]مخاطر الانسياق وراء الشهوة
هل تطيق ذلك؟!:[/COLOR]
توعد تبارك وتعالى أهل الفجور والفساد بالعذاب الشديد يوم القيامة فقال: (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً* يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً). [الفرقان: 68- 69].
فمن يطيق ذلك؟!.
وقبل هذا العذاب يتعرض الزناة والزواني للعذاب في القبر، ويحدثنا صلى الله عليه وسلّم عن شيء مما يعذب به هؤلاء في قبورهم؛ فيصف ما رآه من تعذيب الزناة والزواني بقوله: "فانطلقنا إلى ثقب مثل التنور أعلاه ضيق وأسفله واسع يتوقد تحته نارا، فإذا اقترب ارتفعوا حتى كاد أن يخرجوا، فإذا خمدت رجعوا فيها وفيها رجال ونساء عراة". [رواه البخاري 1386، والحديث طويل اقتصرنا منه على موضع الشاهد].
هذا بعض ما يتعرض له الزناة عند الله، ومن يعمل عمل قوم لوط فهو مثلهم، إن لم يكن أشد.
فمن يطيق ذلك؟!. ومن يعرض نفسه لهذه العقوبة؟!
وليعلم بعض الشباب والفتيات الذين لم يصلوا إلى ممارسة الفاحشة: إنّ المقدمات: (النظر، اللمس…) هي أول خطوة في طريق الفاحشة، وأن الجرأة عليها تقود إلى ما بعدها.
خطوة في طريق الهلاك:
لقد أقسم الشيطان أمام الله عز وجل أن يسعى لإغواء عباد الله مهما وجد لذلك سبيلاً: (قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ* ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ). [لأعراف: 16- 17].
إنه يسعى بكل وسيلة لإغواء العبد وإضلاله، وهو يعلم أنه حين يوقعه في معصية ولو صغيرة قد تقدم خطوة، وقد أصبحت الجولة التي تليها أهون منها، لقد أخبر الله عز وجل عن الذين فرّوا من المعركة في أحد وكيف أوقعهم الشيطان في هذه الكبيرة التي هي من الموبقات بسبب بعض ذنوبهم – وقد غفر لهم تبارك وتعالى -: (إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ). [آل عمران: 155].
إنه يسعى بكل وسيلة لإيقاعك في الصغيرة، ثم يتدرج بك إلى الفواحش، ثم يقول بعد ذلك قد خسرت الدنيا والآخرة فتمتع بما تشاء من الشهوات وخض في الوحل، فيقطع عليك خط الرجعة.
والمتأمل في الواقع اليوم يرى أن معظم الشباب والفتيات الذين ساروا في طريق الغواية والانحراف كانت البداية لديهم من طريق هذه الشهوة.
احذر سوء الخاتمة:
أخبر النبي صلى الله عليه وسلّم أن المرء قد يكون على حال من الصلاح والاستقامة ثم يختم له بضد ذلك والعكس، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وهو الصادق المصدوق: "إن أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يوما، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث الله إليه ملكا بأربع كلمات؛ فيكتب عمله وأجله ورزقه وشقي أو سعيد، ثم ينفخ فيه الروح، فإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخل الجنة، وإن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخل النار". [رواه البخاري 3332، ومسلم 2643]. ولذلك كان السلف يخشون سوء الخاتمة.
بكى سفيان الثوري رضي الله عنه ليلة إلى الصباح فقيل له: "أبكاؤك هذا على الذنوب؟! فأخذ تبنةً من الأرض وقال: الذنوب أهون من هذه، إنما أبكي خوف الخاتمة".
إنّ التعلق بالشهوات واستيلاءها على القلب من أكبر أسباب سوء الخاتمة، فما من أحد إلا وفي خاطره همّ يجوس به يملك عليه مشاعره، فهذا همه الأصغر والأكبر الدينار والدرهم، وذاك همه الشهوات ومتعة النفس، لكن الآخر همّه هناك في الدار الآخرة، وإن فكّر في الدنيا ففي حال الأمة وفي تقصيره وذنوبه، وحين يحل بالإنسان الموت يتذكر ويبدو له ما كان يستولي على همه.
أي المحبتين تريد؟!:
إن قلب العبد وعاء لا يخلو من محبوب يُرجى ويُخاف فواته، والضدان لا يجتمعان، فإن امتلأ قلبك بحب الشهوات، فهل تظن أنه سيبقى فيه مكان لمحبة الله، ومحبة ما يحبه سبحانه؟!
إنه طريق واحد، وخيار فرد فحدد مصيرك واختر أحد الطريقين، وإذا أردت محبة الله ولذة الإيمان فلن تحصل لك حتى تطهر قلبك من محبة ما يسخطه، وإن تعلقت بغير الله فأنى لك لذة الإيمان وحلاوة الطاعة.
إن الذين تستغرقهم الشهوة المحرمة يتحولون إلى عبيد لها تأمرهم فيطيعون، وتنهاهم فيخضعون، وها هو أحدهم وقد أحب امرأة يقال لها عَزَّة يقول فيها:
رهبان مدين والذين عهدتهم ** يبكون من حذر العذاب قعودا
لو يسمعون كما سمعت كلامها ** خروا لعزَّة ركعا وسجودا
يقول ابن القيم رحمه الله واصفا حال أمثال هؤلاء: "فلو خُيِّر بين رضاه ورضا الله، لاختار رضا معشوقه على رضا ربه، ولقاء معشوقه أحب إليه من لقاء ربه، وتمنيه لقربه أعظم من تمنيه لقرب ربه، وهربه من سخطه عليه أشد من هربه من سخط ربه عليه، يسخط ربه بمرضاة معشوقه، ويقدم مصالح معشوقة وحوائجه على طاعة ربه.
ولن تحتاج دليلاً على ذلك، فاقرأ ما يكتبه هؤلاء من أبيات وعبارات، وانظر أحوال كثير منهم وكيف جلب عليهم هذا الحب والعشق الشقاء والنكد، فهل يستحق هذا الهوى والغرام أن يختصر الحياة كلها فيه؟!.
هل سمعت عن الأمراض الجنسية؟!:
إن من سنة الله عز وجل معاقبة من عصاه في الدنيا قبل الآخرة، ولمن يأتون الفواحش عقوبة من نوع خاص.
عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: "يا معشر المهاجرين؛ خصال خمس إذا ابتليتم بهنّ، وأعوذ بالله أن تدركوهن: لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا، ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المؤنة وجور السلطان عليهم، ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يمطروا، ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدوا من غيرهم، فأخذوا بعض ما في أيديهم، وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله عز وجل ويتخيرّوا مما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم". [رواه ابن ماجه 4019، وقال في الزوائد: هذا حديث صالح للعمل به، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة 106].
هل سمعت عن مرض الزهري، والسيلان؟!
بلغ مبغه في السنوات الماضية و الاحصائيات تدل على ذلك
وأخيراً: ابتلى الله من عصاه بطاعون الإيدز، الذي انتشر وينتشر بشكل متوالية هندسية، ويبلغ الذين يُنقل إليهم المرض يومياً على مستوى العالم 10 آلاف شخص!.
وفي كل دقيقة يصاب ستة أشخاص دون سن الخامسة بعدوى الإيدز، وفي عام 2024م لقي ما يقرب ثلاثة ملايين شخص من حاملي المرض مصرعهم. وقد تسبب الإيدز في إضافة 13.2 مليون طفل إلى قائمة الأيتام.
بقي أن تعلم أن 73% من المصابين بهذا المرض هم من الذين يعملون عمل قوم لوط.
وهذا أحد الشباب كان يعاشر إحدى الفتيات بالحرام خارج بلاده، فلما أراد أن يعود وجد ورقة قد كتبت عليها صاحبته: (مرحبا بك عضواً في نادي الإيدز) فضاق عليه الأمر وصعق.
فأعيذك أخي وأختي بالله أن تسلكا هذا المسلك وتسيرا في هذا الطريق.
الجزاء من جنس العمل:
إنها قاعدة شرعية، وسنة لا تتخلف أن يجزي الله العامل من جنس عمله، أتظنون أن من يطلق العنان لشهوته دون وازع أو ضابط، أتظنه يسلم من عقوبة الله؟! لا فجزء يسير من عقوبته أن تنطبق عليه هذه القاعدة.
إذاً من يتجرأ على انتهاك عرض الآخرين معرض أن يرى ذلك في ابنته أو أخته، ومن لا يبالى بمحارم الله قد تخونه زوجته، ومن تتجرأ على ذلك مُعرَّضة أن تراه في بناتها ونسلها – جنبني الله وإياكم كل مكروه – فحافظ أخي وأختي على عرضك، واعلموا أن المرء قد يجازى من جنس عمله فيقع لأهله ما أوقعه بالناس.
اللهم جنبنا إتباع الشهوات والإفتتان بها.
اللهم أحسن خاتمتنا اللهم توفنا وأنت راض عنا .