السؤال: هل يجوز للمرأة المريضة مرض (الروماتيزم) المزمن أن تذهب إلى الحمّام قصد العلاج، بعد فشل كل محاولات العلاج بالأدوية، علما أنّ هذا الحمّام متوفر على غرف خاصّة، وهل يمكن في – حالة الجواز- أن ترافقها من تعينها في الاغتسال لعجزها
الجواب: الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين أمّا بعد:
فلقد وردت نصوص حديثية كثيرة تمنع دخول المرأة الحمّام مطلقا سواء بإزار أو لوحدها من ذلك حديث عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول:« الحمّام حرام على نساء أمّتي »(1) وحديث:« من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل حليلته الحمّام »(2) وحديث:« والذي نفسي بيده ما من امرأة تنزع ثيابها في غير بيت أحد من أمّهاتها إلاّ وهي هاتكة كلّ ستر بينها وبين الرحمن »(3).
غير أنّه إذا ثبت أنّ الحمّام له تأثير-بإذن الله- في علاج السقم العالق بالمريضة بتقرير أهل الخبرة من أهل الطب الثقات، وليس لها طريق للعلاج إلاّ به فإنّه يجوز لها أن تدخله-ضرورة(4) تقصدا لعلاجها، وقد جاء في سنن أبي داود بسند ضعيف عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال:« ستفتح لكم أرض العجم، وستجدون فيها بيوتا يقال لها: الحمّامات، فلا يدخلنها الرجال إلاّ بالأزر، وامنعوها النساء إلاّ مريضة أو نفساء »(5، ونقل البغوي عن جبير بن نُفير قال:" قرئ علينا كتاب عمر بن الخطاب رضي الله عنه بالشام: لا يدخل الرجل الحمّام إلاّ بمئزر، ولا تدخله المرأة إلاّ من سقم.."(6) وهذا المعنى يقويه النظر والاعتبار في أنّه إذا كان الأصل أنّ المرأة مأمورة بالتستر والتحفظ من أن يراها أجنبي ويجوز لها ضرورة أن تكشف بعض أعضائها في الجراحة أو الولادة أو التطبيب عامّة فيجوز لها أيضا في مسألتنا إلحاقا قياسيا، غير أنّ هذه الضرورة تقدر بقدرها، فإذا كانت قادرة على استحمامها بمفردها استغنت عن غيرها، وإذا احتاجت إلى إحداهنّ لإعانتها على الاغتسال لعجزها فلا يجوز لغيرها الدخول عليها إذا كفيت بالأولى، وإذا ارتفع عنها سقمها وعفيت من مرضها أو وجدت وسيلة طبية أخرى تغنيها عنها، فإنّ حكم المنع يعود لانتفاء الضرورة والحاجة عملا بقاعدة:" إذا زال الخطر عاد الحظر".
والعلم عند الله، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمّد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلم تسليما.
– أخرجه الحاكم(4/322) وحسنه الألباني في صحيح الجامع: (3192)، وصححه في السلسلة الصحيحة(3439).
2- أخرجه الترمذي في الأدب(3031)، وأحمد(15027)، من حديث جابر رضي الله عنه. وحسنه الألباني في صحيح الجامع (6506)، وصححه في صحيح الترغيب والترهيب(164)، وآداب الزفاف(67).
3- أخرجه أحمد(27797)، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب(169)، وفي آداب الزفاف(68).
4- مرقاة المفاتيح للقاري:(8/254-255).
6- شرح السنة للبغوي(12/125).
ج: دخول الحمامات البخارية للرجال بدون إزار فيه نهي شديد، فقد ثبت من حديث جابر رضي الله عنه: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل الحمام إلا بمئزر رواه النسائي والحاكم وصححه على شرط مسلم، وله شواهد. وأما النساء فهن منهيات عن دخول الحمامات، فعن عائشة رضي الله عنها، أنها قالت لنسوة دخلن عليها: أنتن اللائي يدخلن نساؤكن الحمامات؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي ، وأجمع المسلمون قاطبة على أن عمر بن عبد العزيز من الأئمة المهديين،
والخلفاء الراشدين، الذين قضوا بالحق وبه كانوا يعدلون. انتهى كلامه.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.