السلام عليكم ورحمة الله بركاته
سورة النور
من أجمل السور وكل كلام ربي جميل كل ما أقرء منها آية تشدني لما فيها من فضل في تعليم المسلم بكل مايتعلق بدينه ودنياه نخسر المال ونتعب على ادخال اطفالنا الى الروضات والمدارس لتعلم الآداب (والاتيكيت ) على قولهم والله لو ربينا اطفالنا على القرآن لكنا خير أمة في الاداب والتعامل في حياتنا اليومية
وهدا تفسير بعض الايات من سورة النور التي تعلمنا آداب الاستأدان
وغيرها كثير
يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ لَا تَدْخُلُوا۟ بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّىٰ تَسْتَأْنِسُوا۟ وَتُسَلِّمُوا۟ عَلَىٰٓ أَهْلِهَا ۚ ذَ ٰلِكُمْ خَيْرٌۭ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ
يرشد الباري عباده المؤمنين, أن لا يدخلوا بيوتا غير بيوتهم بغير استئذان.
فإن في ذلك عدة مفاسد: منها ما ذكره الرسول صلى الله عليه وسلم, حيث قال " إنما جعل الاستئذان من أجل البصر " .
فبسبب الإخلال به, يقع البصر على العورات, التي داخل البيوت.
فإن البيت للإنسان, في ستر عورة ما وراءه بمنزلة الثوب في ستر عورة جسده.
ومنها: أن ذلك, يوجب الريبة من الداخل, ويتهم بالشر, سرقة أو غيرها, لأن الدخول خفية, يدل على الشر.
ومنع الله المؤمنين من دخول غير بيوتهم " حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا " أي.
تستأذنوا.
سمي الاستئذان استئناسا, لأن به يحصل الاستئناس, وبعدمه تحصل الوحشة.
" وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا " .
وصفة ذلك, ما جاء في الحديث " السلام عليكم, أأدخل " ؟.
" ذَلِكُمْ " أي الاستئذان المذكور " خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ " لاشتماله على عدة مصالح, وهو من مكارم الأخلاق الواجبة, فإن أذن, دخل المستأذن.
فَإِن لَّمْ تَجِدُوا۟ فِيهَآ أَحَدًۭا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّىٰ يُؤْذَنَ لَكُمْ ۖ وَإِن قِيلَ لَكُمُ ٱرْجِعُوا۟ فَٱرْجِعُوا۟ ۖ هُوَ أَزْكَىٰ لَكُمْ ۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌۭ
" فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا " أي: فلا تمتنعوا من الرجوع, ولا تغضبوا منه.
فإن صاحب المنزل, لم يمنعكم حقا واجبا لكم, وإنما هو متبرع, فإن شاء أذن, أو منع.
فأنتم لا يأخذ أحدكم الكبر والاشمئزاز, من هذه الحال.
" هُوَ أَزْكَى لَكُمْ " أي: أشد لتطهيركم من السيئات, وتنميتكم بالحسنات.
" وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ " فيجازي كل عامل بعمله, من كثرة وقلة, وحسن, وعدمه.
هذا الحكم, في البيوت المسكونة, سواء كان فيها متاع للإنسان, أم لا, وفي البيوت غير المسكونة, التي لا متاع فيها للإنسان.
لَّيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَدْخُلُوا۟ بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍۢ فِيهَا مَتَـٰعٌۭ لَّكُمْ ۚ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ
وأما البيوت التي ليس فيها أهلها, وفيها متاع الإنسان المحتاج للدخول إليه, وليس فيها أحد يتمكن من استئذانه, وذلك كبيوت الكراء وغيرها, فقد ذكرها بقوله: " لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ " أي: حرج وإثم, دل على أن الدخول من غير استئذان في البيوت السابقة, أنه محرم, وفيه حرج " أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ " وهذا من احترازات القرآن العجيبة, فإن قوله " لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ " لفظ عام في كل بيت ليس ملكا للإنسان, أخرج منه تعالى البيوت التي ليست ملكه, وفيها متاعه, وليس فيها مساكن, فأسقط الحرج في الدخول إليها.
" وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ " أحوالكم الظاهرة والخفية, وعلم مصالحكم, فلذلك شرع لكم ما تحتاجون إليه وتضطرون, من الأحكام الشرعية.
يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ لِيَسْتَـْٔذِنكُمُ ٱلَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَـٰنُكُمْ وَٱلَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا۟ ٱلْحُلُمَ مِنكُمْ ثَلَـٰثَ مَرَّ ٰتٍۢ ۚ مِّن قَبْلِ صَلَوٰةِ ٱلْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ ٱلظَّهِيرَةِ وَمِنۢ بَعْدِ صَلَوٰةِ ٱلْعِشَآءِ ۚ ثَلَـٰثُ عَوْرَ ٰتٍۢ لَّكُمْ ۚ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌۢ بَعْدَهُنَّ ۚ طَوَّ ٰفُونَ عَلَيْكُم بَعْضُكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍۢ ۚ كَذَ ٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمُ ٱلْءَايَـٰتِ ۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌۭ ﴿٥٨﴾
أمر المؤمنين أن يستأذنهم مماليكهم, والذين لم يبلغوا الحلم منهم.
قد ذكر الله حكمته وأنه ثلاث عورات للمستأذن عليهم, وقت نومهم بالليل بعد العشاء, وعند انتباههم قبل صلاة الفجر.
فهذا – في الغالب – أن النائم يستعمل للنوم في الليل, ثوبا غير ثوبه المعتاد.
وأما نوم النهار, فلو كان في الغالب قليلا, قد ينام فيه العبد بثيابه المعتاد.
قيده بقوله: " وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ " أي: للقائلة, وسط النهار.
ففي هذه الأحوال الثلاثة, يكون المماليك والأولاد الصغار, كغيرهم, لا يمكنون من الدخول إلا بإذن.
وأما ما عدا هذه الأحوال الثلاثة فقال: " لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ " .
أي: ليسوا كغيرهم: فإنهم يحتاج إليهم دائما, فيشق الاستئذان منهم في كل وقت.
ولهذا قال: " طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ " أي: يترددون عليكم في قضاء أشغالكم وحوائجكم.
" كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ " بيانا مقرونا بحكمته, ليتأكد ويتقوى ويعرف به رحمة شارعه وحكمته.
ولهذا قال: " وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ " له العلم, المحيط, بالواجبات, والمستحبات, والممكنات, والحكمة التي وضعت كل شيء موضعه.
فأعطى كل مخلوق خلقه اللائق به.
وأعطى كل حكم شرعي حكمه اللائق به ومنه هذه الأحكام, التي بينها وبين مآخذها وحسنها.
وَإِذَا بَلَغَ ٱلْأَطْفَـٰلُ مِنكُمُ ٱلْحُلُمَ فَلْيَسْتَـْٔذِنُوا۟ كَمَا ٱسْتَـْٔذَنَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۚ كَذَ ٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمْ ءَايَـٰتِهِۦ ۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌۭ ﴿٥٩﴾
" وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ " وهو إنزال المني يقظة أو مناما.
" فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ " أي: في سائر الأوقات.
والذين من قبلهم هم الذين ذكرهم الله بقوله: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا " الآية.
" كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ " ويوضحها, ويفصل أحكامها " وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ " .
وفي هاتين الآيتين فوائد.
منها: أن السيد, وولي الصغير, مخاطبان بتعليم عبيدهم, ومن تحت ولايتهم من الأولاد, العلم والآداب الشرعية, لأن الله وجه الخطاب إليهم بقوله: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ " الآية.
فلا يمكن ذلك, إلا بالتعليم والتأديب.
ولقوله: " لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ " .
ومنها: الأمر بحفظ العورات, والاحتياط لذلك من كل وجه, وأن المحل والمكان, الذي هو مظنة لرؤية عورة الإنسان فيه, أنه منهي عن الاغتسال فيه, والاستنجاء, ونحو ذلك.
ومنها: جواز كشف العورة لحاجة, كالحاجة عند النوم, وعند البول والغائط, ونحو ذلك.
ومنها: أن المسلمين كانوا معتادين القيلولة وسط النهار, كما اعتادوا نوم الليل, لأن الله خاطبهم, ببيان حالهم الموجودة.
ومنها: أن المملوك أيضا, لا يجوز أن يرى عورة سيده, كما أن سيده, لا يجوز أن يرى عورته, كما ذكرنا في الصغر.
ومنها أنه ينبغي للواعظ والمعلم ونحوهما, ممن يتكلم في مسائل العلم الشرعي أن يقرن بالحكم بيان مأخذه ووجهه, ولا يلقيه مجردا عن الدليل والتعليل, لأن الله – لما بين الحكم المذكور – علله بقوله: " ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ " .
ومنها: أن الصغير والعبد مخاطبان, كما أن وليهما مخاطب لقوله: " لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ " .
ومنها: أن ريق الصبي طاهر, ولو كان بعد نجاسة, كالقيء لقوله تعالى: " طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ " مع قول النبي صلى الله عليه وسلم, حين سئل عن الهرة " إنها ليست بنجس, إنها من الطوافين عليكم والطوافات " .
ومنها: جواز استخدام الإنسان من تحت يده, من الأطفال على وجه معتاد, لا يشق على الطفل لقوله: " طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ " .
ومنها: أن الحكم المذكور المفصل, إنما هو لما دون البلوغ, وأما ما بعد البلوغ, فليس إلا الاستئذان.
ومنها: أن البلوغ يحصل بالإنزال, فكل حكم شرعي رتب على البلوغ, حصل بالإنزال, وهذا مجمع عليه.
وإنما الخلاف, هل يحصل البلوغ بالسن, أو الإنبات للعانة, والله أعلم.
إذا التبست عليكم الفتن كقطع الليل المظلم فعليكم بالقرآن فإنه شافع مشفع وما حل مصدق، ومن جعله أمامه قاده إلى الجنة، ومن جعله خلفه ساقه إلى النار، وهو الدليل على خير سبيل، وهو كتاب فيه تفصيل وبيان وتحصيل، وهو الفصل ليس بالهزل، وله ظهر وبطن، فظاهره حكم، باطنه علم، ظاهره أنيق، وباطنه عميق، له نجوم، وعلى نجومه نجوم، لا تحصى عجائبه، ولا تبلى غرائبه، مصلبيح الهدى، منار الحكمة، ودليل على المعرفة، لمن عرف الصفة فليجل جال بصره، وليبلغ الصفة نظره ينج من عطب، ويتخلص من نشب، فإن التفكر حياة قلب البصير كما يمشي المستنير في الظلمات بالنور، فعليكم بحسن التخلص وقلة التربص.
وجزاك الله خيرا
جزاكم الرحمان خيرا على المرور