المساواة بين الذكر والأنثى في العطاء
ورد في الحديث: (اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم)، فهل المقصود المساواة المطلقة أو أن للذكر مثل حظ الأنثيين أسوةً بالميراث، فالحديث على ما أظن يقول: (أكلهم أعطيته مثل؟)، فكلمة مثل – إن صحت – توحي بالمساواة المطلقة، اللهم إن كان يتكلم عن الذكور فقط؟
الحديث صحيح رواه الشيخان عن النعمان بن بشير -رضي الله عنه- أن أباه أعطاه غلاماً فقالت أمه: (لا أرضى حتى يشهد رسول الله -عليه الصلاة والسلام-، فذهب بشير بن سعد إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وأخبره بما فعل، فقال: أكل ولدك أعطيته مثلما أعطيت النعمان؟ قال: لا، قال: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم) فدل ذلك على أنه لا يجوز تفضيل بعض الأولاد على بعض بالعطايا؛ كلهم ولده وكلهم يُرجَى بره فلا يجوز أن يُخَصَّ بعضهم بالعطية. واختلف العلماء -رحمة الله عليهم- هل يسوى بينهم ويكون الذكر كالأنثى، أم يفضل الذكر عن الأنثى كالميراث -على قولين لأهل العلم-. والأرجح أن العطية تكون كالميراث، وأن التسوية تكون لجعل الذكر كالأنثيين؛ فإن هذا هو الذي جعله الله في الميراث، وهو سبحانه الحكم العدل فيكون المؤمن في عطيته لأولاده كذلك, كما لو خلفه لهم بعد موته (لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ)(11) سورة النساء. فهكذا إذا أعطاهم في حال حياته يعطى الذكر مثل حظ الأنثيين, هذا هو العدل بالنسبة إليهم، وبالنسبة إلى أمهم وأبيهم، وهذا هو الواجب على الأب والأم أن يعطوا الأولاد هكذا (لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ) وبذلك يحصل العدل والتسوية كما جعل الله ذلك عدلاً في إرثهم من أبيهم وأمهم والله المستعان. بارك الله فيكم
من فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " لا يجوز للإنسان أن يفضل بعض أبنائه على بعض إلا بين الذكر والأنثى فإنه يعطي الذكر ضعف ما يعطي الأنثى لقول النبي صلى الله عليه وسلم " اتقوا الله واعدلوا في أولادكم " فإذا أعطى أحد أبنائه 100 درهم وجب عليه أن يعطي الآخرين مائة درهم ويعطي البنات 50 درهما ، أو يرد الدراهم التي أعطاها لابنه الأول ويأخذها منه ، وهذا الذي ذكرناه في غير النفقة الواجبة ، أما النفقة الواجبة فيعطي كلا منهم ما يستحق فلو قدر أن أحد أبنائه احتاج إلى الزواج ، وزوجه ودفع له المهر لأن الابن لا يستطيع دفع المهر فإنه في هذه الحال لا يلزم أن يعطي الآخرين مثل ما أعطى لهذا الذي احتاج إلى الزواج ودفع له المهر لأن التزويج من النفقة ، وأود أن أنبه على مسألة يفعلها بعض الناس جهلا ؛ يكون عنده أولاد قد بلغوا النكاح فيزوجهم ، ويكون عنده أولاد آخرون صغار ، فيوصي لهم بعد موته بمثل ما زوج به البالغين وهذا حرام لا يجوز لأن هذه الوصية تكون وصية لوارث والوصية لوارث محرمة لقوله صلى الله عليه وسلم : " إن الله أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث " .{ أخرجه بهذا اللفظ أبوداود ( 3565 ) والترمذي ( 2 / 16 ) وغيرهما وحسن الألباني الإسناد بهذا اللفظ ، وصحح لفظ " لا وصية لوارث " في الإرواء ( 6 / 87 ) } فإن قال أوصيت لهم بهذا المال لأني قد زوجت إخوتهم بمثله فإننا نقول إن بلغ هؤلاء الصغار النكاح قبل أن تموت فزوجهم مثلما زوجت إخوتهم فإن لم يبلغوا فليس واجبا عليك أن تزوجهم .
فتاوى إسلامية ( 3 / 30 )
في ميزان حسناتك إن شاء الله
الحمد لله على نعمة الإسلام
بارك الله فيك