" كنا نقرأ في الظهر والعصر خلف الإمام في الركعتين الأوليين بـ : { فاتحة
الكتاب } وسورة ، وفي الأخريين بـ : { فاتحة الكتاب } " .
وإنما أنكر التشويش عليه بها ، وذلك حين " صلى الظهر بأصحابه ؛ فقال :
" أيُّكم قرأ : { سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى } ؟ " .
فقال رجل : أنا ، [ ولم أُرِدْ بها إلا الخير ] . فقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
" قد عرفت أن رجلاً خَالَجَنِيْها " .
وفي حديث آخر :
" كانوا يقرؤون خلف النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، [ فيجهرون به ] ، فقال :
" خلطتم عليَّ القرآن " " .
وقال :"إن المصلي يناجي ربه ،فلينظر بما يناجيه به ،ولا يجهر بعضكم على بعض بالقران"
وكان يقول :
" من قرأ حرفاً من كتاب الله ؛ فله به حسنة ، والحسنة بعشر أمثالها ، لا أقول : { الم } حرف ؛ ولكن : (أَلِف) حرف ، و (لام) حرف ، و (ميم) حرف " .
التَّأمِينُ ، وجَهْرُ الإمامِ به
ثم " كان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا انتهى من قراءة { فاتحة الكتاب } ؛ قال :
" آمين " . يجهر ، ويمد بها صوته "
وكان يأمر المقتدين بالتأمين بُعَيْدَ تأمين الإمام ؛ فيقول :
" إذا قال الإمام : { غَيْرِ المُغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ } ؛ فقولوا:
آمين ؛ [ فإن الملائكة تقول : آمين . وإن الإمام يقول : آمين ] ، (وفي لفظ : إذا
أمَّن الإمام ؛ فأمِّنوا) ؛ فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة (وفي لفظ آخر : إذاقال أحدكم في الصلاة : آمين . والملائكةُ في السماء : آمين . فوافق
أحدهما الآخر) ؛ غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبه". وفي حديث آخر :
" فقولوا : آمين ؛ يُجِبْكُم الله ". وكان يقول :" ما حَسَدَتْكُم اليهود على شيء ما حسدتكم على السلام والتأمين [ خلف الإمام ] "
.قراءتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعدَ { الفَاتِحَة }
ثم كان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقرأ بعد { الفَاتِحَة } سورة غيرها . وكان يطيلها أحياناً ،
ويقصرها أحياناً لعارض سفر ، أو سعال ، أو مرض ، أو بكاء صبي تصلي
أمُّه معه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؛ كما قال أنس بن مالك رضي الله عنه :
" جوَّز صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذات يوم في الفجر (وفي حديث آخر : صلى الصبح ،
فقرأ بأقصر سورتين في القرآن) ، فقيل : يا رسول الله ! لم جوَّزت ؟ قال :
" سمعت بكاء صبي ، فظننت أن أمه معنا تصلي ؛ فأردت أن أفرغ له
أمه " .
وكان يقول :
" إني لأدخل في الصلاة ، وأنا أريد إطالتها ، فأسمع بكاء الصبي ،
فأتجوّز في صلاتي ؛ مما أعلم من شدة وَجْدِ أمه من بكائه " .
وكان يبتدئ من أول السورة ، ويكملها في أغلب أحواله . ويقول :" أعطوا كل سورة حَظَّها من الركوع والسجود (وفي لفظ : لكل سورة ركعة) " .
وكان تارة يقسمها في ركعتين .
وتارة يعيدها كلها في الركعة الثانية .
وكان أحياناً يجمع في الركعة الواحدة بين السورتين أو أكثر .
وقد " كان رجل من الأنصار يؤمهم في مسجد قُباء ، وكان كلما
افتتح سورة يقرأ بها لهم في الصلاة مما يقرأ به ؛ افتتح بـ : { قُلْ هُوَ اللَّهُ
أَحَدٌ } حتى يفرغ منها ، ثم يقرأ سورة أخرى معها ؛ وكان يصنع ذلك في
كل ركعة . فكلمه أصحابه ؛ فقالوا : إنك تفتتح بهذه السورة ، ثم لا ترى
أنها تجزئك حتى تقرأ بأخرى ؛ فإما أن تقرأ بها ، وإما أن تدعها ، وتقرأ
بأخرى . فقال : ما أنا بتاركها ، إن أحببتم أن أؤمكم بذلك ؛ فعلت ، وإن
كرهتم ؛ تركتكم . وكانوا يرون أنه من أفضلهم ، وكرهوا أن يؤمهم غيره .
فلما أتاهم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؛ أخبروه الخبر ؛ فقال :
" يا فلان ! ما يمنعك أن تفعل ما يأمرك به أصحابك ؟ وما يحملك على
لزوم هذه السورة في كل ركعة ؟ " .
فقال : إني أحبها . فقال :
" حُبُّكَ إيَّاها أدخلك الجنة " .