ونظرا لخطورة هذه الظاهرة على المجتمع المسلم أجرت "رسالة المرأة" هذا التحقيق لاستطلاع رأي عدد من الزوجات والوقوف على آراء الخبراء لمعرفة أساليب العلاج.
تقول "عبير محمد" ، 35 سنة ، ربة منزل: أعانى من عصبية زوجي الزائدة، الأمر الذي أصبح يهدد حياتي الزوجية معه، ولكنّي أخشي الانفصال خوفا على أولادي .
وتضيف "وفاء حلمي" ، 39 سنة، محاسبة: زوجي دائم الشجار معي لأتفه الأسباب حتى كرهت حياتي الزوجية وفكرت في الانفصال .
وتقول "سعدية أحمد" ، 55 سنة، ربة منزل: بعد أن زوجت أبنائى الثلاثة طلبت الطلاق من زوجي وذلك لأنه كان دائم الشجار معي وضربي أمام الأقارب والجيران .
وعلى الجانب الآخر تقول "هدى محمد"، 43 سنة، موظفة: إنها تزوجت زوجها بعد قصة حب طويلة حيث كان زميلها في العمل ومعروفا بالهدوء والحلم، ولكن بعد انتقاله إلى عمل آخر في مكان بعيد تغير تماما من الهدوء إلى العصبية الزائدة ، ومع ذلك تتحمل هذا منه لأنها حالة طارئة عليه.
الضغوطات النفسية
يقول الدكتور محمد المهدي – أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر- : في البداية لابد من معرفة أسباب عصبية الزوج، وهي إما أن تكون طبعا سلوكيا ثابتا في الشخصية، أو شيئا طارئا عليها، فإذا كان طبعا ففي هذه الحالة على الزوجة العمل على عدم استثارته عندما يكون عصبيا وانتظاره حتى يهدأ وتتعامل معه بنوع من اللطف عندما يكون في ثورة شديدة، مع مراعاة كيفية امتصاص هذا الغضب دون أن تصطدم به؛ وذلك لإحداث نوع من التضامن النفسي معه، أما إذا كانت هذه الحالة فهنا يجب على الزوجة أن تسأل نفسها حول ما إذا كانت هي سببا للعصبية التي انتابت زوجها، أم أن هذا التغير في سلوك الزوج يرجع لوقوعه تحت ضغوط خارجية، فإذا كانت طرفا فعليها أن تقدم له المساعدة عبر مراجعة نفسها ومواقفها التي أدت إلى ثورته، أما إذا كانت بسبب العمل فعليها أن تحاول إخراجه من هذا الجو المشحون، كأن تسافر معه إلى أحد الأماكن للاستجمام، ولقضاء وقت ممتع، ينسى من خلاله هموم العمل وأعباءه، وفى هذه الحال سوف يهدأ ويعود إلى حالته الطبيعية، مشيرا إلى أن الزوج العصبي يهدد استقرار الأسرة.
القلق والاكتئاب
وأضاف المهدي أن هناك حالات تحتاج لعلاج، كأن يعاني الزوج من القلق النفسي أو الاكتئاب وفي هذه الحالة يبرز دور الزوجة في توفير جو من الهدوء والسكينة للزوج، وتحويل البيت إلى واحة للاستقرار والطمأنينة؛ وذلك لأن الله قد وهب المرأة قدرة على الرعاية والعطاء وإنكار الذات في بيتها، مشيرا إلى أن الدراسات والأبحاث أثبتت أن الاضطرابات الأسرية تزيد من ارتفاع النوبات والأزمات القلبية .
الاستثارة والاستفزاز
وتتفق عزة الدمرادش – الخبيرة الأسرية- مع الرأي السابق في ضرورة مراعاة الزوجة لزوجها وعدم استثارته واستفزازه والشجار معه وتجنب الجدال وخاصة عند الغضب، بل عليها أن تحاول الابتعاد عنه حتى يهدأ، وتستطيع بعد ذلك مناقشته في أسباب غضبه بنوع من اللطف والتروي والهدوء، مشيرة إلى أن هناك العديد من الزوجات يعملن على استفزاز أزواجهن من خلال نظرة سخرية أو ضحكة (صفراء ) كما يسمونها، وهو ما يزيد من غضب الزوج و يضطره أحيانا إلى الخروج عن شعوره و استعمال العنف مع زوجته المستفزة .
سوء التنشئة الاجتماعية
ومن جانبها ترى الدكتورة هدى زكريا – أستاذ علم الاجتماع – أن أسباب انتشار العصبية مؤخرا في البيوت ترجع إلى عدة أسباب، أهمها سوء تنشئة الزوج وبعده عن تعاليم الدين الحنيف، وانشغال الزوج والزوجة في العمل وبعدهما عن بعضهما البعض، وكذلك بالطبع التطلعات الكثيرة للزوجة في الشراء، وإثقال كاهل الزوج بمتطلبات إضافية قد لا يحتاجها البيت.
ضعف الوازع الديني
ويقسم الدكتور "عبد لله سعيد" – أستاذ ورئيس قسم الشريعة بجامعة الأزهر- العصبية إلى نوعين :محمودة ومذمومة .
* المحمودة: وهى أن تنتاب المرء حالة من الغضب ثم يرجع إلى الله مشيرا إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمزح ولا يقول إلا حقا، وكان يقول لزوجته لا أعلم إذا كنت عنى راضية، فإذا أقسمت برب إبراهيم تكون راضية، وأوضح أن هذه المبادلة في الحديث تكون مرغوبة بين الطرفين وذلك لقوله تعالى: {… وعاشروهن بالمعروف… } ( النساء 19).
* أما المذمومة فتكون من خلال الانفعال الشديد القاتل الذي يترتب عليه الصراخ والخروج بألفاظ غير لائقة كالطلاق فهذا مذموم في الإسلام، مشيرا إلى أن الغضب يؤدى إلى خراب البيوت، لذلك يجب على الفرد المسلم العمل على التحلي بالصبر اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم مع أهله ومع الناس حينما جاءه رجل يطلب النصح قال له صلى الله عليه وسلم: ( لا تغضب)، وذلك يدل على أن الغضب يجلب الشقاء .
كما أشار إلى أن الفرد يحاسب على كل كلمة يقولها أمام الله في الآخرة لقوله تعالى: {ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد} (ق 18).
وينصح "الدكتور عبد الله سعيد" الزوج بالبعد عن الغضب والتحلي بالصبر والرضا وذلك لاستقلال البيوت ودوام العشرة الزوجية ، عملا بقوله صلى الله عليه وسلم : ( لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقا رضي منها آخر) وهذا يتحقق من خلال حسن الأدب والمعاملة الحسنة والكلمة الطيبة وعفة اللسان من جانب الزوجين.
ويوصيك الخبراء ألا تتعاملي مع عصبية زوجك وكأنها تعمد لجرح كرامتك ، صحيح أنك قد تكونين تعملين مثله تماماً وتحملين مسئوليات كبيرة على عاتقك، لكن تذكري دائما أن هدفك هو العيش داخل أسرة مستقرة، فلاحظي تعبيرات وجهه وافهميها جيدًا، وإذا شعرت أن ملامحه فيها غضب أو شدة، أو أنه يتنفس بسرعة، أو ينظر بشدة، أو يتلفت بقوة فاعلمي أنه على وشك الانفجار في لحظة غضب، عندها تجنبي الاحتكاك معه أو إثارة غضبه.
وكوني لبقة واحترميه في حوارك معه. لا تستفزيه بالإصرار على رأي ما، أو معارضته بحدة، أو الاستهزاء به أو بكلامه، بل اطرحي رأيك بلباقة واسأليه عن رأيه باحترام لأن الإنسان العصبي في حاجة للتقدير والاحترام وإذا أعطيته التقدير اللازم لن يثور عليك بإذن الله.
زوجي ثار فعلا
في اللحظة التي يثور فيها بشدة ويبدأ بالصراخ كوني هادئة ومتماسكة وقوية.. انتبهي فالتوتر، وكثرة الكلام والحركة، كل هذه الأمور ستزيد من حدة غضبه وعصبيته.
وإليك بعض الخطوات لتهدئة غضبه:
[frame="9 98"]– لا تنظري له بحدة، ولا تجعلي نظراتك تبدو بلا معنى وكأنك لا تهتمين به وبكلامه انظري إليه باهتمام لكن دون حدة و استمعي له جيدًا وأكدي له أنك تسمعينه، فأشد ما يمكن أن يثير غضبه أن يشعر أنك لا تسمعينه ولا تعرفين ماذا يقول. أشعريه دائما أنك تتابعين كلامه وتفهمينه و أشعريه أنك تقدرين شعوره ولا تتجاهلينه. فتجنبي قول عبارات مثل: «لماذا أنت غاضب؟!» أو «هذا لا يستحق الغضب» أو «هدئ أعصابك لا داعي لكل هذا!» هذه العبارات تشعره أنك لا تقدرين موقفه ولا تفهمين.. لذا فسيغضب أكثر!
ولكن عبارة "معك حق هذا الأمر يثير الغضب.. لكن بإذن الله لن يتكرر».. ستجعله يهدأ لأنه سيشعر أنك تقدرين شعوره.
– أجّلي النقاش حول القضية التي ثار من أجلها لساعة على الأقل واتركيه حتى يهدأ تماما ثم تحدثي معه بكل أدب واحترام.
– أشعريه بأنك تحبينه وأنك تودين لو تكون حياتكما أسعد، ولكن هذا الغضب يؤثر عليكما.
– ساعديه في علاج نفسه.. أرشديه لطرق التحكم بالغضب التي أرشدنا لها الرسول صلى الله عليه وسلم، مثل الوضوء وصلاة ركعتين والجلوس أو الاستلقاء وذكر الله.
– اشتري له أشرطة أو كتبا تساعده على علاج نفسه بإذن الله.
– تجنبي محاولة عقابه كما تفعل بعض الزوجات فلا يقمن بالتحدث مع الزوج، أو يقاطعنه في الحديث، مما يدفع بالزوج للعناد وافتعال المزيد من المشاكل.[/frame]
نور الهدى
ام سرين
شكر الله لكن المرور غالياتي