السلام عليكم
أن الشريعة تهتم بالطفل قبل أن يولد، وقبل أن يوجد، حيث حرصت الشريعة على حسن الاختيار لكل من الزوج والزوجة، ثم حرصت الشريعة على أن يكون دستور البيت المودة والرحمة، ثم حرصت الشريعة على حسن التعامل وإظهار الشفقة على الحامل، التي نتمنى أن تكون معنوياتها مرتفعة، متوجهة إلى الله تعالى ترفع صوتها بذكر الله تعالى وتلاوة كتابه ليسع الجنين، وهو في جوفها تبتعد عن التوترات في هذه اللحظة الحاسمة من حياة هذا المولود الجديد.
إذا ظهر هذا المولود إلى الدنيا فإن الشريعة توصي بأن يحتفى به غاية الاحتفاء وتفرح به غاية الفرح، لأنه إضافة لأمة النبي عليه الصلاة والسلام، الذي يفاخر ويكاثر بنا الأمم يوم القيامة وإنما يكاثر بالموحدين والمصلين وما من مولود إلا ويولد على الفطرة ولذلك نسأل الله تعالى أن يعيننا جميعاً على المحافظة على الفطرة التي يولد بها الأبناء والبنات وأن يستخدمنا جميعاً في طاعته.
إذا خرج المولود إلى الدنيا فإننا ندعوك إلى الفرح والاستبشار، وإظهار السرور بهبة الوهاب سبحانه وتعالى فإذا خرج المولود إلى الدنيا فعلينا أن نسارع ونؤذن في أذنه لأنه عنده الفطرة نملكه السلاح الذي يهزم به هذا العدو الذي هو الشيطان، كذلك أيضا لنعصمه بإذن الله تعالى من هذا العدو فإن في الأذان توحيد وفي الأذان ذكر وفي الأذان إخلاص لله تعالى، ولذلك هذا سلاح يخيف الشيطان ولا يطيقه الشيطان.
ثم عليكم بعد ذلك أن تفرحوا بهذه البشارة وتستبشروا بها وتتبادلوا التهاني في مجيئ المولود الجديد في أمة النبي عليه صلاة الله وسلامه، وكذلك أيضا ينبغي أن تختار له الاسم الحسن { وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} وهذه إشارة إلى ضرورة تحصين المولود أيضاً من الشيطان، نسأل الله تعالى أن يحفظه، ثم بعد ذلك عليكم وعلى أمه أن تحضنه وتضمه إلى جسدها فإنه بحاجة إلى أن يؤنس وحشته بثدي أمه وبالوجود إلى جواره بين الحين والآخر.
كذلك ينبغي أن تحرص على أن تكون معنويات الأم مرتفعة، حتى تستطيع أن تعطي وليدها اللبن، ومن السنن تحنيك المولود، وهو أن يمضغ اللسان تمرة أو بعضها ثم يدلك موضع الأسنان للطفل، فهو يحتاج إلى غذاء سريع وعاجل.
كان الصحابة رضي الله عنهم يحملون الأطفال إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فكان يحنكهم ويسميهم عليه صلاة الله وسلامه، وكذلك أيضاً كما قلنا الاسم الحسن نسيمه، ونقوم بالعقيقة، وأمرنا أن نحسن أسماء الأبناء والبنات لما لها من الدلالات الكبيرة، والأسماء التي تشرع بعبودية الله، كعبد الله وعبد الرحمن، أو الأسماء التي على صلة بالأنبياء والصحابة الكرام، أو تلك الأسماء التي تشعر بالهمة مثل همام وحارس، كما قال البني عليه الصلاة والسلام.
مثل هذه المعاني لابد أن يستحضرها الإنسان، وكذلك ينبغي أن يكون هناك إظهار السرور كما قلنا والسعادة بهذا المولود الذي ينبغي أن نحمد الله على خروجه سالماً وعلى سلامة أمه.
إذا خرج المولود إلى الدنيا فإننا نحصنه بالأذكار، ونجتهد كذلك في أن نهيئ له البيئة التي يستمع فيها إلى الخير، فإن الله أخرجنا من بطون أمهاتنا كما قال: { لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } فما ينبغي أن يسمع إلا خيراً ولا يرى إلا خيراً، وإذا سمع الطفل خيراً ورأى خيراً فإنه يوشك أن يتكلم بالحكمة والخير.
وبالله التوفيق والسداد.