تعتبر الجنة دار مستقر ونعيم دائم بحد ذاتها، وكل من دخل الجنة ذاق النعيم الدائم الذي لا يحول ولا يزول، ولكن وزع الله عز وجل فئات الناس في الجنة إلى منازل ودرجات أكرم أهلها كل حسب ما قدم من أعمال وحسنات، وإذا دخلت المرأة الجنة زال عنها كل شقاء دنيوي ونسيت ما لقيته من تعاسة في الحياة الدنيا، وأبدلها الله بمكانة رفيعة تنعم في ظلالها بعيداً عن اللظى والعذاب الدائمين الذي هو حال أهل النار والعياذ بالله.
ففي الجنة تحظى المرأة بزوجها، وان كان أحداهما اقل منزلة من الأخر، فيجمعها الله بزوجها كما جمعها به في الحياة الدنيا، الله عز وجل يساوي في منزلتهما حتى يتم ما كانا عليه في الحياة الدنيا، ويهب لهما نعيم من لدنه سبحانه وتعالى في الجنة، وينزع الله من زوج ألامرأة المؤمنة الصالحة من ما كانت به من صفات سيئة مثل العصبية والتسلط ثم يجعل الله في قلبه الحب والحنان والرأفة،
فتنول المرأة ما تحتاجه من زوجها، وأما المرأة التي تزوجت زوجان في الدنيا، يخيرها الله حتى تختار أحداهما، وأما الفتاة التي لم تتزوج قط، فيزوجها الله من من تقر به عينها وينعم به قلبها، جزاءً بما صبرت وحفظت نفسها من الوقوع بالزلات والآثام، وسارت على الدرب الصحيح، فنالت رضا الله، فكان حقاً على الله أن يرضيها، ويرفع درجاتها ويكرمها ويجعلها في مراتب الصديقين والشهداء، كما أن الله عز وجل كذلك بكرم المرأة التي تزوجت من زوج ثم طُلقت منه وماتت وهي كذلك، ويجمعها الله بمثيلها من الرجال.
إن الذين يعملون الصالحات ويذكرون الله كثيراً وينتظمون فى طاعة الله سواء ذكر أم أنثى وعدهم الله بجنة الخلد ونعيم لا يفنى وذلك لقوله تعالى: {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُواْ وَقُتِلُواْ لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَابًا مِّن عِندِ اللّهِ وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ}.. [آل عمران : 195].
أن الجنة ونعيمها ليست خاصة بالرجال دون النساء إنما هي
{أعدت للمتقين}.. [آل عمران : 133] ،
فإن المرأة تجد ما تشتهيه نفسها فى الجنة من مأكل وشراب ومتعة وسعادة فى الجنة وذلك لقوله تعالى:
{وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ وَظِلٍّ مَمْدُودٍ وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ لامَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ}.. [الواقعة : 27-33] .
الفرق بين الحور العين ونساء الدنيا فى الجنة:
أن المرأة فى الجنة تكون مثل الحور العين فى الجنة بل يميزها الله فى الجنة عن الحور العين ،أولاً يعيد الله المرأة إلى صباها بعد أن كانت عجوز وذلك لقوله تعالى:
{إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاءً}.. [الواقعة : 35]
وتلك الأية تدل على أن الله يعيد أنشاء المرأة من عجوز إلى سن الشباب وهذا فى حد ذاته تكريم عظيم للمرأة، ثم يعيد الله للمرأة بكارتها فتصبح بكراً كلما أتاها زوجها فى الجنة يعيدها الله بكراً مرة أخرى وهذا ما يحدث مع الحور العين فى الجنة وذلك لقوله:
{فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا}.. [الواقعة : 36] ،ويأتى قول الله تعالى:
{عُرُبًا أَتْرَابًا}.. [الواقعة : 37]
و(العُرُب) جمع عروب، يقال: امرأة عروب، وعربة. يعني: متحببة متذللة لزوجها، مازحة ضاحكة مستبشرة، لها نبرة صوت خلاب، تقول لزوجها: والله ما في الجنة أجمل منك، ولا أبهى منك، الحمد لله الذي خلقني لك وخلقك لي ، أما (أتراباً): فجمع ترب، يقال: امرأة ترب يعني: امرأة متساوية؛ أى متساوية مع الحور العين في الإنشاء.
ويميز الله نساء الدنيا عن الحورالعين بأنها تكون سيدتها فى الجنة وسيدة القصر التى تسكنه فى الجنة ولماذا فضلكِ الله على الحور العين فى الجنة؟ وتكون الأجابة، فضلكِ الله بصلاتكِ في الدنيا، وصيامكِ في الدنيا، وحجك في الدنيا، وصبرك في الدنيا،وطاعتك له ،والأحتساب عند المصائب ،وبرك بوالديكِ ،وصلتك للرحم ،وحفظ عرض زوجك ،وكل شئ فعلتِه فى سبيل الله .
نساء الدنيا وأزواجهم فى الجنة :
لا يوجد في الجنة أعزب لا ذكراً ولا أنثى، لما رواه مسلم في صحيحه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وما في الجنة أعزب. قال ابن منظور في لسان العرب: العزاب هم الذين لا أزواج لهم من الرجال والنساء. اهـ،فإذا دخل المؤمن الجنة وكانت زوجته فى الدنيا صالحة كانت زوجته فى الجنة ،وأما إذا تزوجت المرأة أكثر من زوج، ودخل جميعهم الجنة، فالراجح أنها لآخر أزواجها، لما رواه البيهقي في سننه أن حذيفة قال لزوجته:
إن شئت تكوني زوجتي في الجنة فلا تزوجي بعدي، فإن المرأة في الجنة لآخر أزواجها في الدنيا، فلذلك حرم الله على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أن ينكحن بعده، لأنهن أزواجه في الجنة، وأما من لم تتزوج فإنها تزوج بمن شاء الله تعالى.
وأن المرأة فى الجنة لا تغير ولا تغضب من زوجها عندما يعاشر الحور العين لأن الله نزع من نفوس أهل الجنة الغيرة والحقد وذلك لقول الله تعالى:
{وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ}.. [الحجر : 47
فالله تعالى يقذف في قلوب أهل الجنة حب بعضهم لبعض، وينزع من قلوبهم الضغينة والحقد.
وفى الجنة لا تنظر المرأة إلى غير زوجها ولا تشتهى غيره والدليل على ذلك قول الله تعالى:
{فيهن قاصرات الطرف}.. [الرحمن : 56]،
قال ابن عباس وغيره: أي غضيضات الطرف عن غير أزواجهن ، فلا يرين شيئا في الجنة أحسن من أزواجهن.
يا معشر النساء لقد أعزكم الله بالأسلام فلا تذلوا أنفسكم بالمعاصى وأبتغوا رضوان الله وتقربوا إليه فهذا هو الفوز العظيم وهذا هو طريق الجنة.
كما أنّ المرأة المؤمنة الحافظة لدينها واستعفت واستعصمت نفسها عن الوقوع في الحرام بغية مرضات الله يكرمها الله عز وجل لحظة دخولها الجنة، فيعيدها فتاة بزينة الشباب فاتنة الجمال، ويتوجها على الحور العين، ويمنحها القصور ويعطيها ما تشتهي من الحلي، كما ويجعل من كل امرأة بعين زوجها وجعلها أبهى وأجمل من الحور العين فكلما يجامعها زوجها عادت بكراً وبدت أكثر رونقاً وبهاءً في عين زوجها، كما أنّ جمال المرأة المؤمنة في الجنة يعادل سبعين ألف من جمال الحور العين،
مشكورة على الموضوع القيم جزاكي الله سبحانه وتعالى كل خير
فائدة:
ﻫﺬﻩ ﺣﺎﻻﺕ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﻟﻜﻞ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﺎ ﻳﻘﺎﺑﻠﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﺔ :
-1 ﻓﺄﻣﺎ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻣﺎﺗﺖ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﺗﺘﺰﻭﺝ ﻓﻬﺬﻩ ﻳﺰﻭﺟﻬﺎ ﺍﻟﻠﻪ – ﻋﺰﻭﺟﻞ – ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻣﻦ ﺭﺟﻞ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻟﻘﻮﻟﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : ( ﻣﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﺃﻋﺰﺏ ) – ﺃﺧﺮﺟﻪ ﻣﺴﻠﻢ – ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﺑﻦ ﻋﺜﻴﻤﻴﻦ : ﺇﺫﺍ ﻟﻢ ﺗﺘﺰﻭﺝ – ﺃﻱ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ – ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻳﺰﻭﺟﻬﺎ ﻣﺎ ﺗﻘﺮ ﺑﻬﺎ ﻋﻴﻨﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﺔ .. ﻓﺎﻟﻨﻌﻴﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻟﻴﺲ ﻣﻘﺼﻮﺭﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺬﻛﻮﺭ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﻟﻠﺬﻛﻮﺭ ﻭﺍﻹﻧﺎﺙ ﻭﻣﻦ ﺟﻤﻠﺔ ﺍﻟﻨﻌﻴﻢ : ﺍﻟﺰﻭﺍﺝ .
-2 ﻭﻣﺜﻠﻬﺎ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻣﺎﺗﺖ ﻭﻫﻲ ﻣﻄﻠﻘﺔ .
-3 ﻭﻣﺜﻠﻬﺎ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﻳﺪﺧﻞ ﺯﻭﺟﻬﺎ ﺍﻟﺠﻨﺔ . ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﺑﻦ ﻋﺜﻴﻤﻴﻦ : ﻓﺎﻟﻤﺮﺃﺓ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻭﻟﻢ
ﺗﺘﺰﻭﺝ ﺃﻭ ﻛﺎﻥ ﺯﻭﺟﻬﺎ ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺇﺫﺍ ﺩﺧﻠﺖ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻓﻬﻨﺎﻙ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻣﻦ ﻟﻢ ﻳﺘﺰﻭﺟﻮﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ . ﺃﻱ ﻓﻴﺘﺰﻭﺟﻬﺎ ﺃﺣﺪﻫﻢ .
-4 ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻣﺎﺗﺖ ﺑﻌﺪ ﺯﻭﺍﺟﻬﺎ ﻓﻬﻲ – ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﺔ – ﻟﺰﻭﺟﻬﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻣﺎﺗﺖ ﻋﻨﻪ .
-5 ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻣﺎﺕ ﻋﻨﻬﺎ ﺯﻭﺟﻬﺎ ﻓﺒﻘﻴﺖ ﺑﻌﺪﻩ ﻟﻢ ﺗﺘﺰﻭﺝ ﺣﺘﻰ ﻣﺎﺗﺖ ﻓﻬﻲ ﺯﻭﺟﺔ ﻟﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﺔ .
-6 ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻣﺎﺕ ﻋﻨﻬﺎ ﺯﻭﺟﻬﺎ ﻓﺘﺰﻭﺟﺖ ﺑﻌﺪﻩ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﻵﺧﺮ ﺃﺯﻭﺍﺟﻬﺎ ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺜﺮﻭﺍ ﻟﻘﻮﻟﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : ( ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﻵﺧﺮ ﺃﺯﻭﺍﺟﻬﺎ ) – ﺳﻠﺴﻠﺔ ﺍﻷﺣﺎﺩﻳﺚ ﺍﻟﺼﺤﻴﺤﺔ ﻟﻸﻟﺒﺎﻧﻲ .
ﻭﻟﻘﻮﻝ ﺣﺬﻳﻔﺔ – ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ – ﻻﻣﺮﺃﺗﻪ : ( ﺇﻥ ﺷﺌﺖ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻧﻲ ﺯﻭﺟﺘﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻓﻼ ﺗﺰﻭﺟﻲ ﺑﻌﺪﻱ ﻓﺈﻥ
ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻵﺧﺮ ﺃﺯﻭﺍﺟﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻓﻠﺬﻟﻚ ﺣﺮﻡ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﺯﻭﺍﺝ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺃﻥ ﻳﻨﻜﺤﻦ ﺑﻌﺪﻩ ﻷﻧﻬﻦ ﺃﺯﻭﺍﺟﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﺔ ) .
جزاك الله خيرا اختي
اللهم اسكنا فسيح الجنان برحمتك التي كتبتها على نفسك……
اسفة على تاخر الرد لكن الدراسة و شؤونها