لكي ندرك أهمية الدعاء ينبغي أن ندرك فوائده وأسراره ونتائجه، وماذا يحدث أثناء الدعاء، وكيف يستجيب الله دعاءنا، ولذلك ينبغي أن ننظر إلى "حفظ الدعاء" على أنه مشروع له أسس وقواعد وكلما كان اهتمامنا أكبر كان المشروع أكثر نجاحاً.
1- عندما تدعو الله يجب أن تدرك بأن الله قريب منك، بل هو أقرب إليك من نفسك.
2- يجب أن تتصور أن الله تعالى يراك في كل لحظة ويسمع كل كلمة تقولها، ولذلك يجب ألا يغيب عنك هذا الموضوع وأنت تدعو الله.
3- يجب أن تدرك أن الله الذي خلق الكون وخلق البحار والجبال وخلق المجرات … قادر على أن يعطيك ما تطلب، وقادر على أن يشفي مرضك أو ينجيك من السوء أو يرزقك من حيث لا تحتسب.
4- جميع الأنبياء كانوا يلجأون إلى الدعاء في الأوقات الصعبة، ولكل نبي دعوة خاصة به، والله تعالى علمنا كيف ندعوه بخوف وطمع فقال: (وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) [الأعراف: 56].
5- الدعاء هو أفضل وسيلة لعلاج الأمراض! لأنك تشعر بالقرب من خالقك أثناء الدعاء، وهذا يبعد عنك ألم المرض ويبعد عنك اليأس والخوف، لأنك لجأت إلى رب قوي قادر على شفائك.
6- الدعاء يساعدك على اتخاذ القرارات الصحيحة.
7- الدعاء يساعدك على تطوير قدراتك الفكرية وعلى الإبداع والتفكير السليم والقدرة على التذكر.
8- الدعاء يرفع النظام المناعي لأجهزة الجسم ويعالج الأمراض النفسية وبخاصة الحزن والخوف، لأن الله تعالى يقول: (أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [يونس: 62-64].
9- حفظ الدعاء وتكراره عند كل مناسبة سوف يجعلك سعيداً ويزيل عنك الهموم والتوتر لأنك ستشعر بالقوة والقرب من الله جل وعلا، وسوف تتأثر بكلمات الدعاء والمعاني العظيمة التي تحملها، فتشعر بالطمأنينة وتدرك أن الدنيا لا تساوي شيئاً.
10- ينبغي أن تلجأ إلى الدعاء في كل الظروف: في حالة المرض، وفي حالة قلّة الرزق، والخوف والحزن، وحتى في حالة الفرح والسرور لأن المؤمن إذا أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإذا أصابته ضراء صبر فكان خيراً له.
ينبغي عليك أن تعرف طريقة عمل الذاكرة، فالذاكرة نعمة من نعم الله تعالى، سخرها لنا لنتعلم ونحفظ ونكرر وبالتالي نتواصل مع الآخرين، وهذه الذاكرة تعمل بطريقة، رائعة ليس بالتكرار فحسب بل بالتأمل والتدبر والفهم ومعالجة المعلومات. ولذلك يجب أن نفهم الدعاء ونتفكر فيه ونخشع أثناء قراءته، بل ونتصور أن الاستجابة قريبة، ونعلم بأننا ندعو رباً كريماً سميعاً بصيراً قادراً على الاستجابة.
إن أفضل طريقة لحفظ الأدعية أن تربط كل دعاء بمناسبة. فمثلاً هناك أدعية ينبغي أن تكررها كل يوم في مناسبات محددة.
هناك ذكر رائع أفضل من الدنيا وما فيها، يقول صلى الله عليه وسلم: (لأن أَقُولَ:
تأمل معي هذا الدعاء النبوي الشريف [الذي رواه مسلم]:
ولذلك يعتبر هذا الدعاء من الأدعية الجامعة وينبغي أن تحفظه مثل اسمك تردده كل لحظة، قبل النوم، عندما تنظر إلى الدنيا وزينتها، في حالة المرض، في حالة الخوف، في حالة الخوف على نفسك من مغريات العصر. ينبغي أن تكون هذه الكلمات رفيقك في كل مكان وفي كل مناسبة، وسوف تجد سعادة غامرة لا تُوصف.
هناك ذكر رائع ينبغي ألا تتركه أبداً منذ هذه اللحظة، وعلى الرغم من سهولته وعلى الرغم من الثواب العظيم لمن قاله، ولكن للأسف معظمنا غافل عنه! يقول صلى الله عليه وسلم: (منْ قال:
قالَ رسول اللَّهِ صلى اللهُ عليه وسَلَّم:(أَلا أَدُلُّك على كَنْزٍ مِنْ كُنُوزِ الجنَّةِ؟) فقلت: بلى يا رسول اللَّه، قال:
تأملوا هذا الدعاء السهل جداً والخفيف، وعلى الرغم من الثواب العظيم تجد معظم الناس لا يحفظونه: يقول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: من قالَ:
كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم المسلمين الجدد هذا الدعاء، وهو دعاء سهل جداً ويجمع لك خيري الدنيا والآخرة:
اللَّهُمَّ اغفِرْ لي، وَارْحمْني، واهْدِني، وعافِني، وارْزُقني
هذا الدعاء رواه رواهُ مسلم، وهو دعاء يتضمن خمس محاور. وعندما تدعو به ينبغي أن تعيش معنى كل كلمة. فعندما تقول (اللَّهُمَّ اغفِرْ لي) عليك أن تتذكر أن الله سوف يغفر هذه الذنوب مهما كانت عظيمة، ويجب أن تدرك أن هذه بداية جديدة مع الله، فقبل أن تطلب أي شيء يجب أن تضمن مغفرة الذنب، لأن هذه الذنوب تمنع عنك العطاء!
وعندما تقول (وَارْحمْني) عليك أن تستشعر رحمة الله تعالى في النعم التي أنعمها عليك، وأن الله سيرحمك ولن يضيعك أبداً مادمت تلجأ إليه وتثق به. وعندما تقول: (واهْدِني) ينبغي أن تكون صادقاً في هذه الكلمة، أي أنك بالفعل تريد الهداية والإقلاع عن الذنوب والمعاصي واللهو، وتنوي التوبة إلى الله تعالى من جميع ذنوبك.
وعندما تقول: (وعافِني) فأنت تطلب العافية أي الصحة والشفاء والنجاة من كل شر والبعد عن الشيطان ووساوسه والبعد عن كل إنسان يمكن أن يؤذيك… ينبغي أن تطبق تعاليم القرآن، فلا تطلب العافية وأنت تعصي الله! لأن استجابة الدعاء لا تأتي إلا بعد التخلص من المعاصي أو على الأقل أن تنوي البعد عن المعصية، فالنية سابقة العمل.
وعندما تقول: (وارْزُقني) يجب أن تتخيل أن الرزق سيأتي لا محالة، ولكن الله يؤجله لمصلحتك وما ينفعك، وإياك أن تقول دعوتُ ولم يستجب الله لي، فالاستجابة محققة، ولكن الله تعالى هو الذي يختار التوقيت المناسب لها. فالرزق أحياناً قد يكون سبباً في الطغيان والبعد عن الله، والله يحبك ويريدك أن تبقى قريباً منه وتلتجئ إليه، ولذلك بمجرد أن تقول (وارْزُقني) يجب أن تستيقن أن الرزق سيأتي وما عليك سوى أن تنتظر رحمة الله وتثق به وبعطائه.
أخي في الله! إذا كنت تحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وتتمنى أن تكون قريباً منه يوم القيامة، بل معه في الجنة إن شاء الله، فاحرص على حفظ شيء من كلامه الشريف. واستخدم ورقة تدون عليها عدة أدعية (عشرة مثلاً) وتضعها في جيبك أو حقيبتك، وكلما وجدت وقت فراغ سواء في السيارة أو البيت أو الشارع أو الحديقة أو في مطعم أو في العمل… أخرج هذه الورقة وكرر دعاء من الأدعية حتى تحفظه.
ثم تردده عدة مرات، وتحاول أن تتصور معنى هذا الدعاء، حتى يكون الحفظ متقناً وتكون الاستجابة سريعة بإذن الله، لأن الدعاء ينبغي أن يكون بخشوع، فالله تعالى يقول عن أنبيائه: (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ) [الأنبياء: 90]. فقد ربط الله استجابة الدعاء بالمسارعة في الخيرات (يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ) والخشوع (وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ).
يمكنك كتابة الدعاء الذي تود حفظه على جهاز جوالك، وتحاول أن تفتحه عدة مرات في اليوم وتقرأه حتى تحفظه، وتأمل معي لو أنك حفظت دعاء واحداً كل يوم، فإنك خلال سنة ستحفظ 365 دعاء، أي ستضع في دماغك موسوعة من الأدعية الصحيحة!