ولا تنبعث النهضة إلا في ظل السلام وتوافر الاطمئنان والأمان، وعندئذ يظهر الخير والإنتاج وتعم السعادة والرفاهة. ولن تهدأ الدنيا من المنازعات أو يسكن مرجل الغليان فيها إلا باعتناق نظرية السلام في الإسلام، تلك النظرة الشاملة الجذرية التي ترتكز على دعائم ثلاثة، وهي: السلام النفسي أو الروحي والسلام الاجتماعي والسلام العالمي.

أما السلام النفسي أو الروحي فلا يتحقق إلا بالإيمان، والإيمان هو إذعان النفس لليقين بالفرق بين الخير والشر والفضيلة والرذيلة والحق والباطل والعدل والظلم، وبأن على الوجود مسيطراً يرضى بالخير ولا يرضى بالشر، وهو الإله القادر الفرد الصم الحي القيوم خالق الكون وبارئ النسم ومالك يوم الدين في المعاد. بهذا الإيمان تقوى العزيمة وترتفع الهمة وتسمو النفس البشرية وتنعم بالأمن والطمأنينة وتتخلص من قيود الأهواء الجامحة والمطامع المسيطرة وآفات التردد والحيرة والارتباك وبواعث القلق والاضطراب، لا سيما عند نزول الشدائد وظلمات الأحداث، سواء في ذلك الأفراد أم الجماعات. ونظراً لأهمية السلام الروحي لسائر البشر كان أهم ما يحرص عليه المسلم هو عافية النفس وعافية الضمير ونقاء القلب وصفاء السريرة، وهو الدعاء الذي علمه الرسول عليه السلام لعائشة إذا رأت ليلة القدر «اللهم إني أسألك العفو والعافية والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة».

وإذا توافر السلام الروحي بإشراق الإيمان في ربوع النفس اطمأن الإنسان واتجه إلى معالم الخير والحق والإنتاج. والنفس المطمئنة هي طريق النجاة بي يدي الخالق، قال سبحانه: «يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي». ولما كانت الذات الإلهية القدسية هي مصدر الإلهام الروحي ومبعث الرحمة والعفو الغفران كان ذكر لفظ الجلالة «الله» باعثاً على الاطمئنان باعتباره شعار المسلم الأسمى «الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب»، بل إن من أسماء الله الحسنى «السلام المؤمن»، فالله هو السلام وإليه السلام ومنه السلام، فحيّنا ربنا بالسلام، وتلك التحية هي في ذلك اللقاء الرائع في الدار الآخرة بين المؤمنين وخالقهم حيث يبدؤهم بتحية السلام «تحيتهم يومَ يلقونه سلام وأعدّ لهم أجراً كريماً». والملائكة أيضاً تستقبل وفود المؤمنين بهذا النشيد «سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين». وبهذا يظهر أن السلام هو شعار المسلم وحقيقته وغايته وتشريعه، وهذا السلام الروحي هو الذي دعا إليه الرسول عليه السلام ملوكَ العالم وأمراء العرب بقوله في خطاب كل منهم «أسلم تسلم»، وهو أيضاً الواقع العملي في سلوك المسلمين حين لقائهم وفراقهم بتبادلهم شعار «السلام عليكم». ومن هنا طالبَ الإسلام بإفشاء السلام على من عرفنا ومن لم نعرف. وكأن السلام هو الآية التي ترددها الألسنة على أوتار القلوب ونغماتها في كل مناسبة. ولذا قال تعالى: «فإذا دخلتم بيوتاً فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله مباركة طيبة» [النور:61].

أما السلام الاجتماعي فهو محك الإيمان وأثر العقيدة الصحيحة وهو الحقل الإنمائي العام الذي يتميز فيه المؤمن الصالح من غير الصالح. وفي سبيل تحقيق السلم والأمن في المجتمع هدم الإسلام برج العصبية القبلية والعنصرية والجنسية وندد بالاعتزاز بالآباء والأجداد وأقام الرابطة الإسلامية على أساس من الفضيلة والتقوى والمثل العليا، وحرم التخاصم والتنازع والشحناء بين الجماعة الإسلامية، قال تعالى: «ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين». كما أن الإسلام حرم أيضاً كل ما يكون ذريعة إلى التنازع أو يؤدي إلى الخصام وذلك مثل الغيبة والنميمة والتجسس والتلصص والهمز واللمز والمبايعات الربوية والقماء والاعتداء على الأموال والأنساب والأعراض والقذف والسباب والشتم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر»، وقال: «لا تحاسدوا ولا تناجشوا، ولا تباغضوا ولا تدابروا، ولا يبعْ بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخواناً. المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يخذله ولا يكذبه ولا يحقره. التقوى ههنا – ويشير إلى صدره ثلاث مرات – بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم. كل المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه».

وهكذا يقيم الإسلام الرابطة بين أبناء المجتمع حماية لمبدأ السلام على أساس المحبة والإلفة والتعاون والتضامن والإيثار ونبذ الخصومات والإخاء الدائم «إنما المؤمنون إخوة» أي في الدين والحرمة لا في النسب. ولهذا قيل: أخوة الدين أثبت من أخوة النسب، فإن أخوة النسب تنقطع بمحالفة الدين، وأخوة الدين لا تنقطع بمخالفة النسب. فالمؤمنون إخوان لا تفرق بينهم العصبيات والجنسيات.

بهذا كله يتحقق السلام الاجتماعي والأمن والسكينة وتتوطد دعائم المجتمع على وجه لا تصدعه الأحداث ولا تنال من هيبته الخطوب.

أما السلام العالمي الدولي فهو المنهج الأسمى والمقصد الأعلى الذي ينشده الإسلام في دنيا الوجود، ويظهر هذا من تطور تاريخ الدعوة الإسلامية وفي مراحلها المختلفة وتشريعها الخالد. فقد ظل الرسول عليه السلام وصحابته من بعده نحو أربعة عشر عاماً يتحمّلون مختلف ألوان العذاب والإيذاء والاضطهاد دون أن يؤذن لرسول الله بردّ العدوان، وإنما نجد العكس في التشريع، فالله يخاطب نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم بقوله تعالى: «ولا تستوي الحسنةُ ولا السيئة ادفعْ بالتي هي أحسن السيئةَ فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه وليّ حميم»، «خذ العفوَ وأمرْ بالعرف وأعرض عن الجاهلين». وكان الرسول صلوات الله عليه إذا بعث بعثاً يقول: «تألّفوا الناس وتأنّوا بهم ولا تُغيروا عليهم حتى تدعوهم، فما على الأرض من أهل بيت من مدر ولا وبر إلا أن تأتوني بهم مسلمين أحبّ إلي من أن تأتوني بأبنائهم ونسائهم وتقتلوا رجالهم». وكان يقول عليه السلام:«يا أيها الناس لا تتمنوا لقاء العدو وسلوا الله العافية، فإذا لقيتموهم فاصبروا، واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف».

وإنه مما رأيت بعد البحث والدرس ومقابلة الأدلة والجمع بينها أن القاعدة الأصيلة في علاقتنا بالشعوب غير الإسلامية هي السلم حتى يكون اعتداء أو حرب، ولا يصح أن نفهم أن الجهاد مبدأ هجومي عدواني، وإنما هو على العكس مبدأ وقائي إما لرد العدوان أو لمنع الفتنة في الدين، أو لنصرة المظلوم والمستضعفين في الأرض، أو للدفاع عن النفس وحماية الدعوة الإسلامية حين تبليغها للناس جميعاً. وليس الباعث على القتال هو الكفر أو المخالفة في العقيدة وإنما هو الاعتداء، ولا يجوز قتال غير المقاتلة، والحرب ضرورة فقط والضرورة تقدّر بقدرها، والرحمة والإنسانية وحماية المدنية هو رائد المسلمين في حروبهم، والحرية الدينية مكفولة في الإسلام «لا إكراه في الدين». وهل يعقل أن يعمل السيف في موقع الحجة والبرهان؟

والإسلام يحرض على تدعيم العلاقات السلمية بين الأمم لتسهيل تبادل المنافع الاقتصادية وتحقيق المقاصد الاجتماعية وعقد أواصر المودة والتعاون وانتفاع كل أمة بما لدى الأمم الأخرى من ثقافة وعلم وخبرة في سبيل خير الإنسانية ودفعها نحو التقدم والازدهار والسلام.

وفي القرآن الكريم آيات كثيرة تدعو إلى مبدأ السلام وتؤثره على الحرب مثل قوله تعالى: «وإن جنحوا للسلم فاجتح لها وتوكل على الله»، ومثل: «ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلامَ لستَ مؤمناً تبتغون عرض الحياة الدنيا»، «فإن اعتزلوكم وألقوا إليكم السلم فما جعل الله لكم عليهم سبيلاً». وهذه الآيات لا تعارض الآيات الأخرى الداعية إلى الجهاد مثل: «وجاهدوا في الله حق جهاده» ومثل: «فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم» «قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر… حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون» فمثل هذه الآيات تفهم على أساس سبب النزول، فهي إما لرد العدوان أو لنقض العهد أو لتعليم فنون القتال أو لتقرير نهاية الحرب والوصول إلى السلم بعقد المعاهدات. وكذلك أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم تفهم على هذا النحو، كما بيّنت ذلك في كتاب «آثار الحرب».

وقد يتساءل بعض الناس عن طبيعة الفتح الإسلامي وانتشار الدعوة الإسلامية ظانين أن للسيف المقام الأول في قبول الدين الجديد، ولكن الواقع التاريخي والجغرافي يؤكد أن الإسلام لم ينتشر في شتى عهوده بالسيف وإنما انتشر لما تجسد في دعوته من آيات وعظات وقناعة وبرهان وتجاوب مع الفطرة الإنسانية ودعوة للحق والخير والتوحيد في إطار من التسامح والحرية والبساطة ووضوح العقيدة «لا إله إلا الله محمد رسول الله» وإقرار الفضيلة والمعروف ونبذ المنكر والرذيلة.

وفي رأينا أن السلام العالمي المنشود اليوم لن يتحقق إلا إذا زال الاستعمار الأثيم من الوجود وترفعت القادة عن دواعي الهوى والطمع وحب الذات وأعيدت الأراضي المسلوبة لأصحابها وارتفعت راية الحق والعدل والمساواة، وهذا هو القانون الذي سارت عليه الفتوحات الإسلامية فهي لم تستهدف فتحاً مادياً ولا توسعاً إقليمياً ولا استعماراً بغيضاً، وإنما كان الهدف منها إقرار السلام ودفع العدوان ومناصرة المثل العليا. وصدق الله العظيم حيث يقول: «إن الله يدافع عن الذين آمنوا إن الله لا يحبّ كل خوان كفور. أذِن للذين يُقاتَلون بأنهم ظلِموا وإن الله على نصرهم لقدير. الذين أُخرِجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ولولا دفع اللهِ الناسَ بعضهم ببعض لهدمت صوامعُ وبيع وصلوات ومساجد يُذكر فيها اسم الله كثيراً ولينصرن اللهُ من ينصره إن الله لقوي عزيز. الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور» [الحج:38-41].

السلم المسلح في الإسلام

الحرب قديمة بقدم الإنسان، وهي سنة من سنن الاجتماع البشري، ووصفٌ ملازم لجميع الكائنات الحية بسبب تنازع المصالح وتغايُر الأهواء وحب السيطرة ودافع إرضاء الذات، غير أن تلك الغرائز يمكن تعديلها وإصلاحها وتوجيهها نحو المثل العليا بدليل أن الإنسانية تقبلت الأديان السماوية ومبادئ الأخلاق العالية. ولهذا فإنا نؤكد ضرورة الحلول السلمية في كل نزاع وهو ما تحرص عليه ديانات السماء وينادي به دعاة الإصلاح وعلماء الاجتماع في كل زمان. وقد ساهمت الديانة المسيحية في تقرير السلام في الأرض وتخفيف حدة المنازعات الهمجية في القرون الوسطى، وأدى نشاط رجال الدين من أجل السلام إلى توطيد دعائمه والعمل على تجنيب العالم ويلات الحروب.

وجاء الإسلام بدعوته السلمية إلى الآفاق في حدود الحفاظ على الكرامة الإنسانية والعزة وبقاء الجماعة الإسلامية وفي صالح المجموعة البشرية حتى لا يفسد نظام الطبيعة وكيلا تنحدر القيم العليا وتحل محلها أوباء الرذيلة ومفاسد الفوضى واختلال النواميس الطبيعية. ولم يشهر المسلمون سيفاً إلا حينما أصبح الإسلام في وسط مذأبة من الناس يراد به السوء من كل جانب، فكانت الحرب ضرورة طبيعية في الإسلام وليست قاعدة يخطط المسلمون في ضوئها غزو العالم بأسره. وبذلك يظهر أن الإسلام دين يواجه الواقع ولا يفر منه جرياً مع سنة تنازع البقاء وتصارع الأهواء، فإذا ما قضي على النزاع في وكره روعيت الحاجة إلى الطمأنينة والاستقرار. قال تعالى: «وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين».

وهذا هو أسمى ما وصلت إليه البشرية فقررت ضرورة صيانة السلم والأمن الدوليين كما نص على ذلك ميثاق الأمم المتحدة، ولكن بجانب ذلك تسابقت الدول في ميدان التسلح الرهيب وانتهوا أخيراً إلى ما سموه بمبدأ السلم المسلح. غير أن خداع ذلك المبدأ لاينطلي على الناس، فقد أثبتت الشواهد والأمثال الكثيرة من واقع تكرر الحروب الحديثة خرق المواثيق الدولية على أن المبدأ السابق غير معتقد به ويخفي وراءه أطماعاً لا حصر لها. بخلاف ما نلمسه في عقيدة المسلمين من أن المسلم يجب أن يكون حقيقة واقعة. وما أروع تلك الكلمة عثرتُ عليها مخطوط لابن الصلاح حيث قال: «إن الله تعالى ما أراد فناء الخلق ولا خلَقهم ليقتلوا، وإنما أبيح قتلهم لعارض ضرر وجِد منهم، لأن الدنيا ليست دار جزاء، بل الجزاء في الآخرة».

وأما دورنا نحن المسلمين اليوم فينبغي أن يكون موقف الحذر اليقظ، فالعدو يتربص بنا الدوائر، قال الله سبحانه: «ولا يزالون يقاتلونكم حتى يرودكم عن دينكم إن استطاعوا» وإن مما يخجل حقاً أن تنام أعيننا والصهيونية العالمية تحضن بيوضها وتفرخ أعشاشها وتنتج غلمان أشأم في بلادنا وعلى أرضنا المقدسة ونحن العرب في أحزابنا فرحون وعن الخطر المحدق بنا لاهون. فهل يدعونا داعي الجهاد مرة أخرى فنطهر الأرض من لوثات هؤلاء وإن إيماننا يعنفنا في كل صباح ومساء وما بقي إلا أن نقول: لقد ثارت ثائرتنا واشتدت عريكتنا وغلا الدم العربي فينا فواجبنا أن نضمخ سيوفنا بدماء أعدائنا ونقرع أبواب الجنة بجماجم هؤلاء الغاصبين. وعندها ننعم بالراحة الكبرى، ولا بد لنا في كل آونة من إعداد القوى المختلفة وتهيئة الوسائل الرادعة الحاسمة وتعبئة شتى الإمكانيات العلمية والفكرية والصناعية والحربية لخوض غمار الوغى وميدان الشرف والخلود.

وإن مثال إسرائيل وتكالب الدول الاستعمارية على شرقنا الأوسط ليؤكد أن فكرة القتال عند غير المسلمين كانت وما زالت في فكرة اغتصاب واعتداء، وتعصب واستعلاء، وجشع وإبادة وكبرياء؛ أما عند المسلمين فهي فكرة تكوين ودفاع وإنقاذ وإصلاح، ولكن أنى للحق أن ينتصر؟ فالحق والحرية والنظام لا يمكن أن تعيش إلا في ظل القوة والرهبة، قال الله تعالى: «لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناسُ بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس»، والمراد من الحديد في الآية هو القوة السياسية والحربية. وفي الحديث الصحيح: «ما بعث اللهُ نبياً إلا في منعة من قومه». وهكذا يظهر أن السلام في الإسلام ليس بمعنى الاستسلام والضعف التخاذل أو إلقاء السلاح وسبات الأمة، وإنما الواجب إعداد العدد وشحن الثغور وتجهيز الشعب بمختلف الطاقات والسبق الحربي. قال الله تعالى: «وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم». والقوة تشمل الروح العسكرية الوثابة والقوة المادية الضاربة.

وهدف الإسلام من تشريع القتال في غاية السمو، ولا قتال إن اضطررنا إليه إلا للرحمة بمجموع الأمة أن تفسد، والإسلام هو الرحمة العامة للعالمين. والرحمة تقتضي إقامة العدل بين الناس، فليست الرحمة في أدق معانيها إلا إحدى ثمرات العدالة، والرحمة العادلة لا تسمح بالاستسلام للباطل أو الخضوع للظالم. وهذا هو معنى قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «أنا نبي الرحمة وأنا نبي الملحمة».

واعتماد العرب على قانون العدل والرحمة والمساواة السائد بين الدول الغربية أو الشرقية وفي أذهان القادة هو ضرب من الخيال وتلمس للمحال. قال أبو بكر الصديق لخالد بن الوليد حين أرسله لحرب اليمامة: «حاربهم بمثل ما يحاربونك به: السيف بالسيف، والرمح بالرمح». والعدل في الواقع هو تكافؤ القوى، وخير القوى ما حفظ به الحق وعظمت به المنفعة ووقف لهيبته كل من المتنافسين عند حده حتى يستقر السلام بينهم أو تشمل الطمأنينة نفوسهم، وتعود الحقوق لأصحابها والبلاد لسكانها، والأوكان لآسادها وتطرد من البقاع ذئابها ولصوصها. وصدق الله العظيم حيث يقول: «فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين» [البقرة: 194]. ويجب ألا نغتر بقوتهم أو ننخدع بدعاياتهم وأكاذيبهم، فهم جنود الباطل وأعوان الشيطان، ونحن أرباب الحق وأنصار الله. قال تعالى: «لأنتم أشد رهبة في صدروهم من الله ذلك بأنهم قوم لا يفقهون. لا يقاتلونكم جميعاً إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لا يعقلون».. الآيات من سورة الحشر (13-17).

الجيريا

نعمة الأمن التي ذكرت مراااااااات في القرآن الكريم من كلام رب العالمين .تفطنوا يا مسلمين . 2024.

ﻧﻌﻤﺔ ﺍﻷﻣﻦ

ﻣﺴﺘﻔﺎﺩ ﻣﻦ : ﺩﻋﺎﺓ ﺍﻟﺜﻮﺭﺍﺕ ﻭﺍﻟﺪﻳﻤﻮﻗﺮﺍﻃﻴﺔ ﺳﺒﺐ ﺍﻟﻔﺘﻨﺔ ﻭﺍﻟﺒﻠﻴﺔ | ﻟﻠﺸﻴﺦ : ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻫﺎﺩﻱ ﺍﻟﻤﺪﺧﻠﻲ

ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻹﺧﻮﺓ ﺍﻷﺣﺒﺔ، ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻷﺑﻨﺎﺀ ﺍﻟﻜﺮﺍﻡ:
ﺃﻧﺘﻢ ﺗﺮﻭﻥ ﻣﺎ ﻳﻌﺞُّ ﺑﻪ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻨﺎ، ﻭﺗﺴﻤﻌﻮﻥ، ﻭﻣﻦ ﻟﻢ ﻳﺮ ﺳﻤﻊ ﻣﺎ ﻧﺰﻝ ﺑﺎﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺷﺮﻗًﺎ ﻭﻏﺮﺑًﺎ، ﻭﻣﺎ ﻣَﻦَّ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻪ
ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻧﺤﻦ ﺃﻫﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﻨِّﻌﻢ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻌﺪُّ ﻭﻻ ﺗﺤﺼﻰ، ﻭﺃﻓﻀﻠﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻃﻼﻕ ﻧﻌﻤﺔ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ، ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻮﺍﺯﻳﻬﺎ
ﻧﻌﻤﺔ، ﺇﺫ ﺍﻟﺪِّﻳﻦ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺒﻼﺩ – ﻭﻟﻠﻪ ﺍﻟﺤﻤﺪ- ﻗﺎﺋﻢ، ﻭﺍﻟﺸَّﺮﻳﻌﺔ ﻇﺎﻫﺮﺓ، ﻭﺍﻟﻤﺴﺎﺟﺪ ﻣُﺸﺮَﻋﺔ، ﻭﺍﻟﻄﺮﻕ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺁﻣﻨﺔ، ﻭﺍﻷﻗﺎﻟﻴﻢ
ﻗﺎﺭَّﺓ، ﻭﺍﻷﻣﻦ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺴﺘﺘﺐ، ﻭﺍﻷﺭﺯﺍﻕ ﺩﺍﺭَّﺓ، ﻭﺍﻟﻨَّﺎﺱ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺳﺎﻋﻮﻥ، ﻻ ﻳﺨﺎﻓﻮﻥ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ ﺟﻞَّ ﻭﻋﺰ ﻓﻬﺬﻩ ﻣﻦ ﺃﻋﻈﻢ ﺍﻟﻨِّﻌﻢ،
ﺍﻟﺘﻲ ﺣﺮﻣﻬﺎ ﻛﺜﻴﺮٌ ﻣﻦ ﻣَﻦ ﻫﻢ ﺑﺠﻮﺍﺭﻧﺎ، ﻻ ﻳﺘﻤﺘﻌﻮﻥ ﺑﺸﻲﺀٍ ﻣﻨﻬﺎ، ﺃﻭ ﺇﻥ ﺗﻤﺘﻌﻮﺍ ﺑﺒﻌﻀﻬﺎ، ﻟﻢ ﻳﺬﻭﻗﻮﺍ ﺣﻼﻭﺓ ﻓﻘﺪﻫﻢ
ﻟﻠﺒﻌﺾ ﺍﻵﺧﺮ، ﻭﺍﻗﺮﺀﻭﺍ ﺇﻥ ﺷﺌﺘﻢ ﻣﻦ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ – ﺟﻞَّ ﻭﻋﻼ- ﻓﻲ ﺳﻮﺭﺓٍ ﻣﻦ ﻗﺼﺎﺭ ﺍﻟﻤﻔﺼﻞ :
}ﻟِﺈِﻳﻠَﺎﻑِ ﻗُﺮَﻳْﺶٍ (1) ﺇِﻳﻠَﺎﻓِﻬِﻢْ ﺭِﺣْﻠَﺔَ ﺍﻟﺸِّﺘَﺎﺀِ ﻭَﺍﻟﺼَّﻴْﻒِ (2) ﻓَﻠْﻴَﻌْﺒُﺪُﻭﺍ ﺭَﺏَّ ﻫَﺬَﺍ ﺍﻟْﺒَﻴْﺖِ (3) ﺍﻟَّﺬِﻱ ﺃَﻃْﻌَﻤَﻬُﻢْ ﻣِﻦْ ﺟُﻮﻉٍ ﻭَﺁﻣَﻨَﻬُﻢْ
ﻣِﻦْ ﺧَﻮْﻑٍ {(4)
ﺍﻣﺘﻦَّ ﺍﻟﻠﻪ – ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ- ﻋﻠﻰ ﻗﺮﻳﺶ ﺑﻬﺎﺗﻴﻦ ﺍﻟﻨِّﻌﻤﺘﻴﻦ، ﻭﺟﻌﻠﻬﻤﺎ ﻣﻦ ﺃﻋﻈﻢ ﺍﻟﻤﻨﻦ، ﻭﺭﺑﻄﻬﻤﺎ ﺑﺤﻘِّﻪ – ﺟﻞَّ ﻭﻋﺰ –
ﺇﺫ ﻧﻌﻤﺔ ﺍﻟﺮِّﺯﻕ ﻫﺬﻩ ﻣﻦ ﺗﻮﺣﻴﺪ ﺍﻟﺮُّﺑﻮﺑﻴﺔ، ﻭﻧﻌﻤﺔ ﺍﻷﻣﻦ ﺃﻳﻀًﺎ ﻣﻦ ﺗﻮﺣﻴﺪ ﺍﻟﺮﺑﻮﺑﻴﺔ؛ ﻷﻥَّ ﺍﻷﻣﺮ ﺑﻴﺪ ﺍﻟﻠﻪ – ﺟﻞَّ ﻭﻋﻼ- ﻳﻘﻠِّﺒﻪ
ﻛﻴﻒ ﺷﺎﺀ، ﻳﻌﻄﻲ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﻣﻦ ﻳﺸﺎﺀ، ﻭﻳﻨﺰﻋﻪ ﻣﻦ ﻣَﻦ ﻳﺸﺎﺀ، ﻳﻌﺰ ﻣﻦ ﻳﺸﺎﺀ، ﻳﺬﻝ ﻣﻦ ﻳﺸﺎﺀ، ﻳﺮﻓﻊ ﻣﻦ ﻳﺸﺎﺀ، ﻳﺨﻔﺾ ﻣﻦ
ﻳﺸﺎﺀ – ﺗﻌﺎﻟﻰ – ﻓﻬﻮ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ – ﺟﻞَّ ﻭﻋﺰ – ﻋﻠﻰ ﺗﺼﺮﻳﻒ ﺫﻟﻚ، ﻛﻠﻪ ﻻ ﻳﻌﺘﺮﺽ ﻋﻠﻴﻪ، ﻻ ﻳﺴﺄﻝ ﻋﻤﺎ ﻳﻔﻌﻞ ﻭﻫﻢ ﻳﺴﺄﻟﻮﻥ،
ﻓﺬﻛَّﺮﻫﻢ ﺑﺘﻮﺣﻴﺪ ﺍﻟﺮُّﺑﻮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﺘﻠﺰﻡ ﺗﻮﺣﻴﺪ ﺍﻷﻟﻮﻫﻴﺔ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ: }ﻓَﻠْﻴَﻌْﺒُﺪُﻭﺍ ﺭَﺏَّ ﻫَﺬَﺍ ﺍﻟْﺒَﻴْﺖِ .{
ﻓﻤﺎ ﻣَﻦَّ ﺍﻟﻠﻪ- ﺟﻞَّ ﻭﻋﺰ – ﻋﻠﻴﻚ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻷﻣﻦ، ﻭﻣَﻦَّ ﻋﻠﻴﻚ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﻨِّﻌﻤﺔ، ﻧﻌﻤﺔ ﺍﻟﺮِّﺯﻕ ﺇﻻ ﻟﻴﺮﺍﻙ ﺃﺗﺸﻜﺮ، ﺃﻡ ﺗﻜﻔﺮ؟ } ﻭَﻣَﻦْ
ﺷَﻜَﺮَ ﻓَﺈِﻧَّﻤَﺎ ﻳَﺸْﻜُﺮُ ﻟِﻨَﻔْﺴِﻪِ ﻭَﻣَﻦْ ﻛَﻔَﺮَ ﻓَﺈِﻥَّ ﺭَﺑِّﻲ ﻏَﻨِﻲٌّ ﻛَﺮِﻳﻢٌ { ] ﺍﻟﻨﻤﻞ: [40 ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺟﻞَّ ﻭﻋﻼ.
ﺃﻗﻮﻝ : ﺍﻟﻤُﺘﺄﻣِّﻞ ﻓﻲ ﺃﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﻌﺎﻟَﻢ ﺣﻮﻟﻨﺎ، ﻳﺮﻯ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨِّﻌﻢ ﺍﻟﺘﻲ ﻓﻘﺪﻭﻫﺎ، ﻓﻌﻠﻴﻪ ﺃﻥ ﻳَﺤﻤﺪ ﺍﻟﻠﻪ – ﺟﻞَّ ﻭﻋﻼ – ﻭﻳﺴﻌﻰ ﻓﻲ
ﺍﺳﺘﺘﺒﺎﺏ ﺍﻟﻨِّﻌﻤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻮ ﻓﻴﻬﺎ، ﻭﻧﻌﻤﺔ ﺍﻷﻣﻦ ﻣﻌﺸﺮ ﺍﻷﺣﺒﺔ، ﻻ ﺗﻮﺍﺯﻳﻬﺎ ﺑﻌﺪ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﻧﻌﻤﺔ، ﺇﺫ ﺑﻬﺎ ﺗﻌﻤُﺮ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﻓﻲ ﺷﺘَّﻰ

ﺟﻮﺍﻧﺒﻬﺎ، ﺑﺎﻷﻣﻦ ﺗﻘﻮﻡ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺍﺕ ﻭﺗُﻌﻤﺮ ﺍﻟﻤﺴﺎﺟﺪ، ﺑﺎﻷﻣﻦ ﻳُﺤﺞُّ ﺇﻟﻰ ﺑﻴﺖ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺤﺮﺍﻡ، ﻭﻳُﻘﺼﺪ، ﻭﻳُﻌﺘﻤﺮ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﻴﺖ، ﺑﺎﻷﻣﻦ
ﺗﻘﻮﻡ ﺍﻷﺳﻮﺍﻕ، ﻭﺗﺪﺭُّ ﺍﻷﺭﺯﺍﻕ، ﺑﺎﻷﻣﻦ ﻳﺘﻤﺘَّﻊ ﺍﻟﻨَّﺎﺱ ﺑﺘﻨﻔﻴﺬ ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ، ﻓﻴﻘْﻮﻯ ﺍﻟﻀَّﻌﻴﻒ ﺣﺘﻰ ﻳُﺆﺧﺬ ﺍﻟﺤﻖُّ ﻟﻪ، ﻭﻳُﻀْﻌﻒ
ﺍﻟﻘﻮﻱ، ﺍﻟﻤﺘﺒﺨﺘِﺮ ﺍﻟﻌﺎﺗﻲ ﺣﺘﻰ ﻳُﺆْﺧﺬ ﺍﻟﺤﻖ ﻣﻨﻪ، ﻭﻳُﻨﺘﺼﻒ ﻟﻠﻤﻈﻠﻮﻡ ﻣﻦ ﺍﻟﻈَّﺎﻟﻢ، ﻭﻳُﺤﻤﻰ ﺍﻟﻈَّﺎﻟﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻈﻠﻮﻡ، ﻓﻼ ﻳﺒﻐﻲ ﻟﻪ
ﺍﻟﻐﻮﺍﺋﻞ، ﻭﻳﻨﺼﺐ ﻟﻪ ﺍﻟﺤﺒﺎﺋﻞ، ﻓﺘﻌﻤُﺮ ﺍﻟﺒﻼﺩ، ﻭﻳﻌﻴﺶ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ

….ميراث الأنبياء

بارك الله فيك ام عبد الودود نعمة الامن ونعمة الحفاظ على الوطن لايعلمها الا من فقدها ومن مروا بعدم الامان والامن وكله مر علينا بالجزائر الحبيبة فا اتمنى اتمنى من اصحاب القلوب المريضة والضعيفة الابتعاد عن الجزائر وعلى امنها وان يتركونا نعيش بسلام وامان
نعم اختي…..يارب يبعدهم علينا وافكارهم الضالة………

والله يصلح حال المسلمين….ويحقن دماؤهم….و يأوي المتضررين منهم…….

والله رانا نشوفوا الاحتلال يرجع من جديد…..هاهي امريكا من زمان تشوف واش راه يدير الكافر بشار في المسلمين العزل وساكت لمصالحها…..ولما حست انو الكل خرج من سوريا وتهجر وقتل الا القليل…..جات تنقذهم ( الكيماوي)…زعمة…..بل تحتل بلادهم…مع الاوربيين…حتى يتقاسموها…. وتصير مثل العراق وليبيا…..وكل لكان يحارب ضد النظام وكانت دعموا……تصير تقاتل فيهم وتعتاقلهم لأنهم اصبحوا من الارهاب…..شوفي هذا التناقض…..

الله المستعان….يارب علمنا ووجهنا…….

[color="red"]الذي رائاه ابي في حياته السياسية جعله لا يثق حتى من نفسه لان وقتنا الحالي صار ابشع وقت كل انظمة فاسدة لاكن كلنا نتظر يوم تصبح خلافة واحدة وقد ذكر احد العلماء ان مايحدث ماخرا دليلا على قرب ذالك اليوم و الذي بعده قيام الساعة
صحيح صغيرة السن لاكن عائلة جعلتني انضج قبل وقتي لانهم كلهم يشتغلون في سياسة[
/color]

في زمن الفتن ياوي العبد الى الواحد الاحد يطلب الهداية والبصيرة يلتزم اوامر ربه وينتهي عن ما امره الله باجتنابه يوطد علاقته برب العالمين يقيم الدين على نفسه واولاده وكل من هو مسؤول عنهم وينصر الاسلام والمسلمون ولو بقلبه ويدعو الله باليل والنهار ان يعز جند الاسلام ويوحد صفوف المسلمين وكلمتهم عسى ولعل ان ينال شرف الموت بخاتمة حسنة…..
مواقف للمؤمن عند الأزمات والفتن

إنَّنا حين نرَى الأمور بنظرةِ العقل الواقِع تحتَ تأثير الحسِّ مرَّة.

وبنظرةِ العاطفة الحاصِلة تحت تأثير الحدَث مرةً أخرى، لا يستقيم لنا الأمرُ حتى يكونَ هناك مقياسٌ منضبط، ومعيار لا يتحول، يضبط الأمور ويَهدي للتي هي أقومُ؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا ﴾ [الإسراء: 9].

وقال – صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((تركتُ فيكم ما لن تَضِلوا ما تمسكتُم بهما: كتاب الله وسُنَّة رسوله – صلَّى الله عليه وسلَّم))؛ رواه مالك في الموطأ!!

فهذه وقفة انضباط وبصيرة في الفِتن والأزمات.

قال تعالى: ﴿ قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ ﴾ [الأنعام: 104]، وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا ﴾ [النساء: 174].

فما أحوجَنا إلى هذا النور في زمنٍ كقِطع اللَّيل المظلِم، إذا كان للمؤمِن في كلِّ زمان وظائفُ يُؤدِّيها المؤمِن عبوديةً لله تعالى، واستثمارًا لذلك الزمان، وتحصيلاً للبركات منه.

فإنَّ المؤمن لا يفوته في زمان الفتن التي تختلط فيها الأمورُ وتشتبه فيها المسائِل، وتنطلق فيها الانفعالاتُ والحماسات، ويقل فيها الحِلم والتأنِّي، وترى المعروف والمنكر، والخير والشر، وتذهب عقولُ الرجال، وخصوصًا إذا كانت الفتنة في الأمور المهمَّة، والمصالح العامَّة، تجد الفِتنة تقع؛ وسرعان ما تتطوَّر وتخرُج عن حدود السيطرة، حينئذٍ يلزم المؤمن وظائف لا لمجرَّد استثمار ذلك الزمان، ولا تحصيل الثواب فيه، وإنما للبحث عن أسباب النجاة وطلب السلامة مِن تلك الفِتن.

• مواجهة الفِتن بتقوى الله والعمل الصالح:
والانشغال بها بدلاً مِن الانشغال بتتبُّع النشرات والأخبار، فكيف كان هديُه – صلَّى الله عليه وسلَّم – إذا أهمَّه أمرٌ أو أحزنه، أو في الفِتَن عُمُومًا؟

وهذا الهدي هدْي محمَّد – صلَّى الله عليه وسلَّم – يقول: ((بادروا بالأعمال الصالحة، فستكون فتنٌ كقِطع الليل المظلِم، يصبح الرجل مؤمنًا، ويُمسي كافرًا، ويمسي مؤمنًا ويصبح كافرًا، يبيع دِينه بعرَض من الدُّنيا))؛ رواه مسلم.

والعمل الصالح وسيلةٌ للثبات عندَ الفتن التي يضطرب الواحدُ فيها ويتشكَّك من أمرها، فيُمسي على حال ويُصبح على أخرى، ويرى وكأنَّه في حُلْم؛ قال الله تعالى: ﴿ وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا ﴾ [النساء: 66].

وهذه الأعمالُ الصالحة والعبادة عمومًا حصانةٌ لنفس المرء وداخلِه مِن الظروف البيئيَّة المحيطة به، حتى لا تؤثِّر فيه؛ قال – صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((العبادةُ في الهَرْج كهِجرة إليَّ))؛ رواه مسلم، (والهرج: الفِتنة واختلاط الأمْر).

فكما أنَّ المهاجر فرَّ بدِينه ممَّن يصده عنه إلى رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – كذلك الذي انشغل بالعبادة، فرَّ عن الناس بدِينه إلى عبادة ربه مهاجرًا إلى الله؛ قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ ﴾ [الحجر: 97]؛ لذلك عند فِتنة القتال ولقاء أعداء الله مِن المشركين؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون ﴾ [الأنفال: 45].

وقال تعالى: ﴿ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ ﴾ [البقرة: 45].

وكان – صلَّى الله عليه وسلَّم – إذا حزَبَه أمر – نابه وألَمَّ به أمرٌ شديد – صلَّى؛ رواه أبو داود.

استيقظ – صلَّى الله عليه وسلَّم – يومًا فزعًا يقول: ((سبحان الله! ما أنزل الله من الفِتن؟ مَن يوقظ صواحبَ الحُجرات (يقصد أزواجه) لكي يُصلِّين))؛ رواه البخاري.

• حرمة ما عصمه الله تعالى:
من دماء وأموال وأعراض.
قال – صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إنَّ دماءَكم وأموالكم وأعراضَكم عليكم حرامٌ كحُرْمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهرِكم هذا))؛ رواه البخاري.

وهل أشدُّ مِن حُرْمة الكعبة والشهر الحرام ويوم عرَفة؟!
وهي أوَّل ما يقضي الله تعالى فيه بين العِباد من حقوقِ العباد، وقال – صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لا يزال الرجلُ في فُسْحةٍ مِن دِينه ما لَم يُصِبْ دمًا حرامًا)) لمسلِمٍ كان أو لذِمِّي، أو مجاهد، أو مستأمن على غير الملَّة.

وتشتدُّ الحرْمة بالنسبة للمسلِم؛ فقال – صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لزوالُ الدنيا أهونُ على الله مِن قتْل رجل مسلِم))؛ رواه الترمذي.

وقال – صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لحُرْمةُ المؤمن أعظمُ عند الله من حُرْمة الكعبة، ماله ودمه))؛ رواه الترمذي.

قال عبدُالله بن عمرو بن العاص: "لله درُّ ابن عمر وأبي مالك (سعْد بن أبي وقَّاص)، لئن كان تخلُّفهم عن هذا الأمر خيرًا، كان خيرًا مبررًا، ولئن كان ذنبًا كان ذنبًا مقصورًا"؛ العزلة (75، 74).

وكان عليُّ بن أبي طالب – الخليفة الرابع الذي خرَجتْ عليه الفئة الباغية، ولم يخرج معه لقتالهم قومٌ ممَّن اعتزلوا الفِتنة كسعد بن أبي وقَّاص وعبدالله بن عمر – قال عليٌّ – رضي الله عنه -: "للهِ دَرُّ مقام قامَه عبدالله بن عمر وسعد بن مالك، إن كان بِرًّا إنَّ أجره لعظيم، وإنْكان إثمًا إنَّ خطأه ليسير".

وقال مطرِّف بن عبدالله – مِن خيار التابعين الذين عاصروا فِتنةَ خروج ابن الأشعث بالسَّيْف على عبدالملك بن مرْوان (ت80 هـ) -: "لأن آخذَ بالثِّقة في القعود، أحبُّ إلي مِن أن ألتمس فضلَ الجهاد بالتغرير".

وقال – رحمه الله – أيضًا: "لأن يسألني ربِّي – عزَّ وجلَّ – يومَ القيامة فيقول: يا مطرف، ألاَ فعلت، أحب إليَّ مِن أن يقول لِمَ فعلتَ؟"؛ حلية الأولياء.

• معرفة الدِّين والرجوع لعلمائه:
فإنَّ المرء على قدْر فِقهه ومعرفته بدِينه وتقوى الله في قلْبه يستبعد الأمورَ وتستوضح لديه الحوادث؛ قال الله تعالى: ﴿ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الأعراف: 157].

قال حذيفةُ – رضي الله عنه -: ((لا تضرُّك الفِتنةُ ما عَرَفتَ دِينك، إنما الفتنةُ ما اشتبه عليك الحق والباطِل)).

قال الحسنُ البصريُّ – رحمه الله -: "إنَّ الفِتنة إذا أقبلت عرَفَها كلُّ عالم، وإذا أدبرت عرَفها كلُّ جاهِل".

فما أحوجَنا في طغيان الفِتنة إلى سفينة عالِم، فإن مَن تخلَّف عنها هلَك، ونعوذ بالله من الخذلان.

• التأني والحلم:
إنَّ للفتنة مظهرًا خدَّاعًا في مبدئها، حتى يستحسنَ الناس صورتها، وربما يعقدون الآمالَ عليها، لكنها سرعان ما تموت وتتلاشى، كمثل الزهرة التي تموت قبل أن تتفتَّح وتُعطي ثمرتها؛ قال ابن حزم: "نوار الفِتنة (زهرها) لا يَعْقِد".

قال ابن القيم: "إنَّ الباطل له دهشة ورَوْعة في أوله، فإذا ثبت له القلبُ رُدَّ على عقبيه، والله يحبُّ مَن عِنده العلم والأناة، فلا يعجل، بل يتثبت حتى يعلمَ ويستيقن ما ورد عليه، ولا يعجل بأمرٍ مِن قبل استحكامه، فالعجلة والطيْش مِن الشيطان؛ قال – صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((اللهمَّ إني أسألك الثبات في الأمر، والعزيمة على الرشد))، فإذا حصَل الثباتُ أولاً، والعزيمة ثانيًا، أفْلَح العبدُ كلَّ الفلاح"؛ مفتاح دار السعادة (ص: 170).

• الصبر:
إنَّ الثبات على الأمر، مهما كانتِ الظروف صعبة وقاسية، واحتمال المشقَّة في ذلك هو مفهومُ الصبر؛ قال الله تعالى: ﴿ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا ﴾ [الفرقان: 20]، فلا يعني الصبرَ والاستسلام للأحوال السيِّئة لكنَّه يعني: عدمَ اللجوء إلى الحلول السريعة التي تظهر قويَّةً مندفعة، لكنَّها يعقبها الندامة، وتتعقد بسببها المشاكل، فتُحدِث اليأس والإحباط في النفوس.

هنا يأتي الصبرُ كأنه استخدامٌ للوقت في الخلاص مِن أوضاع صعْبة، لا نستطيع أن ننجح مِن الخلاص منها الآن، الصبر ليس سلبيةً، ولكنه حرَكة وجهد وعمل مستقيم؛ قال تعالى: ﴿ ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [النحل: 110]، ويقول سبحانه وتعالى: ﴿ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ ﴾ [البقرة: 45].

• حفظ اللِّسان والصمت في الفتنة أَوْلى:
حفظ اللسان واجبٌ عام في جميعِ الأوقات والأحوال، وقال – صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((أكثرُ خطايا ابن آدمَ في لِسانه))؛ "السلسلة الصحيحة".وقال تعالى: ﴿ وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا ﴾ [الإسراء: 53].

وعن سفيانَ الثقفي قال قلت: يا رسولَ الله: ما أخوفُ ما تخاف عليَّ؟ فأخَذ بلسان نفْسه – صلَّى الله عليه وسلَّم – ثم قال: ((هذا))؛ رواه مسلم.

لكن حِفظ اللِّسان عند الفتن مؤكَّد؛ لأنَّه في الفتن تزداد شهوةُ الإشاعات والمبالغات والأباطيل، وتكون عندها الآذان مستعدَّة لاستقبال كل ما يُقال؛ قال – صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن صمَت نجَا))؛ رواه الترمذي.

وقال – صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن كان يؤمِن بالله واليوم الآخر، فليقل خيرًا أو ليصمت))؛ متفق عليه.

فإن أردتَ أن تتكلَّم فانظرْ إن ظهرت مصلحةُ الكلام الذي تتكلَّم به فتكلَّم، وإن شككت في ظهورِ المصلحة مِن الكلام فلا تتكلَّم، ومِن باب أولى إن رأيتَ مفسدةً في الكلام فلا تتكلَّم.

قال وُهيب بن الورد – رحمه الله -: "وجدت العزلة في اللِّسان"، فكم ممَّن كفَّ يده وجسده عن المشاركة في الفِتنة، لكنَّه خائض فيها بلسانه.

• ليس كل قول يُقال:
قال ابنُ مسعود – رضي الله عنه -: "ما أنت بمحدِّث قومًا حديثًا لا تبلغُه عقولهم، إلا كان لبعضِهم فِتنة))؛ رواه مسلم.

وقال أبو هريرة – رضي الله عنه -: "حفظتُ من رسولِ الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – وِعاءين: أما أحدهما فبثثتُه، وأما الآخَر، فلو بثثتُه لقُطِع هذا البلعوم؛ رواه البخاري.

فكتَم – رضي الله عنه – الأحاديثَ التي في الفِتن (في بني أُمية) بعد أنِ اجتمع الناسُ عليهم بعدَ فرقة وقتال، رغم أنَّ ما معه من كلامِ رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – هو الحق.

لكن ليس كل ما يقال (ولو مِن الحق) حان وقتُه، وليس كل ما حان وقتُه وُجِد مَن يسمعونه، فليس كل ما يُعلم يقال، وليس كل ما يُقال يُقالُ في كلِّ الأحوال.

• التثبُّت منَ الأخبار وعدم إشاعتها:
لا تُصدِّق خبرًا قبل أن تتثبت مِن صِحَّته، وما أكثر الأخبارَ في وقت الفتَن! وما أقلَّ الثابتَ منها! فكيف يسمح لنفسه أن يكون مجترًّا للكلام ناقلاً له كنقل الذباب للعَدْوى يُذيع وينشر قبل أن يتثبَّت من الخبر؟!

قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ﴾ [الحجرات: 6].

وقال – صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((كفَى بالمرء إثمًا أن يُحدِّث بكلِّ ما سمع))؛ رواه مسلم.

ونهَى – صلَّى الله عليه وسلَّم – عن ((قِيل وقال))؛ رواه مسلم.

ثم لو فُرِض صِحَّة الخبَر يقينًا، فإنَّه ينبغي بعدَ ذلك النظر في مصلحة نشْرِه من عدمها؛ لأنَّه ليس كل ما يعلم يقال، وإنَّ مِن الأخبار ما لا يُلقَى إلا إلى الخاصَّة؛ قال تعالى: ﴿ وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [النساء: 83].

• إذا تغيَّرت الأحوال واضطربت الأمورُ، فلا تحكم على شيءٍ مِن تلك الفتن أو من تغيُّر الحال إلا بعد تصوُّره:
قال الله تعالى: ﴿ وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ﴾ [الإسراء: 36]؛ لأنَّ القاعدة تقول: (الحُكم على الشيء فرعٌ عن تصوُّره).

ولا يُمكن الحُكم على الأمور بالاعتمادِ على تحليلات أو تقاريرَ وبيانات، أو نشرات أو أخبار شائعات، وإنما بنُقول المسلمين العدول الثقات.

وقد وضَع حذيفةُ – رضي الله عنه – مقياسًا للمرء منا يَقيس به تأثيرَ الفِتنة على قلبه، فقال – رضي الله عنه -: "إنَّ الفِتنة تُعرَض على القلوب، فأي قلْب أُشربها نُكتت فيه نكتة سوداء، فإنْ أنكرها نُكتت فيه نكتةٌ بيضاء، فمَن أحب منكم أن يعلم: أصابته الفتنة أم لا؟ فلينطر: فإن كان يرى حرامًا ما كان يراه حلالاً، أو يرى حلالاً ما كان يراه حرامًا فقد أصابتْه الفتنة"؛ حلية الأولياء (1/272 – 273).

• الدُّعاء والتضرُّع في الفِتن:
الضَّراعة من أسبابِ كشْف الغُمَّة وتفريج الكُرُوب؛ قال الله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ ﴾ [الأنعام: 42]، وقال تعالى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ ﴾ [الأعراف: 94].

عندما تحلُّ الفتَن ولا يَدري المرء أحيانًا ماذا يعمل، يغفل كثيرٌ عن أعظم سِلاح كان عُدَّةً الأقوياء مِن الأنبياء والصالحين على مرِّ الزمان، قال سبحانه عن نبيِّه نوح ﴿ فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ ﴾ [القمر: 10]، وقال – صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((أعْجَزُ الناس مَن عجَز عن الدعاء))؛ صحيح الجامع.

ولا يعرف العبدُ طريقَ الهُدى ولا يجده إذا اشتبهتِ الأمور، والْتبس على الجمهور حتى يهديَه الله تعالى؛ ((يا عبادي، كلُّكم ضالٌّ إلا مَن هديتُه فاستهدوني أهْدِكم)).

لذا كان – صلَّى الله عليه وسلَّم – يفتتح صلاتَه إذا قام مِن الليل قائلاً: ((اللهمَّ ربَّ جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، فاطِرَ السموات والأرض، عالِمَ الغيب والشهادة، أنت تحكُم بين عبادِك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختُلف فيه من الحقِّ بإذنك، إنَّك تَهدي مَن تشاء إلى صراطٍ مستقيم))؛ رواه مسلم.

• لكن أي دعاء:
عن أبي هُرَيرَة – رضي الله عنه -: ((تكون فِتنة لا يُنجي منها إلا دعاء كدُعاء الغَرَق))؛رواه ابن أبي شيبة.

والدُّعاء سلاحُ المؤمن، والسلاح البارِد لا يَقطع، فليس الدعاء مجرَّدَ ألفاظ بارِدة، وقلب غافل، إنما هي كلماتٌ خرجَتْ مِن شعور اضطرار، وقلْب حاضِر عندَه في ربه يقين بالإجابة.

– الدُّعاء بطلب الحماية مِن شرِّ الفِتنة أن يطالنا شرُّها بسوء؛ قال – صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((تعوَّذوا بالله من الفِتن، ما ظهَر منها وما بطَن))؛ رواه مسلم.

– وعاصَر الحسن البصري – إمام مِن التابعين – زمنَ الحجاج بن يوسف – إمام من المفسدين في عصره – وكان الحسنُ البصريُّ يقول: "إنَّ الحجاج عذابُ الله، فلا تدفعوا عذابَ الله بأيديكم، ولكن عليكم بالاستكانةِ والتضرُّع؛ قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ ﴾ [المؤمنون: 76]".

• التراحم والتكاتف والتعاطف:
قال – صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَثَل المؤمنين في توادِّهم وتراحمِهم وتعاطفهم مَثَل الجسد؛ إذا اشتكى منه عضوٌ تَدَاعى له سائرُ الجسد بالسَّهَر والحمَّى))؛ رواه مسلم.

أي: دعا بعضُه بعضًا إلى المشارَكة.

لكن الأنانية والأثرة، والبحث عن المنفعة ولو على حسابِ الغَيْر، والولاء للمصلحة، والخيبة – آفة.

فيستغل البعضُ حاجةَ الناس فيتغالَى في الثمن ليربحَ أكثر، أو يخرُج البضاعة المعيبة والفاسِدة والكاسدة؛ لتباعُ في وقت الأزمات ونُدرة السلعة؛ قال – صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إنَّ التجَّار يُبعثون يومَ القيامة فجَّارًا، إلا مَن اتَّقى وبرَّ وصدَق))؛ صحيح الترغيب والترهيب.

وقال – صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لا يُؤمن أحدُكم حتى يحبَّ لأخيه ما يحبُّ لنفسِه)).

قال تعالى: ﴿ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 188].

• حفظ الأمن:
الأمن مطلبٌ شرعي، ومنحة إلهية؛ قال تعالى: ﴿ فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ﴾ [قريش: 3 – 4].

وقال تعالى: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾ [الأنعام: 82].

فالمحافظة على أمْنِ بلادنا عبادةٌ نتقرَّب بها إلى ربِّنا، كيف لا والضروريات الخمس التي هي مقاصد الشريعة تقتضيه

حقا يا اختي

لكن حِفظ اللِّسان عند الفتن مؤكَّد؛ لأنَّه في الفتن تزداد شهوةُ الإشاعات والمبالغات والأباطيل، وتكون عندها الآذان مستعدَّة لاستقبال كل ما يُقال؛ قال – صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن صمَت نجَا))؛ رواه الترمذي.

• إذا تغيَّرت الأحوال واضطربت الأمورُ، فلا تحكم على شيءٍ مِن تلك الفتن أو من تغيُّر الحال إلا بعد تصوُّره:
قال الله تعالى: ﴿ وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ﴾ [الإسراء: 36]؛ لأنَّ القاعدة تقول: (الحُكم على الشيء فرعٌ عن تصوُّره).

ولا يُمكن الحُكم على الأمور بالاعتمادِ على تحليلات أو تقاريرَ وبيانات، أو نشرات أو أخبار شائعات، وإنما بنُقول المسلمين العدول الثقات.

هذا هوعين الحق وقمة العلم والعمل بما جاءت به ايات التشريع والسنة المطهرة…

ابدعت في نقل الحق يا غالية جزاك الله خيرا ونفع بك الامة وجمعنا واياك في الفردوس الاعلى

ممكن ان نعرف مصدر هذا التوضيح الرائع الذي يشرح الصدر وينير القلب؟؟؟