أحكام الأذكار.
فضائل الأذكار.
الأذكار المطلقة من الأدعية والأذكار:
الأذكار المقيدة.
الأذكار المقيدة: وتشمل من الأدعية والأذكار.
أذكار الصباح والمساء.
أذكار الأحوال العادية.
أذكار الأحوال العارضة.
الأذكار التي تقال في الشدة.
الأمراض التي تصيب الإنسان.
عداوة الشيطان لبني آدم.
ما يعتصم به العبد من الشيطان.
علاج السحر والمس.
رقية العين.
.1- أحكام الأذكار:
.منزلة الذكر:
ذِكر الله عز وجل من أيسر العبادات وأسهلها وأجلِّها وأفضلها، فحركة اللسان أخف حركات الجوارح، وقد رتب الله عليه من الفضل والعطاء ما لم يرتب على غيره من الأعمال.
وحاجة القلب للذكر أعظم من حاجة البدن للطعام، وضرر المعاصي للقلب أشد من ضرر السموم للبدن.
لهذا ما فرض الله عز وجل على عباده من فريضة إلا جعل لها حداً معلوماً، ثم عذر أهلها في حال العذر، إلا الذكر فإنه لأهميته لم يجعل الله له حداً ينتهي إليه، ولم يعذر أحداً في تركه إلا مغلوباً على عقله.
فلعظيم منافع الذكر أمرنا الله عز وجل بذكره في جميع الأوقات والأحوالبقوله سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا [41] وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا [42]} [الأحزاب:41- 42].
.الذكر الكامل:
المقصود من ذكر الله عز وجل هو تحقيق العبودية الكاملة لله، وسهولة امتثال أوامره في جميع الأوقات والأحوال.
ويتحقق الذكر الكامل بمعرفة خمسة أمور:
ذكر الله بأسمائه وصفاته.. وذكر آلائه وإحسانه.. وذكر قضائه وقدره.. وذكر دينه وشرعه.. وذكر ثوابه وعقابه.
فذكر الله بأسمائه وصفاته، والثناء عليه بها، وتوحيده بها، يولِّد في القلب كمال التعظيم لله، وكمال الحب له، وكمال الذل له.
وذكر آلاء الله وإحسانه يولِّد في القلب كمال الحب لله، وكمال الحمد والشكر للمنعم عز وجل.
وذكر قضاء الله وقدره في كل حال يولِّد في القلب الطمأنينة والسكون لكل ما قضاه الله وقدره.
وذكر دينه وشرعه، وأمره ونهيه، يحمل المسلم على عبادة ربه بما جاء عن الله ورسوله مع كمال الحب والتعظيم.
وذكر ثوابه وعقابه، والجنة والنار، يبعث النفوس لفعل الطاعات، والمسارعة إلى الخيرات، ويزجرها عن المعاصي والمحرمات.
فالذكر الكامل يولِّد الإيمان الكامل، والعمل الكامل، وجزاء ذلك النعيم الكامل كما قال سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ [30] نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ [31] نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ [32]} [فُصِّلَت:30- 32].
.صفة ذكر النبي صلى الله عليه وسلم:
أكمل الخلق ذكراً لله عز وجل هو النبي صلى الله عليه وسلم.
فكان يذكر الله في كل أحيانه، وعلى جميع أحواله، فكلامه كله في ذكر الله وما والاه، وكان أمره ونهيه وتشريعه ذكراً منه لربه سبحانه، وكان إخباره عن ربه في أسمائه وصفاته وأفعاله وأحكامه ذكراً منه لربه، وكان حمده لربه، وتسبيحه وتمجيده له، وثناؤه عليه، ذكراً منه لربه.
وكان سؤاله لله، ودعاؤه إياه في كل حال ذكراً منه لربه.
وكان خوفه من ربه، ورجاؤه إياه ذكراً منه لربه.
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَذْكُرُ اللهَ عَلَى كُلِّ أحْيَانِهِ. أخرجه مسلم.
.فوائد ذكر الله عز وجل:
ذِكر الله تبارك وتعالى له فوائد عظيمة، ومنافع كثيرة منها:
أن ذكر الله سبحانه قوت القلوب، وغذاء الأرواح، وشفاء من الأسقام.
وذكر الله يقوي القلب والبدن، وينور القلب والوجه، ويفتح أبواب المعرفة بالله، ويورث القرب من الله، وكثرة حمده وشكره.
وذكر الله عز وجل يرضي الرحمن، ويطرد الشيطان، ويجلب الخير، ويزيل الشر، ويسهل الصعب، وييسر العسير، ويذهب الهم والغم، ويثمر الطمأنينة والسكينة.
وذكر الله جل جلاله يعطي الذاكر قوة، ويكسوه جلالة ومهابة، ويحليه بالنضرة والرحمة، ويزكيه بالتقوى والإنابة.
وذكر الله عز وجل يورث حياة القلب، وحصول الرزق، ونزول النصر، ومغفرة الذنوب، ويلين قسوة القلوب.
وذكر الله سبحانه يجلو القلب من الصدأ والغفلة، ويحط الخطايا ويذهبها، ويذهب المخاوف، وينجي من عذاب الله، ويزيل الوحشة بين العبد وربه.
وذكر الله عز وجل يورث ذكر الله لعبده، ومحبة الله له، والأنس به، والقرب منه، ورضاه عنه، والإنابة إليه، والتلذذ بعبادته، والفوز بجنته.
وذكر الله سبحانه نور للذاكر في الدنيا والآخرة، ودور الجنة تبنى بالذكر، وتغرس بساتينها بالذكر.
وذكر الله عز وجل من أكبر العون على طاعته، يحرك الجوارح بالطاعات، ويزجرها عن المعاصي، ويحفظ المسلم من الغيبة، وينبه القلب من النوم، وهو أمان من النفاق، وسدّ بين العبد وبين جهنم، مجالس الذكر مجالس الملائكة، وهي روضة من رياض الجنة.
وذكر الله سبحانه سبب لنزول السكينة على الذاكرين، وغشيان الرحمة لهم، وبه تحفهم الملائكة، ويذكرهم الله فيمن عنده، ويباهي بهم ملائكته، ويغفر ذنوبهم، ويبدل سيئاتهم حسنات.
ولكي نحصل على ذلك كله أمرنا الله عز وجل بدوام ذكره فقال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا [41] وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا [42]} [الأحزاب:41- 42].
.أحكام الأذكار:
الأفضل ذكر الله جل جلاله على طهارة، ويجوز ذكره على غير طهارة.
ويسن ذكر الله في جميع الأوقات والأحوال، ولا يشرع للمسلم رفع اليدين في شيء من الأذكار.
والأذكار المقيدة بمكان أو زمان مبنية على التوقيف، فلا يجوز التصرف فيها بزيادة أو نقص أو تغيير.
والأذكار الواردة في مكان أو زمان معين كأذكار الصباح والمساء، لا يشترط في الإتيان بها ترتيب معين؛ لأنها لم ترد مرتبة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
والأذكار التي لها وقت محدد في الشرع لا تقضى إذا فات وقتها أو محلها، كما لو نسي الذكر الوارد بعد الوضوء أو الأذان فإنه لا يقضيه؛ لفوات وقته.
والأصل عدم الجهر بالأدعية والأذكار؛ لأنه أقرب إلى الإخلاص وحسن الأدب، ويستثنى من ذلك حالات يشرع رفع الصوت بها، ومنها:
الأذان، والإقامة، وأذكار أدبار الصلوات الخمس، والتكبير في العيدين، والتلبية في الحج والعمرة، والسلام ورده، والذكر الوارد بعد الوتر، والحمد عند العطاس، وتشميت العاطس، والدعاء إذا أفطر عند قوم، والدعاء للمتزوج، وإذا أسحر وهو مسافر، وتكبير المسافر عند الصعود، وتسبيحه عند النزول ونحو ذلك.
والموطن الذي ورد فيه أكثر من ذكر واحد الأصل أن لا يُجمع بين تلك الأذكار المتعددة في ذلك الموطن، بل يأتي بهذا مرة، وهذا مرة، إحياءً للسنة.
والمواضع التي ورد فيها أكثر من ذكر، ورغب النبي صلى الله عليه وسلم في عدد من الأذكار فيها ثلاث: أذكار الصباح والمساء.. وأذكار أدبار الصلوات الخمس.. وأذكار النوم.
والذكر الواحد الذي له عدة صيغ، السنة أن يأتي بهذه الصيغة مرة، وبتلك الصيغة مرة أخرى؛ إحياء للسنة، وعملاً بها بوجوهها المتنوعة.
والأذكار التي لها أكثر من صيغة كالأذان، والإقامة، والاستفتاح، والتشهد، والتسبيح بعد الفرائض، والأذكار المحددة بعدد معين، فيقتصر على ما ورد، لأن تحديد الوقت والحال والعدد مقصود من الحكيم العليم.
والأذكار عبادة من العبادات فلا يدخلها القياس، فلا يقال بعد النافلة ما يقال بعد الفريضة من الأذكار، ولا يجوز التعبد إلا بذكر مشروع ثابت في القرآن والسنة أو في أحدهما، فلا يشرع العمل بالذكر المجرب إذا لم يكن له أصل؛ لأن الذكر من الدين، والدين لا يثبت بالتجربة؛ بل بالنص، والأذكار الشرعية تقال في السفر كما تقال في الحضر.
فليحرص المسلم على المحافظة على جميع الأذكار المطلقة والمقيدة، والإكثار من ذكر الله عز وجل في جميع الأوقات والأحوال.
فذكر الله سبحانه يثمر المعرفة، ويهيج المحبة، ويثير الحياء، وينشط للعمل، ويولِّد الخوف، ويبعث الرجاء، ويسكب الطمأنينة: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ [28]} [الرعد:28].
.صفة الذكر والدعاء:
ذكر الله تعالى ثلاث درجات:
الأولى: ذكر الله بالقلب واللسان، وهذه أعلى الدرجات.
الثانية: ذكر الله بالقلب فقط، وهي الدرجة الثانية.
الثالثة: ذكر الله باللسان فقط، وهي الدرجة الثالثة.
والأصل في الذكر والدعاء هو الإسرار، والجهر في الذكر والدعاء استثناء لا يكون إلا بما ورد به الشرع كما سبق.
قال الله تعالى: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ [205]} [الأعراف:205].
وقال الله تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ [55]} [الأعراف:55]