ﻭﺑﻌﺪ ﻳﺎ ﻧﺒﻼﺀ – ﺟﻤﻠﻜﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﺎﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﻭﺍﻟﺴﻼﻣﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺮﻙ ﺣﺘﻰ ﺗﻠﻘﻮﻩ :-
ﻻ ﺭﻳﺐ ﺃﻥ ﺟﻤﻴﻌﻜﻢ ﻻ ﻳﺨﻔﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻥ ﺍﻟﺸﺮﻙ ﻓﻲ ﻋﺒﺎﺩﺓ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﻋﻈﻢ ﺫﻧﺐ ﻋﺼﻲ ﺍﻟﻠﻪ
ﺑﻪ ﻭﺃﻛﺒﺮ ﺳﻴﺌﺔ ﻭﺃﻇﻠﻢ ﺧﻄﻴﺌﺔ ﻭﺃﻥ ﻣﻦ ﻟﻘﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻫﻮ ﻣﻦ ﺃﻫﻠﻪ ﻓﺎﻟﺠﻨﺔ ﻣﺤﺮﻣﺔ ﻋﻠﻴﻪ
ﻭﺍﻟﻨﺎﺭ ﻣﺄﻭﺍﻩ ﺧﺎﻟﺪﺍ ﻓﻴﻬﺎ .
ﻭﺗﻌﻠﻤﻮﻥ – ﺳﻠﻤﻜﻢ ﺍﻟﻠﻪ – ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﺮﻙ ﻳﻘﻊ ﺑﺼﺮﻑ ﺃﻱ ﻋﺒﺎﺩﺓ ﻟﻐﻴﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ
ﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﺒﺎﺩﺓ ﺩﻋﺎﺀ ﺃﻭ ﺫﺑﺢ ﺃﻭ ﻧﺬﺭ ﺃﻭ ﻃﻮﺍﻑ ﺃﻭ ﻏﻴﺮﻫﺎ.
ﻭﺗﻌﺮﻓﻮﻥ – ﺛﺒﺘﻜﻢ ﺍﻟﻠﻪ – ﺃﻥ ﻣﻦ ﺃﻛﺜﺮ ﺻﻮﺭ ﺍﻟﺸﺮﻙ ﺍﻟﻤﻨﺘﺸﺮﺓ ﺑﻴﻦ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ
ﺻﺮﻑ ﻋﺒﺎﺩﺓ ﺍﻟﺪﻋﺎﺀ ﻟﻐﻴﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ.
ﺣﻴﺚ ﻳﺼﺮﻑ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻋﺒﺎﺩﺓ ﺍﻟﺪﻋﺎﺀ ﻟﻐﻴﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ .
ﻓﻬﺬﺍ ﻳﺼﺮﻓﻬﺎ ﻟﺮﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻴﻘﻮﻝ ": ﻓﺮﺝ ﻋﻨﻲ ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ " ﻭﺫﺍﻙ ﻳﺼﺮﻓﻬﺎ ﻟﻠﺒﺪﻭﻱ
ﻓﻴﻘﻮﻝ ": ﻣﺪﺩ ﻳﺎ ﺑﺪﻭﻱ " ﻭﺁﺧﺮ ﻳﺼﺮﻓﻬﺎ ﻟﻠﺠﻴﻼﻧﻲ ﻓﻴﻘﻮﻝ ": ﺃﻏﺜﻨﻲ ﻳﺎ ﺟﻴﻼﻧﻲ " ﻭﻫﺬﻩ
ﺗﺼﺮﻓﻬﺎ ﻟﻠﺤﺴﻴﻦ ﻓﺘﻘﻮﻝ ":ﺍﺷﻔﻨﻲ ﻳﺎ ﺣﺴﻴﻦ " ﻭﺃﺧﺮﻯ ﺗﺼﺮﻓﻬﺎ ﻟﺰﻳﻨﺐ ﻓﺘﻘﻮﻝ ": ﺍﺩﻓﻌﻲ
ﻋﻨﻲ ﻳﺎ ﺯﻳﻨﺐ " ﻭﻫﻜﺬﺍ.
ﻭﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻗﺪ ﻧﻬﺎﻫﻢ ﻭﺯﺟﺮﻫﻢ ﺟﻤﻴﻌﺎ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ ﻓﻘﺎﻝ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ: } ﻓﻼ ﺗﺪﻋﻮﺍ ﻣﻊ ﺍﻟﻠﻪ
ﺃﺣﺪﺍ .{
ﺃﻱ: ﻻ ﺗﺪﻋﻮﺍ ﻣﻌﻪ ﺃﻱ ﺃﺣﺪ ﻻ ﻣﻠﻜﺎ ﻭﻻ ﻧﺒﻴﺎ ﻭﻻ ﺻﺎﻟﺤﺎ ﻭﻻ ﺻﻨﻤﺎ ﻭﻻ ﻏﻴﺮﻫﻢ .
ﻭﻗﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﻭﺃﻧﻌﻢ ﻭﺃﻛﺮﻡ ﻓﻌﺮﻓﻜﻢ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﺮﻙ ﻭﺧﻄﺮﻩ ﻓﺎﺟﺘﻨﺒﺘﻤﻮﻩ
ﻭﺃﺑﻐﻀﺘﻤﻮﻩ ﻭﺣﺬﺭﺗﻤﻮﻩ ﻭﺣﺬﺭﺗﻢ ﻣﻨﻪ ﻓﻠﻪ ﺍﻟﺤﻤﺪ ﺃﻭﻻ ﻭﺁﺧﺮﺍ ﻇﺎﻫﺮﺍ ﻭﺑﺎﻃﻨﺎ .
ﻭﺩﻭﻧﻜﻢ – ﺳﺪﺩﻛﻢ ﺍﻟﻠﻪ – ﺑﻌﺾ ﺃﻗﻮﺍﻝ ﻣﻦ ﻋﺮﻑ ﻗﺪﺭ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﻌﻤﺔ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮﺓ ﻭﺍﻟﻤﻨﺔ
ﺍﻟﺠﻠﻴﻠﺔ ﻭﺷﻜﺮ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﻀﻞ ﺍﻟﺠﺰﻳﻞ ﻭﺍﻟﺨﻴﺮ ﺍﻟﺮﻓﻴﻊ ﻟﺘﺰﻳﺪﻛﻢ ﺳﺮﻭﺭﺍ ﻭﺛﺒﺎﺗﺎ ﻭﺷﻜﺮﺍ
ﻓﺘﺄﻣﻠﻮﻫﺎ ﻭﻃﻴﺒﻮﺍ ﺑﻬﺎ ﻧﻔﺴﺎ:
ﺃﻭﻻ: ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﺑﻦ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﺑﻦ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﺑﻦ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﻳﻮﺳﻒ – ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ – ﻣﻤﺘﻨﺎ
ﻟﺮﺑﻪ ﻭﺷﺎﻛﺮﺍ:
} ﻭﺍﺗﺒﻌﺖ ﻣﻠﺔ ﺁﺑﺎﺋﻲ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﻭﺇﺳﺤﺎﻕ ﻭﻳﻌﻘﻮﺏ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻟﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﺸﺮﻙ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻣﻦ
ﺷﻲﺀ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﻓﻀﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﻟﻜﻦ ﺃﻛﺜﺮ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻻ ﻳﺸﻜﺮﻭﻥ .{
ﺛﺎﻧﻴﺎ: ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﻲ ﺍﻟﻔﻘﻴﻪ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮﺩ – ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ :-
)) ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﺇﻟﻪ ﻏﻴﺮﻩ ﻣﺎ ﺃﺻﺒﺢ ﻋﻨﺪ ﺁﻝ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺷﻲﺀ ﻳﺮﺟﻮﻥ ﺃﻥ ﻳﻌﻄﻴﻬﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻪ
ﺧﻴﺮﺍ ﺃﻭ ﻳﺪﻓﻊ ﻋﻨﻬﻢ ﺑﻪ ﺳﻮﺀﺍ ﺇﻻ ﺃﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻗﺪ ﻋﻠﻢ ﺃﻥ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﻻ ﻳﺸﺮﻙ ﺑﻪ ﺷﻴﺌﺎ .((
ﺭﻭﺍﻩ ﺍﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺷﻴﺒﺔ "34533" ﻭﺃﺑﻮ ﺩﺍﻭﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﺰﻫﺪ ."150"
ﻭﺳﻨﺪﻩ ﺻﺤﻴﺢ .
ﺛﺎﻟﺜﺎ: ﻗﺎﻝ ﺧﻠﻴﻞ ﺍﻟﺮﺣﻤﺎﻥ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ – ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ – ﺩﺍﻋﻴﺎ ﺭﺑﻪ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﻭﺑﻨﻴﻪ:
} ﻭﺍﺟﻨﺒﻨﻲ ﻭﺑﻨﻲ ﺃﻥ ﻧﻌﺒﺪ ﺍﻷﺻﻨﺎﻡ ﺭﺏ ﺇﻧﻬﻦ ﺃﺿﻠﻠﻦ ﻛﺜﻴﺮﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ .{
ﺭﺍﺑﻌﺎ: ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺠﺒﻞ ﺳﻔﻴﺎﻥ ﺍﻟﺜﻮﺭﻱ – ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ :-
)) ﻗﺪ ﻛﻨﺖ ﺃﺷﺘﻬﻲ ﺃﻥ ﺃﻣﺮﺽ ﻭﺃﻣﻮﺕ ﻓﺄﻣﺎ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻓﻠﻴﺘﻨﻲ ﻣﺖ ﻓﺠﺄﺓ ﻷﻧﻲ ﺃﺧﺎﻑ ﺃﻥ
ﺃﺗﺤﻮﻝ ﻋﻤﺎ ﺃﻧﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﻳﺄﻣﻦ ﺍﻟﺒﻼﺀ ﺑﻌﺪ ﺧﻠﻴﻞ ﺍﻟﺮﺣﻤﺎﻥ ﻭﻫﻮ ﻳﻘﻮﻝ } ﻭﺍﺟﻨﺒﻨﻲ ﻭﺑﻨﻲ
ﺃﻥ ﻧﻌﺒﺪ ﺍﻷﺻﻨﺎﻡ { .((
ﺍﻟﻤﺼﺪﺭ:
ﺍﻟﺘﻤﻬﻴﺪ /18" ."149
ميراث الانبياء