|| مِـن آدابِ الإسْـلام ||
{ 6 } الإحسـانُ إلى الجَـار ~
~
ولقد وَصَّى اللهُ تعالى بالجار في قوله سُبحانه : ﴿ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ﴾ النساء/36 .
وللجَـار حقـوقٌ عـديـدة ، منها :
– مُعاملتُه بالحُسنى ، وعـدمُ إيذائهِ بقولٍ أو فِعل .
– مُشاركتُه في أفراحهِ وأتراحِه .
– تقديمُ المُساعدةِ له إنْ احتاجها .
– زيارتُه إذا مَرِض .
– تشييعُ جَنازتِه إذا تُوُفِّي .
حتَّى وإنْ كان الجارُ غيرَ مُسلمٍ ( كِتابيًا ) ، فيجبُ أيضًا إحسانُ مُعاملته .
والبعضُ – للأسف الشديد – يُعامِلُ جاره وكأنَّه عدوٌّ لَدود ؛ فيُؤذيه بلسانه ، بل وبأفعاله ، فلا يكادُ يَسْلَمُ منه في دخوله أو خروجه . وقد نفى النبىُّ – صلَّى اللهُ عليه وسلَّم – الإيمانَ مِمَّن يُؤذي جاره ، وجعل الإحسانَ إلى الجار مِن علاماتِ الإيمان بالله واليوم الآخِر ، فقال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم : (( واللهِ لا يُؤمِن ، واللهِ لا يُؤمِن ، واللهِ لا يُؤمِن ، قيل : مَن يا رسولَ الله ؟ قال : الذي لا يأمَنُ جارُه بوائِقَه )) مُتَّفَقٌ عليه . البوائِق : الغوائِل والشرور ، وقال : ((مَن كان يُؤمِنُ باللهِ واليوم والآخِر فلا يُؤذِ جارَه )) مُتَّفَقٌ عليه ، وفي رواية : ((مَن كان يُؤمِنُ باللهِ واليوم الآخِر فليُحسِن إلى جاره )) .
والبعضُ يُؤذي جاره بطُرقٍ مُتعدِّدة ، فيُلقي – مثلاً – القاذورات أمامَ داره ، وقد يشتمُه ويَسُبُّه لأسبابٍ تافهة ، وقد يَحسِدُ أبنائَه .
وقد يكونُ الإيذاءُ مِن جارٍ غَنِىٍّ لجارٍ فقير ؛ فيتعدَّى على أرضهِ ، ويتعالى عليه ، ويُسئُ التعامُلَ معه ، وينظرُ إليه على أنَّه أقل منه شأنًا .
فلنُحسِن – أخواتي – إلى جاراتِنا ، ولنُظهِر الإسلامَ في مُعاملتِنا معهنّ ، حتَّى وإنْ كُنَّ مُقصِّراتٍ في بعض الأمور فلننصحهنّ ، وإنْ أسأنَ مُعاملتنا فلنبتعِد عن إيذائهِنَّ ، ولنجعل حُسنَ مُعاملتنا لَهُنَّ قُربةً نتقرَّبُ بها إلى اللهِ تعالى .
واسمعن لقول حبيبنا محمدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : (( ما زال جبريلُ يُوصيني بالجار حتى ظننتُ أنَّه سيُوَرِّثُه )) مُتَّفَقٌ عليه ، هذا إنْ دلَّ فإنَّما يدل على عِظَمِ حَقِّ الجار .
جعلني اللهُ وإيَّاكُنَّ مِن المُحسناتِ إلى جاراتِهِنَّ ، المُتقرِّبات إلى رَبِّهِنَّ بما يُحِبُّ .
++تقييمِـي
والجيرانُ أنواعٌ ومراتبٌ، بعضُها ألصَق من بعض. يقول الحافظ ابن حجر – رحمه الله -: “الجارُ يشملُ المُسلمَ والكافرَ، والعبادَ والفاسِق، والصديق والعدو، والقريب والغريب، والأقرب دارًا والأبعد. ولهم مراتب بعضُها أعلى من بعضٍ، فأعلاها من اجتمعت فيه الصفاتُ الأولى كلُّها، ثم أكثرها، وهكذا، وعكسُه من اجتمعت فيه الصفات الأخرى، فيُعطَى بحسبِه".
جزاك الله خيرا