قديمًا قال الشاعر:
عرفت الشر لا للشر لكن لتوقيه … ومن لا يعرف الخيرمن الشر يقع فيه
وفي هذا المقال أتطرق لأشهر الأخطاء في العام الأول للزواج، وهو بطبيعة الحال به صعوبات نظرًا لاختلاف الطباع، وكون التعامل بين الطرفين جديدًا عليهما، كما هو حال الزواج نفسه، والأخطاء لا بد منها، بل هي التي تعلم الإنسان كيف يكون أكثر سدادًا ورشادًا، وكيف يفهم شريكه أيضًا.. والمقصود ليس تفاديها تماما، ولكن تجنبها قدر المستطاع لأنها د تزيد الأمور تعقيدًا، وبعض الأخطاء يأخذ وقتًا طويلًا لتصحيحه، وإزالة آثاره.
1ـ التوقعات العظيمة!
لا شك أن الزواج من أعظم النعم، وهو الفطرة التي يشعر معها الإنسان بالاستقرار، ولكنه بناء لا يُعقل أن يكتمل في يومه الأول، وهو شركة لن تجني أرباحها مع بداية السنة، لذا فإن التوقعات والأحلام والخيالات المبالغ فيها عن الرومانسية والسعادة والتفاهم والحب لها آثار سلبية جدا.. الدراما العاطفية لها تأثير مدمر أيضًا.. فهي تجعل الزوجة الجديدة حزينة ومحبطة لأنها لم تجد هذه الصور الجميلة السينمائية في زواجها، ووجدت رجلا يلومها على نقص الملح في الطعام، وحماة تتدخل في طريقتها مع زوجها، ومصروفا للبيت يجب تنظيمه، واختلاف طباع عليها أن تتعامل معه.
انتبهي فالواقع ليس ورديا.. ولكنه ورغم كل شيء يبقى الأجمل لأنه حياة حقيقية، تتعلمين فيها وتنضجين وتكسبين خبرات الحياة، يختلط فيها الحب بسوء التفاهم أحيانا، والرضا المتبادل بمشكلات خارجية أحيانًا.. وهذه هي الدنيا مطبوعة على الكدر.. وهذا لا يمنعنا أبدًا من السعادة والاستمتاع بالطيبات، كما لا يدفعنا للتشاؤم على الإطلاق، إنه فقط يعلمنا أن نفرق بين الأحلام الوردية التي لا تكون إلا على صفحات الروايات، وبين الواقع بكل تناقضاته.
2ـ البداية المزدحمة وإحراق الأوراق!
خطأ شائع جدًا، فالفتاة بكل ما تعلمته وقرأته، وبكل أحلامها وتحضيراتها للزواج، تبدأ بداية حماسية، ففي كل يوم، لا.. بل كل ساعتين إطلالة جديدة، وماكياج جديد، ورداء مختلف، ودلال زائد.. وهذه ليلة رومانسية حمراء، وغدًا خضراء، وبعد غد وردية، وفي نهاية الأسبوع سوداء! فيستمر الزوج في الانبهار المتسارع وكأنه جالس في حلة للضغط، رغم أن فن الحب يقتضي الكثير من التريث والتمهل.. فقط دعيه يستوعب ليتمكن من أن يبادلك التزين بالإطراء والإعجاب، امنحيه الفرصة ليظهر هو الآخر ما يريد أن يبديه.. فالرجل أيضًا يحب التزين، ويحب إبهار عروسه، ويحب أن يسمع منها الثناء ويري في عينيها الإعجاب.
وتحكي الليلة شهرزاد حكاية ممتعة، وفي كل ليلة حكاية جديدة، ولكن شهرزاد الجميلة قد تبدو في عين شهريار ثرثارة، وهي تظن أنها تسليه وترفه عنه.. ولكن شهريار العصري يحب هو الآخر أن يتكلم ويحكي، وذكاء شهرزاد ليس فقط في أن تبهره بما لديها، وإنما أن تنبهر- ولو تصنعًا- بما يقول، وأن تُظهر – أحيانًا- دهشتها من سعة أفقه، وكثرة اطلاعه، وتنوع معارفه.
بعض العرائس تحرق أوراقها في الأسبوع الأول، فلا يكاد ينتهي حتى تكن قد ارتدت كل ما لديها، وأظهرت صور جمالها المختلفة، فيختفي غموضها سريعا، والغموض هو السحر الذي يضفي على الجمال ألوانًا تمنع عنه سرعة الملل.
لا تتعجلي فالعمر طويل أمامكما – بإذن الله- وما أجمل أن يفاجيء منك بعد أن ظن أنه قد خبر كل ما لديكِ- أن يفاجيء بجديد جميل لم يكن يتوقعه.
3ـ الإكثار من زيارة الأهل
من الطبيعي أن تشتاقي لأهلك، ولكن الأمور تغيرت الآن، فقد صار لك بيت وزوج، والبيت والزوج يحتاجان إلى وقت، ويحتاجان إلى تعود، ويحتاجان إلى استقلالية.. ربما تشعرين أن الوقت يمر طويلا عليك، فالزوج في العمل، وأنتِ وحدك طوال اليوم… ولكن هذا ليس مبررا أيضا للإكثار من ترك البيت، لأن هذا الأمر يتحول إلى عادة.
تعلمي أن تحبي بيتك، فالجلوس في البيت يفتح لك أبوابا كثيرة للاستفادة من الوقت، قد تكونين بحاجة لإتقان فنون الطهي، لتعلم مهارات الترتيب والتنظيم، للقراءة مثلا، للخلوة مع النفس، لحل المشكلات.
وما لن يخبرك أهلك به هو أنهم يريدون أن يشعروا أن ابنتهم صارت مستقلة، وصار لها بيت، هذا لا يعني أبدا أنهم يستثقلون زيارتك، بالعكس، هم ينتظرونها ويفرحون بها جدا، وقد يلومونكِ على غيابك.. ولكنهم سيفرحون أكثر عندما يتلقون منك الدعوة للزيارة، عندما تشعر والدتك أنه أصبح لديها بيت جديد تأتي هي فيه لتعتني بها ابنتها.
المشكلة في كثرة زيارة الأهل في العام الأول أنها تؤجل استقلالية الزوجين الجديدين، وتجعل من الصعب أن تخفي البنت المشكلة عن أهلها، والمشكلة عندما تخرج عن الزوجين تأخذ أحجاما وألوانا لم تكن فيها.
3ـ القلق بشأن حدوث الحمل
انفجرت باكية بعد مرور شهر واحد على زواجها لم يحدث خلاله الحمل!
ومع كل شهر يمر يزداد قلقها، وتزداد الأسئلة السخيفة من المحيطين، والتي لا يبررها أبدا أنهم يريدون الاطمئنان عليها، أو الفرح بمولود.
ورغم أن الأطباء والخبراء يؤكدون – دون مجاملة أو تهدئة- على أن لا داعي أبدا لإجراء أية فحوصات أو البحث عن أسباب عدم حدوث الحمل قبل مرور عام كامل، لأنه أمر طبيعي جدا، إلا أن الزوجين وأهلهما يقلقان بشكل مبالغ فيه، ربما يكون هو السبب الفعلي للتأخر!
سأردد على مسامعك جملة شهيرة وحقيقية بل نصيحة غالية لا تدركها الكثيرات قبل فوات الأوان: استمتعي بهذه الأيام مع زوجك دون تعب ولا مسؤولية فإنها أيام لا تُعوض بسهولة..
لا تخسري هذه الأوقات الجميلة في قلق وتوتر، لأن ابنة خالك التي تزوجت بعدك حملت قبلك، أو لأن والدتك حملت في أخيكِ الأكبر في يوم الزفاف! فلكل إنسان قدره وظروفه، فقط انظري للأمر بصورة مختلفة أن الله يمنحك وقتًا للسعادة والتقارب مع زوجك قبل دوامة الحمل والولادة والمسؤولية.
وفي المقال القادم – بإذن الله- نستكمل عرض بقية الأخطاء الشائعة في العام الأول للزواج.
بآرك الله فيك نحن في الانتظار
بارك الله فيك
بارك الله فيك