كما قال الله تعالى: (ومن أحسن ديناً ممن أسلم وجهه إلى الله وهو محسن، واتبع ملة إبراهيم حنيفا واتخذ الله إبراهيم خليلاً) (النساء:125) .
وعِلم المسلم بهذه الحقيقة يحميه من الضعف ومن الحزن، ولو كان وحده على هذا الطريق وكل الناس بخلافه؛ لأنه يعلم أن طريقه هو طريق الحق الذي ارتضاه الله للمؤمنين.
وأن إعراض الناس عنه لا يعني أن يبتعد عن طريق الحق أو أن يتخلف عن السير فيه، وأن تهافت الناس على الباطل لا يكسبه مميزات طريق الحق أبداً، و إن كثر السائرون فيه. قال تعالى:(ولا َتِهنو ا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين) (آل عمران:139).
والبيت المسلم كذلك هو أميز البيوت على وجه الأرض، وهو على الحق والرشد وإن خالفته كل البيوت، لأنه بيت يطيع أوامر الله، وما قام إلا ابتغاء مرضاة الله، لذلك فهو لا يضعف أمام ضغوط الحياة، ولا يقبل التنازل عن المبادئ الإيمانية مهما كانت المغريات ومهما كانت التحديات.
ومهما شعر هذا البيت بالغربة في وسط مجتمع بعيد عن القيم الإيمانية؛ فإنه يزداد تمسكاً بمنهاجه، وإصراراً على مبادئه، لأنه يعلم أنه على طريق الرشد، وصدق الشاعر إذ يقول:
قال لي صاحب أراك غريباً بين هذي الأنام دون خليلِ
قلت كلا بل الأنام غريبٌ أنا في عالمي وهذي سبيلي
من هنا نعلم أن سبيلنا في الحياة، ودستورنا في تكوين بيوتنا؛هو منهج الله ـ عز و جل- مهما تعارضت معه أهواء، وأعراف، وقوانين البشر.
من مظاهر تميز البيت المسلم:
– صلاح الزوجة:
كما كانت الزوجات الصالحات من سلف الأمة مثل: المرأة الصالحة التي كانت تودع زوجها كل يوم إذا خرج إلى عمله قائلة:"اتق الله فينا ولا تطعمنا حراماً، فإنا نصبر على الجوع ولا نصبر على النار".
– السكن النفسي والمودة والرحمة:
كما قال تعالى: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة) (الروم:21).
وقد علم الأزواج و الزوجات من السلف الصالح وكل من سار على نهجهم إن هذا السكن النفسي لا يتحقق بمجرد قضاء الشهوات، وإنما يتم ويكتمل بدوام طاعة الله عز وجل، وأن الله فتح بالزواج أبواباً من الطاعات عظيمة لم تكن متاحة قبل الزواج.
– التغاضي عن خطأ الآخر
وكما قال الإمام أحمد بن حنبل " تسعة أعشار حسن الخلق في التغافل"
والحسن البصري يقول: " ما زال التغافل من فعل الكرام".
– الإدارة الصحيحة للخلافات الأسرية:
يتعذر استمرار الحياة بدون النقيضين، و لذلك كان لابد من إدارة لحظة الخلاف إدارة سليمة، فليست الأزمة في وقوع الأزمة،و لكن حقيقة الأزمة تكمن في إدارتها، و من الإدارة السليمة أن يتم تناول المشكلة بعيدا عن نظر الأولاد وسمعهم، لأن اضطراب العلاقة بين الأب والأم من أكثر الأشياء ضرراً على الصحة النفسية للأطفال.
-عند الخلاف تحكيم العقلاء
ليس بالضرورة أن يكون المحكمين من الأهل؛ و لكن من يتوافر فيهم الصلاح و الرغبة في الصلح.
– تربية الأولاد التي ترتكز على عدة أمور منها:
1- القدوة الصالحة: لأن الطفل يتأثر أكثر ما يتأثر بأبويه والمحيطين به، وهذه القدوة إذا توفرت فإنها توفر كثيراً من الجهد في توجيه الأولاد وتأديبهم.
2- التنشئة الصالحة: على حفظ القرآن وفهمه، والمحافظة على الصلوات في مواقيتها، ودوام ذكر الله عز وجل ومراقبته في السر والعلن، وعلى حب الإسلام والمسلمين ، وعلى حسن الخلق وكل صفات الخير.
3- الرعاية الدائمة في مختلف أطوار حياتهم:
• رعاية مأكلهم ومشربهم، وتعويدهم على السلوك الإسلامي.
• رعاية مشاعرهم: بتوفير الحب والارتباط العاطفي بين الوالدين وبينهم، وإشعارهم بتوفير الأمان لهم؛ حتى يثق الطفل أن هناك من يلجأ إليه ويساعده عند حدوث أي مكروه، وعدم إهانتهم أو جرح مشاعرهم لا سيما أمام الآخرين، واحترامهم وإشعارهم أن لهم قيمة كبيرة، وإشراكهم في أعمال البيت وغيرها ليشعروا بهذه القيمة.
• رعاية دراستهم بالمتابعة في المدرسة والإشراف على الاستذكار، مع محاولة تعويدهم على تحمل المسئولية وعدم الاعتماد على الأبوين في كل شيء.
• رعايتهم في فترة المراهقة بمصادقتهم وتعويدهم على فتح قلوبهم لآبائهم و أمهاتهم وليس عند رفقاء السوء، و أن يراعي الوالدان التغيرات النفسية والسلوكية التي تحدث في هذه الفترة ويتعاملا معها بحكمة حتى تمر هذه المرحلة بسلام.
• رعايتهم بتيسير سبل الزواج لهم؛ حتى يعفوا أنفسهم وينجوا من الفتن، فهذا من بر الوالد بولده كلما أمكنهم ذلك.
4- إحاطتهم بجو إسلامي طيب: وهذا يتأتى عن طريق التعاون والتزاور بين العائلات الملتزمة بالأخلاق الاسلامية، ليكون أصدقاؤهم هم أبناء المؤمنين الصالحين، ويكون جدهم ولعبهم تحت سمع وبصر هؤلاء؛ ليتداركوا أي خطأ يقع، وهذا الجو في غاية الأهمية، لأن الإنسان –وخاصة الطفل- يتأثر بمن حوله أيما تأثر، فإن لم نوفر لهم ذلك الجو سيجدون في الشارع والمدرسة بما فيهما من أخطاء البديل المتاح.
5- الدعاء لهم والتوكل على الله : المسكن، الطعام والشراب ورسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا فيقول:"كلوا واشربوا والبسوا وتصدقوا في غير سرف ولا مخيلة" "القصد في الفقر والغنى" .
تنفيذ أوامر الله تعالى الموجهة إلى رسوله صلى الله عليه وسلم والأمة كلها إذ يقول:(ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوماً محسوراً) (الإسراء:29).
أملا في الدخول في زمرة عباد الرحمن الذين قال عنهم رب العزة (إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواماً) (الفرقان:67).
– مع الأهل : صلة الرحم:
عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه و سلم قال: "من كان يؤمن بالله و اليوم الآخر فليصل رحمه" .
عن أنس رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: " من أحب أن يبسط له في رزقه، و يـُـنـْـسأ له في أثره؛ فليصل رحمه " .
عن عائشة رضي الله عنها ، عن النبي صلى الله عليه و سلم ، قال: "الرحم معلقة بالعرش تقول: من وصلني وصله الله، و من قطعني قطعه الله" .
و عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه و سلم ، قال " :ليس الواصل بالمكافئ، و لكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها".
– مع الجيران : الإحسان للجار :
عن ابن عمر وعائشة رضي الله عنهما قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه )) متفق عليه.
عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم": مَن كان يُؤمنُ بالله واليومِ الآخرِ ، فلا يُؤذِ جارَهُ "
ينقل الى القسم المناسب له
جعله الله في موازين حسناتك حبيبتي لولو
أحلى تقييم