فهذه خواطر سريعة مستفادة من التجربة ومن ملاحظة الواقع ومن بعض القراءات حول تربية الأبناء وما قد يواجه الأبوين فيها. جعلتها على شكل نقاط موجزة. أسأل أن ينفع بها.
الأولى- الأولاد نعمة من نعم الله على عبده، وزينة في الحياة الدنيا، ولهذا ذكر الله من مننه على خيار خلقة الأزواج والذرية فقال سبحانه؛
{ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً( ٣٨ ) } [سورة الرعد]،
وقال سبحانه؛{ الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا( ٤٦ ) } [سورة الكهف].
فإذا عرف الإنسان هذا الأمر عرف أن عليه مقابلة هذه النعمة بالشكر واستحضارها في جميع الأوقات، ومن عواقب الشكر واستحضار النعم الحميدة ثباتها وزيادتها وبركتها كما قال سبحانه وتعالى:
{ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ( ٧ ) } [سورة إبراهيم].
الثانية- قد يبتلي الله الوالدين أو أحدهما بتغير ولده عليه لتقصيره في حقوق الله، فعلى المسلم أن يراجع نفسه كلما وجد أمرا من هذه الأمور، وهذا دأب العارفين من السلف، حتى قال الفضيل بن عياض رحمه الله: (إني لأعصى الله فأجد شؤمَ معصيتي في خلق دابتي وزوجتي". ومن تفطن لهذا الأمر انحلت لديه كثير من الإشكالات.
الثالثة- استكثار الوالدين من الطاعات واجتهادهما في الخير سبيل لصلاح الأبناء ودفع الشرور عنهم وحفظ الله لهم كما ذكر الله ذلك في سورة الكهف: { وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا ( ٨٢ ) } [سورة الكهف]. قال ابن المنكدر : إن الله ليحفظ بالرجل الصالح ولده وولد ولده والدويرات التي حوله، فما يزالون في حفظ من الله وستر.
الرابعة- كثرة ذكر الله في البيوت سيما قراءة القرآن وسورة البقرة خاصة من أسباب البركة والسكينة والطمأنينة، والعكس بالعكس، كما جاء في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم:
(مثل البيت الذي يذكر الله فيه والبيت الذي لا يذكر الله فيه مثل الحي والميت). رواه مسلم.
وقال صلى الله عليه وسلم؛ (لا تجعلوا بيوتكم مقابر إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة) رواه مسلم.
وقال أبو هريرة رضي الله عنه: (إن البيت ليتسع على أهله ، وتحضره الملائكة ، وتهجره الشياطين ، ويكثر خيره : أن يقرأ فيه القرآن . وإن البيت ليضيق على أهله ، وتهجره الملائكة ، وتحضره الشياطين ، ويقل خيره : ألا يقرأ فيه القرآن ) رواه الدارمي في سننه.
الخامسة- لا بد أن يستحضر الإنسان حالته الأولى وينظر إلى من تحت يده ومن يعاني تربيتهم ودعوتهم نظرة رفق ورحمة وشفقة، وهذا له أصل في القرآن في قوله تعالى؛
{كَذَلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ( ٩٤ ) } [سورة النساء].
قال العلامة السعدي رحمه: (فنظر الكامل لحاله الأولى الناقصة، ومعاملته لمن كان – على مثلها بمقتضى ما يعرف من حاله الأولى، ودعاؤه له بالحكمة والموعظة الحسنة – من أكبر الأسباب لنفعه وانتفاعه).
السادسة- لا بد أن يدرك الوالدان أن معاناة التربية نوع من الجهاد والطاعة، وما يلاقيانه فيها من الجهد والعناء لا يضيع عند الله، ولهذا جاء عن بعض السلف:
إن من الذنوب ما لا يكفره إلا هم الأولاد. فإذا عرف الإنسان هذا هان عليه الأمر وعلم أنه في عبادة يؤجر عليها كما يؤجر على سائر العبادات.
السابعة- مع بذل الجهد في التربية والإصلاح لا بد من مراعاة فوارق الزمان والبيئات، وتوطين النفس على أسوأ الأمور فبيئتك وبيئة أهلك ورفاقك تختلف عن بيئة ورفاق ابنك، وإذا اعتبر الإنسان هذه الفوارق عرف-بعد توفيق الله- كيف يعالج كثيرا من المشكلات.
الثامنة- الدعاء شأنه عظيم وهو علاج مغفول عنه على أهميته، فعلى الوالدين الدعاء للأبناء والحذر من الدعاء عليهما كما جاء في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم:
(ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد على ولده) رواه أبو داود، والترمذي. وقد جاء في بعض الأحاديث إطلاق استجابة دعوة الوالد سواء على ولده أو له.
قال العلامة بن عثيمين رحمه الله في شرح رياض الصالحين:
دعوة الوالد في بعض ألفاظ الحديث على (ولده) وفي بعض ألفاظه مطلقة (الوالد) أي سواء دعا لولده أو عليه وهذا هو
الأصح دعوة الوالد لولده أو عليه مستجابة أما دعوته لولده فلأنه يدعو لولده شفقة ورحمة والراحمون يرحمهم الله عز وجل وأما عليه فإنه لا يمكن أن يدعو على ولده إلا باستحقاق فإذا دعا عليه وهو مستحق لها استجاب الله دعوته. أ. هـ.
وقال صلى الله عليه وسلم: (لا تدعوا علىأنفسكم ولا تدعوا على أولادكم ولا تدعوا علىأموالكم لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء فيستجيب لكم) رواه مسلم.
وهذه من مكامن الخطر التي لا يتفطن لها كثير من الناس فيدعون على أولادهم حتى يذهبون بدنياهم أو بآخرتهم أو بهما جميعا، نسأل الله العافية.
التاسعة- إشعار الابن بالمسؤولية وتكليفه ببعض المهام وترك بعض شؤون البيت إليه وتحمل خطأه فيها فإن هذا يسد شيئا كبيرا من فراغه الداخلي الذي ينعكس على تصرفاته وسلوكه.
العاشرة- على الوالدين عدم إحراج الابن أمام الآخرين سيما زملائه وأصدقائه فإن لهذا أثرا نفسيا ربما استمر معه حياته وأورثه حقدا على والديه لا يزول أبدا.
العاشرة- موازنة الأمور وتحمل أدنى المفسدتين لتلافي أعلاهما، فمثلا تحمل مشاغبة ومخالفة الإبن داخل البيت أهون من الضغط عليه ضغطا يخرجه خارج البيت ليتخطفه رفاق السوء وأهل الانحراف.
الحادية عشرة- على الوالدين الاستفادة من تجارب الآخرين وأصحاب نظريات التربية المفيدة المبنية على أسس صحيحة وتجارب واقعية فإن استشارة الآخرين زيادة في العقل ولها أصل شرعي صحيح.
الثانية عشرة- استخدام وسائل الإصلاح غير المباشرة لإيصال الرسائل الإيجابية للابن كمن يتأثر بهم من المعلمين والجيران والأقارب ووسائل التواصل الحديثة.
الثالثة عشرة- انتظار حسن العاقبة من الله بصلاح الأبناء فإن هذا من أعظم العبادات التي يؤجر الإنسان عليها.
أسأل الله أن يصلح لنا وللمسلمين بيوتهم وذراريهم وأن يكفينا وإياهم كيد الفجار وطوارق الليل والنهار.
فرحان بن سميح العنزي
الرياض
أسأل الله أن يصلح لنا وللمسلمين بيوتهم وذراريهم وأن يكفينا وإياهم كيد الفجار وطوارق الليل والنهار.
يقـيم
تفعنا الله واياكن
أسأل الله أن يصلح لنا وللمسلمين بيوتهم وذراريهم وأن يكفينا وإياهم كيد الفجار وطوارق الليل والنهار.
اللهم احفظ ابناء المسلمين كافة واصلح شأنهم
شكر الله لك المرور والاهتمام