تخطى إلى المحتوى

لم أكن فيلسوفة هذه المرّة. 2024.

حدث لي هذه الأيّام موقف لا أعرف كيف أتصّرف فيه:

لي جارة من سنين، قدّمت لي يوما معروفا من دون أن تعرفني، شكرتها، و رجوتها أن تسألني أيّ مساعدة دون احراج .
و عزمت أن أردّ صنيعها معي بما أحسن، و اللله شاهدأنّي صدقت النيّة و وفّقني في ذلك.
توطّدت بيننا ما خلته صداقة طيّبة حتّى و إن كانت سطحيّة لاختلاف ثقافاتنا.

اكتشفت منذ وقت بالصدفة أنّها أذتني،و تحقّقت ،فعلت ذلك من دون سبب.
شعرت أنّ غيرة مكبوثة دفعتها لذلك…. لكن لا يهم.

بحكم الجورة لا أريد أخذ موقف حاسم، و مواجهتها بخيبة ظنّي.
لكن لم يعد لي خاطر حتّى في القاء السلام عليها، و كلّما رأيتها من بعيد أحاول تجنّبها.

حقّا اتّقي شرّ من أحسنت إليه.

فما رأيكن؟

عندك الحق اختي اتقي شرها ووكلي عليها ربي
رجع لي يغلط يسلك في الدنيا قبل الاخرة
اختي صح هي جارتك والجار وصى عليه النبي صلى الله عليه وسلم
لكن انت ماتحتكيش معاها كيما الاول حتى ماتوقعيش في مشاكل وكلش ملبعيد سلام سلام
و مذا عن قلبي؟
لديّ احساس بالحزن و الغضب لخيانة طيبتي و تعاطفي معها، يتجدّد كلّما رأيتها.
دوام الحال من المحال غاليتي
وفي وقتنا توقعي شر من احسنت اليه والعكس
عليك با لابتعاد ويكفي حق الجوار من تحية وسلام
دمت بخير
مادامها هكا ماكي ملزومة بيها ماهي ملزومة بيك
والسلام راه واجب حتى لو ماراكيش حابة
ووكلي ربي


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد أوصى الله سبحانه وتعالى بالإحسان إلى الجيران كلهم، قريبهم وبعيدهم، برهم وفاجرهم، مسلمهم وكافرهم. كلٌ بحسب قربه وحاجته وما يصلح لمثله قال الله تعالى: {وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ } [النساء من الآية:36]
أما السنة النبوية فقد حفلت بنصوص كثيرة توصي بالجار، وتؤكد حقه، وتأمر بإكرامه والإحسان إليه، وتتوعد على إيذائه وعقوقه فعن عائشة وابن عمر رضي الله عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما زال يوصيني جبريل بالجار حتى ظننت أنه سيورثه» رواه البخاري.
وحق الجار على ثلاث مراتب: أدناها كف الأذى عنه، ثم احتمال الأذى منه، وأعلاها وأكملها: إكرامه والإحسان إليه.
وأما المرتبة الثانية: فهي احتمال الأذى منه، والتغاضي عنه، والتغافل عن زلته.
أختي كيف تأكدت من أذيتها لك هل أخبرتك هي بذلك أم أخبرك طرف ثالث بذلك وما أدراك أن الطرف الذي أخبرك لا يريد الوقيعة بينكن حتى وإن تأكدت من أذيتها لك فإصبري على ذلك وإحتسبي أجرك عند الله فمن الأعمال التي يؤجر المسلم عليها تجاوزه عما يلاقيه من إساأت من الآخرين ولا يقابل السيئة بمثلها، بل يصفح ويعفو ويدفع بالتي هي أحسن، ليظفر بمغفرة الله وأجره، ومحبة المخاصم وقربه يقول سبحانه: (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ). [فصلت:34-35]
وقد وصف الله المتقين بأنهم يكظمون الغيظ، ويعفون عن الناس، ويحسنون إليهم بالصفح عنهم، والتسامح معهم، فقال سبحانه: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران من الآية:134].
قال الحسن البصري: "ليس حسن الجوار كف الأذى عن الجار، ولكن حسن الجوار الصبر على الأذى من الجار" .
كثير من الناس يستطيعون ويحرصون على كف أذاهم عن جيرانهم، ولكنهم لا يحرصون، بل ولا يحاولون أن يتحملوا أي أذى من جيرانهم، ولو كان صادرًا عن طريق الزلل والخطأ، فتجدهم متحفزين جاهزين لأدنى إثارة، فيردون الصاع صاعين، والكلمة بعشر، ويجعلون من الصغير كبيرًا، ومن القليل كثيرًا، ومن الحقير خطيرًا، ويصنعون من الحبة قبة، فتنشأ بينهم وبين جيرانهم مشاكل كبيرة، وخلافات كثيرة، وربما كان منشؤها من أمور تافهة حقيرة.
هدانا الله وإياكن لما فيه خيرنا وصلاحنا أجمعين.

حسنا، سأردّ عليكن معا:
معظمكّن يشاركني فكرة الابتعاد، أكتفي بسلام دون الإطالة بالكلام.
لكن أعجبني أكثر ما ذكّرتنا به أمّ عبد الرحمن، سأحاول كظم غيظي و أدفع بالتي هي أحسن،
أحتاج بعض الوقت كي اروّض قلبي، فأذى الجارة كان معنويّا و مادّيا، و ما يهمني ودّها،إّي ابتغيت منذ البدأ أجرا، و تجارة مع الله،
و نويت باخلاص أن أمدّ يد العون قدرما استطعت كي يبعث لي من يمدّ لي نفس اليد.

ربّما ما حدث كان إشارة لي في أمر كنت سأشركها فيه لتحسين دخلها و رفع معنويّاتها.
للحظات خفت شرّها على أسرتي فما اقدَمَت عليه كان كيدا حقيرا، لكن احتسبت اللّه و استرجعت سكينتي،
فعلا الذكرى تنفع المؤمنين.

شكرا.

بارك الله فيك غاليتي مريومة وجزاك الله خيرا على صبرك و إحتساب الاجر عند الله وربي يكثر من امثالك غاليتي.
هدانا الله لما فيه الخير و الصلاح لنا أجمعين.
ربي يعوضك بالجارة الصادقة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.