تخطى إلى المحتوى

صداقة أبنائنا هي التربية 2024.

الصداقة التي تتولد بيننا وبين أبنائنا لا يمكن تعويضها، ولا يمكن إيجاد مثيل لها، فلماذا نهمل تنمية هذا الجانب الإنساني بيننا وبينهم؟ ولماذا ننشغل عنهم بأمور جانبية؟

سأتوقف اليوم عند بعض النقاط المهمة التي تهمنا في تربية أطفالنا، بنين وبنات. إن القضية التي نفتقدها في بعض الأسر، هي تفهمهم لأهمية القرب من أولادهم، ولا أعني هنا التدليل فقط، مع أن التدليل من حقوقهم كما أن التوجيه كذلك، وفي الوقت نفسه تدليلهم وتوجيههم من الواجبات التي سنحاسب عليها عند ممارسة مهامنا كآباء وأمهات، وأثناء ترك المرحلة الهامة في حياتهم، علينا إدراك أن التدليل المفرط نهايته وخيمة، والحزم الدائم أيضا نهايته وخيمة، والاعتدال بينهما هو الهدف الأسمى الذي يحقق المأمول بإذن الله.

ومن ناحية أخرى، نحن ندرك أن المسافة الزمنية التي تفصلنا عن أبنائنا ليست هينة، ولذا علينا بذل المزيد من الجهد للاقتراب منهم والتحدث اليهم ونيل ثقتهم.. بحيث نقطع أي طريق لزيادة هذه المسافات أو بناء حواجز تفصلنا عنهم وتمنعنا من الاقتراب من مكامنهم.

لا يمكن أن أدعي أن الأمر سهل ميسر.. فالأمر يحتاج ممارسة ومداومة، كما يحتاج إيمان بالله الهادي سبحانه مجيب الدعوات، ثم بهم كأبناء لهم عقول ومشاعر تستحق منا التدبر والاحترام.

وقد نشعر في فترة ما ـ خاصة ما قبل البلوغ ـ أننا أضعنا الطريق ولن نهتدي إليه.. وهذا هراء.. فالأمل موجود ما دام إيماننا بالواحد مجيب الدعوات ثابت في قلوبنا، ثم هذه فترة قد تكون عصيبة في بعض الأحيان، إلا أنها سرعان ما تنتهي إلى الخير بإذنه تعالى..

وعلينا خلالها ألا ننشغل عنهم فقد يظهرون تمردا يخفي خلفه ضعفا وخوفا وقلقا، وبحثا عن الذات، والخوف من أن ينظروا إلى الخارج للبحث عن ذواتهم التي لم تكن تحدد بعد وقد يحتضنهم من هم سيئو المنبت فيوقعونهم في المهالك.

هناك أمر علينا الاهتمام به إذا أردنا لهم النجاح في حياتهم الدينية والدنيوية، وهو العمل على تنمية تعلقهم بالله سبحانه، فحياتهم تزهو وتثمر بالرجوع اليه سبحانه، ثم علينا تنمية احترامهم لأنفسهم ولغيرهم وبشكل عام، وأعني هنا احترامهم للكائن البشري.. للأقارب ولغيرهم، للمواطنين والوافدين، للمسلمين ولغير المسلمين.

واحترامهم لأنفسهم يظهر من خلال حرصهم على ألا يوقعواأنفسهم في الزلل، ولا يفسحوا المجال للتطاول عليهم، وذلك بعدم تجازوهم الخطوط الحمراء سواء كانت دينية أو كانت نظامية أو اجتماعية، عليهم أن يدركوا أن العفو عند المقدرة يرفع من قدرهم عند الله ثم عند خلقه، وأن العفو لا يعني مطلقا العجز والذلة.. فاختيار العفو مع القدرة على إنزال العقاب.. هو ما أعنيه.

قد لا نستطيع تدليل أبنائنا ببعض الماديات التي نتمنى أن نقدمها لهم، ولكننا نستطيع تدليلهم بتعامل ينم عن احترامنا لهم، وبكلمات تجلب الفرح إلى قلوبهم، فما المانع من أن نمدح ابنتنا وتعاملها مع الآخرين ونستشيرها في أمورنا اليومية؟ ولم لا نمدح إنجازها وفي أي مجال وحتى ابتسامتها؟ ولماذا لا نقبل وجنتيها ونضمها بحنان؟ وما المانع في أن نمدح أبناءنا ونعاملهم كرجال حتى أثناء اللعب معهم؟ ولم لا نشعرهم بتعلقنا بهم وبحبنا لهم وفخرنا بإنجازاتهم وثقتنا بقدراتهم؟

لماذا عندما نعاقبهم.. نفعل ذلك دون تبرير؟! ولماذا نأبى الاعتذار منهم إذا أخطأنا في حقهم؟! فوقوعنا في خطأ وارد لا مجال لإنكاره، فنحن لسنا بالملائكة، لنختلف معهم ونناقشهم، ولكن ليتنا نبين لهم أننا حين نغضب فمصدر غضبنا هو خوفنا عليهم وحرصنا على توفيقهم ونجاحهم وسعادتهم، فنحن وفي كل الأحوال.. في حالة الغضب قبل الرضا نحبهم، فهم الجزء الأجمل فينا.. بارك الله لنا بهم.

الصداقة التي تتولد بيننا وبين أبنائنا لا يمكن تعويضها، ولا يمكن إيجاد مثيل لها ـ إلا فيما ندر ـ فلماذا نهمل تنمية هذا الجانب الإنساني بيننا وبينهم؟ ولماذا ننشغل عنهم بأمور جانبية؟ فلا نحادثهم وهم صغار ولا نسمع لشكاواهم إلا لماما؟! ولا نلاعبهم إلا فيما ندر؟

سأختم هذه السطور بمواقف عطرة لنبي الرحمة ـ عليه الصلاة والسلام ـ لعلنا نستشف من خلالها آفاقا واسعة تهدينا سبل الرشاد في علاقتنا مع أبنائنا حفظهم الله.

كان عليه الصلاة والسلام يداعب الأطفال حتى في الطرقات، يقول علي بن مرَة خرجت مع النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ على طعام، فإذا الحسين بن علي يلعب في الطريق، فأسرع النبي أمام القوم، ثم بسط يديه ليأخذه فطفق الغلام يفر هنا ويفر هنا، ورسول الله يلاحقه ويضاحكه.

لقد كانت رحمته عليه الصلاة والسلام بالصغار تمتد حتى في أثناء أدائه للصلاة، فقد جاءته أمامة بنت ابنته زينب ـ رضي الله عنهما ـ فحملها في صلاته فإذا ركع وضعها وإذا قام حملها، وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: كنا نصلي مع رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم العشاء ـ فإذا سجد وثب الحسن والحسين على ظهره، فإذا رفع رأسه أخذهما بيده من خلفه أخذا رفيقا ويضعهما على الأرض، فإذا عاد عادا، حتى إذا قضى صلاته أقعدهما على فخذيه. كان عليه الصلاة والسلام يقبل الأطفال ويدعهم يلعبون أمامه ويمنع إيقافهم..

إن قول وفعل وتقرير الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ سنّة علينا اتباعها، فأين نحن من رحمته بالأطفال والتلطف بهم؟

اللهم بارك في أبنائنا وأعنا على تربيتهم التربية التي تثمر لهم ولنا ولبلادهم خيرَيْ الدنيا والآخرة.


د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة

شكراا على الموضوع القيم
اكيد ..شكراااااا… على النصائح… انا ابني عمرو 17 سنة و الحمد لله اصدقاء و يحكي معي كل شيء …اشاركه حتى اللعب في اكس بوكس …هههههه
نفعنا الله واياك غاليتي…..
قمر بارك الله فيك تصرفك مع ابنك رائع…..

تسلميلي حبيبتي ام حسنى … هم اكبادنا فوق الارض تمشي

الجيرياالجيرياالجيريا

الله يجعل الرحمة والمودة بين الاهل اللهم آمين

بارك الله فيك اخيتي على المرور والاهتمام
جزاك الله خيرا على هذا الموضوع اختي
دائما رائعة في الانتقاء ختي
شكرا لك
بارك الله فيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.