فالتعامل مع الناشئة يكون بداية بالدعاء له، قال رسولنا صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنه: «اللهم فقهه في الدين»، وأثنى رسولنا على أبي بن كعب: «ليهنك العلم أبا المنذر» ويسدل عليه بالوصايا النافعة له في دنياه وآخرته، ففي الوصية الجامعة لابن عباس: «يا غلام، إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، وإذا سألت فأسال الله، وإذا استعنت فاستعن بالله..».
الشباب يريد أن يرى القدوة في التواضع والصبر وحسن التعامل والاحترام والتقدير والتسامح والأخلاق الكريمة.
فكان النبي صلى الله عليه وسلم يتعامل مع الناشئة للثقة بهم وائتمانهم وتوليتهم بعض المسؤوليات. فقد بعث صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد بن حارثة إلى الشام وهو شاب حديث السن، وأعطى الراية لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه في غزوة خيبر، وأرسل مصعب بن عمير إلى المدينة، ومعاذ بن جبل إلى اليمن.
– احترام حقوقهم وآرائهم. لما شرب النبي من القدح وعن يمينه غلام وعن يساره الأشياخ، فقال للغلام: أتأذن أن أعطي هؤلاء؟! قال الغلام: والله يارسول الله لا أوثر بنصيبي فيك أحدا، قال: فتله رسول الله في يده. صورة جميلة للحوار والمناقشة والاحترام.
– إتاحة الفرصة للفتى بالتعبير عن ذاته: فسمرة بن جندب ورافع بن خديج رضي الله عنهما وهما ابنا خمس عشرة سنة، وقد ردهما النبي عن المشاركة ثم أجاز رافعا ثم فتح المجال لسمرة للحديث فقال: لقد أجزت رافعا ورددتني ولو صارعته لصرعته؟ قال فدونكه فصارعه فصرعه سمرة فأجازه.
– إبراز المكانة العلمية والثناء عليهم.. ففي الحديث: «خذوا القرآن من أربعة: من ابن أم عبد -فبدأ به- ومعاذ بن جبل، وأبي بن كعب، وسالم مولى أبي حذيفة».
– رعايته لمشاعرهم وعواطفهم. فقال مالك بن الحويرث أتينا النبي ونحن شبيبة متقاربون، فأقمنا عنده عشرين ليلة وكان رسول الله رحيما رفيقا. فظن أنا قد اشتقنا لأهلنا فسألنا عمن تركنا من أهلنا، فأخبرناه فقال: «ارجعوا إلى أهليكم فأقيموا فيهم وعلموهم وبروهم وصلوا كذا في حين كذا.. فإذا حضرت الصلاة فليؤذن فيكم أحدكم وليؤمكم أكبركم».
– البدء لهم بالفائدة وخصهم ببعض العلم.
فلقد ابتدأ صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل فقال: هل تدري ما حق الله على العباد؟ قال معاذ: الله ورسوله أعلم. قال فإن حق الله على العباد أن يعبدوه ولايشركوا به شيئا. ثم قال: هل تدري ما حق العباد على الله إذا فعلوا ذلك؟ قال معاذ الله ورسوله أعلم. قال: لايعذبهم.
– يربط قلوبهم للآخرة.. فكان يقول عبدالله بن عمر: وقد أخذ بمنكبه فقال: كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل.
– وعتابه كان فيه لطف ومحبة وإرشاد حتى يترك فعله المخالف فكان يقول لمعاذ بن جبل: «ثكلتك أمك يا معاذ، هل يكب الناس على وجوهم في النار إلا حصائد ألسنتهم». ويقول لعبدالله بن عمر: «يا عبدالله، ارفع إزارك».
– كان يضرب لهم الأمثال ليسهل عليهم الفهم، فقال لابن عمر: «إنما مثل صاحب القرآن كمثل صاحب الإبل المعقلة إن عاهد عليها أثقلها وإن أطلقها ذهبت» متفق عليه.
– كان يستخدم أسلوب القصة معهم، ومنها قصة الأعمى والأبرص والأقرع وقصة الثلاثة الذين لجؤوا إلى الغار، وغيرها كثير.
– استخدام أسلوب الحوار والمناقشة والإقناع.. فلما كان يشرح لهم «أتدرون من المفلس؟ قالوا: المفلس من لادرهم له ولامتاع، فقال المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ويأتي وقد شتم هذا، وقذف هذا وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فظهرت عليه ثم طرح في النار».
– أسلوب التشويق وإثارة الانتباه.
ومنها لما سأل الصحابة:«إن من الشجر شجرة لايسقط ورقها، وإنها مثل المسلم حدثوني ماهي.. فوقع الناس في شجر البوادي، ثم قالوا: حدثنا ماهي يارسول الله؟ قال هي النخلة».
نسأل الله التوفيق والسداد والصلاح لشباب الأمة.
بارك الله فيكِ
موضوع مفيد و مميز