وهذه السور تشترك في أنها تذكر الإنسان بقضايا كبرى في حياته يجب أن تُكَرَّر على سَمعِ المؤمن باستمرار ، بِحَيثُ تستقر في نفسه استقراراً ينفي كل شك ، وتشكل بتكرارها وعيَ المؤمن الذي يواظب على حضور هذه الصلوات .
أولاً : سورة الكهف .
أغلب المتدبرين لهذه السورة يخلصون إلى أن المقصد الأساسي الذي تدور حوله هذه السورة هو الإرشاد إلى كيفية النجاة والعصمة من الفتن بأنواعها ، وقد ورد في السورة أربعة أمثلة للفتن تعتبر من أعظم الفتن التي يبتلى بها المرء في حياته :
1- فتنة الدين في قصة أصحاب الكهف ، وكيف اعتصم الفتية بالله وفروا من كفر قومهم .
2- فتنة المال في قصة صاحب الجنتين ، وكيف فشل الرجل في الاختبار فمحق الله ماله ، وموقف صاحبه منه الذي دله على الطريق الصحيح .
3- فتنة العلم في قصة الخضر مع موسى عليه الصلاة والسلام ، وكيف شكر الخضر هذه النعمة .
4- فتنة الملك في قصة ذي القرنين ، وكيف نجح ذو القرنين في هذا الابتلاء بشكر هذه النعمة العظيمة ، واستعملها في طاعة الله .
وهذه المعاني العظيمة يَحتاجُ المؤمن إلى تذكُّرها باستمرار ، فشُرعَت قراءتها كُلَّ جُمعة. وفي اسمها ما يدل على موضوعها ومقصدها ، وهو (الكهف) فهو عصمة مادية لمن يلجأ إليه عادةً ، وكذلك معاني وآيات هذه السورة عصمة لمن قرأها وتدبرها من هذه الفتن ، ومن أعظم الفتن فتنة الدجال، ولذلك قال النبي 🙁 من أدرك منكم الدجال فقرأ عليه فواتح سورة الكهف كانت له عصمة من الدجّال ) . وحذر الله من الشيطان في أثناء هذه السورة وأشار إلى مخالفته للإنسان وعدواته له في قوله :(وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه ، أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا) .
وهذه المعاني الكبرى في حياة الإنسان ينبغي تكرارها على سمع المؤمن ليحذر الشيطان ومكائده .
ثانياً : سورة السجدة .
هذه السورة مكية أيضاً ، وتدور آياتها حول بيان حقيقة الخلق وأحوال الإنسان في الدنيا والآخرة ، ببيان شافٍ كافٍ يبعد من نفس الإنسان كل فكرة إلحادية تحاول التسلل إلى ذهن المؤمن في زحام الأفكار وانتقال الثقافات . فهي تفصل تفصيلا كيف خلق الله السموات والأرض في ستة أيام ، وكيف خلق الإنسان الأول من طين ، وخلق سلالته من ماء مهين ، في تفصيل رائع يطمئن له القلب المؤمن ، ويزداد تعلقه بربه ، ولا يملك إلا أن يخر ساجداً بين يديه، ولذلك سميت سورة السجدة وشرع سجود التلاوة عند الآية الخامسة عشرة من آياتها .
وهذه القضايا التي تذكر بها السورة قضايا كبرى في حياة الإنسان يحتاج إلى التذكير بها باستمرار حتى لا يغفل عنها .
ثالثاً : سورة الجمعة .
هذه السورة العظيمة التي سميت بسورة الجمعة لمجيئ ذكر يوم الجمعة فيها وهي تدور حول تذكير الأمة في هذا اليوم العظيم بنعمة الله عليها بإرساله محمداً عليه الصلاة والسلام، وأن الله قد جعله هدايةً لها بعد الضلال المبين الذي كانت فيه ، ولا شك أن هذا من أعظم القضايا في حياة المؤمن ، التي لا ينبغي أن تغيب عن ذهنه ولا عن تفكيره طرفة عين ، ولذلك شرعت قراءتها في ركعة الجمعة .
رابعاً : سورة المنافقون .
تدور هذه السورة كما هو ظاهر من عنوانها على كشف المنافقين وبيان حقيقتهم وصفاتهم بإيجاز ، لتكون بمثابة تحذير أسبوعي من طائفة خطيرة تهدم الإسلام من الداخل ، وتوضح للمؤمنين أن حصوننا مهددة من داخلها بهؤلاء المنافقين . ولعظم خطرهم وعدم انقطاعهم من المجتمع منذ عهد النبي حتى اليوم شرع التحذير منهم بشكل متكرر بتلاوة هذه السورة في ركعة الجمعة الثانية ، ولا شك أن خطر المنافقين يدركه اليوم كل أحد نسأل الله أن يكبتهم وأن يخذلهم .
خامساً : سورة الإنسان .
هذه السورة تدور آياتها على تذكير الإنسان بأصل خلقته كما في سورة السجدة أيضاً ، وتبين عاقبته ومصيره في الآخرة ليكون على حذر وعلى بينة من أمره ، فقد فصل الله في السورة كيف بدأ خلق الإنسان ، وكيف انقسم الناس إلى مؤمن شاكر ، وكافر جاحد، ومصير كل من الفريقين . وأطال في بيان مصير أهل الجنة تشويقاً وتحفيزاً للمؤمنين . وأشار فيها إلى نعمة نزول القرآن ، ووجوب الصبر على العمل به في قوله :(إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلاً * فاصبر لحكم ربك ..) .
وهذه معانٍ كبرى أيضاً لا بد للمؤمن من تكرارها لترسخ في نفسه ، فكانت قراءتها في صلاة الفجر كل جمعة رغبة في تحقيق هذه الغاية العظيمة .
سادساً : سورة الأعلى .
المقصد من هذه السورة تأكيد تعلق النفوس بالله العظيم الأعلى ، والحرص على الآخرة ونعيمها ، وعدم التعلق بالدنيا وبهرجها الزائل، وهي تحمل رسالة قصيرة مركزة تؤكد للمؤمن أن العلو الحقيقي هو في طاعة الله وخشيته (سيذكر من يخشى)، وأن الشقاء والخسران في اجتناب هذه النصيحة والتعلق بالدنيا (ويتجنبها الأشقى * الذي يصلى النار الكبرى) . لاحظ هنا كيف وصف الشقي بقوله (الذي يصلى النار الكبرى) .
وهذه الحقيقة الكبرى ينبغي أن تكون نصب عيني المؤمن في حياته كلها ، تكرر عليه كل حين ، ولذلك فهي تقرأ في الركعة الأولى من صلاة الجمعة ، وصلاة الاستسقاء ، وصلاة العيد .
خامساً : سورة الغاشية .
تذكر هذه السورة العظيمة بقدرة الله العظيمة ، وأصناف الناس يوم القيامة ، ومصيرهم في الآخرة . وهي هي المعاني الكبرى المصيرية التي لا ينبغي أن تغيب عن المؤمن أبداً ، ويحتاج إلى تعلمها وتذكرها دوما . ولذلك شرعت قراءتها في الركعة الثانية من صلاة الجمعة والعيد والاستسقاء .
ونلاحظ من الأمور المشتركة بين هذه السورة الخمس ما يلي :
1- تأكيدها على القضايا الكبرى في حياة البشر (بدء خلق السموات والأرض – بدء خلق الإنسان – المنهج الصحيح في الدنيا – المصير في الآخرة) . وهي قضايا ضلت فيها البشرية ضلالاً مبيناً لا يعرفه إلا من قرأ في كتب الضالين وعرف كيف ضل سعيهم في الحياة الدنيا ، وكيف هدانا الله بهذا القرآن العظيم ، ولذلك (وقالوا الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله) .
2- تكرار آيات التذكير والذكر والذكرى في السور .
أولاً : في سورة الكهف في قوله تعالى :(واذكر ربك إذا نسيت وقل عسى أن يهدين ربي لأقرب من هذا رشداً) ، وقوله في آية عظيمة محورية في منهج المؤمن في عبادته لله وحبسه نفسه عليها :(واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا) وقوله تعالى :(ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه فأعرض عنها ونسي ما قدمت يداه ..) وقوله تعالى في إشارة إلى سبب نسيان غلام موسى للحوت وأنه الشيطان :(وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره) وقوله في آخر السورة وهي من أدل الآيات على مقصودنا : (وعرضنا جهنم للكافرين عرضاً * الذين كانت أعينهم في غطاء عن ذكري وكانوا لا يستطيعون سَمعا) .
ثانياً : في سورة السجدة 🙁 إنما يؤمن بآياتنا الذين إذا ذُكِّروا بها خروا سجداً وسبحوا بحمد ربهم وهم لا يستكبرون) . ، وقوله أيضاً : (ومن أظلم مِمَّن ذُكِّر بآيات ربه ثم أعرض عنها) . وقد تقدم نظيرها في الكهف .
ثالثاً : في سورة الجمعة قوله تعالى : (يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون * فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون) .
رابعاً : في سورة المنافقون قوله تعالى :(يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون) .
خامساً : في سورة الإنسان :(واذكر اسم ربك بكرة وأصيلاً) .
في سورة الأعلى 🙁 فَذَكِّر إن نفعت الذكرى * سَيذَّكَّرُ من يخشى … ) الآيات
سادساً: في سورة الغاشية : (فَذَكِّر إنَّما أنت مُذكِّر* لست عليهم بمصيطر) . لاحظ كيف عظم وظيفة التذكير فكأن رسالة النبي مقصورة على التذكير لبيان أهمية التذكير وتكراره على مسامعنا .
وتكرار التذكير بمشتقاته وصيغه في هذه السور له دلالته ، حيث إن التذكير يلزم منه التكرار مرة بعد مرة ، وهذا يتناسب مع الأمر بقراءتها كل جمعة في مواضعها المعروفة .
اجل كم احب التذكير لمنااااااافعه الانساااااان بطبعه نسااااااي والتذكير يرجعو لطريق الصحيح
وبااااااارك الله فيك
وان شاااء المولى عز وجل نقراهم ونطلب الرظا والمغفرة اميييييييييين يارب العااااااالمين