تخطى إلى المحتوى

الاصلاح بين الازواج فضله وضوابطه 2024.

الخلافات بين الزوجين من المشكلات التي ما إن تهدأ حتى تثور مرة أخرى، تحت دعاوى ضغوط العمل أو زيادة التكاليف العائلية الواقعة على كاهل الزوج، أو الإرهاق والضغوط النفسية التي قد تعاني منها الزوجة والزوج على حد سواء، مما يتطلب دخول من يستطيع التوفيق بين وجهات نظر الطرفين، لعودة الحياة إلى سيرتها الطبيعية.
الصلح بين المتخاصمين (خاصة الأزواج) أو المتقاتلين من أعظم الثواب الذي يناله الإنسان في حياته الدنيا، وقد عالج الله سبحانه وتعالى تلك الظاهرة، حين قال جل شأنه : وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ الحجرات :9.
وقال عز وجل في موضع آخر : وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ النساء :128.
الإسراع في الصلح :
الدين الإسلامي الحنيف حث على إقامة الأسرة على قواعد المودة والرحمة بين الزوجين، لتهيئة الجو العائلي الحميم، الذي يربط بين أفرادها، داعياً الزوج والزوجة إلى تقليل الخلافات بينهما، لرأب الصدع بين وجهتي نظرهما، حتى لا تتطور الأمور، وقد تصل في بعض الحالات إلى الطلاق.
الصلح بين الأزواج، ورغم كل الثواب العظيم الذي يحصل عليه المُصلح أو المُصلحة، أصبح من العادات المهجورة بين الناس، فكثيرا ما نرى الخلافات تدب بين الزوجين، دون تدخل أحد من أهله أو من أهلها للتقريب بينهما، وأصبح الكثير منا منكفئاً على ذاته، لا يهمه شأن المسلمين، وهذا خطأ فادح يقع فيه الكثيرون، فقد قال صلوات الله عليه : (مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى ) رواه البخاري ومسلم.
ولا ريب في أن الشقاق والخلاف بين الزوجين يفتح الأبواب على مصراعيها أمام الشيطان، ليفرق المتحدين، ويشتت شمل الأسرة المسلمة، ليدب بينها الشحناء والبغضاء، لذا فقد شدد القرآن الكريم على سرعة الصلح بين الزوجين، واعتبرها بمثابة أحد الصور العليا للإيمان، فقال الله عز وجل في محكم آياته : وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ الأنفال :1.
شروط واجبة :
الداعية الشيخ السيد المصري يقول إن الزواج غايته هو السكن والراحة في اجتماع كل منهما بالآخر فضلاً عن الرحمة والمودة، كما قال تعالي: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ الروم :21، ولكن الحياة الزوجية لا تخلو قطعاً من المشاكل وسوء التفاهم بين الزوج وزوجته لسبب من الأسباب ونفهم من ذلك أن الحياة الزوجية أخذ وعطاء.. عسر ويسر ..سعادة وشقاء.
وهي ليست سعادة دائمة ولا شقاءً دائما ، وإنما بين هذا وذاك، وكل ما ينبغي على كل من الزوجين أن يفعله هو الوصول لأعلى درجات السمو الروحي بينهما في العطاء والمحبة كي تستقر دعائم عش الزوجية علي أسس متينة من الثقة والاحترام المتبادل بينهما ومعرفة كل منهما لحقوق الآخر عليه.
ويؤكد الشيخ سيد المصري على أن الوصول لهذه المكانة من السمو لا يتحقق بين يوم وليلة، ولا بين قلبين متنافرين متباعدين يكره كل منهما الآخر لشيء فيه ينفره منه، بل بين قلبين متحابين متعاونين، وبالتفاهم وإنكار الذات القائم علي مراعاة حق الله تعالى مع إدراك أن الإنسان بطبيعة خلقته ضعيفاً، وبالتبعية يكثر خطؤه وزلاته غير المتعمدة، خصوصاً بين زوجين جمعهما الله تعالى، ورضي الزوج بها زوجة وأماً لأولاده وأتمنها على عرضه وماله، وهي مثله رضيت به زوجاً لها وأبا لأولادها وحفظته في نفسها وبيته.
ولكن إذا ترك الزوجين تعاليم الكتاب والسنة واتبع كل منهما هواه وعاداته وتقاليده التي تربى عليها بين أهله وقومه وعشيرته، ورفض الاستمرار وصار الطلاق هو الحل على الرغم مما يترتب عليه من مشاكل وتشتت لأفراد الأسرة إن كان هناك أولاد، هنا يأتي دور الإصلاح والحكمين لإنقاد الأسرة من التشتت والضياع بين الأب والأم، وهذا من أعظم أثاره الإيجابية لأنه إنقاذ لأسرة واستقرارها، ولا ريب تشتتها هي وغيرها من الأسر وكثرة الطلاق بين الأزواج يعود ضرره علي المجتمع كله هذا من جهة.
ومن جهة أخرى من خلال ممارستي للدعوة وخبرتي في شئون الحياة الزوجية يقيني أن من أروع الآثار الإيجابية للإصلاح هو إزالة الحاجز النفسي بين قلب كل من الزوج وزوجته، الذي أوجده حب الهوى والانتصار للنفس، هذا الحاجز النفسي الذي أوجده إهمال كل منهما للآخر بسبب كثرة مشاكل الأولاد وتربيتهم ورعايتهم والهموم والغموم التي تحيط بالأسرة، ومرور الأعوام وفتور العاطفة…الخ.

إذن لا بد للحكمين في محاولتهما للإصلاح بين الزوجين من هدم هذا الحاجز وبناء جسر من التفاهم والانسجام بينهما، قوامه رعاية كل منهما لحقوق الآخر، حتى يكون التآلف والتآزر بينهما قائم على أساس المعروف لا على أساس الهوى والنزوة.
فلا يهمل الزوج حقوق زوجته لمجرد خطأ منها أو شيء يكرهه فيها، وكذلك لا تهمل الزوجة حقوق زوجها لبخل منه أو أذى بدر منه لسوء فهم أو سرعة غضب أو غير ذلك.
ومن هنا ندرك أن من الآثار الإيجابية للإصلاح هو في إزالة هذا الحاجز ونسفه نسفاً، وقطعاً لن يكون هذا من حكمين لا ناقة لهما ولا جمل في فهم أسباب المشاكل وكيفية إزالة جبل الجليد بين قلب الزوجين ولذلك اشترط الله تعالى أن يكون الحكمين من الأهل، حين قال : فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا (النساء:35).
خير من الصيام والصدقة :
بدوره يرى الداعية الإسلامي الشيخ محمد صالح المنجد أن الإصلاح بين الزوجين شأن عظيم، وأن الإصلاح بين المسلمين بصفة عامة له أجر كبير، قال تعالى لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا النساء 114، لذا فقد جعل الرسول الكريم إصلاح ذات البين خير من الصيام والصدقة، لأن الحقد والشحناء والضغينة تحرق الدين، وإزالتها تكون بالإصلاح.
وأضاف المنجد أن الحياة الزوجية بطبيعتها مليئة بالمشكلات، لذلك يكون تدخل الأقارب للإصلاح بين الزوجين له أثر كبير، خاصة الوالدين، فمسؤولية الأب لا تنتهي بزواج ابنته، لكن دوره يستمر للتدخل في أوقات الخلاف مع زوجها بالحكمة والموعظة الحسنة.
ولا بد أن ينتبه المُصلح إلى ضرورة تذكير الطرفين بحق كل منهما في الآخر، فقال جل شأنه وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ البقرة :228، وأيضاً من جنح منهما يُعدل رأيه، فقد يدافع عن نفسه ويدعي أنه له حقوق، وليس كل الأمر كذلك، كما أن الإصلاح بين الزوجين، قد لا يأتي بالنتائج المرجوة، لكن المحاولة في حد ذاتها فيها أجر من الله سبحانه وتعالى.
وقال الرسول صلوات الله عليه : (ليس الكذاب بالذي يصلح بين الناس فينمي خيراً، أو يقول خيراً) أخرجه البخاري، فيجوز للإنسان مدح الطرف الآخر باشياء قد لا تكون فيه، بغية التقريب بينهما، فهذا ليس محرما.
وشدد المنجد على ضرورة وجود حسن النية والحكمة والإصلاح للنفس قبل الغير، وأن يكون هناك قدوات في المجتمع تسعى للإصلاح، وتحتسب وتتحمل الأذى في بعض الأحيان.

موضوع رائع من شخص اروع
تس———————لمي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.