ﺍﻟﻨَّﺎﺱ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮِّﺿَﻰ ﻋﻠﻴﻚ ﻣﺤﺎﻝ ؛ ﻓﻘﻞ
ﺍﻟﺤﻖ !
ﻗﺎﻝ ﺷﻴﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ _ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻌﻼﻡ _ ﻓﻲ
" ﻣﺠﻤﻮﻉ ﺍﻟﻔﺘﺎﻭﻯ " ) 3 232 _ 233 ( :
" ﻭﻣﻤﺎ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﻌﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﺴﻮﻍ ﻓﻰ ﺍﻟﻌﻘﻞ
ﻭﻻ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻃﻠﺐ ﺭﺿﻰ ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻗﻴﻦ ﻟﻮﺟﻬﻴﻦ :
ﺃﺣﺪﻫﻤﺎ : ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﻏﻴﺮ ﻣﻤﻜﻦ ؛ ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ
ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻰ _ ﺭﺿﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ : _ ﺭﺿﻰ ﺍﻟﻨﺎﺱ
ﻏﺎﻳﺔ ﻻ ﺗﺪﺭﻙ ﻓﻌﻠﻴﻚ ﺑﺎﻷﻣﺮ ﺍﻟﺬﻯ ﻳﺼﻠﺤﻚ
ﻓﺎﻟﺰﻣﻪ ﻭﺩﻉ ﻣﺎ ﺳﻮﺍﻩ ﻭﻻ ﺗﻌﺎﻧﻪ .
ﻭﺍﻟﺜﺎﻧﻰ : ﺃ ﻧﺎ ﻣﺄﻣﻮﺭﻭﻥ ﺑﺄﻥ ﻧﺘﺤﺮﻯ ﺭﺿﻰ ﺍﻟﻠﻪ
ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ ، ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : )) ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ
ﺃﺣﻖ ﺃﻥ ﻳﺮﺿﻮﻩ .((
ﻭﻋﻠﻴﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﺨﺎﻑ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻼ ﻧﺨﺎﻑ ﺃﺣﺪﺍ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ
ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ) ) ﻓﻼ ﺗﺨﺎﻓﻮﻫﻢ ﻭﺧﺎﻓﻮﻥ ﺇﻥ
ﻛﻨﺘﻢ ﻣﺆﻣﻨﻴﻦ (( ﻭﻗﺎﻝ : )) ﻓﻼ ﺗﺨﺸﻮﺍ ﺍﻟﻨﺎﺱ
ﻭﺍﺧﺸﻮﻥ (( ، ﻭﻗﺎﻝ : )) ﻓﺈﻳﺎﻱ ﻓﺎﺭﻫﺒﻮﻥ
ﻭﺇﻳﺎﻱ ﻓﺎﺗﻘﻮﻥ (( ، ﻓﻌﻠﻴﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﺨﺎﻑ ﺍﻟﻠﻪ
ﻭﻧﺘﻘﻴﻪ ﻓﻰ ﺍﻟﻨَّﺎﺱ ﻓﻼ ﻧﻈﻠﻤﻬﻢ ﺑﻘﻠﻮﺑﻨﺎ ﻭﻻ
ﺟﻮﺍﺭﺣﻨﺎ ، ﻭﻧﺆﺩﻯ ﺇﻟﻴﻬﻢ ﺣﻘﻮﻗﻬﻢ ﺑﻘﻠﻮﺑﻨﺎ
ﻭﺟﻮﺍﺭﺣﻨﺎ ، ﻭﻻ ﻧﺨﺎﻓﻬﻢ ﻓﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻨﺘﺮﻙ ﻣﺎ
ﺃﻣﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻪ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ ﺧﻴﻔﺔ ﻣﻨﻬﻢ ، ﻭﻣﻦ ﻟﺰﻡ
ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻌﺎﻗﺒﺔ ﻟﻪ . "
ﻭﺗﺬﻛﺮ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﻴﻢ _ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ
_ ﻓﻲ " ﻣﺪﺍﺭﺝ ﺍﻟﺴﺎﻟﻜﻴﻦ ﺑﻴﻦ ﻣﻨﺎﺯﻝ ﺇﻳﺎﻙ
ﻧﻌﺒﺪ ﻭﺇﻳﺎﻙ ﻧﺴﺘﻌﻴﻦ " ) 2 300 _
301 ( " : ﻫﺬﺍ ﻭﻗﺪ ﺟﺮﺕ ﺳﻨﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ
ﺗﺒﺪﻳﻞ ﻟﻬﺎ ﺃﻥَّ ﻣﻦ ﺁﺛﺮ ﻣﺮﺿﺎﺓ ﺍﻟﺨﻠﻖ ﻋﻠﻰ
ﻣﺮﺿﺎﺗﻪ ؛ ﺃﻥ ﻳﺴﺨﻂ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺁﺛﺮ ﺭﺿﺎﻩ ،
ﻭﻳﺨﺬﻟﻪ ﻣﻦ ﺟﻬﺘﻪ ﻭﻳﺠﻌﻞ ﻣﺤﻨﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﻳﺪﻳﻪ ،
ﻓﻴﻌﻮﺩ ﺣﺎﻣﺪﻩ ﺫﺍﻣﺎ .
ﻭﻣﻦ ﺁﺛﺮ ﻣﺮﺿﺎﺗﻪ ﺳﺎﺧﻄﺎ ﻓﻼ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺼﻮﺩﻩ
ﻣﻨﻬﻢ ﺣﺼﻞ ﻭﻻ ﺇﻟﻰ ﺛﻮﺍﺏ ﻣﺮﺿﺎﺓ ﺭﺑﻪ ﻭﺻﻞ
ﻭﻫﺬﺍ ﺃﻋﺠﺰ ﺍﻟﺨﻠﻖ ﻭﺃﺣﻤﻘﻬﻢ !
ﻫﺬﺍ ﻣﻊ ﺃﻥ ﺭﺿﺎ ﺍﻟﺨﻠﻖ : ﻻ ﻣﻘﺪﻭﺭ ﻭﻻ ﻣﺄﻣﻮﺭ
ﻭﻻ ﻣﺄﺛﻮﺭ ﻓﻬﻮ ﻣﺴﺘﺤﻴﻞ ؛ ﺑﻞ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ
ﺳﺨﻄﻬﻢ ﻋﻠﻴﻚ ، ﻓﻸﻥ ﻳﺴﺨﻄﻮﺍ ﻋﻠﻴﻚ ﻭﺗﻔﻮﺯ
ﺑﺮﺿﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻚ ﺃﺣﺐ ﺇﻟﻴﻚ ﻭﺃﻧﻔﻊ ﻟﻚ ﻣﻦ
ﺃﻥ ﻳﺴﺨﻄﻮﺍ ﻋﻠﻴﻚ ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻚ ﻏﻴﺮ ﺭﺍﺽ .
ﻓﺈﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺳﺨﻄﻬﻢ ﻻﺑﺪ ﻣﻨﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻘﺪﻳﺮﻳﻦ
ﻓﺂﺛﺮ ﺳﺨﻄﻬﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﺎﻝ ﺑﻪ ﺭﺿﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﺈﻥ
ﻫﻢ ﺭﺿﻮﺍ ﻋﻨﻚ ﺑﻌﺪ ﻫﺬﺍ ﻭﺇﻻ ﻓﺄﻫﻮﻥ ﺷﻲﺀ
ﺭﺿﻰ ﻣﻦ ﻻ ﻳﻨﻔﻌﻚ ﺭﺿﺎﻩ ﻭﻻ ﻳﻀﺮﻙ ﺳﺨﻄﻪ
ﻓﻲ ﺩﻳﻨﻚ ﻭﻻ ﻓﻲ ﺇﻳﻤﺎﻧﻚ ﻭﻻ ﻓﻲ ﺁﺧﺮﺗﻚ ﻓﺈﻥ
ﺿﺮﻙ ﻓﻲ ﺃﻣﺮ ﻳﺴﻴﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻓﻤﻀﺮﺓ ﺳﺨﻂ
ﺍﻟﻠﻪ ﺃﻋﻈﻢ ﻭﺃﻋﻈﻢ !
ﻭﺧﺎﺻﺔ ﺍﻟﻌﻘﻞ : ﺍﺣﺘﻤﺎﻝ ﺃﺩﻧﻰ ﺍﻟﻤﻔﺴﺪﺗﻴﻦ
ﻟﺪﻓﻊ ﺃﻋﻼﻫﻤﺎ ﻭﺗﻔﻮﻳﺖ ﺃﺩﻧﻰ ﺍﻟﻤﺼﻠﺤﺘﻴﻦ
ﻟﺘﺤﺼﻴﻞ ﺃﻋﻼﻫﻤﺎ ، ﻓﻮﺍﺯﻥ ﺑﻌﻘﻠﻚ ﺛﻢ ﺍﻧﻈﺮ
ﺃﻱ ﺍﻷﻣﺮﻳﻦ ﻭﺃﻳﻬﻤﺎ ﺧﻴﺮ ﻓﺂﺛﺮﻩ ، ﻭﺃﻳﻬﻤﺎ ﺷﺮ
ﻓﺄﺑﻌﺪ ﻋﻨﻪ ، ﻓﻬﺬﺍ ﺑﺮﻫﺎﻥ ﻗﻄﻌﻲ ﺿﺮﻭﺭﻱ ﻓﻲ
ﺇﻳﺜﺎﺭ ﺭﺿﺎ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﺭﺿﺎ ﺍﻟﺨﻠﻖ .
ﻫﺬﺍ ﻣﻊ ﺃﻧﻪ ﺇﺫﺍ ﺁﺛﺮ ﺭﺿﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻛﻔﺎﻩ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﺆﻧﺔ
ﻏﻀﺐ ﺍﻟﺨﻠﻖ ﻭﺇﺫﺍ ﺁﺛﺮ ﺭﺿﺎﻫﻢ ﻟﻢ ﻳﻜﻔﻮﻩ
ﻣﺆﻧﺔ ﻏﻀﺐ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ، ﻗﺎﻝ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺴﻠﻒ :
ﻟﻤﺼﺎﻧﻌﺔ ﻭﺟﻪ ﻭﺍﺣﺪ ﺃﻳﺴﺮ ﻋﻠﻴﻚ ﻣﻦ ﻣﺼﺎﻧﻌﺔ
ﻭﺟﻮﻩ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﺇﻧﻚ ﺇﺫﺍ ﺻﺎﻧﻌﺖ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻮﺟﻪ
ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﻛﻔﺎﻙ ﺍﻟﻮﺟﻮﻩ ﻛﻠﻬﺎ " .
ﻭﻗﺎﻝ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ " ﺍﻟﺼﻮﺍﻋﻖ ﺍﻟﻤﺮﺳﻠﺔ
" ) 3 1158 ( : " ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﺠﺎﻫﻞ ﺍﻟﻤﻘﻠﺪ ﻓﻼ
ﺗﻌﺒﺄ ﺑﻪ ﻭﻻ ﻳﺴﻮﺀﻙ ﺳﺒﻪ ﻭﺗﻜﻔﻴﺮﻩ ﻭﺗﻀﻠﻴﻠﻪ
ﻓﺈﻧﻪ ﻛﻨﺒﺎﺡ ﺍﻟﻜﻠﺐ ﻓﻼ ﺗﺠﻌﻞ ﻟﻠﻜﻠﺐ ﻋﻨﺪﻙ
ﻗﺪﺭﺍ ﺃﻥ ﺗﺮﺩ ﻋﻠﻴﻪ ﻛﻠﻤﺎ ﻧﺒﺢ ﻋﻠﻴﻚ ﻭﺩﻋﻪ
ﻳﻔﺮﺡ ﺑﻨﺎﺑﺤﻪ ﻭﺃﻓﺮﺡ ﺃﻧﺖ ﺑﻤﺎ ﻓﻀﻠﺖ ﺑﻪ ﻋﻠﻴﻪ
ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﻭﺍﻟﻬﺪﻯ ﻭﺍﺟﻌﻞ ﺍﻹﻋﺮﺍﺽ
ﻋﻨﻪ ﻣﻦ ﺑﻌﺾ ﺷﻜﺮ ﻧﻌﻤﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺘﻲ ﺳﺎﻗﻬﺎ
ﺇﻟﻴﻚ ﻭﺃﻧﻌﻢ ﺑﻬﺎ ﻋﻠﻴﻚ
" ﺳﻴﺮ ﺃﻋﻼﻡ ﺍﻟﻨﺒﻼﺀ" 434/9" : ﺍﻟﺼﺪﻉ
ﺑﺎﻟﺤﻖ ﻋﻈﻴﻢ ﻳﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﻗﻮﺓ ﻭﺇﺧﻼﺹ،
ﻓﺎﻟﻤﺨﻠﺺ ﺑﻼ ﻗﻮﺓ ﻳﻌﺠﺰ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ
ﺑﻪ ،ﻭﺍﻟﻘﻮﻱ ﺑﻼ ﺇﺧﻼﺹ ﻳﺨﺬﻝ، ﻓﻤﻦ ﻗﺎﻡ
ﺑﻬﻤﺎ ﻛﺎﻣﻼ ﻓﻬﻮ ﺻﺪّﻳﻖ، ﻭﻣﻦ ﺿﻌﻒ ﻓﻼ ﺃﻗﻞ
ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺄﻟﻢ ﻭﺍﻹﻧﻜﺎﺭ ﺑﺎﻟﻘﻠﺐ، ﻟﻴﺲ ﻭﺭﺍﺀ ﺫﻟﻚ
ﺇﻳﻤﺎﻥ ﻓﻼ ﻗﻮﺓ ﺇﻻ ﺑﺎﻟﻠﻪ ."
ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﻋﻠﻴﻪ ﺭﺣﻤﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ
ﻛﺘﺎﺑﻪ " ﻫﺪﺍﻳﺔ ﺍﻟﺤﻴﺎﺭﻯ "" : ﻭﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﻤﺎﻧﻌﺔ
ﻣﻦ ﻗﺒﻮﻝ ﺍﻟﺤﻖ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﺟﺪﺍً
ﻓﻤﻨﻬﺎ: ﺍﻟﺠﻬﻞ ﺑﻪ ، ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﺒﺐ ﻫﻮ ﺍﻟﻐﺎﻟﺐ
ﻋﻠﻰ ﺃﻛﺜﺮ ﺍﻟﻨﻔﻮﺱ، ﻓﺈﻥّ ﻣﻦ ﺟﻬﻞ ﺷﻴﺌﺎً ﻋﺎﺩﺍﻩ
ﻭﻋﺎﺩﻯ ﺃﻫﻠﻪ ، ﻓﺈﻥ ﺍﻧﻀﺎﻑ ﺇﻟﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﺒﺐ
ﺑﻐﺾ ﻣﻦ ﺃﻣﺮﻩ ﺑﺎﻟﺤﻖ ﻭﻣﻌﺎﺩﺍﺗﻪ ﻟﻪ ﻭﺣﺴﺪﻩ
ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤﺎﻧﻊ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺒﻮﻝ ﺃﻗﻮﻯ، ﻓﺈﻥ ﺍﻧﻀﺎﻑ
ﺇﻟﻰ ﺫﻟﻚ ﺃﻟﻔﻪ ﻭﻋﺎﺩﺗﻪ ﻭﻣﺮﺑﺎﻩ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ
ﻋﻠﻴﻪ ﺃﺑﺎﺅﻩ ﻭﻣﻦ ﻳﺤﺒﻪ ﻭﻳﻌﻈّﻤﻪ ﻗﻮﻱ ﺍﻟﻤﺎﻧﻊ،
ﻓﺈﻥ ﺍﻧﻀﺎﻑ ﺇﻟﻰ ﺫﻟﻚ ﺗﻮﻫﻤﻪ ﺃﻥّ ﺍﻟﺤﻖ ﺍﻟﺬﻱ
ﺩﻋﻲ ﺇﻟﻴﻪ ﻳﺤﻮﻝ ﺑﻴﻨﻪ ﻭﺑﻴﻦ ﺟﺎﻫﻪ ﻭﻋﺰﻩ
ﻭﺷﻬﻮﺍﺗﻪ ﻭﺃﻏﺮﺍﺿﻪ ﻗﻮﻱ ﺍﻟﻤﺎﻧﻊ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺒﻮﻝ
ﺟﺪﺍً.
ﻓﺈﻥ ﺍﻧﻀﺎﻑ ﺇﻟﻰ ﺫﻟﻚ ﺧﻮﻓﻪ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺑﻪ
ﻭﻋﺸﻴﺮﺗﻪ ﻭﻗﻮﻣﻪ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﻣﺎﻟﻪ ﻭﺟﺎﻫﻪ ﻛﻤﺎ
ﻭﻗﻊ ﻟﻬﺮﻗﻞ ﻣﻠﻚ ﺍﻟﻨﺼﺎﺭﻯ ﺑﺎﻟﺸﺎﻡ ﻋﻠﻰ ﻋﻬﺪ
ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺍﺯﺩﺍﺩ
ﺍﻟﻤﺎﻧﻊ ﻣﻦ ﻗﺒﻮﻝ ﺍﻟﺤﻖ ﻗﻮﺓ، ﻓﺈﻥّ ﻫﺮﻗﻞ
ﻋﺮﻑ ﺍﻟﺤﻖ ﻭﻫﻢّ ﺑﺎﻟﺪﺧﻮﻝ ﻓﻲ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻓﻠﻢ
ﻳﻄﺎﻭﻋﻪ ﻗﻮﻣﻪ، ﻭﺧﺎﻓﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ ﻓﺎﺧﺘﺎﺭ
ﺍﻟﻜﻔﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺑﻌﺪ ﻣﺎ ﺗﺒﻴﻦ ﻟﻪ ﺍﻟﻬﺪﻯ،
ﻛﻤﺎ ﺳﻴﺄﺗﻲ ﺫﻛﺮ ﻗﺼﺘﻪ ﺇﻥ ﺷﺎﺀ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ.
ﻭﻣﻦ ﺃﻋﻈﻢ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ : ﺍﻟﺤﺴﺪ، ﻓﺈﻧﻪ ﺩﺍﺀ
ﻛﺎﻣﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻔﺲ، ﻭﻳﺮﻯ ﺍﻟﺤﺎﺳﺪ ﺍﻟﻤﺤﺴﻮﺩ ﻗﺪ
ﻓﻀﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﻭ ﺃﻭﺗﻲ ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﺆﺕ ﻧﻈﻴﺮﻩ ﻓﻼ
ﻳﺪﻋﻪ ﺍﻟﺤﺴﺪ ﺃﻥ ﻳﻨﻘﺎﺩ ﻟﻪ ﻭﻳﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺃﺗﺒﺎﻋﻪ.
ﻭﻫﻞ ﻣﻨﻊ ﺇﺑﻠﻴﺲ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﺠﻮﺩ ﻵﺩﻡ ﺇﻻ
ﺍﻟﺤﺴﺪ ؟ ! ﻓﺈﻧﻪ ﻟﻤﺎ ﺭﺁﻩ ﻗﺪ ﻓﻀﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺭﻓﻊ
ﻓﻮﻗﻪ، ﻏﺺ ﺑﺮﻳﻘﻪ ﻭﺍﺧﺘﺎﺭ ﺍﻟﻜﻔﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ
ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻛﺎﻥ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ.
ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﺍﺀ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻣﻨﻊ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﻣﻦ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ
ﺑﻌﻴﺴﻰ ﺍﺑﻦ ﻣﺮﻳﻢ ﻭﻗﺪ ﻋﻠﻤﻮﺍ ﻋﻠﻤﺎً ﻻ ﺷﻚ
ﻓﻴﻪ ﺃﻧّﻪ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺟﺎﺀ ﺑﺎﻟﺒﻴّﻨﺎﺕ ﻭﺍﻟﻬﺪﻯ
ﻓﺤﻤﻠﻬﻢ ﺍﻟﺤﺴﺪ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﺧﺘﺎﺭﻭﺍ ﺍﻟﻜﻔﺮ ﻋﻠﻰ
ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﻭﺃﻃﺒﻘﻮﺍ ﻋﻠﻴﻪ، ﻭﻫﻢ ﺍﻣﺔ ﻓﻴﻬﻢ ﺍﻷﺣﺒﺎﺭ
ﻭﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻭﺍﻟﺰﻫﺎﺩ ﻭﺍﻟﻘﻀﺎﺓ ﻭﺍﻟﻤﻠﻮﻙ ﻭﺍﻷﻣﺮﺍﺀ.
ﻫﺬﺍ ﻭﻗﺪ ﺟﺎﺀ ﺍﻟﻤﺴﻴﺢ ﺑﺤﻜﻢ ﺍﻟﺘﻮﺭﺍﺓ ﻭﻟﻢ ﻳﺄﺕ
ﺑﺸﺮﻳﻌﺔ ﻳﺨﺎﻟﻔﻬﻢ ﻭﻟﻢ ﻳﻘﺎﺗﻠﻬﻢ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺃﺗﻰ
ﺑﺘﺤﻠﻴﻞ ﺑﻌﺾ ﻣﺎ ﺣﺮﻡ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺗﺨﻔﻴﻔﺎً ﻭﺭﺣﻤﺔ
ﻭﺇﺣﺴﺎﻧﺎ ، ﻭﺟﺎﺀ ﻣﻜﻤﻼً ﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﺍﻟﺘﻮﺭﺍﺓ، ﻭﻣﻊ
ﻫﺬﺍ ﻓﺎﺧﺘﺎﺭﻭﺍ ﻛﻠﻬﻢ ﺍﻟﻜﻔﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ،
ﻓﻜﻴﻒ ﻳﻜﻮﻥ ﺣﺎﻟﻬﻢ ﻣﻊ ﻧﺒﻲ ﺟﺎﺀ ﺑﺸﺮﻳﻌﺔ
ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ ﻧﺎﺳﺨﺔ ﻟﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﺸﺮﺍﺋﻊ ، ﻣﺒﻜﺘﺎً ﻟﻬﻢ
ﺑﻘﺒﺎﺋﺤﻬﻢ، ﻭﻣﻨﺎﺩﻳﺎً ﻋﻠﻰ ﻓﻀﺎﺋﺤﻬﻢ، ﻭﻣﺨﺮﺟﺎً
ﻟﻬﻢ ﻣﻦ ﺩﻳﺎﺭﻫﻢ، ﻭﻗﺪ ﻗﺎﺗﻠﻮﻩ ﻭﺣﺎﺭﺑﻮﻩ، ﻭﻫﻮ
ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﻛﻠﻪ ﻳﻨﺼﺮ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻭﻳﻈﻔﺮ ﺑﻬﻢ ﻭﻳﻌﻠﻮ
ﻫﻮ ﻭﺃﺻﺤﺎﺑﻪ، ﻭﻫﻢ ﻣﻌﻪ ﺩﺍﺋﻤﺎً ﻓﻲ ﺳﻔﺎﻝ،
ﻓﻜﻴﻒ ﻻ ﻳﻤﻠﻚ ﺍﻟﺤﺴﺪ ﻭﺍﻟﺒﻐﻲ ﻓﻲ ﻗﻠﻮﺑﻬﻢ؟
ﻭﺃﻳﻦ ﻳﻘﻊ ﺣﺎﻟﻬﻢ ﻣﻌﻪ ﻣﻦ ﺣﺎﻟﻬﻢ ﻣﻊ ﺍﻟﻤﺴﻴﺢ
ﻭﻗﺪ ﺃﻃﺒﻘﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﻔﺮ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺑﻌﺪ ﻣﺎ ﺗﺒﻴﻦ
ﻟﻬﻢ ﺍﻟﻬﺪﻯ؟ ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﺒﺐ ﻭﺣﺪﻩ ﻛﺎﻑ ﻓﻲ
ﺭﺩ ﺍﻟﺤﻖ، ﻓﻜﻴﻒ ﺇﺫﺍ ﺍﻧﻀﺎﻑ ﺇﻟﻴﻪ ﺯﻭﺍﻝ
ﺍﻟﺮﻳﺎﺳﺎﺕ ﻭﺍﻟﻤﺄﻛﻞ ﻛﻤﺎ ﺗﻘﺪﻡ؟.
ﻭ ﻗﺎﻝ ﺃﻳﻀﺎ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ-: ﻓﻠﻢ ﻳﺰﻝ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺎﺱ
ﻣﻦ ﻳﺨﺘﺎﺭ ﺍﻟﺒﺎﻃﻞ، ﻓﻤﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻳﺨﺘﺎﺭﻩ ﺟﻬﻼً
ﻭﺗﻘﻠﻴﺪﺍً ﻟﻤﻦ ﻳﺤﺴﻦ ﺍﻟﻈﻦ ﺑﻪ، ﻭﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ
ﻳﺨﺘﺎﺭﻩ ﻣﻊ ﻋﻠﻤﻪ ﺑﺒﻄﻼﻧﻪ ﻛﺒﺮﺍً ﻭﻋﻠﻮﺍً، ﻭﻣﻨﻬﻢ
ﻣﻦ ﻳﺨﺘﺎﺭﻩ ﻃﻤﻌﺎً ﻭﺭﻏﺒﺔ ﻓﻲ ﻣﺄﻛﻞ ﺃﻭ ﺟﺎﻩ ﺃﻭ
ﺭﻳﺎﺀ، ﻭﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻳﺨﺘﺎﺭﻩ ﺣﺴﺪﺍً ﻭﺑﻐﻴﺎً، ﻭﻣﻨﻬﻢ
ﻣﻦ ﻳﺨﺘﺎﺭﻩ ﻣﺤﺒﺔ ﻓﻲ ﺻﻮﺭﺓ ﻭﻋﺸﻘﺎً، ﻭﻣﻨﻬﻢ
ﻣﻦ ﻳﺨﺘﺎﺭﻩ ﺧﺸﻴﺔ، ﻭﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻳﺨﺘﺎﺭﻩ ﺭﺍﺣﺔ
ﻭﺩﻋﺔ .".
»
التصفية والتربية
اللهم ارنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وارنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه.
بارك الله فيك اختي وجعله في ميزان حسناتك