ثمرات العلم 2024.

باسم الله الرحمن الرحيم

إن العلم والحرص عليه من علامات محبة الله جلّ وعلا للعبد، قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلّم أنه قال: «من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين»، فدلّ الحديث بمنطوقه على أن من تفقه في الدين وكان فقهه نافعاً له أنه من علامات إرادة الله جلّ وعلا به الخير، ودلّ بمفهومه مفهوم المخالفة على أن من ترك العلم وسعى عنه إلى غيره فإنه ممن لم يرد الله به خيرا، لأنه ولا شك العلم يرفع العبد كما قال جلّ وعلا: ?يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ? [المجادلة:11]، فأهل الإيمان مرفوعون عن غيرهم وأهل العلم من أهل الإيمان أعلى من عموم أهل الإيمان بدرجات، ?وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً? [الإسراء:21]، فلله جلّ وعلا الحمد على أن وفق من وفق منا إلى الإقبال على العلم والحرص عليه فنسأل المولى جلّ جلاله أن يثبتنا على هذا السبيل وأن يجعلنا ممن يرد حوض النبي عليه السلام غير مغيرين ولا مبدلين ولا محدثين إنه سبحانه جواد كريم.
موضوع هذه المحاضرة " ثمرات العلم"، ولا شك أن العلم له ثمرات ودل على ذلك قول الله جلّ وعلا: ?يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ? [المجادلة:11]، فمن ثمراته المنصوص عليها في القرآن أن أهل العلم مرفوعون درجات، ومن ثمراته المذكورة في القرآن ما جاء في سورة النساء في قوله جلّ وعلا: ?وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً (66) وَإِذاً لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْراً عَظِيماً (67) وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً (68) وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ? [النساء:66-69]،… الأية.
فدلت الأية على أن الذي يعلم وعمل فإن هذا خير له في دنياه وخير له في آخرته وأنه إن أورثه العلم الطاعة فإنه مع الأنبياء والصدقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، وفي القرآن لم يأمر الله جلّ وعلا نبيا أن يسأل المزيد من شيئ إلا من العلم فقال سبخانه في سورة طه: ?وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً? [طه:114]، وهذا مما يدلك على جلالة قدر العلم أن الله جلّ وعلا خصّ به أنبياءه، وخص به أولياءه فإن العبد كلما كان أكثر علما وأورثه العلم ثمراته من العمل وغيره، فإنه أقرب إلى ربه جلّ وعلا فقد قال سبحانه: ?إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ? [فاطر:28]، يعني إن أحق الناس خشيةً لله جلّ وعلا الذين يعلمون الرب جلّ وعلا بذاته وأسمائه وصفاته وما جاء في شريعة أنبيائه عليهم الصلاة والسلام، لا شك إذاً أن للعلم ثمرات، وثمرات العلم لا تستحصيها مثل هذه المحاضرة ولا بد لكل أحد منكم أن يسعى إلى العلم أولاً ثمّ أن يتفطن لنفسه إن سعى إلى العلم هل حصّل ثمرات العلم أوهل ناله من ثمرات العلم ما ناله العلماء من ذلك أم لم ينل من ذلك شيئا أم كان متوسطاً إلخ، لهذا نقول لا شك أن العلم الذي يعتني به الناس قسمان، كما هو ظاهر في حياة الناس، العلم الذي يعتني به الناس قسمان:

علم يراد للدنيا وعلم يراد للدين، والدنيا يعطيها الله جلّ وعلا من يحب ومن لا يحب، ولكن الدين لا يعطيه الله جلّ وعلا إلا من يُحب، وهذا كما جاء مأثورا فإنه من معنى قوله عليه الصلاة والسلام: «من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين»، ومن معنى قوله: «خيركم من تعلم القرآن وعلّمه»، والعلم لما كان منقسماً إلى علم يراد لدنيا وإلى علم يراد للدين فإن العلماء نظروا في التفضيل بينهما كما قال الشافعي رحمه الله: ((لما أردت طلب العلم نظرت فإذا العلم علمان: علم لصلاح الأبدان وعلم لصلاح الأديان، فنظرت فإذا العلم الذي لصلاح الأبدان لا يعدو الدنيا، وإذا العلم الذي هو لصلاح الأديان للدنيا ولآخرة فأقبلت على الفقه وتركت الطب))، وكان هو ممن نال طرفاً من علوم مختلفة من الطب والأدب والاراثة إلخ، لهذا إذا قلنا ثمرات العلم فنعني بها العلم الذي هو أعظم فائدة وأجزل عائدة، وهو الذي يراد للدنيا والآخرة، الذي يصلح الله جلّ وعلا به الدنيا ويصلح الله جلّ وعلا به الآخرة، دنيا العبد طالب العلم في نفسه وآخرة العبد طالب العلم لنفسه، وكذلك دنيا غيره والمجتمع وكذلك آخرة الأمة جميعاً كما سيأتي في ثمرات طلب العلم.
لهذا قال العلماء العلم علمان: علم نافع وعلم غير نافع.
أما العلم النافع، فهو العلم بالله جلّ وعلا يعني علم الدين العلم الذي يراد للآخرة، الذي يُصلِح الله جلّ وعلى به دنيا العبد وُيصِلح به آخرتَه، وهذا العلم هو في الحقيقة النافع لأنه نفع العبد في حياته كلها وحياة العبد منقسمة إلى حياة أولى وحياة أخرى، فحقيقة العلم النافع النفع المطلق الكامل هو علم الشريعة علم الدين، العلم بالله جلّ وعلا وبرسوله صلى الله عليه وسلّم وبما أنزل من حدود جلّ جلاله، لهذا لما تكلم بعض السلف في الأنساب، وسُئِل هل علم الأنساب من العلم النافع قال: هوجهالته لا تظر، يعني لا تضر العبد في دينه ولا تظر العبد في دنياه وآخرته معاً فوجّه إلى أن يعتني طالب العلم بالعلم الذي ينفعه في دنياه وفي آخرته وهذا العلم النافع هو العلم الموروث عن النبي عليه الصلاة والسلام فقد صحّ عن النبي عليه الصلاة والسلام من حديث أبي موسى رضي الله عنه كما في الصحيح أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «مثل ما بعثني الله به من العلم والهدى كمثل الغيث الكثير أصاب أرضا فكانت منها طائفة نقية قبِلت الماء وأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكان منها أجادب أمسكت الماء فاستقى الناس وشربوا وزرعوا، وكان منها طائفة إنما هي قيعان لا تنبت كلأ ولا تمسك ماء فذلك مثل ما بعثني الله به من العلم والهدى ومثل من علِمَ وعلَّم»، وهذا الحديث لا شك أنه يدل على أن العلم الذي خص الله جلّ وعلا به أنبياءه وخصّ أعلى الأنبياء مقاماً محمد صلى الله عليه وسلّم بأعلى العلم هو العلم الذي ورّثه النبي عليه الصلاة والسلام، لهذا صحّ عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «العلماء ورثة الأنبياء فإن الأنبياء لم يورّثوا ديناراً ولا درهما وإنما ورّثوا العلم فمن أخذه أخذ بحضٍ وافر»، لهذا العلم النافع هو الذي له الثمرات التي سيأتي الحديث عن بعضها، فإذاً العلم علمان: علم نافع وعلم غير نافع.

*للامام صالح ال الشيخ حفظه الله

الجيريا
العلم نور والجهل ضلام ……………..ولايعذر الجاهل بجهله.
بارك الله فيكن لمسات رائعة ومرور اروع لاحرمنا منه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.