كثيراً ما تعاني الأمهات من مشكلة فقدان الشهية لدى الطفل، وهذه المشكلة شائعة جداً بين الأطفال خصوصاً ما بين العام الثاني وإلى العام السادس. وتساهم الأم دون أن تدري مساهمة كبيرة في إيجاد وإبقاء هذه المشكلة، وذلك بإظهار قلقها وشكواها الدائمة، بأن أكل طفلها غير كاف، وقد يصبح البيت بجميع من فيه مشغولاً بطعام الطفل وشهيته، ويحاول الجميع إقناعه أن يأكل زيادة عما يفعل، ويحاولون ذلك بالترغيب مرة وبالشدة والتهديد مرة آخر، وأحياناً بإعطاء الطفل مختلف أنواع الأدوية التي يفترض فيها أن تزيد شهيته للطعام وفي أغلب الأحيان لا يعطي هذا الجهد أية نتيجة، بل ربما أعطى نتيجة عكسية فقلل من شهية الطفل للطعام، إذ أن معظم الأطفال قد يزيدوا من تعنتهم بتناول الطعام رغبة منهم بالاحتفاظ باهتمام الأهل وعنياتهم.
قد يكون سبب فقدان الشهية هو سبب طبيعي وفسيولوجي إذ أن السعرات الحرارية التي يحتاجها الطفل فيما بين العام الثاني والسادس، تقل عن السنة الأولى من العمر. ويمكن معرفة ما إذا كان فقدان الشهية عند الأطفال في هذا العمر له تأثير سلبي على وضعهم الصحي والتغذوي من خلال منحنيات الطول والوزن بالنسبة للعمر.كما يمكن أن يكون فقدان الشهية حاد ومؤقت، ويحدث في الأغلب مع الالتهابات الفيروسية والبكتيرية المختلفة، وكذلك التهابات وتقرحات الفم واللسان، وأثناء فترة التسنين. وعادة تعود شهية الطفل إلى طبيعتها بزوال السبب. و قد يكون بسبب مرضي مثل الالتهابات الفيروسية والبكتيرية وأمراض الجهاز الهضمي والتنفسي وأمراض الكلى والكبد المزمنة وكذلك العيوب الخلقية بالقلب.
ومن أهم أسباب فقدان الشهية لدى الأطفال عدم شعور الطفل بالسعادة أوربط الطعام بحادثة غير سعيدة أو في طريقة تعامل الأم مع طفلها وكيفية تقديم الطعام له أو كراهية الطفل لأصناف الطعام التي تقدمه له وكذلك إصرار الأم على الطفل أن يأكل كمية من الطعام أكثر مما يستطيع .كما أن تشديد الوالدين على الطفل أن يتبع آداب المائدة كما يمارسونها هموانتقادهم له وهو يأكل قد يتسبب في فقدان الشهية على المائدة.
ومن تجربتي الشخصية والعملية مع الأطفال لمعالجة فقدان الشهية أود بداية التركيز على ضرورة اهمال هذا الموضوع وترك الحديث فيه مع الطفل ومراقبة الطفل عن بعد بحيث لا يصبح تناوله للطعام هو حديث الأسرة وجل اهتمامها، كما يجب الابتعاد عن اجبار الطفل على الأكل أو ترهيبه، واستبدال هذا السلوك بسؤاله هل أخذت كفايتك وشبعت؟ ومن ثم رفع الطعام من أمام الطفل. إذ أن التعامل مع الطفل بموضوع تناوله للطعام بجدية وصرامة وعدم السعي بشتى الوسائل والطرق لارضائه قد يغير من تفكيره تجاه تناول طعامه. ولكن من الجانب الأخر يجب مراعاة رغبة الطفل فيما يقدم له من أصناف الطعام، ما يحب منها وما يكره، وأن يختار الطعام الذى يحبة مادام مفيدا، ويمكن أن يسمح للطفل كلما كان ذلك ممكناً أن يساعد في تحضير الطعام وهذا بدوره سيعزز رغبته في تناوله لأن جزء من هذا الطعام قام هو باعداده، وتجدر بي الاشارة هنا إلى أن تقديم أنواع الأطعمة المختلفة للطفل في سن مبكرة قد يساهم بشكل جيد في تقبله للطعام، ويستحسن الا يعطى للطفل شيء يأكله بين وجبات الطعام المختلفة خصوصاً الحليب.
وقد يكون لتقديم الطعام بشكل جذاب من حيث الألوان والأشكال والأطباق المستخدمة وطريقة التحضير أثر جيد في زيادة تناول الأكل، فمثلاً إذا كان الطفل لا يحب السبانخ مطبوخاً، يمكن تقديمه على شكل فطائر أو إن كان لا يحب الخضروات يمكن تحضير البيتزا الغنية بالخضروات (كالفلفل الحلو والبندورة والفطر والكوسا)، ويمكن تشكيل وجوه من الخضروات والزيتون والجبنة على شريحة التوست الأسمر. ويستحسن ألا يتناول الطفل طعامه وحيداً بل يتناوله مع الآخرين، كما يمكن تشجيع تناول الطفل للطعام من خلال تعزيز وامتداح أخوته أو أصدقائه لتناولهم لهذا الطعام ولكن دون نقده وتصغيره. ويمكن للوالدين خلال تناول أي وجبة لهما ترغيب الطفل بتناولها بها بطريقة غير مباشرة، كأن يتم التحدث عن مدى لذّة الطعام وعن الطاقة والفيتامينات والمعادن المقوية للعضلات والمحسنة للبشرة التي يمدنا بها هذا الطعام وعن لونه الجميل ورائحته الشهية.
وخيراً أن التعامل مع موضوع شهية الطفل يجب أن يكون بهدوء وتفهم ومصادقة الطفل والنزول إلى مستواه العقلي فهي الوسيلة الصحيحة لتحسين شهيته للطعام. كما يجب تكرار المحاولة مرة ثانية و ثالثة ورابعة وعدم الملل.