قضايا لم تحسم
ونسرد هنا إحدى القضايا المعروضة الآن أمام المحاكم لزوجة عانت كثيرا من غيرة زوجها الشديدة عليها وهذه هى حكايتها التى تقول فيها:
كنت دائما محط أنظار الجميع وخاصة الرجال، وكان الجميع يبدون إعجابهم بجمالى الذى كان وبلا غرور مميزا ولافتا للأنظار، كنت حديثة التخرج من الجامعة عندما تقدم لخطبتى شاب كان دائما يلاحقنى بنظراته أينما ذهبت، دون أن يحاول الحديث معى حتى فوجئت ذات يوم وقد حضرت والدته إلى بيتنا تخطبنى لابنها، بالرغم من أنى كنت قد رفضت قبله كثيرين إلا أن شيئا ما كان قد شدنى إليه دفعنى لقبول الخطبة، هذا إلى جانب أنه ذو مستوى اجتماعى وثقافى مميز مما شجعنى أكثر على القبول، فقد كان باختصار عريسا تتوفر فيه مواصفات متكاملة وتحسدنى عليه الكثيرات، وجعلتنى فترة الخطوبة القصيرة نسبيا أتعلق به وكان هو يغدق على بكلمات الحب والإعجاب بجمالي، ولم تكن غيرته فى فترة الخطوبة تتجاوز حدودها المتعارف عليها، ولا يمكن وصفها بالغيرة الشديدة أو المرضية إلى أن تم زواجنا، ومنذ الأسبوع الأول بدأت أشعر وكأنى أعيش داخل زنزانة معزولة عن العالم الخارجي، ممنوع على أن أفتح باب البيت، ممنوع أن أفتح نافذة أو أنظر منها، ممنوع أن أتحدث مع الجيران، حتى الهاتف غير مسموح لى بالرد عليه، عملى أجبرنى على تقديم استقالتى منه، لا يمكننى أن أذهب لشراء حاجياتى الخاصة أو حاجيات البيت، حتى زيارة أهلى لا تحدث إلا فى فترات متباعدة ولا تكون الا برفقته، معاملته لى أجبرتنى على مقاطعة أعز صديقاتي.
هذه القيود التى كبلنى بها جعلتنى أكره الحياة معه، كان يقول لى أنت جوهرة ثمينة لابد من الحفاظ عليها من أعين الناس، حتى لا يحاولون سرقتها، وكأنى امرأة ساذجة وتافهة لا عقل لها ولا تعرف كيف تتعامل مع الآخرين بطريقة توفر بها الحماية لنفسها من دون أن يعمل هو على ذلك.
قائمة الممنوعات والاوامر
وفى كل يوم تزداد قائمة الممنوعات، وتضاف إليها آوامر جديدة وكأنى أعيش داخل معسكر بل أكثر بكثير من ذلك، بدأت أكره تلك القيود وكرهت نفسى وجمالى الذى جعلنى أعيش تحت الإقامة الجبرية، وتمنيت أن أكون كأية امرأة عادية حتى أستمتع بحياتى وأحس أنى إنسان يستحق أن يمارس حياته بصورة طبيعية، وفى لحظة شجاعة طلبت من زوجى الطلاق، بعد أن سقطت كل قدراتى على الاحتمال، صدم كثيرا بقرارى ورفضه ورفض مناقشتي، فقد أوضحت له أن هذه الحياة المقيدة الحرية والغيرة الشديدة من قبلك حرمتنى من أن أكون إنسانة كاملة وجعلت حياتى هامشية لا هدف لها ولا معني.
رفض أن يمنحنى الطلاق معللا بأن كل ما يفعله من باب حبه لى والحفاظ علي، تركت البيت وذهبت إلى بيت أهلي، ثم تقدمت بطلبى الى المحكمة ولازالت انتظر القرار الذى سيمنحنى حريتى وراحتي.
ونرى رأى علماء النفس فى مسألة غيرة الزوج المبالغ فيها على الزوجة، وهل جمال المرأة الزائد يعطيه الحق فى ممارسة غيرته عليها بصورة كبيرة؟.
جميلة بشكل واضح
تقول الأخصائية النفسية فاطمة بن عاشور:
عندما تكون المرأة جميلة بشكل واضح فإن ذلك يجعلها عرضة دائمة لإبداء الإعجاب بها، ومحاولة التقرب إليها والتعرف عليها، وهذه التصرفات تدفع الرجل إلى محاولة فرض سياج حولها لعزلها عن كل العالم المحيط بها حتى لا يرى هذا الجمال سواه، ولكن الغيرة عندما تزيد عن حدها فإنها تصبح قيدا مملا تسعى المرأة لكسره بكل قوتها، فعندما يقوم الرجل بوسائل تقيد المرأة بطريقة مبالغ فيها يدفعها ذلك إلى النفور، منه وبالتالى كراهيته والغيرة على الزوجة الجميلة يجب أن لا تتجاوز حدود الغيرة التى تعبر عن الحب لها والإعجاب بها اما منعها من مزاولة عملها أو الخروج من البيت وغيرها الكثير من التصرفات التى يقوم بها الرجال الغيورون تدل على أنانية شديدة وحب للتملك، وفى ذلك مصادرة لكل حقوقها فى ممارسة حياتها بصورة طبيعية بعيدة عن كل الأمراض النفسية التى يمكن ان تتعرض عليها نتيجة هذه التصرفات، وأول هذه الأمراض هو الاكتئاب نتيجة العزلة المفروضة لها ومنعها من الاختلاط بالآخرين ومحاولة إلغائها كانسان له كيان وفكر وعقل وليست امرأة جميلة فحسب.
كل هذا يدفعنا إلى السؤال هل جمال المرأة سبب كاف لتقييدها ومنعها من ممارسة حياتها الطبيعية؟ وإذا كان هذا الجمال نعمة قد وهبها الله لماذا يحوله الرجل إلى نقمة عليها؟ ولماذا الاعتقاد دائما بأن المرأة الجميلة لا يمكن أن تكون قادرة على تحمل مسئولية الحفاظ على نفسها بل إنها تحتاج إلى راع يرعى هذا الجمال ويحافظ عليه من أعين المعجبين؟.
وكلمة أخيرة نقولها لك أيها الرجل الغيور لديك امرأة جميلة فحافظ عليها ولا تحملها ذنب أنها قد خلقت جميلة، فقد خلقها الله ذات جمال لتسعد أنت به لا لتستقى هى به كأس العذاب