"لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله فتقسو قلوبكم" تقسو: فعل مضارع منصوب بأن المضمرة بعد فاء السببية الواقعة في جواب النهي "فإن القلب القاسي بعيد من الله، ولكن لا تعلمون" كم من شخص تجده طالب للعلم، ملازم للعلم، وتظن به خيراً، وهو من هذا النوع، وأحياناً تذرف الدمعة من عينيه وهو من هذا النوع قلبه قاسي، إذا كان الحسن يقول: "ابحث عن قلبك في ثلاثة مواطن: في الصلاة، وعند قراءة القرآن، والذكر، فإن وجدته وإلا فاعلم بأن الباب مغلق" ومسخ القلوب لا شك أنه كما يقرر أهل العلم أعظم من مسخ الأبدان، كثير من الناس قلبه ممسوخ وهو لا يشعر، وإذا راجع الإنسان نفسه مع الأسف يجد أنه مع طول الوقت مع ملازمته للتعلم والتعليم والقراءة يجده مع طول الوقت لا يستفيد قلبه شيء، لماذا؟ للأسباب بعضها موجود، وبعضها مفقود، لكن الموانع أيضاً موجودة، {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم} [(14) سورة المطففين] نعم الكسب له شأن عظيم في هذا الباب، إضافة إلى ما ابتلي به الناس بعد انفتاح الدنيا من الفضول، كان الناس منشغلين بالمعيشة، وإذا فضل من الوقت شيء يطلب فيه العلم، لكن الآن ما في انشغال بالمعيشة، العلم له وقت يسير، والباقي قيل وقال، وخلطة، ونظر، وإرسال للبصر، وأكل كثير، ونوم كثير، هذه كلها مما يقسي القلب، فعلى الإنسان أن يحرص على علاج قلبه قبل علاج بدنه.
يعني لو أن الإنسان تحسس نفسه، وراجع نفسه، ونظر في وضعه قبل عشرين سنة، ووضعه اليوم وجد الفرق كبير، كل بحسبه اللي ما وصل الأربعين ينظر إلى نفسه قبل عشر سنوات يجد الفرق كبير، ولسنا نتقدم إلى ما ينفعنا، الإشكال أننا نتأخر، يعني وإن كان الظاهر ملازمة علم وتعليم وقراءة وتذكير، لكن المدار على القلب؛ لأنه هو الذي إذا صلح صلح الجسد كله، قد يكون الظاهر على السنة، لكن الكلام على الباطن، ((إن الله لا ينظر إلى صوركم وأبدانكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم)) فالعبرة بالقلب.
"فإن القلب القاسي بعيد من الله، ولكن لا تعلمون" نعم قد يكون الإنسان ممن مسخ قلبه وهو لا يشعر.
يا مثبت القلوب ثبت قلبي على دينك
يارب لين قلبي يالايمان
تسلمي
اللهم هبنا لسانا ذاكرا و قلبا خاشعا و جسدا علي البلاء صابر
ونعوذ بالله من علم لاينفع