السؤال :
"ورد في حديث صحيح أنّ اليأس من روح الله من الكبائر. لماذا هو من الكبائر ؟ ألأنّ اليائس يقدح في صفات الله ؟ أم لأنّه يقنط فيترك العمل ؟ لماذا لا يجب أن ييأس العبد مهما فعل؟"
الجواب:
الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، أمّا بعد:
فإنّ اليأس من روح الله والقنوط من رحمته -كما جاء في سؤالك- كبيرة من كبائر الذّنوب وقدح في حقّ من حقوق علاّم الغيوب،
قال الهيتمي -رحمه الله- في " الزّواجر عن اقتراف الكبائر ":
" الكبيرة الأربعون: اليأس من رحمة الله، قال تعالى: ( إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلاَّ القَوْمُ الكَافِرُونَ )[يوسف:87] ثمّ ذكر النّصوص في ذلك ومنها الحديث المذكور في السّؤال، حتّى قال:
" عدّ هذا كبيرةً هو ما أطبقوا عليه، وهو ظاهر، لما فيه من الوعيد الشّديد الّذي علمته ممّا ذكر، بل في الحديث الّذي مرّ آنفا التّصريح بأنّه من الكبائر، بل جاء عن ابن مسعود رضي الله عنه أنّه أكبر الكبائر ".
وممّا ورد من الوعيد في حقّ اليائس من رَوْح الله قوله تعالى : ( قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ ) [الحجر:56].
وروى ابن حبّان في " صحيحه " بسند صحيح -كما قال الشّيخ الألباني رحمه الله في " صحيح التّرغيب والتّرهيب " ( 1887) عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: « ثَلاَثَةٌ لاَ تَسْأَلْ عَنْهُمْ: رَجُلٌ نَازَعَ اللهَ عزّ وجلّ رِدَاءَهُ، فَإِنَّ رِدَاءَهُ الكِبْرُ، وَإِزَارَهُ العِزُّ، وَرَجُلٌ فِي شَكٍّ مِنْ أَمْرِ اللهِ، وَالقَانِطُ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ ».
وروى الطّبري عن البراء بن عازب رضي الله عنه أنّه فسّر قوله تعالى : ( وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ )[البقرة:195] قال: هو الرّجل يذنب فيقول: لا توبة لي.
وورد هذا الوعيد في حقّه لأمور جاء ذكر بعضها في سؤالك:
الأمر الأوّل: أنّ فيه قدحا في صفات الله تعالى، فهو تعالى يخبر عباده بأنّ رحمته وسعت كلّ شيء، فالقانط اليائس مكذّب لله في خبره، فكأنّه يقول: بل إنّ ذنبي أعظم وأوسع من رحمة الله !!
الأمر الثّاني: أنّ فيه جهلا بالله تعالى، والله قد أوجب على العباد معرفته، وتسمّى بأسماء كثيرة تدلّ على رأفته وسعة رحمته كالرّحمن والرّحيم والرّؤوف والتوّاب والغفور وغير ذلك.
والاسمان الكريمان: ( الرّحمن ) و( الرّحيم ) من أعظم صفات الكمال والجمال، فهما لا يدلاّن على الرّحمة فحسب، ولكنّهما يدلاّن على سعةِ وعِظم رحمته عزّ وجلّ بخلقه.
وبقدر ما تدبّر العبد سعة رحمة الله واستحضرها في كلّ حركة من حركاته، فإنّه يزداد حبّا لربّه، ذلك لأنّ النّفوس جُبلت على حبّ من أحسن إليها، وتعظيم من تفضّل عليها، فكيف بمن أمر بالإحسان، وجاد على أهل الإحسان، وكان هو مصدر كلّ إحسان ؟
لذلك تسمع حكيمَ بنَ حزام رضي الله عنه يطوف بالبيت وهو يقول: لا إله إلاّ الله، نِعْم الربّ والإله، أحبّه وأخشاه.
وتسمع ذا النّون المصريّ باللّيل يقول:
اطـلبـوا لأنفسكم مـا وجـدت أنا
قد وجدت لي سكنا ليس فـيـه عنـا
إن بعـدت قرّبنـي وإن قرُبت منه دنـا
وقال أحد الصّالحين وقد سئل: أيقنع المرء بشيء دون من يحبّ ؟
فقال:
والله لـو أنّـك توّجتنـي*** بتاج كسرى ملك المشرق
ولو بأموال الورى جُدت لي*** أموال من باد، ومن بقـي
وقلت لي: لا نلتقي ساعـة*** لاخترت يا مولاي أن نلتقي
وما يدلّ على سعة رحمة الله تعالى آياته الشّرعيّة، وآياته الكونيّة.
فمن النّصوص في ذلك -وهي كثيرة جدّا-:
* ما يدلّ على أنّ رحمته شملت كلّ شيء، قال تعالى : ( وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ ) [الأعراف:156]، وقال إخبارا عن حملة العرش : ( رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا )[غافر: 40]، أي: رحمته شملت كلّ شيء في العالم العلويّ والسّفليّ، البرّ والفاجر، المسلم والكافر.
* وأنّه تعالى أرحم الرّاحمين: وبذلك استغاث ودعا الأنبياء، قال تعالى على لسان موسى عليه السلام قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ )[الأعراف:151]،
وقال يعقوب عليه السلام: ( فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ )[يوسف:64]، وعن يوسف عليه السلام: ( قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ )[يوسف92]،
وهذا أيّوب عليه السلام: ( إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ) [الأنبياء83]، وبذلك أمر نبيّه وأفضل خلقه محمّدا صلّى الله عليه وسلّم فقال : ( وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ )[المؤمنون118].
فمهما أحببت العبد لرحمته بالخلق، ورأفته بالضّعفاء، فاعلم أنّ الله تعالى أرحم من جميع الخلق مجتمعين.
* أنّ رحمته تعالى تغلب غضبه: ففي الصّحيحين عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: « لَمَّا قَضَى اللَّهُ الْخَلْقَ كَتَبَ فِي كِتَابِهِ فَهُوَ عِنْدَهُ فَوْقَ الْعَرْشِ: إِنَّ رَحْمَتِي غَلَبَتْ غَضَبِي »،
وهذا معنى قوله تعالى كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ ) فهو أوجب على نفسه لا أحد أوجب عليه ذلك أن تسبق رحمتُه غضبه، وفضله عدله، وعفوه انتقامه، ومغفرته عقابه.
ولا بدّ أن نتأمّل جيّدا كيف ربط الله تعالى هنا بين العرش وصفة الرّحمة، لتدرك سرّ ارتباطهما في قوله: ( الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) [طه5]، ذلك أنّ العرش هو أوسع وأكبر مخلوقاته، والرّحمة أوسع وأعظم صفاته، فلمّا استوى على العرش الّذي وسع كلّ المخلوقات بصفته الّتي وسعت كلّ شيء كتب هذا الكتاب وقضى أن تغلِب رحمته غضبه، وعفوه عقوبته.
قال ابن القيّم: " وكان هذا الكتاب العظيم الشّأن كالعهد منه سبحانه للخليقة كلّها بالرّحمة لهم, والعفو عنهم .. فكان قيام العالم العلويّ والسّفليّ بمضمون هذا الكتاب الّذي لولاه لكان للخلق شأن آخر ".
لذلك كان شأنه تعالى ما ذكره في كتابه: ( مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ)[الأنعام160]،
ومنه ما جاء في الصّحيحين عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم فِيمَا يَرْوِي عَنْ رَبِّهِ عزّ وجلّ قَالَ: « إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ، ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ، فَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، فَإِنْ هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ إِلَى سَبْعِ مِائَةِ ضِعْفٍ، إِلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ، وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، فَإِنْ هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ سَيِّئَةً وَاحِدَةً ».
وفي رواية مسلم عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: « يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَأَزِيدُ، وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَجَزَاؤُهُ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا أَوْ أَغْفِرُ، وَمَنْ تَقَرَّبَ مِنِّي شِبْرًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ ذِرَاعًا، وَمَنْ تَقَرَّبَ مِنِّي ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا، وَمَنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً، وَمَنْ لَقِيَنِي بِقُرَابِ الْأَرْضِ خَطِيئَةً لَا يُشْرِكُ بِي شَيْئًا لَقِيتُهُ بِمِثْلِهَا مَغْفِرَةً ».
* وله سبحانه مائة رحمة: ففي الصّحيحين عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم يَقُولُ: « إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الرَّحْمَةَ يَوْمَ خَلَقَهَا مِائَةَ رَحْمَةٍ، فَأَمْسَكَ عِنْدَهُ تِسْعًا وَتِسْعِينَ رَحْمَةً، وَأَرْسَلَ فِي خَلْقِهِ كُلِّهِمْ رَحْمَةً وَاحِدَةً ».
وفي رواية لمسلم: « إِنَّ لِلَّهِ مِائَةَ رَحْمَةٍ، أَنْزَلَ مِنْهَا رَحْمَةً وَاحِدَةً بَيْنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالْبَهَائِمِ وَالْهَوَامِّ، فَبِهَا يَتَعَاطَفُونَ، وَبِهَا يَتَرَاحَمُونَ، وَبِهَا تَعْطِفُ الْوَحْشُ عَلَى وَلَدِهَا، وَأَخَّرَ اللَّهُ تِسْعًا وَتِسْعِينَ رَحْمَةً يَرْحَمُ بِهَا عِبَادَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ».
* وأنّ اللّه أرحم بعباده من الأمّ بولدها: ففي الصّحيحين عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ: قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم سَبْيٌ، فَإِذَا امْرَأَةٌ مِنْ السَّبْيِ وَجَدَتْ صَبِيًّا فِي السَّبْيِ أَخَذَتْهُ فَأَلْصَقَتْهُ بِبَطْنِهَا وَأَرْضَعَتْهُ، فَقَالَ لَنَا النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم: « أَتُرَوْنَ هَذِهِ طَارِحَةً وَلَدَهَا فِي النَّارِ ؟ » قُلْنَا: لَا وَهِيَ تَقْدِرُ عَلَى أَنْ لَا تَطْرَحَهُ، فَقَالَ: « لَلَّهُ أَرْحَمُ بِعِبَادِهِ مِنْ هَذِهِ بِوَلَدِهَا ».
* ومن آياته الكونيّة، هو تأمّل خلقه كيف تعرّف إلى عباده بخلقه لا ليعترفوا بربوبيّته ويقرّوا بألوهيّته فحسب، ولكن ليعلموا أنّ لهم ربّا رحيما، برّا كريما ..
قال ابن القيّم رحمه الله –كما في " الصّواعق المرسلة" ( 2-121-124-بتصرّف-) :
" إنّ ظهور هذه الصّفة في الوجود كظهور أثر الرّبوبيّة والملك والقدرة، فإنّ ما لله على خلقه من الإحسان والإنعام شاهدٌ برحمة تامّة وسِعت كلّ شيء ".
فمن علم عن ربّه كلّ ذلك، لم يسعه إلاّ أن يسجد لله سجدة لا يرفع منها رأسه أبدا.
الأمر الثّالث : أنّ في ذلك إرضاء لإبليس، فهو الّذي يعدُّ اليأس من رحمة الله أعظم جنده، روى الإمام أحمد والحاكم بسند صحيح – كما قال الألباني في " صحيح التّرغيب والتّرهيب " (رقم 1617)- عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم يَقُولُ: « قَالَ إِبْلِيسُ:وَعِزَّتِكَ لَا أَبْرَحُ أُغْوِي عِبَادَكَ مَا دَامَتْ أَرْوَاحُهُمْ فِي أَجْسَادِهِمْ. فَقَالَ اللَّهُ: وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَا أَزَالُ أَغْفِرُ لَهُمْ مَا اسْتَغْفَرُونِي ».
فالواجب على المسلم دوما أن يعيش بين الخوف والرّجاء، ولا ينبغي له أن يترك أحد الأمرين يغلب الآخر، فإذا رأى من نفسه كبرا وغرورا، وميلا إلى الشّهوات، وجب عليه أن يتذكّر أنّ الله شديد العقاب، وأنّه ربّما أمهله وأملى له لا سترا عليه ولا محبّة له، وإنّما استدراجا له ليأخذه وهو على تلك الحال.
فإذا وقع في الذّنب، فقد أمِر أن يكون من التّائبين المستغفرين، لا أن يكون من القانطين الآيسين من رحمة ربّ العالمين.
الأمر الرّابع : أنّ القنوط فيه سوء ظنّ بالله. وحسن الظنّ بالله من أعظم منازل السّائرين، وأشرف مقامات العابدين، لأنّه دليل على أنّه يعرف الله حقّ المعرفة،
ولقد روى البخاري ومسلم وغيرهما وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: « إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا دَعَانِي ».
إنّه ظنّ الإجابة عند الدّعاء، وظنّ القبول عند التوبة، وظنّ المغفرة عند الاستغفار، وظنّ المجازاة عند فعل العبادة بشروطها، تمسّكا بصادق وعده.
ويتأكّد حسن الظنّ بالله في موطنين:
1- عند الدّعاء، فقد روى التّرمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم : « ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالْإِجَابَةِ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لَاهٍ ».
2- عند الاحتضار، فقد روى مسلم عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم قَبْلَ وَفَاتِهِ بِثَلَاثٍ يَقُولُ: « لَا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلَّا وَهُوَ يُحْسِنُ بِاللَّهِ الظَّنَّ » .
وذلك لأنّ الشّيطان يأتي ابن آدم وهو في سكرات الموت فيذكّره ذنوبه وسيّئاته حتّى يموت ابن آدم وهو قانط من رحمة الله، ومن طالع أحوال السّلف عند الاحتضار يراهم على أتمّ حال في هذا المقام.
الأمر الخامس: أنّ اليأس يدعو الإنسان إلى ترك العمل، والتّمادي في الباطل. بل ويدعو الإنسان إلى ترك أشرف عبادة على الإطلاق وهي دعاء الله تعالى وسؤاله الرّحمة والمغفرة.
الأمر السّادس: أنّ ذلك يؤثّر على الآخرين أيضا. فإنّ القانط اليائس رسالة مدمّرة إلى من حوله، فكم من إنسان تاب ورجع إلى الله بسبب ما يُظهره الطّامع في رحمة الله من خير، وكم من إنسان ارتدّ على عقبيه بسبب وجه عابس وقلب يائس.
إنّ رحمة الله ومغفرته بلغت حدّا لا يمكن أن يُتصوّر، وممّا يدلّ على ذلك:
– حديث أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه في الصّحيحين في ذكر أنّ الرّحمة مائة، قال صلّى الله عليه وسلّم في نهاية الحديث: « فَلَوْ يَعْلَمُ الْكَافِرُ بِكُلِّ الَّذِي عِنْدَ اللَّهِ مِنْ الرَّحْمَةِ لَمْ يَيْئَسْ مِنْ الْجَنَّةِ، وَلَوْ يَعْلَمُ الْمُؤْمِنُ بِكُلِّ الَّذِي عِنْدَ اللَّهِ مِنْ الْعَذَابِ لَمْ يَأْمَنْ مِنْ النَّارِ » .
– وأنّه تعالى عظّم التألّي عليه، فقد روى مسلم عَنْ جُنْدَبٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم حَدَّثَ: « أَنَّ رَجُلًا قَالَ: وَاللَّهِ لَا يَغْفِرُ اللَّهُ لِفُلَانٍ ! وَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: مَنْ ذَا الَّذِي يَتَأَلَّى عَلَيَّ أَنْ لَا أَغْفِرَ لِفُلَانٍ ؟ فَإِنِّي قَدْ غَفَرْتُ لِفُلَانٍ، وَأَحْبَطْتُ عَمَلَكَ ».
والله الموفّق لا ربّ سواه.
ربي يكثر من امثالك
و يعطيك الصحة على النفل الممتاز و بالآيات المشكلة و الاحاديث الصحيحة
نسال الله ان ننتفع ونكون من المخلصين في الاعمال
تقبلي احترامي وتقديري لمرورك الطيب
اللهم ارزق جارة ام لي في بسعة فضلك وانعم عليها بالبنين والبنات
انصحي جارتك بكثرة الاستغفار والصلاة في الليل والناس نيام تبكي و تدعو القادر القدير
وبشرين حين يفتح الله عليها
تقبلي ودي و احترامي
لكِ إحترآمي
دمت بالقرب