فقد اتفق الفقهاء على أنه يحرم على المرأة أن تسافر بمفردها، وأنه لا بد من وجود محرم أو زوج معها؛ واحتجوا بعموم ألفاظ الأحاديث الواردة في منع المرأة من السفر دون محرم؛ ومنها ما في الصحيحين وغيرهما، عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم"، وفيهما عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم"، وزيارة الأبناء -وإن كانت واجبة- إلا أن سفر المرأة بدون محْرِم مُحَرَّم؛ فيسقط عنها الوجوب؛ لأن من شرط الوجوب الاستطاعة.
قال الإمام النووي ـ رحمه الله ـ في "شرح صحيح مسلم": "فالحاصل أن كل ما يسمى سفراً تُنهى عنه المرأة بغير زوج أو محرم، سواء كان ثلاثة أيام أو يومين، أو يوماً، أو بريداً، أو غير ذلك؛ لرواية ابن عباس المطلقة، وهي آخر روايات مسلم السابقة: "لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم"، وهذا يتناول جميع ما يسمى سفراً، والله أعلم".
وقد حُكي الإجماع على تحريم سفر المرأة بلا محرم، إلا السفر للحج والعمرة، والخروج من دار الشرك، أو الفرار من الأسر؛ قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري": "واستدلوا به على عدم جواز السفر للمرأة بلا محرم، وهذا إجماع في غير الحج والعمرة، والخروج من دار الشرك".
ونقل النووي عن القاضي عياض قوله: "واتفق العلماء على أنه ليس لها أن تخرج في غير الحج والعمرة إلا مع ذي محرم، إلا الهجرة من دار الحرب؛ فاتفقوا على أن عليها أن تهاجر منها إلى دار الإسلام، وإن لم يكن معها محرم".
وعليه فلا يجوز لكِ السفر بالطائرة -ولا بغيرها- بغير زوج أو أي محرم آخر – ممن تحرمين عليه على التأبيد، بنسب أو سبب مباح: كأب أو ابن أو أخ … من نسب أو رضاع – للأدلة السابقة.
ومن تأمل ما في السفر من المخاطر، بالنسبة للمرأة – كالجلوس بجانب رجل أجنبي عنها، واضطرار الطائرة للهبوط أحياناً وتأخر المواعيد ونحو ذلك- عَلِم حكمة الشرع في تحريم سفر المرأة بلا محرم، حتى ولو كان ذلك بوسيلة تقطع المسافة في ساعة أو أقل؛ فإن هذه الأحكام شرَّعها من يعلم حال خلقه، ويعلم ما يصيرون إليه من تطور وتقدم؛ قال الله تعالى: {أَلاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك:14]،، والله أعلم.
جزاك الله خير الجزاء على نقل هذه الفتوى بارك الله فيك
شكرا