عن زينب قالت : كان عبد الله إذا جاء من حاجة، فأراد أن يدخل المنزل، تنحنح، وبزق، ليعلمنا مخافة أن يهجم منا على شيء يكرهه، وإنه جاء ذات يوم وعندي عجوز ترقي من الحمرة، قالت : فلما جاء عبد الله تنحنح، قالت : فأدخلتها تحت السرير، قالت : فجاء حتى جلس معي على السرير، قالت : فرأى في عنقي خيطا ، فقال : ما هذا الخيط؟ فقلت : خيط رقي لي فيه، قالت : فأخذه ، فقطعه، ثم قال : أنتم آل عبد الله لأغنياء عن الشرك، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن الرقى ، والتمائم ، والتولة شرك " فقلت له : لم تقول هكذا ؟ لقد كانت عيني تقذف، وكنت اختلف إلى فلان اليهودي، فإذا رقاها، سكنت، فقال عبد الله : إنما ذلك عمل الشيطان، كان ينخسها بيده، فإذا رقي فيها ، كف عنها، إنما يكفيك أن تقولي كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " أذهب البأس رب الناس، واشف ، أنت الشافي ، لا شفاء إلا شفاؤك ، شفاء لا يغادر سقماً".
(1) والتولة : ضرب من السحر . قال الأصمعي : وهو الذي يحبب المرأة إلى زوجها، وهو بكسر التاء. فأما التولة بضم التاء : فهو الداهية
والمنهي من الرقى ما كان فيه شرك ، أو كان يذكر مودة الشياطين ، أو ما كان منها بغير لسان العرب، ولا يدري ما هو ولعله يدخله سحر، أو كفر، فأما ما كان بالقرآن ، وبذكر الله عز وجل ، فإنه جائز مستحب ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينفث على نفسه بالمعوذات . وقال صلى الله عليه وسلم الذي رقى بفاتحة الكتاب: " من أين علمتم أنها رقية ؟ أحسنتم ، اقتسموا واضربوا لي معكم بسهم"
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسن : أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة ".(4)
وقال جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم : بسم الله أرقيك ، من كل شيء يؤذيك ، من شر كل نفس ، أو عين حاسد الله يشفيك ، بسم الله أرقيك ".(5)
وروي عن عوف بن مالك الأشجعي : كنا نرقي في الجاهلية ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أعرضوا علي رقاكم ، فإنه لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك".(6)
ويروي عن عبد الله بن عكيم قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " من تعلق شيئا وكل إليه ".(7) (8)
والتمائم : جمع تميمة، وهي ما يُعَلّق على الأعناق أو المراكب أو البيوت، أو غيرها، لجلب نفع، أو دفع ضر، أو رفعه، سواء كانت من القرآن، أو الخيوط، أو الخرز، أو الحصى، أو غيرها, قال حماد: كان إبراهيم يكره كل شيء يعلق على صغير أو كبير ، ويقول : هو من التمائم.
أسماؤها الأخرى: للتمائم أسماء أخرى منها:
1- الحروز. 2- الحجب. 3- التعاليق. 4- الودع.
تحريمها: التمائم محرمة بالكتاب والسنة، قال تعالى: ﴿ وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدُيرٌ ﴾[الأنعام:17].
وقال – صلى الله عليه وسلم -: { من تعلق تميمة فلا أتمّ الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له }.(9)
أسباب تحريمها:
2- لأنها ليست سبباً شرعياً ولا قدرياً، واعتقاد أنها سبب تشريع مع الله، ومنازعة له في خلقه وأمره.
3- أنها تفتح على العبد باب الخرافة، وتقوده إلى الشرك.
4- أنها سبب للخذلان؛ لأن من تعلق شيئاً وُكل إليه.
س/هل التمائم من الشرك الأصغر أو من الأكبر؟
الجواب كما يلي:
2- إذا كانت من الخيوط، أو الخرز، أو نحوهما، واعتمد عليها العبد اعتماداً كلياً، وقام بقلبه أنها تؤثر بنفسها استقلالاً – فهذا أيضاً شرك أكبر.
3- إذا كان من الخيوط، أو الخرز، ونحوهما، واعتقد أنها مجرد سبب، ولم يعتمد عليها اعتماداً كلياً – فهذا شرك أصغر.
حكم المعلق إذا كان من القرآن أو الأدعية النبوية:
الصحيح أنه لا يجوز للأسباب التالية:
2- لعموم النهي في التمائم.
3- لأنه قد يفضي إلى امتهان القرآن والأدعية النبوية، وذلك بالدخول بها في الخلاء، وبتعريضها للأوساخ.
4- لأنه ذريعة للدجالين؛ كي يكتبوا آية أو سورة أو بسملة، ثم يضعوا تحتها طلاسم شيطانية واستغاثات شركية.
5- لأنه قد يكون مدعاة لهجر القرآن، والدعاء؛ اكتفاءاً بما عُلِّق.
نماذج للتمائم الموجودة:
2- ما تُعلّقه بعض النساء، أو تضعه في غرفتها، أو تحت وسادتها، لاتقاء العين، أو للحفظ من الأذى أو لجلب محبة الزوج، ونحو ذلك.
3- ما يعرف بدبلة الخطوبة، فزيادة على أنها مأخوذة من النصارى – فهي أيضاً – ذريعة للشرك؛ لأنه قد يعتقد أنها هي التي تجمع قلبي الزوجين.
4- ما يعلق على السيارات من رسوم، أو خرز، أو غير ذلك، لدفع العين.
5- ما يعرف بالدنبوشي عند لاعبي الكرة؛ حيث يضعون على سواعدهم لفة معيّنة، أو يعلقونها على الشباك، وربما كان المعلق مشتملاً على آيات قرآنية توضع تحت حذاء اللاعبين؛ زعماً منهم أن ذلك يجلب الفوز! كل ذلك من الأمور الشركية المحرمة.(10)
(1) (حديث حسن) .
(2)*(3)*(4)*(5)*(6)*(7) (حديث صحيح).
(8) كتاب شرح السنه للإمام البغوي رحمه الله تعالى.
(9)[رواه أحمد، والحاكم، وصححه ووافقه الذهبي].
(10) كلمات في الشفاعة والطيرة والتبرك والتمائم لمحمد بن إبراهيم الحمد.
الشيخ عبد الله الخليفة