صفات المؤمنين والمؤمنات واخلاقهم 2024.

الجيرياباسم الله الرحمن الرحيمالجيريا



وفي القرآن آيات كثيرات بين الله فيها سبحانه صفات المؤمنين والمؤمنات وأخلاقهم , ومن ذلك ما في سورة البقرة حيث يقول سبحانه : لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ هذه حالة الأتقياء من الذكور والإناث , هذه صفاتهم بينها سبحانه وتعالى في هذه الآية الكريمة من سورة البقرة بقوله : وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ الآية ,
والمعنى : ولكن ذا البر أي صاحب البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين آمن بالله ربا وإلها سبحانه وتعالى , وآمن بأنه معبوده الحق , وأنه خالقه ورازقه وأنه سبحانه موصوف بالأسماء الحسنى والصفات العلى , لا شبيه له ولا كفؤ له ولا ند له , بل هو الباطل في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله , لا يعتريه نقص بوجه من الوجوه , بل له الكمال المطلق من كل الوجوه كما قال تعالى : قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ وآمن باليوم الآخر , أي بالبعث بعد الموت , هذه الدنيا تزول ويأتي اليوم الآخر , وهو يوم القيامة , لابد من هذا اليوم , سوف يأتي وسوف يبعث الله عباده كما قال جل وعلا : ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ وقال تعالى : وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ فاليوم الآخر هو : يوم الحساب والجزاء والجنة والنار والميزان والصراط , وإعطاء الصحف باليمين والشمال ونصب الميزان ووزن الأعمال , ثم بعد ذلك كله ينتهي الناس إلى الجنة أو النار , فالمؤمنون إلى الجنة والسعادة والكرامة , والكافرون إلى النار والعذاب المهين- نسأل الله العافية-
وهكذا الإيمان بالملائكة الذين هم في طاعة ربهم وجند من جنوده وسفراء بينه وبين عبادة في تبليغ أوامره ونواهيه سبحانه وتعالى : لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ خلقهم الله من نور ينفذون أوامره كما قال جل وعلا : بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يَشْفَعُونَ إِلا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ عليهم الصلاة والسلام , ويقول فيهم جل وعلا : لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ
وهكذا الإيمان بالكتاب , والمراد به الكتب المنزلة من السماء , وأعظمها القرآن الكريم , فأهل الإيمان يؤمنون بجميع الكتب المنزلة على الأنبياء الماضين وآخرها وأعظمها وأشرفها القرآن العظيم , المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم , وهكذا المؤمنون يؤمنون بالنبيين والمرسلين جميعا , ويصدقونهم وآخرهم محمد صلى الله عليه وسلم , وهو خاتمهم وأفضلهم , وهكذا المؤمنون يتصدقون بالمال على حبه , وهو معنى قوله سبحانه وتعالى : وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى ينفقون المال على حبه , في الفقراء والمساكين من الأقارب وغيرهم , وفي المشاريع الخيرية , وفي جهاد أعداء الله , هكذا أهل الإيمان والبر , ينفقون أموالهم في سبيل الخيرات ,
وفي آية أخرى يقول عز وجل : تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ويقول سبحانه : آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ وفي هذه الآية- آية البقرة- يقول سبحانه : وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ المعنى أنهم ينفقون في هذه الجهات , في القرابات وفي الأيتام الفقراء ,
وفي المساكين غير الأقارب من الضعفاء وفي أبناء السبيل وهم الذين يمرون بالبلد وليسوا من أهلها وتنقطع بهم النفقة , وهكذا السائلون وهم الذين يسألون الناس لحاجتهم ومسكنتهم , أو سائلون مجهولون لا تعرف حالهم , فيعطون ما يسد حالهم , وقوله : وَفِي الرِّقَابِ المعنى : ينفقون في عتق الرقاب , أي في عتق العبيد والإماء وفي عتق الأسارى وفك أسرهم , ثم قال سبحانه وتعالى : وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ

والمعنى : أن المؤمنين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة يحافظون على الصلوات , ويقيمونها في أوقاتها , كما شرعها الله , ويؤدون الزكاة كما شرعها الله , ثم قال سبحانه : وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا أي إذا أعطوا عهدا وفوا ولم يغدروا , ثم قال سبحانه : وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أي في حالة البأساء , وهي : حالة الفقر , والضراء وهي : الأمراض والأوجاع والجراحات ونحو ذلك , وحين البأس : حين القتال والحرب , ثم قال سبحانه : أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ هؤلاء هم أهل الصدق , لكونهم حققوا إيمانهم بأعمالهم الطيبة , وتقواهم لله عز وجل .
من فتاوى ومقالات بن باز رحمه الله تعالى