تخطى إلى المحتوى

ما سبب النهي عن البكاء على الميت؟ . 2024.

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
ورد في صحيح الحديث أن الميت يعذب ببكاء أهله عليه ..فما سبب النهي عن البكاء على الميت و الحكمة منه ؟؟وهل في ذلك ما يشير أو يفيد بأن البكاء عامة مضر بالصحة أو ما شابه ؟؟
و جزيتم خير الجزاء .
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وجزاك الله خيرا
تعذيب الميت بسبب بكاء الحي إذا كان ذلك من عادة أهله في حياته ، ولم يكن ينههم عن ذلك .

قال الإمام البخاري رحمه الله :
باب ما يكره من النياحة على الميت ، وقال عمر رضي الله عنه : دعهن يبكين على أبي سليمان ما لم يكن نقع أو لقلقة . والنقع التراب على الرأس ، واللقلقة الصوت .

ثم ساق الإمام البخاري بإسناده عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : من نِـيح عليه يُعَذَّب بما نِـيح عليه .

وقال البخاري رحمه الله :
باب قول النبي صلى الله عليه وسلم : " يُعَذَّب الميت ببعض بكاء أهله عليه " إذا كان الـنَّوْح مِن سُنَّتِه ، لقول الله تعالى : ( قُوا أنْفُسَكُم وأهْلِيكُم نَارًا)

والنهي عن البكاء على الميت إذا كان من الـنّياحة ، وهو ما يكون فيه رفع الصوت والعويل والصراخ ، وهو ما يكون نتيجة لِتسخّط أقدار الله . قال البخاري رحمه الله : باب ما ينهى عن النوح والبكاء والزجر عن ذلك .

أما إذا كان مُجرّد بكاء وحُزن ، فإنه لا يُنهى عنه ، فقد صدر هذا من أخشى الناس وأتقاهم لله ، صلى الله عليه وسلم .

قال البخاري : وما يُرَخَّص مِن البكاء في غير نَوْح .

ثم روى بإسناده إلى أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال : أرْسَلَتْ ابنة النبي صلى الله عليه وسلم إليه إن ابنا لي قُبض فائتنا ، فأرسل يقريء السلام ويقول : إن لله ما أخذ وله ما أعطى ، وكل عنده بأجلٍ مُسمى ، فلتصبر ولتحتسب ، فأرسلت إليه تُقْسِم عليه ليأتينها ، فقام ومعه سعد بن عبادة ومعاذ بن جبل وأبي بن كعب وزيد بن ثابت ورجال ، فَرُفِع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبي ونَفْسه تتقعقع . ففاضت عيناه ، فقال سعد : يا رسول الله ما هذا ؟ فقال : هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده ، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء . والحديث مُخرّج في صحيح مسلم .

قال العيني : فإن قوله : " ففاضت عيناه " بُكاء من غير نوح ، فَيَدُلّ على أن البكاء الذي يكون من غير نوح جائز ، فلا يؤاخذ به الباكي ولا الميت .

وقال ابن عبد البر رحمه الله : وروى أبو إسحاق السبيعي عن عامر بن سعد البجلي عن أبي مسعود الأنصاري وثابت بن زيد وقرظة بن كعب قالوا : رُخِّص لنا في البكاء على الميت من غير نوح .

وقد دمعت عينا النبي صلى الله عليه وسلم عند موت ابنه إبراهيم عليه السلام ، وحَزِن عليه النبي صلى الله عليه وسلم .

قال أنس رضي الله عنه : قد رأيته وهو يكيد بنفسه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فَدَمَعت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : تدمع العين ، ويحزن القلب ، ولا نقول إلاَّ ما يُرضى ربنا ، والله يا إبراهيم إنا بك لمحزونون . رواه البخاري ومسلم .

قال النووي : قوله : ( فدمعت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم … إلى آخره ) فيه جواز البكاء على المريض والحزن ، وأن ذلك لا يُخالف الرضا بالقدر ، بل هي رحمة جعلها الله في قلوب عباده ، وانما المذموم الندب والنياحة والويل والثبور ونحو ذلك من القول الباطل ، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم : ولا نقول إلاَّ ما يرضي ربنا .

وبكى النبي صلى الله عليه وسلم لَمَّا حضر سعد بن عبادة ، فلما رأى القوم بكاء النبي صلى الله عليه وسلم بكوا ، فقال : ألا تسمعون ؟ إن الله لا يُعَذِّب بِدَمْع العين ، ولا بِحُزْن القلب ، ولكن يعذب بهذا – وأشار إلى لسانه – أو يَرْحَم ، وإن الميت يعذب ببكاء أهله عليه .
والله تعالى أعلم .

المجيب الشيخ/ عبدالرحمن السحيم حفظه الله

بارك الله فيك
وفيك البركة اختي
جزآكِ الرحمن خيري الدنيا والآخرة
وكتب لي ولكِ وللمسلمين الفردوس الأعلى
بغير حساب ولا سابق عذاب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.