خرجَ سالمٌ كَيْ يُصَلِّيَ صلاةَ العِشَاءِ بالمسجدِ القريبِ من دَارِهِمْ، كان سعيدًا بِصَلَاتِهِ في شهر رمضانَ لأنَّه عَقِبَ صلاةِ العشاء مُبَاشَرَةً كان يُصَلِّي مع المُصلِّين صلاةَ التَّرَاوِيحِ.
عَمَّ الخشوعُ المُصَلِّينَ في أثناءِ الصَّلاة، الجميعُ يستمعُ لتلاوةِ الإمامِ المُمْتَلِئَةِ بالخُشُوعِ والتَّضَرُّعِ للهِ، كَمْ هي رائعةٌ صلاةُ التَّراويحِ.. سيُواظب على أدَائِها طِيلَةَ شهرِ رمضانَ.. هذا ما قرَّره سالم في سِرِّه
في صباحِ اليومِ التَّالي خرج سالم ليشتريَ بعضَ الحاجاتِ لأُمِّه مِن السُّوق، وفي طريقه قابلَه جارُهم منصور الذي بَدَأَ على الفورِ في مُشَاكَسَةِ سالم ومُحاولةِ افتعالِ مُشكلةٍ دُونَ أيِّ دَاعٍ، لكن سالم حاولَ أن يكونَ صَبُورًا لأقصَى درجةٍ ولم يَدَعْ منصور يجرُّه للعراكِ كما يتمنَّى منصور، اغتاظَ منصورٌ كثيراً من رَدِّ فِعل سالم وأصَرَّ أنْ يُعَارِكَهُ.
وهُنا ارتسمَتِ ابتسامةٌ هادئةٌ على وجهِ سالم وهو يقول: إنِّي صائمٌ
ارتسمَتِ الدَّهْشَةُ على وجهِ منصور وهو يقولُ: وأنا أيضًا صائمٌ.
وهُنا أخذَ سالم يتحدَّثُ بِوُدٍّ لجارِه منصور وأخذ يُخبره أنَّ سلوكَ الصَّائِمِ في رمضانَ يجبُ أن يكونَ رَاقِياً، هذا ما أوصانا به رسولُنا الكريمُ، وهنا سألهُ منصور مُنْدَهِشًا: وهَلْ أوصَانا الإسلامُ أنْ نبتعدَ عن الشِّجَارِ في رمضانَ؟
أجابَه سالم : أنَسِيتَ حديثَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الذي يقولُ فيه: ( فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ ).
ارتسمَتْ علاماتُ الخجلِ على وجهِ منصور وهو يقولُ: هذا يعني أنَّ أجرَ صِيامي سيضيعُ لأنِّي حاولْتُ أنْ أُزعجَك باصطناعِ مشكلةٍ مَعَكَ.
أطلق سالم ضِحْكَةً رقيقةً وهو يقولُ: لقد سامحْتُك يا أخي، والمُهِمُّ ألَّا تخرقَ صيامَك بهذِه الأفعالِ كَيْ يتقبَّلَ اللهُ صيامَنا.
تَهَلَّلَ وجهُ منصور بالفرحةِ وهو يقولُ: أَعِدُكَ ألَّا أفتعلَ المُشكلاتِ أبدًا في رمضانَ كي يتقبَّلَ اللهُ صيامي.
ارتسمت علاماتُ العتابِ على وجهِ سالم وهو يقولُ: سَتُقْلِعُ عن عادتِك السَّيِّئَةِ في رمضان وغيرِ رمضان.. رَبُّ رمضانَ هُوَ رَبُّ كلِّ الشُّهورِ يا جاري العزيزُ.
احمَرَّ وجهُ منصور مِن شِدَّةِ الخجلِ وقال مُعتذرًا: كلامُك صحيحٌ.. رَبُّ رمضان ربُّ كلِّ الشهور.. لن أعصيَ اللهَ أبدًا منذُ اليومِ.. عَسَى أن يتقبَّلَ صيامي.
احتضنَه سالم قائلاً: هَنِيئًا لك صومُ رمضانَ.. هنيئًا لك الأجرُ العظيمُ.