تصطف على طول العديد من الطرق الجزائرية خاصة في منطقة القبائل عشرات من المحلات التجارية لبيع الأواني والتحف الفخارية من مختلف الأنواع والأحجام. المحلات عبارة عن أكواخ من قش وقصب وصفيح يشتغل بها على العموم شباب اختاروا هذه التجارة إما لشغفهم بالصناعة الطينية التقليدية كونها موروثا محليا أو لأنها السبيل الوحيد المتاح لكسب الرزق بسبب ندرة فرص العمل خاصة في المناطق الريفية.
وبفعل التجربة والاحتكاك مع نساء ورجال يمارسون بناء أدوات طينية، صار هؤلاء الشباب يتحكمون في خبايا هذه الصناعة ويشرحونها بالتفصيل للمارة والزبائن الذين يتوقفون عند محلاتهم بالمئات كل يوم. وتشهد تجارة الأواني وتحف الزينة التقليدية في السنوات الأخيرة رواجا غير مسبوق بالنظر للتطور المذهل الذي حدث على أشكالها وألوانها، وأصبحت من بين أهم ما يقدم كهدايا في المناسبات للأقارب والأصدقاء. ولهذا انتشرت ورش صناعتها في الأوساط الشعبية وامتدت إلى جهات كثيرة خارج المناطق ذات الغالبية البربرية كالقبائل والأوراس التي كانت تحتكرها وصارت تصنع في تلمسان على الحدود المغربية وتبسة على الحدود مع تونس.
وقد أحصى مكتب بولاية البويرة الواقعة بإقليم القبائل (شرق العاصمة الجزائر) ما يزيد على 400 نوع من الأواني والتحف الفخارية المصنوعة بالطرق التقليدية من الطين بأنامل نساء منطقة القبائل قبل أن تتسلل الآلات الحديثة لتنتج منها المئات يوميا.
«البيان» دخلت بيوتا تعج بالأواني الطينية الجميلة وتحدثت إلى المبدعات في صناعتها. سألنا عن أشهر امرأة في القبائل تصنع الطين فأرشدنا العديد من الناس إلى منزل باية، وهي عجوز في السبعين بدأت هاوية في صغرها تقليدا لمن سبقنها، ثم صارت تعشق «الصنعة»، بعدها أرغمت على أن تعتمدها مصدرا لعيشها.
تجلب باية التراب الخاص بصنع الأواني من مكان يبعد نحو أربعة كيلومترات عن بلدتها «أورير» وتدك التراب بمدك خشبي ثم تغربله وتصفيه قبل أن تخلطه بالماء وتعجنه حتى « يشبع الماء» وتتركه فترة« يتنفس» ثم تعود إليه ثانية بالماء والعجن، بعدها تبدأ تسوية أرضيات الأواني التي تريد صناعتها.
قالت العجوز وهي تسوي أرضية «طاجين» خاص بتحضير «الكسرة » و«خبز المطلوع» الذي يصنع في بيوت القبائل يوميا: «مثل هذا التراب لا يوجد في كل مكان. هناك مناطق محددة يوجد فيها ويتميز بتعاطيه الجيد مع الماء كما يقبل درجة عالية من النار في الفرن لتحويله إلى إناء في شكله النهائي القابل للاستعمال دون التأثر بالحرارة والماء.
أنواع التراب الأخرى تنهار بالماء وتحولها النار إلى رماد». تصنع العجوز باية، الأواني وتبيعها كل أسبوع وقالت إنها باعت الآلاف من القطع وإن آلافا من العائلات استخدمت ما صنعته يداها على مدى أربعين عاما داومت خلالها على تطويع الطين بعدما توفي زوجها القروي ولم يترك لها مصدر رزق تعيش به مع أبنائها الأربعة.
ومع أن قصة العجوز ذات السبعين عاما مع الطين وصناعته طويلة، لكن حين سألناها عن معنى تلك الرسوم والرموز التي تضعها على الأواني بالألوان المتقاربة الأحمر والعنابي والبني أجابت بأنها تعلمتها عن سابقاتها من الصانعات وأنها لا تعرف معناها ولكن تدرك أنها ضرورية ومكملة لصناعة الإناء.
ويقول العارفون بأن هذه الرموز لها دلالات توارثها الجزائريون خاصة سكان المناطق الناطقة بالبربرية منذ قرون وهي في الغالب حروف من الكتابة الليبية القديمة أو «تيفيناغ» التي لا يزال عدد كبير من بربر الصحراء خاصة الطوارق يستخدمونها في كتابة الرسائل والعقود وما إليها.
أما عمار بائع الأواني الطينية على الطريق بين البويرة والعاصمة منذ أكثر من خمس سنوات فقال إن الآلة أوشكت أن تقضي على هذه الصناعة في شكلها التقليدي لأن الوفرة خفضت الأسعار وضغطت على العائلات التي كانت تمتهن هذه الحرفة وأبعدت الكثير منها عن الساحة لقلة الموارد وقوة المنافسة.
وبحكم تجربته الطويلة في الاتجار بهذه المصنوعات أكد أن المشترين نوعان منهم من يقتني أواني طينية للاستعمال المنزلي ويكثر الإقبال خاصة على «الطاجين» المستخدم للكسرة و«القدرة» التي يفضل الكثير من الناس استخدامها لطهي الشربة خاصة خلال شهر رمضان الكريم بالإضافة إلى «البوقال» المستخدم لشرب الماء لأنه يطلق نكهة خاصة ويحافظ على درجة برودة الماء.
ولا تزال عائلات قروية كثيرة خاصة في منطقة القبائل وأقصى غرب الجزائر تستخدم الصهاريج الفخارية الكبيرة من فئة 50 إلى 200 لتر لتخزين زيت الزيتون وتسمى تلك الصهاريج باللغة الأمازيغية «أشبالي» وبالعربية «الزير» ومن العائلات من توارثتها عن الأجداد.
وبفعل التجربة والاحتكاك مع نساء ورجال يمارسون بناء أدوات طينية، صار هؤلاء الشباب يتحكمون في خبايا هذه الصناعة ويشرحونها بالتفصيل للمارة والزبائن الذين يتوقفون عند محلاتهم بالمئات كل يوم. وتشهد تجارة الأواني وتحف الزينة التقليدية في السنوات الأخيرة رواجا غير مسبوق بالنظر للتطور المذهل الذي حدث على أشكالها وألوانها، وأصبحت من بين أهم ما يقدم كهدايا في المناسبات للأقارب والأصدقاء. ولهذا انتشرت ورش صناعتها في الأوساط الشعبية وامتدت إلى جهات كثيرة خارج المناطق ذات الغالبية البربرية كالقبائل والأوراس التي كانت تحتكرها وصارت تصنع في تلمسان على الحدود المغربية وتبسة على الحدود مع تونس.
وقد أحصى مكتب بولاية البويرة الواقعة بإقليم القبائل (شرق العاصمة الجزائر) ما يزيد على 400 نوع من الأواني والتحف الفخارية المصنوعة بالطرق التقليدية من الطين بأنامل نساء منطقة القبائل قبل أن تتسلل الآلات الحديثة لتنتج منها المئات يوميا.
«البيان» دخلت بيوتا تعج بالأواني الطينية الجميلة وتحدثت إلى المبدعات في صناعتها. سألنا عن أشهر امرأة في القبائل تصنع الطين فأرشدنا العديد من الناس إلى منزل باية، وهي عجوز في السبعين بدأت هاوية في صغرها تقليدا لمن سبقنها، ثم صارت تعشق «الصنعة»، بعدها أرغمت على أن تعتمدها مصدرا لعيشها.
تجلب باية التراب الخاص بصنع الأواني من مكان يبعد نحو أربعة كيلومترات عن بلدتها «أورير» وتدك التراب بمدك خشبي ثم تغربله وتصفيه قبل أن تخلطه بالماء وتعجنه حتى « يشبع الماء» وتتركه فترة« يتنفس» ثم تعود إليه ثانية بالماء والعجن، بعدها تبدأ تسوية أرضيات الأواني التي تريد صناعتها.
قالت العجوز وهي تسوي أرضية «طاجين» خاص بتحضير «الكسرة » و«خبز المطلوع» الذي يصنع في بيوت القبائل يوميا: «مثل هذا التراب لا يوجد في كل مكان. هناك مناطق محددة يوجد فيها ويتميز بتعاطيه الجيد مع الماء كما يقبل درجة عالية من النار في الفرن لتحويله إلى إناء في شكله النهائي القابل للاستعمال دون التأثر بالحرارة والماء.
أنواع التراب الأخرى تنهار بالماء وتحولها النار إلى رماد». تصنع العجوز باية، الأواني وتبيعها كل أسبوع وقالت إنها باعت الآلاف من القطع وإن آلافا من العائلات استخدمت ما صنعته يداها على مدى أربعين عاما داومت خلالها على تطويع الطين بعدما توفي زوجها القروي ولم يترك لها مصدر رزق تعيش به مع أبنائها الأربعة.
ومع أن قصة العجوز ذات السبعين عاما مع الطين وصناعته طويلة، لكن حين سألناها عن معنى تلك الرسوم والرموز التي تضعها على الأواني بالألوان المتقاربة الأحمر والعنابي والبني أجابت بأنها تعلمتها عن سابقاتها من الصانعات وأنها لا تعرف معناها ولكن تدرك أنها ضرورية ومكملة لصناعة الإناء.
ويقول العارفون بأن هذه الرموز لها دلالات توارثها الجزائريون خاصة سكان المناطق الناطقة بالبربرية منذ قرون وهي في الغالب حروف من الكتابة الليبية القديمة أو «تيفيناغ» التي لا يزال عدد كبير من بربر الصحراء خاصة الطوارق يستخدمونها في كتابة الرسائل والعقود وما إليها.
أما عمار بائع الأواني الطينية على الطريق بين البويرة والعاصمة منذ أكثر من خمس سنوات فقال إن الآلة أوشكت أن تقضي على هذه الصناعة في شكلها التقليدي لأن الوفرة خفضت الأسعار وضغطت على العائلات التي كانت تمتهن هذه الحرفة وأبعدت الكثير منها عن الساحة لقلة الموارد وقوة المنافسة.
وبحكم تجربته الطويلة في الاتجار بهذه المصنوعات أكد أن المشترين نوعان منهم من يقتني أواني طينية للاستعمال المنزلي ويكثر الإقبال خاصة على «الطاجين» المستخدم للكسرة و«القدرة» التي يفضل الكثير من الناس استخدامها لطهي الشربة خاصة خلال شهر رمضان الكريم بالإضافة إلى «البوقال» المستخدم لشرب الماء لأنه يطلق نكهة خاصة ويحافظ على درجة برودة الماء.
ولا تزال عائلات قروية كثيرة خاصة في منطقة القبائل وأقصى غرب الجزائر تستخدم الصهاريج الفخارية الكبيرة من فئة 50 إلى 200 لتر لتخزين زيت الزيتون وتسمى تلك الصهاريج باللغة الأمازيغية «أشبالي» وبالعربية «الزير» ومن العائلات من توارثتها عن الأجداد.
اواني رائعة …التقليدي دائما موجود بالبيت الجزائري